حنين عمر
20/02/2007, 06:08 PM
مشابك شعري - مقتطف من رواية رائحة الدم
كنتُ دائما أشعر ُ أن هناك فراشات تختفي بين أجفان ناجي - ذلك المصنوع من زجاج المرايا الحزينة- الغارق في هفهفات الوقت كأن العمر لا يعنيه في شيء ...كأن العالم لا يعنيه في شيء...والشيء الوحيد الذي يهتم بأمره هو كم عدد المشابك التي في شعري ، وكم سيستمتع بفكها واحدا تلو الآخر، كما يفكك النور العتمة ، وكما يفكك الطفل حروف أبجديته الأولى ...ليقيس بعد ذلك َ طول خصلاته ويحسب أبعاد فضاء الحرية فيه.
ينعكسُ غضبي منه ُ-غضب اصطناعي ومليء بالرغبة في الضحك وبالرغبة في الاستسلام له ومنحه كتفا ينام عليه لحين ينتهي –الكابوس الأحمر- الذي يغسل بالأرق أجفان الوطن .
أمسك بيده ...يضغط على أناملي بدافع إغرائها بالدفء فأستعيد مشابكي بثقة باردة و ينعكس وجهي في كفه كلما لمسني من دون أن يقصد تأويل الأمر إلى لقاء غير مقصود بين أناملنا .
ذلك النوع من الرجال- الذين لم أعرف- ، يثير في نفسي شهية لالتهام الحياة بكل تناقضاتها ويزيد في كل رغباتي المؤجلة ملح الاستعجال.
ذلك النوع من الرجال الذين يكسرون قواعد اللياقة وينثرون على المكتب كل أوراقهم ، ثم يطلبون منك أن تجمعها ...فقط لتجد بعض قطع الحلوى التي خبأتها أصابعهم الندية خصيصا لك تحت ورقة مخربشة الحواف بحروف اسمك لأنهم يعرفون أنك تحب الحلوى بنكهة زهرية.
ذلك النوع من الرجال الذين ينتمون بين قوسين إلى لعنتين :
لعنة المكان الجنوبي ...ولعنة الزمان الإرهابي ، ولكنهم رغم ذلك يتشبثون بلعنة الحب.
يسهوا " ناجي" كثيرا عبر شباك إلا معنى ويسافر بالروح إلى - حيث ُ لا أعلمُ ولكنني موجودة بالتأكيد – أو على الأقل ...كل ما يقولهُ يؤكد أنني موجودة هناكَ وراضية ٌ – هناكَ- بالزواج به على سنة الحب وقصائده .
هناكَ – قطعا- أنا امرأة ٌ لها ذاكرة بيضاء من الدانتيلا و ووطن ٌ أبيض مثل القطن في حقول الدلتا...و طريق ٌ أبيض ً يمتد بيني وبينه ُ وينتهي عند بيت صغير وأطفال كثيرين يركضون في كل مكان ويملؤن الجدران بالألوان والرسومات العفوية حد التوهج...أطفال ٌ بلا خيبة وبلا نشرات إخبارية وبلا سيارات مفخخة ولا اجتماعات مجلس أمن ولا براميل نفط...
أطفال ٌ بطعم الأمل وبنكهة الوطن و برائحة الشمس...يغسلون أياديهم بماء الحياة ويأكلون قطع الكعك الأسمر التي صنعها التاريخُ من سنابل الحرية وسكر الحب .
هناكَ- حيث الطريق البعيد المنتشي على أحلامي ...يرحلُ بي إلى غيمة من الضوء ، نسجت من وجع العتمة .
ترى ...هل رحل الطريق ُ إلى هناك حاملا في عربته الغجرية الرجل - الذي أحبُ - ونسي أن يعود به إلى صدري كما رحل غبار جرش مع الرياح البعيدة ونسي أن يأخذني معه .؟
حنين عمر
رواية : رائحة الدم
كنتُ دائما أشعر ُ أن هناك فراشات تختفي بين أجفان ناجي - ذلك المصنوع من زجاج المرايا الحزينة- الغارق في هفهفات الوقت كأن العمر لا يعنيه في شيء ...كأن العالم لا يعنيه في شيء...والشيء الوحيد الذي يهتم بأمره هو كم عدد المشابك التي في شعري ، وكم سيستمتع بفكها واحدا تلو الآخر، كما يفكك النور العتمة ، وكما يفكك الطفل حروف أبجديته الأولى ...ليقيس بعد ذلك َ طول خصلاته ويحسب أبعاد فضاء الحرية فيه.
ينعكسُ غضبي منه ُ-غضب اصطناعي ومليء بالرغبة في الضحك وبالرغبة في الاستسلام له ومنحه كتفا ينام عليه لحين ينتهي –الكابوس الأحمر- الذي يغسل بالأرق أجفان الوطن .
أمسك بيده ...يضغط على أناملي بدافع إغرائها بالدفء فأستعيد مشابكي بثقة باردة و ينعكس وجهي في كفه كلما لمسني من دون أن يقصد تأويل الأمر إلى لقاء غير مقصود بين أناملنا .
ذلك النوع من الرجال- الذين لم أعرف- ، يثير في نفسي شهية لالتهام الحياة بكل تناقضاتها ويزيد في كل رغباتي المؤجلة ملح الاستعجال.
ذلك النوع من الرجال الذين يكسرون قواعد اللياقة وينثرون على المكتب كل أوراقهم ، ثم يطلبون منك أن تجمعها ...فقط لتجد بعض قطع الحلوى التي خبأتها أصابعهم الندية خصيصا لك تحت ورقة مخربشة الحواف بحروف اسمك لأنهم يعرفون أنك تحب الحلوى بنكهة زهرية.
ذلك النوع من الرجال الذين ينتمون بين قوسين إلى لعنتين :
لعنة المكان الجنوبي ...ولعنة الزمان الإرهابي ، ولكنهم رغم ذلك يتشبثون بلعنة الحب.
يسهوا " ناجي" كثيرا عبر شباك إلا معنى ويسافر بالروح إلى - حيث ُ لا أعلمُ ولكنني موجودة بالتأكيد – أو على الأقل ...كل ما يقولهُ يؤكد أنني موجودة هناكَ وراضية ٌ – هناكَ- بالزواج به على سنة الحب وقصائده .
هناكَ – قطعا- أنا امرأة ٌ لها ذاكرة بيضاء من الدانتيلا و ووطن ٌ أبيض مثل القطن في حقول الدلتا...و طريق ٌ أبيض ً يمتد بيني وبينه ُ وينتهي عند بيت صغير وأطفال كثيرين يركضون في كل مكان ويملؤن الجدران بالألوان والرسومات العفوية حد التوهج...أطفال ٌ بلا خيبة وبلا نشرات إخبارية وبلا سيارات مفخخة ولا اجتماعات مجلس أمن ولا براميل نفط...
أطفال ٌ بطعم الأمل وبنكهة الوطن و برائحة الشمس...يغسلون أياديهم بماء الحياة ويأكلون قطع الكعك الأسمر التي صنعها التاريخُ من سنابل الحرية وسكر الحب .
هناكَ- حيث الطريق البعيد المنتشي على أحلامي ...يرحلُ بي إلى غيمة من الضوء ، نسجت من وجع العتمة .
ترى ...هل رحل الطريق ُ إلى هناك حاملا في عربته الغجرية الرجل - الذي أحبُ - ونسي أن يعود به إلى صدري كما رحل غبار جرش مع الرياح البعيدة ونسي أن يأخذني معه .؟
حنين عمر
رواية : رائحة الدم