المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الـمنحـوس / رواية من المجتمع العراقي تنقصها الصراحة / ح. 2



الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
23/01/2010, 07:46 PM
الـمـنـحـوس

رواية من المجتمع العراقي تنقصها الصراحة !


تميزت قرى الجنوب العراقي, ببيت الضيافة المسمى" المضيف",.... وهو الديوان الرسمي , او النادي الأهلي للقبيلة تحت رعاية شيخ القرية, ..ويحمل المضيف اسم عائلة الشيخ, فيقال مضيف آل عبيد نسبة لقبائل العبودة, ومضيف آل جاسم نسبة للشيخ جاسم وهكذا سمي مضيف آل ابخيت نسبة للجد الأعلى لوالد امحيسن "الشيخ ابخيت".
يقع هذا المضيف بأطراف القرية, وقد بني بطراز معين ويتسع لمآت الزوار, حيث يجتمع افراد العشائر صباحاً و مساءاً لأحتساء القهوة والسًمر فيمابينهم , ويصغون لأية معلومات جديدة يصدرها الشيخ او مساعديه الذين يطلق عليهم اسم" السراكيل".
يتصدر مدخل المضيف" الوجاغ", وهو المكان المخصص لأعداد القهوة العربية, ذات النكهة والمذاق المميز , حيث تصنع بطريقة خاصة لا يجيدها الا ذوي الخبرة.
يرتاد المضيف القوم من افراد القرية فجر كل يوم لطرح المشاكل امام شيخهم لكي يبدي رأيه , ويصدر حكمه وامره المطاع في كل قضية تعرض عليه, والويل لكل من يخالفه الرأي, مهما علت منزلته او ادعى الحق بجانبه,....فللحق وجه واحد لا يراه غير الشيخ,.. وبطبيعة الحال الشيخ في عرف اتباعه معصوم من الخطأ !!
الا ان في قرار العديد من افراد القرية الذين نالوا قسطاً من المعرفة والثقافة عن طريق المذياع والصحف, ومحاورة بعضهم لأبناء المدن المجاورة, جعلهم يدركون ضحالة فكر الشيخ واسلوب حكمه, ......الا ان الدولة اعطت الشيوخ (الأقطاعيون), مزايا ومكاسب عديدة, فقد كانوا يخضعون لقانون خاص بهم ( قانون العشائر), ..وبالرغم من ذلك فأن غالبيتهم يعتمدون في اصدار احكامهم على الأعراف السائدة, ..... وقد ادى ذلك الى مصادمات كثيرة بين السلطة المركزية في بغداد و افراد العشائر كانت تسفر عن وقوع ضحايا من الطرفين, ......الا ان هذه الظاهرة اختفت عندما صار معظم شيوخ العشائر الشهيرة اعضاء بمجلس النواب او الأعيان,.. وقد تم الغاء قانون العشائر سيئ الصيت بعد قيام ثورة الربع عشر من تموز 1958.


