المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تربية أولادنا في الزمن الصعب... قصة مشوّقة



مغربي سعاد
30/01/2010, 03:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
كانت غرناطة آخر المعاقل التي سقطت في الأندلس، وقبل رحيل آخر ملوكها عقد معاهدة مع ملك إسبانيا على أن يترك للمسلمين حريتهم في دينهم ولغتهم، ولكن الإسبان نكثوا عهودهم ومارسوا سياسة البطش لتحويل المسلمين إلى النصرانية.

يقول العالم محمد بن عبد الرفيع الذي حضر هذه المأساة وأنجاه الله منها: "أطلعني الله على دين الإسلام بواسطة والدي -رحمة الله عليه- وأنا ابن ستة أعوام وأقل، مع أني كنت إذ ذاك أروح إلى مكتب النصارى لأقرأ دينهم ثم أرجع إلى بيتي فيعلمني والدي دين الإسلام، فكنت أتعلم فيهما معاً، وسني حين حملت إلى مكتبهم أربعة أعوام.

فأخذ والدي لوحاً من عود الجوز كأني أنظر الآن إليه مملَّساً من غير طَفَل ولا غيره، فكتب لي فيه حروف الهجاء في كرّتين. فلما فرغ من الكرة الأولى أوصاني أن أكتم ذلك حتى عن والدتي وعمي وأخي وجميع قرابتنا، وأمرني أن لا أخبر أحداً من الخلق ثم شدد علَّي الوصية، وصار يرسل والدتي إليَّ فتسألني: "ما الذي يعلمك والدك؟"، فأقول لها: "لا شيء"، فتقول: "أخبرني بذلك ولا تخف لأني عندي الخبر بما يعلمك"، فأقول لها: "أبداً ما هو يعلمني شيئاً". وكذلك كان يفعل عمي وأنا أنكر أشد الإنكار.

ثم أروح إلى مكتب النصارى، وآتي الدار فيعلمني والدي إلى أن مضت مدة فأرسل إليَّ من إخوانه في الله الأصدقاء فلم أقر لأحد قط بشيء، مع أنه -رحمه الله تعالى- قد ألقى نفسه للهلاك لإمكان أن أخبر بذلك عنه فيحرق لا محالة. لكن أيدنا الله سبحانه وتعالى بتأييده وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته بين أظهر أعداء الدين".

قلت (شكيب أرسلان) فهمنا من هنا أن هؤلاء الجماعة كانوا أُجبروا على النصرانية طراً، وإنما كانوا باقين في الغالب على الإسلام سراً، وكانوا مضطرين أن يرسلوا أطفالهم حتى من سن أربع سنوات إلى مكاتب النصارى، ولم يكن يباح لهم أن يعلموا أولادهم شيئاً عن الإسلام، ومن كان يقدم على ذلك وكانت الحكومة تعلم به كان يحرق بالنار. وبرغم هذا كله كان بعضهم حريصاً على تعليم أولاده عقيدته الإسلامية ولغته العربية فكان يعلمهم ذلك مع أشد الاحتياط والامتحان خشية أن السلطة تأخذ سر الأمر من الأولاد فتحرق أولئك الوالدين بالنار كما هو قرار ديوان التفتيش الكاثوليكي.

ويتابع ابن عبد الرفيع: "وقد كان والدي -رحمه الله تعالى- يعلمني حينئذ ما كنت أقوله عند رؤيتي للأصنام وذلك أنه قال لي: "إذا أتيت إلى كنائسهم ورأيت الأصنام فاقرأ في نفسك سراً قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إنَّ الَذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73] و {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] إلى آخرها وغير ذلك من الآيات الكريمة، وقوله تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء: 156-158].

فلما تحقق والدي -رحمه الله تعالى- أني أكتم أمور دين الإسلام عن الأقارب فضلاً عن الأجانب أمرني أن أتكلم بإفشائه لوالدتي وعمي وبعض أصحابه الأصدقاء فقط. وكانوا يأتون إلى بيتنا فيتحدثون في أمر الدين وأنا أسمع، فلما رأى حزمي مع صغر سني فرح غاية الفرح وعرفني بأصدقائه وأحبائه وإخوانه في دين الإسلام فاجتمعت بهم واحداً واحداً".
________________________
عن حاضر العالم الإسلامي تعليق (شكيب أرسلان) وانظر كتاب اللمسة الإنسانية للدكتور محمد محمد بدري.

سهام محمد نعمان
31/01/2010, 07:07 PM
رائع ما قرأته، وهذا إن دل فإنه يدل غلى أن َّ هذا الأب كان صادقا مع ربه وصادقا ً مع نفسه فصدقه الله وحماه. ولنعلم أن الله قريب من المؤمن قُرب حبل الوريد.
فالعقيدة الحقة تخلق أناس لا يتصنعون تالدين والتدين كما نشاهد الآن في كثير من الخلق.
ندعو الله أن يهدينا ويبارك لنا قي أولادنا هو نعم المولى ونعم النصير.
وسأقرأ بإن الله الكتاب الذي ذُكر اسمه وبالله التوفيق

فدى المصري
02/02/2010, 03:54 PM
جميل أن تبنى مثل هذه العلاقة الصادقة بين الوالد والولد
والاجمل منها أن يتم التعليم وفق صدق النوايا مع أنفسنا ومع الآخر

فتعلم بالأصل وفق المبادئ الأساسية تستقيم لها النفوس وتتقنها الأذهان بشكل صحيح فيبرع بها الشخص ويتقن نقلها للآخر وفق الثقة والحجة والبرههاين الصحيحة؟

