المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا مرشد السفن - قصيدة حلمنتيشية سودانية



معتصم الحارث الضوّي
24/02/2007, 03:10 AM
لهذه القصيدة حكاية طريفة .. كمال شاب في مقتبل العمر و لديه سيارة تتحرك بالكاد .. فطلب من مجموعة من أصدقائه شعراء الحلمنتيش وضع قصيدة يستعطف بها أخاه محجوب الذي يعمل مرشداً للسفن و لذا فلديه الكثير من المال .. كتبت هذه القصيدة في عام 1982 على حد علمي .


يا مرشد السفن العظيم تحيةً من شاعر يضعُ القريض و يشعرُ
أضناه حبُ الشعرِ منذ وجوده فغدا عشوقاً دائماً يستبشرُ
( محجوبُ ) ُيعرفُ صدقه في قوله و الكذب عنده شيمة لا ُتغفرُ
نشكو اليك الحال من عربيةٍ بئست حقيقتها و بئس المنظرُ
ألوانُها - لا أدري لون إهابها هل أحمرٌ أم أخضرٌ أم أصفرُ
أبوابها ُركِنت و ذاب حديدها و غدت مفاصلها تئن و تزأرُ
أنوارها أعمت سواد عيوننا و زجاجها كل الزجاج ُمكسّرُ
و فراملٌ لو ُدسْت فوق قماشها لتناثرت أشلاؤها تتبعثرُ
و لزينةٍ عجبي لأبشع زينة فكأنها فكٌ لشيخٍ يشخرُ
و لساتكٌ كنعال جلدٍ أسود و ُمنعْلَتٍ(1) تطأ الثرى و ُتطرطِرُ(2)
و كأنها ورق السجائر رقةً و تكاد من مرِّ النسيم تبنشرُ
و دخانها ينسابُ حولها دائماً فكأنها شوايةٌ أو ُمبخَر
و ترى الشرار مطقطقاً(3) متناثراً أبداً يطُّقُ كما يطق ( القنقر )(4)
و التنكُ أصبح خالياً و ُمصدّياً سكن الجنادب في حديده عسكروا
سيفونها يغلي و يشخر دائماً فكأنها حلل البرستو(5) ُتصفرُ
و نفيرها كالبوم ينعقُ مزعجاً كنهيق أي حمارة ُيستنكرُ
و العادم المشروط(6) - و هو ُمربّطٌ - تلقاه دوماً في الثرى يتجرجرُ
و لها بخلفٍ و الأمام تصادم في كل معركة يلين و يخسرُ
و لها لإحكام القيادة مِقودٌ هو في الحقيقة في مسيره أشترُ(7)
فإذا ُأدير الى اليمين فإنها تجري يساراً تعتدي و تدمرُ
في كل مشوار تشيل جماعة نزل الجماعة في الطريق ليدفُروا(8)
تعبوا من الدفر الكثير و نقنقوا(9) و الدمع سال من العيون و خرخروا(10)
حتى إذا ما طال وقت عذابهم تركوا الجنازة في الطريق و غادروا

بعض مشى قطع المسافة راجلاً و البعض للعربات صار يؤشرُ
كم عامل و مهندس متمرس فعلوا المحال وطوّعوه و فكّروا
لحموا الحديد إلى الحديد و رقعّوا جبروا المكسّرَ ربطّوه و سمكروا
لكنها كانت مجرد خردة عجز الكويل(11) بها و خاب المخبرُ
سواقها يزهو و يفخر دائماً لكنها عنزٌ كسيحٌ أعثر
أغلى و أفخم من حديدها فرشها وله بها سماعة تتصرصر(12)
و ريكوردر مستوحش مستغرب يشكو المصير بسره و يجاهر
تالله لو علم الذين أتوا به و لمثله جعلوا المصانع تهدرُ
لأتوا إلى السودان لاسترداده و لمثلنا ما أنتجوا أو صدّروا !