في احد الأمسيات قام مدير المدرسة المتوسطة في القرية بزيارة مجاملة لشيخ القبيلة والد امحيسن, ..ورحب الشيخ به اجمل ترحيب, وقدمت له القهوة العربية الخاصة لكبار الزوار ,.. وبعد تبادل التحيات, تطرق الحديث حول امحيسن ووضعه في المدرسة وعن نتائج الأمتحان الوزاري (البكلوريا), ثم دخل المدير في صلب الموضوع, وشرح حالة امحبسن الحقيقية,..فأمتعض الشيخ مما سمع عن تصرفات ولده الشاذة , وشكر المدير صراحته وجهوده في ترويض ولده واجباره على اطاعة النظم المدرسية المتعبة والمطبقة على سائر ابناء القبيلة من دون اي تمييز بين الفقير او ابن الشيخ,.. وبنفس الوقت سعد الشيخ بألأطراء الذي سمعه من المدير حول التقدم العلمي لولده وتفوقه على اقرانه,.. الا ان ذلك شجع الشيخ للأستفسار عن سلوك امحيسن مع ابنة الفراش (جميله), والشائعات التي ملأت القرية وكافة العشائر المحيطة بها.
كان الشيخ على علم بكل ما يجري داخل القرية , الا انه غض السمع عن تلك العلاقة واعتبرها عملاً صبيانياً, او نزوة موقتة من نزوات المراهقة, .. ولم يدرك الشيخ رجاحة عقل ابنه واختلافه عن بقية اقرانه في كافة المستويات, ..وبالرغم من ان ابناء الشيوخ يخضعون لتربية مميزة تنمي فيهم الرجولة المبكرة التي تجلب الفخر لعموم العائلة, الا ان امحيسن فاق كل التوقعات التي قد تميزه عن اقرانه, ..انه ظاهرة محيرة او قل نادرة!
العقبة الوحيدة التي ازعجت الشيخ هي علاقة ابنه مع ابنة الفراش (جميله), حيث نسبها يعود لعائلة فقيرة دخيلة على القبيلة, ولا يجوز ارتباط بن الحسب والنسب بفتاة من هذا المستوى, ويعتبر هذا الزواج في عرف القبيلة فضيحة مرفوضة او قل جريمة لا تغتفر.
لم يرغب الشيخ الأستمرار بالحديث مع مدير المدرسة بهذه المشكلة , وراح يسأله عن الوضع السياسي المتدهور في العاصمة بغداد, حيث عمت المظاهرات شوارعها,.زثم استفسر منه عن ما اذاعته محطة لندن الأخبارية ,حيث كانت تلك المحطة مشهورة بنقل الأخبار وتحليلها وفق السياسة الأستعمارية لبريطانيا في الأربعينات.
استمر الحديث بين الشيخ ومدير المدرسة جهاراً , وراح كافة زوار المضيف من اهالي القرية يصغون لحديثهما ,.وفي تلك اللحظة سأل الشيخ ضيفه:
هل سمعت اذاعة لندن صباح اليوم؟
نعم وان المظاهرات ما زالت تعم ارجاء بغداد! .. واخذت تطالب بأسقاط الوزارة !!
واجراء انتخابات حرة, ..كما طالبوا بتحرير فلسطين ,..وكل حزب من الأحزاب ينادي بشعارات معينة , والشعب متخبط في بحر لجين من الأراء المتضاربة,.. وقد فقد القدرة على التمييز بين تلك الشعارات, او ماتخطط له الدوائر الأستعمارية المتخفية وراء بعض الزعماء الحزبيين المتناحرين حول المكاسب الذاتية من دون اي شعور بالمسؤلية وما تحيكه الدوائر الأجنبية من خطط ومؤمارات في الخفاء, لتفتيت وحدة الشعب ونهب ثرواته, وما من احد يدرك اثر ذلك على مستقبل الوطن والأجيال القادمة!
يفيق الشيخ من حديث الأستاذ, ويثني على قوله ويقول:.. صدقت يا استاذ ,.. وبالرغم من جهلي بالسياسة الدولية, الا انني اشعر وادرك بما يخبأه الزمن لنا في المستقبل القريب!

