المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول المبادرة الامريكية الجديدة :



داعس ابو كشك
13/01/2010, 06:25 PM
هل هي لانهاء الصراع ام لادارة أزمة ؟؟؟؟

ان المتتبع لتاريخ القضية الفلسطينية يرى ان هناك مئات القرارات والمبادرات الدولية والاقليمية التي صدرت بئأنها ولكنها لم تر النور وخاصة تلك المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني بسبب السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة الامريكية باستخدام حق النقض " الفيتو " او اعاقة اي مبادرة دولية واجهاضها بمختلف الوسائل لأي حل مشروع للقضية الفلسطينية ، الامر الذي منح اسراءيل رخصة دولية لفعل ما تريد ، وأن تكون فوق القانون وان تعمل على تحقيق برنامجها السياسي وتهويد الاراضي الفلسطينية وخاصة القدس ضاربة بعرض الحائط بكل المواثيق والقرارات الدولية.
وفي خضم تجميد عملية المفاوضات بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية بسبب سياسة حكام اسرائيل الذين يراوغون في تنفيذ استحقاقات السلام ويضعون العراقيل امام اي خطوة لكسر الجمود المسيطر على عملية السلام ، بل راحت اسرائيل تصعد من سياستها في تحد سافر لقرارات الشرعية الدولية وخاصة فيما يتعلق بالقدس العربية التي تتعرض لعملية تهويد شرسة من طرد لسكانها الاصليين ومصادرة المنازل وهدم البيوت ، حيث ان مساحة البلدة القديمة من القدس هي كيلومتر مربع واحد ، وجميعها مأهولة بالسكان ، ولا يوجد اي شبر من الراض خال، لذا راحت اسرائيل والجماعات الاستيطانية باستخدام كافة السبل لتفريغ القدس من سكانها الاصليين بالاضافة الى اتساع المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية وتشديد الحصار على قطاع غزة.
وامام هذا الواقع طالبت القيادة الفلسطينية الادارة الامريكية بالضغط على اسرائيل لوقف الاستيطان بصورة تامة لضمان استئناف عملية السلام ، مؤكدة ان قرار بنيامين نتنياهو تجميد الاستيطان جزئيا وبشكل مؤقت مجرد " مناورة سياسية " ومحاولة للالتفاف على الموقف الدولي غير المسبوق برقض الاستيطان وتأييد قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 ، ولهذا تمسكت القيادة الفلسطينية بعدم العودة الى المفاوضات في ظل الاستيطان ، حيث ان الوقائع على الارض والتي تتعلق بالسيطرة عليها من قبل اسرائيل جعل الفلسطينيون داخل كانتونات لا يمكن التواصل بينها ، ولم يبق من الارض ما يكفي للعيش او التحرك او اقامة الدولة الفلسطينية ، وامام القدرة الدبلوماسية الفلسطينية برئاسة محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية والذي قام بنشاط غير مسبوق لكشف السياسة الاسرائيلية وبرنامج حكومة اسرائيل التوسعي ، مما اوجد تأييدا عالميا لوقف السلطة الوطنية الفلسطينية وتم وضع اسرائيل في الزاوية ، وامام ذلك قامت اسرائيل بحملة اعلامية معاكسة تتهم فيه الجانب الفلسطيني بأنه يعرقل عملية المفاوضات بل قامت اسرائيل بالتحريض على الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض وعدة شخصيات فلسطينية بدعوى انهم معادون للسلام ، ولا يريدون استمرار المفاوضات معها ، وهي في ذلك تسعى الى مفاوضات فارغة من اي مضمون او اي التزامات واضحة .
وفي خضم هذا الوضع تأتي المبادرة الامريكية في محاولة لتحريك عجلة عملية السلام ولكن هذه المبادرة لا تنص على وقف الاستيطان ولا تعيين حدود الدولة الفلسطينية عام 1967 ، بل حددتها المناطق المحتلة دون تحديدها ، ولقد ايقن العرب وخاصة بعد اجتماع عدد من وزراء الخارجية العرب مع وزيرة الخارجية الامريكية ان تلك المبادرة لم تلامس بنودها جوهر الصراع والقضية الفلسطينية ، وهي مبادرة تحريك قطار المفاوضات دون ان يكون هناك سكة لهذا القطار ، وهي في الوقت ذاته جاءت لاخراج اسرائيل من عزلتها وهي خدعة للعرب وتكشف المضامين الحقيقية للسياسة الامريكية في المنطقة.
وكان الاجدر بالرئيس الامريكي باراك اوباما ان يكون صادقا مع خطابه الذي القاه في القاهرة وان لا يكون متحيزا للسياسة الاسرائيلية في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني الأمرّين من سياسة الاحتلال الاسرائيلي من جهة وممارسات المستوطنين من جهة اخرى.
ان الرفض الفلسطيني بالعودة الى طاولة المفاوضات ليس هو الرفض من اجل الرفض فقط ، ولكنه ناتج عن السياسة الاسرائيلية التي لم تلتزم ببنود خارطة الطريق ولم تلتزم بالقرارات الموقعة بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وفوق كل ذلك جاءت المبادرة الامريكية لتستجيب للسياسة الاسرائيلية.
اذا كانت الادارة الامريكية جادة في انجاح عملية السلام عليها ان تعترف صراحة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحقه في اقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقية ، وانهاء الاحتلال الاسرائيلي ، فالقضية هي بالاساس العمل على انهاء الصراع وليس ادارة ازمته .
وحتى تستطيع الادارة الامريكية من اعادة الحياة الى عملية السلام عليها ان تنقذها من المناورات وخداع الرأي العام وان على جورج ميتشل مبعوث الادارة الامريكية لعملية السلام ان يضغط على اسرائيل لالزامها بعملية السلام وتحقيق حل الدولتين على اساس حدود الرابع من حزيران.