لفتة جميلة

مغربي سعاد
02/02/2010, 05:43 PM
رائع ما قرأته، وهذا إن دل فإنه يدل غلى أن َّ هذا الأب كان صادقا مع ربه وصادقا ً مع نفسه فصدقه الله وحماه. ولنعلم أن الله قريب من المؤمن قُرب حبل الوريد.
فالعقيدة الحقة تخلق أناس لا يتصنعون تالدين والتدين كما نشاهد الآن في كثير من الخلق.
ندعو الله أن يهدينا ويبارك لنا قي أولادنا هو نعم المولى ونعم النصير.
وسأقرأ بإن الله الكتاب الذي ذُكر اسمه وبالله التوفيق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
لقد سعدت اختاه بردك و تعليقك الرائع على الموضوع فتربية اولادنا ليست بالامر الهين و يتطلب الكثير من المشقة و التحمل و ضبط النفس للوصول بهدا الجيل الى الثبات و الاستقامة.
مودتي و احترامي و تقديرى.............
تحياتي

مغربي سعاد
02/02/2010, 05:45 PM
جميل أن تبنى مثل هذه العلاقة الصادقة بين الوالد والولد
والاجمل منها أن يتم التعليم وفق صدق النوايا مع أنفسنا ومع الآخر
فتعلم بالأصل وفق المبادئ الأساسية تستقيم لها النفوس وتتقنها الأذهان بشكل صحيح فيبرع بها الشخص ويتقن نقلها للآخر وفق الثقة والحجة والبرههاين الصحيحة؟
لفتة جميلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
صحيح يا عزيزتي ما تفضلت به من ابراز المعاني الحقيقية للتربية الحقة الصحيحة
دام تواصلك و شكرا

نجيب بنشريفة
31/01/2011, 01:29 PM
.
.
.
الأستاذة الفاضلة مغربي سعاد
.
.
انها تضحية الآباء من أجل الأولاد
.
والعارف بسنة نبينا عليه الصلاة والسلام يعمل كل ما في وسعه ليحافظ على سلامة اسلام مولوده ولو أدى ذلك الى هلاكه :
(كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء) ورواه مسلم والترمذي وصححه
.
فهم لم يكتفوا بتنصير أبنائهم فحسب بل تعدى ذللك لتنصير أبناء المسلمين ولا زالوا على حالهم الى يومنا هذا
وهم الذين يسمون بالمبشرين ويتلقون تمويلا كاملا غير منقوص ولا يحاسبون عليه
فقد وجدوا في افريقيا مرتعا لهم الا أن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن والاصطدام الذي وقع بين التوتسي والبوتوا كفيل بفضح فشلهم الدريع
لم يستطيعوا التوحيد بينهم فكانت المجزرة الرهيبة والابادة العرقية الأكثر دمية عبر التاريخ
.
.
سيدتي الفاضلة قصك هادفة ومعبرة
.
.
تحياتي الخالصة
.
.
.
.

مغربي سعاد
31/01/2011, 02:17 PM
.
.
.
الأستاذة الفاضلة مغربي سعاد
.
.
انها تضحية اآباء من أجل الأولاد
.
والعارف بسنة نبينا عليه الصلاة والسلام يعمل كل ما في وسعه ليحافض على سلامة اسلام مولوده ولو أدى ذلك الى هلاكه :
(كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء) ورواه مسلم والترمذي وصححه
.
فهم لم يكتفوا بتنصير أبنائهم فحسب بل تعدى ذللك لتنصير أبناء المسلمين ولا زالوا على حالهم الى يومنا هذا
وهم الذين يسمون بالمبشرين ويتلقون تمويلا كاملا غير منقوص ولا يحاسبون عليه
فقد وجدوا في افريقيا مرتعا لهم الا أن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن والاصطدام الذي وقع بين التوتسي والبوتوا كفيل بفضح فشلهم الدريع
لم يستطيعوا التوحيد بينهم فكانت المجزرة الرهيبة والابادة العرقية الأكثر دمية عبر التاريخ
.
.
سيدتي الفاضلة قصك هادفة ومعبرة
.
.
تحياتي الخالصة
.
.
.
.

السلام عليكم أيها الفاضل نجيب بنشريفة;
هو التنصير ينفث كالسم في عالمنا الاسلامي...و لم يلق القبول الا من نفوس ضعيفة ذليلة لم تفقه كنه الدين و لا أسرار الخلق و الكون....
تدخلكم سيدي لا يدل الا على سمو مبادئكم و رفعة مقامكم
تقبلوا منا أجمل و أعبق التحيات
سعاد

محرز شلبي
18/02/2011, 11:55 AM
أينما حل الصدق تؤتى ثماره رغم المتاعب والعراقيل التي قد يتعرض لها..
منظوماتنا التربية من أسباب تدهورها عدم الصدق..هي تتقر من منطلق أهواء شخصية حزبية فكرية ضيقة منحازة..
شكرا الأخت سعاد

مغربي سعاد
19/02/2011, 03:44 PM
أينما حل الصدق تؤتى ثماره رغم المتاعب والعراقيل التي قد يتعرض لها..
منظوماتنا التربية من أسباب تدهورها عدم الصدق..هي تتقر من منطلق أهواء شخصية حزبية فكرية ضيقة منحازة..
شكرا الأخت سعاد
السلام عليكم سيدي الفاضل محرز شلبي;
التربية هي اساس بناء كل حضارة و خاصة اذا كانت ركائزها من القرآن و السنة
مروركم العطر زاد الموضوع بهاءا و جمالا
تقبلوا تحياتي