* * *

بالأمس كنا عائدين بدربنا فإذا بها في لحظة تتغيرُ
حرنت و فارت و استشاط صريرها و أصابها المرض اللعين المنفر
ضربت مدافعها و زاد شخيرها و الزيت سال من الشقوق يخرخر(13)
و العادم المشروط أطلق مدفعاً فزع الجميع لصوته و تناثروا
و الماء فار بجوفها متناثراً لم يستطع أن يحتويه ( لديتر )(14)
فإذا بنا في حيرة من أمرنا أيوبُ في أفعالها لا يصبرُ
و غدا الصداع محالفاً و ملازماً ما أفاد من ألم الصداع الأسبرو
سكن الجنون برأسنا و بعقلنا لن يستطع علاج عقلنا بعشرُ(15)
لكن سائقها مضى في سيره يمشي الهوينا في الدروب و يعبر
و مضى يسير على طريق موحش متحاشياً كل الكباري(16) و يحذر
و اليوم جئنا نشتكي من علة من يا ترى يصف الدواء و يأمر ؟
و اليوم جئنا هاربين بجلدنا نضع القصيد نسوقه و ُنعبِّرُ
يا مرشد السفن العظيم بصبرنا طال الزمان وعيننا لا تبصرُ
جئنا لنشحد نفحة مالية تكفي ( كمالاً ) إنه متشبِّرُ(17)
و غداً نخاف أن نراه دائماً متشعلقاً بالباص و هو ُمغبّرُ
فأمنحه شيكاً كي يعيد شبابها أو يشتري أخرى يتيهُ و يفخرُ


معاني الكلمات :
1. مهترئ .
2. تطلق صوت الإطار الذي تناقص هوائه كثيراً .
3. صوت الذرة الشامية عند شوائها على النار .
4. الذرة الشامية .
5. طناجر الطبخ بالضغط .
6. المثقوب .
7. أخرق .
8. ليدفعوا السيارة .
9. تذمرّوا .
10. غيّروا رأيهم ، و تستخدم عادة للتعبير عن حالات الجُبن .
11. الكويل ( coil ) ، الملف في ماكينة السيارة .
12. صوت السماعة المهترئة من كثرة الاستخدام .
13. ينسكب منهمراً .
14. Radiator ، مبّرد السيارة المائي .
15. أشهر طبيب نفسي سوداني في القرن العشرين .
16. الجسور .
17. الطموح الزائد إلى الحياة المرفهة .

د. جمال مرسي
24/02/2007, 11:15 AM
أضحك الله سنك أخي معتصم
انها قصيدة مضحكة بالفعل و أفضل تسمية لها هو ما قلت من الشعر الحلمنتيشي
و لكني أعرف أن الحلمنتيشي يكون في العامية فقط فكيف غزا الفصيح أيضا
ليتك تعيد نشرها في ديوانية بيت الجود
شكرا لك

ايمان حمد
24/02/2007, 12:12 PM
اضحك الله سنك يا اخى الخطير معتصم

والله موت من الضحك واولادى ماتوا من الضحك
بل جلسوا يتغنون بها

انت اسنان موهوب
طريقتك فى الحوار وخفة دمك وذكاؤك وفصاحتك تجعل لك حضورا متميز ا بيننا
بارك الله بك اينما كنت وأسعد ايامك لتصفى البهجة على من حولك

تقديرى :good:

معتصم الحارث الضوّي
24/02/2007, 07:08 PM
الأخ الشاعر المرهف د. جمال مرسي
أنار مرورك الصفحة يا سيدي .. الحلمنتيشي عندنا يأتي بجميع الدرجات اللغوية من المفرط في العامية إلى الفصحى الفصيحة .
اقتراحك رائع و سأنقل القصيدة و لكن لا أعرف كيف أنقلها بحيث تظهر الأبيات مشطّرة كما عندي في الحاسوب .. أحتاج مساعدة أحد علماء واتا التقنيين .