وقد يأتي اليوم الذي نتحسر فيه على لقمة العيش او قل على رغيف الخبز!!
المصادر السياسية وواقع السياسة البريطانية بينت ان الأنكليز يلفون الكرة الأرضية عشرات المرات الى ان تتحقق مطالبهم ويهيمنون على الموقع الذي يدر لهم المال.
كما ان تدويل قضية فلسطين سببت خسارة فادحة للعرب, وقد ارغمت الدول العربية على خوض حرب 1948 من دون اي استعداد لها, و اضافة الى ذلك رفضهم التقسيم في حينه ادى الى نمو قوة العدو وتناحر الدول فيما بينها وبين شعوبها وصار الأتجار بالقضية الفلسطينية رداء للزعماء لأظهار وطنيتهم ومحاربتهم للمستعمر منذ ذلك الحين والى يومنا هذا او قل الى ما شاء الله !! ..ولا ادري لِمً رفض العرب التقسيم في حينه؟
يعجب الأستاذ من ثقافة الشيخ ويقول: والله يامحفوظ,.. نورتنا بهذا الرأي , والأحزاب السياسية في الوطن العربي لا يمكن ان تتفق على امر بعينه ! .. وكل حزب يكيل التهم للآخر بالعمالة ! .. قهذا حزب عميل للأنكليز, وذاك لموسكو,.. وآخر ماسوني,.. ورابع للعم سام او دولة اخرى مثل ايطاليا او فرنسا!!
ومنذ نكبة 1948 , لم نرَ اي تخطيط علمي لحل مشكلة العرب الأساسية, فلسطين. ولم نرً اي بصيص لأي تقدم لحل المشاكل الوطنية في كل بلد من الوطن العربي الكبير! ولذا ظلت الأمور تسير من سيئ الى أسؤ,..والنتيجة الهاية لا تؤدي لضياع فلسطين, بل تجزأة الوطن العربي برمته, واستنزاف خيراتها وفق مخططات علمية ,..شئنا ام ابينا!
وانني مدرك لما يحدث ,.. والزمن شــاهد على ما اقول.
يتابع الأستاذ حديثه, والكل مصغي بكل جوارحه, وبخاصة ابناء العشيرة, ويقول:
لقد اخفق العرب في تحقيق الوحدة العربية منذ ثورة الشريف حسين بن علي, شريف مكة المكرمة,... واستبدلوا الحكم العثماني بالمستعمرالبريطاني اوالفرنسيي اوالأيطلي,
حيث وزعوا فيما بينهم الكعكة العربية, بعدما اطاحوا بالدولة العثمانية!
لقد اعطت الدول العربية كامل ثقتها للدولة البديلة التي قدمت لها العون من التحرر من الحكم العثماني, ولم تفطن الى خططها الخفية , ولم تستطع بعد فوات الأوان من مجابهة المستعمر الجديد, وراحوا يناضلون عشوائياً ضد المستعمر الجديد, ويتهم بعضهم البعض بالعمالة, ولم يتمكن اياً منها المقاومة , واكتفوا بالشعارات وحدها لكي يسترون بها فشلهم وتأخرهم عن بقية اقطار العالم التي نالت استقلالها قبلهم بأعوام كثيرة! !
ادرك العرب في منتصف القرن العشرين ان الشعارات وحدها غير مجزية, ولا يمكن ان تقاوم الأخفاق الذي حلً بهم, فزادت الرغبة للوحدة العربية, كمخرج وحيد من الأحباط الذي ألًمَ بالعرب عامة, .. وسال النفط بغزارة, وراحت بعض الدول العربية تغدق خيراتها بسخاء على ابناء الأمة, من دون ان تقاوم التخلف وتقيم الجامعات والمصانع الأنتاجية, بل انصب المال على المشاريع الترفيهية والفنادق ذات النجوم الخمسة بأعداد ملفته للنظر, واستخدمت لأغراض دنيئة وصارت وكراً لعاهرات العالم!

