المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعريف الاشتراطي للفظي "الشك" و"الريب"



سعيد عبدالمعطي
15/01/2010, 11:16 PM
الشك والريب

الشك هو حالة عدم استقرار نفسي لعدم رجوح أحد البديلين حول صدق أو كذب فكرة، وهو حالة منطقية لا مهرب منها، وينشغل بها [الفؤاد]، حيث يظل متعطشا لمزيد من البيانات ليستقر على أحد البديلين، مثل انشغال فؤاد أم موسى على ابنها طوال مدة احتمال قتله أو فقده، وعندما علمت باستقرار وضعِه في بيتِ فرعون، بعدها فرغ فؤادُها من دائرة البحث عن المرجِّحات واستقر.

أما الريب فهو حالة تخبط وحيرة واضطراب ناتجة عن شك غير مبرر منطقيا لعدم الاعتراف بأحد عوامل الترجيح بالتعدي على [الحق]، أو لعدم وضوح عوامل الترجيح أو صعوبتها، وعندما يذكر الله تعالى أنه "لا ريب في شيء ما" فإن وسائل الترجيح ليست مبهمة وليس صعبا على الإنسان أن يراها أو يكتشفها بلا أي مجهود يُذكر.

وريب المنون هي اضطرابات الزمن والأحداث.

"وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا، إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*" 10/28/القصص

"فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ، لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ*" 94/10/يونس

"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*" 104/10/يونس

"قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى، قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ*" 10/14/إبراهيم

" وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ [ظَنَّهُ] فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ* وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ، وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ* قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللهِ، لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ*" 20-22/34/سبأ

" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِِ، حم* وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ، إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا، إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ* رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ* لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ، رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ* بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ*" 1-9/44/الدخان

الآيات السابقة ذكرت الشك، ثم ساقت وسائل الترجيح التي يجب الأخذ بها لطرد الشك، إلا الآية الأخيرة قدمت وسائل الترجيح ثم ذكرت شكا غيرَ مُبَرَّرٍ للذين يغضون أبصارَهم لعبا عن سياق الأدلة الترجيحية وتواترها.

"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ، أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*" 15/49/الحجرات

" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِِ، الم* ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ *" 2/2/البقرة

" رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ، إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ*" 9/3/آل عمران

"اللهُ لَا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ، لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا*" 87/4/النساء

"تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ*" 2/32/السجدة

"أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ*" 30/52/الطور

"إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ*" 45/9/التوبة

"قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا، أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ*" 62/11/هود

"أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ* مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ*" 24-25/50/ق

ولفظ مريب هنا يعني مثير للفتن والاضطرابات.

"وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا، كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ* الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ، كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُواْ، كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ*" 34-35/40/غافر

ومن الواضح تماما أن كل الآيات التي ذكرت لفظ [ريب] لم تسق أدلة الترجيح، وكلها تحمل ذما للمرتاب والمريب.