عاطر تحيتي و خالص تقديري

معتصم الحارث الضوّي
24/02/2007, 07:12 PM
الأخت و الزميلة الكريمة إيمان
أضحك الله أيامك أنت و الأمامير أبنائك .. سعيد أنا للغاية لأن هذه القصيدة رسمت بسمة على شفاهكم . أما مقطعي المفضل في القصيدة فهو التالي :
تاللهِ لو علم الذين أتوا به و لمثله جعلوا المصانع تهدرُ
لأتوا إلى السودان لاسترداده و لمثلنا ما أنتجوا أو صدّروا

حفظكم الله و رعاكم

ايمان حمد
24/02/2007, 07:14 PM
تاللهِ لو علم الذين أتوا به و لمثله جعلوا المصانع تهدرُ
لأتوا إلى السودان لاسترداده و لمثلنا ما أنتجوا أو صدّروا

صدق الشاعر

واقترح لك ان تترجم لنا هذه الأبيات من الحكمة

سلامى :hi:

معتصم الحارث الضوّي
24/02/2007, 07:21 PM
موافق من حيث المبدأ .. و لكن أحّول الموضوع إلى علماء الترجمة الأدبية الذين تزدان بهم صفحات واتا فهم أفضل من يؤدي هذه المهمة .

فائق تقديري و شكري لمرورك الكريم

هشام السيد
24/02/2007, 07:22 PM
:laugh: :laugh: :laugh:
أخي الحبيب معتصم
بارك الله فيك أن أدخلت علينا هذه البهجة
ما أحوجنا في هذه الأيام الحالكة
عندما رآني أصدقائي في الشركة وأنا أضحك
جاؤوا جميعاً وشاركوني الضحك على هذه القصيدة الطريفة
شكراً لك من الأعماق

معتصم الحارث الضوّي
24/02/2007, 07:23 PM
و للأسف الشديد أنه لو وضعنا اسم أي دولة عربية أخرى لما اختل المعنى إطلاقاً .

هشام السيد
24/02/2007, 07:31 PM
و للأسف الشديد أنه لو وضعنا اسم أي دولة عربية أخرى لما اختل المعنى إطلاقاً .
أقترح أن نضع ( الأمة العربية ) بدلاً من كلمة السودان
وأيضاً لن يختل المعنى كما تفضلت

معتصم الحارث الضوّي
24/02/2007, 07:38 PM
أخي الحبيب هشام
شكرا على المشاركة الرائعة .. بالمناسبة الملف يحتوي على فيروس .. و لكن الله ستر حيث قام مضاد الفيروسات بحذفه تلقائياً .

عاطر تحيتي و تقديري

هشام السيد
24/02/2007, 08:13 PM
أخي الحبيب هشام
شكرا على المشاركة الرائعة .. بالمناسبة الملف يحتوي على فيروس .. و لكن الله ستر حيث قام مضاد الفيروسات بحذفه تلقائياً .

عاطر تحيتي و تقديري
تم حذف الرابط يا عزيزي
وأشكرك على التنبيه

نصرالدين الجعلي
25/02/2007, 07:59 PM
اخى الفاضل / معتصم
اشكر لك هذه النفحة السودانية
ولك مني خالص التقدير

معتصم الحارث الضوّي
26/02/2007, 01:33 AM
الأخ الكريم نصر الدين
شكرا جزيلا للمرور .. و حبابك ألف .

تحيتي و تقديري

سامي خمو
26/02/2007, 07:03 AM
الأخ العزيز معتصم،

هذه السيارة ذكرتني بسيارتي الأولى وأثارت في قلبي الحنين إليها!

كدت استلقي على قفاي من الضحك!

القصيدة مفهومة جداً وكأنها مكتوبة بالعامية العراقية..

بارك الله فيك وأدخل البهجة في قلبك!

كلمة واحدة لم افهمها وهي "ولساتك". فما المقصود بها في البيت التالي:

و لساتكٌ كنعال جلدٍ أسود و ُمنعْلَتٍ(1) تطأ الثرى و ُتطرطِرُ

(2)

مع بالغ التقدير والاحترام،

سامي خمو

معتصم الحارث الضوّي
26/02/2007, 07:40 PM
الأخ العزيز سامي
تحية عطرة و إعزازا .. و شكرا جزيلا لمرورك الكريم . لساتِك هي جمع لِستِك و هو إطار أو دولاب السيارة . و أعتذر لعدم إيرادي سهواً تفسيراً لهذه الكلمة المفرطة في العامية .

