المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستقبل الديمقراطية في مصر (6): الخاتمة/الدكتور لؤي عبد الباقي



لؤي عبد الباقي
23/01/2010, 12:27 AM
مستقبل الديمقراطية في مصر (6):
الخاتمة: تقييم عام

الدكتور لؤي عبد الباقي


يتضح من الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة المصرية، في سياق ردها على تزايد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في الشارع المصري، أن نظام الرئيس مبارك غير جاد في عملية الإصلاح السياسي، وأن فرص الديمقراطية في مصر مازالت ضئيلة، إن لم نقل أنها تسير في الاتجاه المعاكس، على الأقل في الوقت الراهن. فالانفتاح السياسي المحدود وهامش الحريات السياسية، الذي شهدته مصر في بدايات القرن الحالي، أخذ بالتراجع منذ قيام الانتخابات التشريعية لعام 2005، وخاصة مع إقرار التعديلات الدستورية لعام 2007. فبروز المؤسسة القضائية كسلطة مستقلة أدى إلى لجوء النظام إلى إقصائها من الإشراف على العملية الانتخابية، وإلى تجاوزها من خلال الاعتماد المتزايد على محاكم أمن الدولة والمحاكم العسكرية في مقاضاة المعارضين السياسيين. أما حملات الاعتقالات السياسية، المستندة إلى حالة الطوارئ، فمازالت ترتفع وتيرتها، وخاصة بعد أن أضافت التعديلات الدستورية الأخيرة قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب، يمنح السلطات التنفيذية والأمنية صلاحيات واسعة لتجاوز القانون والقضاء العادي.

لقد أظهر النظام الحاكم عزمه وإصراره على تكريس إقصاء جماعة الإخوان المسلمين من الحياة السياسية بشكل لا يدع أي مجال للشك، وخاصة بعد أن أثبتت الجماعة جدارتها في مخاطبة نبض الشارع المصري، وظهورها كقوة معارضة أساسية، وربما وحيدة، قادرة على منافسة الحزب الوطني الحاكم. فمنذ فوز الجماعة بثمانية وثمانين مقعدا في الانتخابات التشريعية لعام 2005، وحملة الاعتقالات ضد أعضائها وقادتها البارزين لم تهدأ. هذا عدا عن الإقصاء القانوني الذي تكرس دستوريا عبر التعديلات الدستورية الأخيرة التي تحظر صراحة تشكيل الأحزاب السياسية أو مباشرة أي نشاط سياسي ينطلق من خلفية دينية.

بناء على ذلك، فإن مستقبل الديمقراطية في مصر مازال يبدو ضبابيا غير مبشر، ويصعب التنبؤ به، على الأقل في المدى المنظور. فطالما بقي النظام المصري متمسكا بإعلان حالة الطوارئ، ومصرا على اللجوء إلى استخدام الأجهزة الأمنية والمحاكم الاستثنائية للسيطرة على العملية السياسية، وعلى إقصاء شرائح واسعة من الشعب المصري من الحياة السياسية، فإن فرص الديمقراطية في مصر ستبقى ضعيفة، وسيبقى الشارع المصري ووضعه الأمني مرشحا للمزيد من الاحتقان السياسي، وربما للانفجار، في أي لحظة. لكي تتضح الصورة بشكل أفضل علينا أن ننتظر لنرى كيفية إدارة النظام للانتخابات التشريعية القادمة، أو لإجراءات التوريث المتوقعة بعد رحيل الرئيس مبارك (الأب؟!).