ازدادت الخلافات بين الأقطار العربية, ..وادت الى تحالفات بين حكامها وبين دولة من الدول العظمى تحتمي بها ايام المحن! .. ولذا رسخ الأستعمار جذوره او قل عشعش بين جوانب كل قطر عربي بصورة خفية او تحت مسميات صادرة من الأمم المتحدة !
وفي اعتقادي, بأن التمزق لتلك الأوطان سيستمر ما لم تتوحد كافة الأقطار العربية.
يفوق الشيخ من غفوته , وهو مصغي بكل جوارحه للأستاذ ويقول له:
والله يا استاذ كلامك ذهب!.. وهل بأعتقادك اننا سنرى ذلك اليوم ؟.. وتزول الخلافات بين حكامنا ونتوحد كما هو الحال في الأتحاد الأوربي الذي ضم اكثر من ثلاثين دولة لا يربطها اي رابط وصار لها علم واحد وعملة واحدة ورعايا كل دولة يملكون حق الأقامة والتنقل في كل دول الأتحاد من دون اية سمة دخول(فيزة).
ان معظم الخلافات الجوهرية, اساسها الأقتصاد والزعامة,.. ومتى ما تتوفر النية الحسنة لدى الحكام العرب التي نالت قسطاً من التقدم الحضاري, فأنني على ثقة من قدرتها على تسوية الخلافات وتشكيل مجتمعاتها وفق اسس حضارية ذات اقتصاد متين ,
يعمل على النهوض بتلك المجتمعات, وسيذيبها في بودقة من شأنها ان تلمَ كل الأقطار العربية وتصهرها في بودقة الوحدة العربية.
ان الأحباط الذي عمً كل الأقطار العربية , اساسه التخلف وعزل كل بلد عن الآخر, او الأستقلال الظاهري تحت كنف حرية زائفة , لا تتمكن من اتخاذ اي قرار لحل ابسط المشاكل, والخنوع لأرادة الدول الكبرى (الصديقة), المهيمنة على القرار لكي تسير وفق نهج رسم لها مسبقا او بشكل غير مباشر!
يستجمع الشيخ الأفكار الراقصة في مخيلته ويتولد عنها سؤال مباشريقحم به الأستاذ ويقول: بربك يا استاذ,.. اليس في امتنا العربية أناس لهم فكر يحدسون بواسطته ما سوف يقع لهم فب المستقبل قبل فوات الأوان؟ !
يبتهر الأستاذ بهذا السؤال الذي ينم عن رغبة صادقة للتخلص من التخلف الذي هم فيه, ويسح قليلاً , ثم يعير وضعه ويركز كلامه الى المستمعين ويقول: الأمة العربية مفعمة بالساسة المثقفين والعارفين ببواطن الأمور,.. فالخبراء العرب اكثر عددا ممن هم في الدول التي سبقتنا في تحقيق وحدتها القومية واستقلالها.
سعد الشيخ لما سمعه وتعجب لقدرة الأستاذ على تحليل المجتمع والدولة بالرغم من عدم استيعابه الكلام بصورة واضحة!...
لم يرغب الشيخ في احراج الأستاذ لأعادة ما شرحه حتى لا يعطيه فكرة عن جهله, ولذا طرح سـؤالاً بعيداً عن السياسة, وزج موضوعاً يتعلق بصحته وقال:
شنو رايك يا استاذ ,..منذ فترة اشعر بتعب وعدم شهيه للأكل! .. ماتعرف اخصائي زين في بغداد ؟.. فقد نويت السفر الى بغداد,..فهل الوقت مناسب الآن للسفرام انتظرالى ان تنتهي المظاهرات ,..ويصفى الجو؟

يتبع في / ج . 3

تسنيم زيتون
23/01/2010, 10:00 PM
الرواية : بدأت بعلاقة ابن الشيخ بفقيرة الى الجملة

(شنو رايك يا استاذ ,..منذ فترة اشعر بتعب وعدم شهيه للأكل)

حسنا الرواية فهمناها ههههههه

ولكن ما علاقة هذه الجمل من نصك الشامخ بـ الـ

*الشيخ في عرف اتباعه معصوم من الخطأ !!
* اعطت الشيوخ (الأقطاعيون)
*مصادمات كثيرة بين السلطة المركزية في بغداد و افراد العشائر
*واجراء انتخابات حرة * طالبوا بتحرير فلسطين
*فقد القدرة على التمييز بين تلك الشعارات, او ماتخطط له الدوائر الأستعمارية المتخفية وراء بعض الزعماء الحزبيين المتناحرين
*اشعر وادرك بما يخبأه الزمن لنا في المستقبل القريب!
*تدويل قضية فلسطين سببت خسارة فادحة للعرب
*حيث وزعوا فيما بينهم الكعكة العربية, بعدما اطاحوا بالدولة العثمانية!
*انصب المال على المشاريع الترفيهية والفنادق
*تحت مسميات صادرة من الأمم المتحدة
*الأتحاد الأوربي الذي ضم اكثر من ثلاثين دولة لا يربطها اي رابط وصار لها علم واحد وعملة واحدة ورعايا كل دولة يملكون حق الأقامة والتنقل في كل دول الأتحاد من دون اية سمة دخول(فيزة).


انتظر التتمة...