أدام الله عليك السعادة و الهناء و راحة البال .. آمين

فائق احترامي و تقديري
ما بعد الختام : يا ريت تنشر لنا قصائد من الدارمي لو سمحت ( مع الترجمة طبعا ) :)

غالب ياسين
27/02/2007, 01:21 PM
اخي وسيدي الفاضل ( المبدع ) الاستاذ معتصم
قصيده رائعه ولك كل التحيه والتقدير
كلمات ادخلت البهجه على قلوبنا:fl: :vg:

عمرو عبدالرؤوف
27/02/2007, 01:32 PM
الاستاذ معتصم

رائع انت هنا :vg:

حال تلك العربة يذكرنى بحال الامة كلها

وذكرتنى ايضا عن موضوع كنت قد كتبته يشبه بعض الشىء ما كتبت ولكن بالعامية عن حال العربية والامة العربية :)

سعيد جدا بكتابتك وفى انتظار المزيد :good:

محبتى وتقديرى

معتصم الحارث الضوّي
27/02/2007, 04:47 PM
أستاذي الفاضل غالب ياسين
دوّار عمدة واتا
أتشرف بمرورك الكريم .. و على موعد في " ترجم كلمة " من المزيد من الألغاز .

تحيتي و تقديري

معتصم الحارث الضوّي
27/02/2007, 04:49 PM
أخي العزيز عمرو
سعدت بمرورك الكريم و أنا شغوف بالإطلاع على ما كتبته عن حال الأمة العربية .. أرجو النشر عاجلاً لو سمحت .

إعزازي لك و مودتي

محمود الحيمي
27/02/2007, 07:11 PM
أخي الأستاذ معتصم
"القصيدة حلوه شديد وراجين التانية"
لقد طال جهازي المسكين فيروس ملف الأخ العزيز الأستاذ هشام ، أسعد الله مساءه بكل خير ، وجعله يهذي و"يطرطر" كالعربة المذكورة ولكن تعافينا الآن والحمد لله. فهذا سبب تأخر تعليقي على القصيدة الحلمنتيشية. وبالمناسبة هل لديك شيء من هيئة حلمنتيش السودانية؟ أعرف ان لديهم العشرات من هذه القصائد الرائعة فليتك تتحفنا بشيء منها.
لك مودتي

هشام السيد
27/02/2007, 11:42 PM
لقد طال جهازي المسكين فيروس ملف الأخ العزيز الأستاذ هشام ، أسعد الله مساءه بكل خير ، وجعله يهذي و"يطرطر" كالعربة المذكورة
الأستاذ الفاضل محمود الحيمي
عاطر التحية وأرق التحيات
وأضحك الله سنك :laugh:
لقد مضى على اكتشاف الفيروس والتعامل معه أيام وأيام :)
وبالمناسبة هذا الفيروس جاءني من موقع واتا نفسه ، ولم يصب جهازي أنا فقط بل أصاب العشرات ممن لم تحدث بيني وبينهم أية إتصالات أو ردود.
تمنياتي بالشفاء العاجل لجهازك حتى يكف عن الهذيان والطرطرة ، وياريت تغير له اللساتك علشان يقدر يمشي كويس . :)
تحياتي لشخصك الكريم

محمود الحيمي
28/02/2007, 01:48 AM
سيدي الأستاذ هشام ،
أشكرك على رسالتك الرقيقة.
حمانا الله وإياكم شر الفيروسات . وبيني وبينك "انا اللي محتاج أغير لساتك ، مش الكمبيوتر"
أسعد الله اوقاتك يا عزيزي بكل خير
مع تحياتي :fl:

معتصم الحارث الضوّي
19/09/2008, 01:54 AM
أخي الغالي محمود الحيمي
أتمنى صادقا أن يكون رمضان قد عالج مشكلة "اللساتك".

فائق تقديري وإعزازي

محمود الحيمي
19/09/2008, 09:49 AM
أخي الغالي محمود الحيمي
أتمنى صادقا أن يكون رمضان قد عالج مشكلة "اللساتك".

فائق تقديري وإعزازي

سيدي معتصم
كل سنة وانت طيب
الحمد لله فقد تطورنا واللساتك الآن "radial" بفضل رمضان. تقبل الله منا ومنكم.
ها قد مر أكثر من عام ولم تنشر لنا أية قصيدة حلمنتيشية. ليتك تتحفنا بشيء يسير.

لك كل محبتي وودي