المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لون العشب يصبغه الخلال



منـصور العســيري
07/02/2010, 01:09 AM
شروق الشمس حاكمة الليالي = وومض النجم بادرةُ اهتبالِ
بزمِّ طليقةٍ تخطو بدربٍ = تَدَفَّقَها بهِ نهجِ اختيالِ
ولم أجهد لبغيتها ولكنْ = جديلةُ عاذلٍ خطرتْ ببالِي
أروِّضها لتبقى بين رحلي = أحمِّلها إذا ما رمتُ غالي
لأجعل نصبَ نابلةٍ رحاها = وظهر حطيمها يفري نصالي
وجربتُ الرمايةَ إذ برمحي = يصيبُ بعتمةٍ قلبَ الغزالِ
فخضتُ البحرَ معتلياً سفيناً = يدشِّنُها الردى رهنُ احتمالي
مَقَلتُ بِهِ الكرومَ مسدَّلاتٌ = بكفِّهِ والمدى حرزُ المعالي
وما كنتُ الذي قدْ حازَ ذُخراً = ليمخرُ بحرَها في كلِّ جالِ
أهادنُ بحَّةَ النحرِ المسجى = بقاب القوس ما عهد النبال
إلى أن يجتلي في الحدو لحناً = يصاولُ دونَه عندَ النِّزالِ
فجردت الهوى سرجاً لخيلي = وقدت بداهتي رهنُ ارتجال
زرعتُ حبيبةً في الغيمِ نصباً = تناءى في المحبةِ عن وِصالِ
أخايل فقده في رتمِ لحني = شحوبَ الضوءِ في نحرِ الزوالِ
ودأب الحدو في الأسمار وجدٌ = لذاتِ الدلِّ في نهج الليالي
يعبُّ هديرُهُ أمواجَ بحرٍ = تدرُّ بِهِا القفارُ بجفنِ سالي
فأوردني الهوى لضفاف نبعٍ = جليُّ الطهرِ فياضُ الزُلالِ
نقاء الماءِ يكسوَهُ سناءاً = ولونُ العشبِ يُصبِغُهُ الخلالِ
رحيقُ الزَّهرِ نهلٌ بين ثغرٍ = نديُّ الكُمِّ فواحُ النفالِ
فحاز خبيئتي ومدارُ حرفي = وقافيتي وتوريةُ السّجالِ
تمادى في ذرا قلبي هواهُ = إلى أن جدَّ في الوعثاءِ حالي
فتستبقُ المدادَ بنبضِ حرفي = على عينيهِ ألغامُ انفعالِي
فيكمنُ بين شدوِ البوحِ جفنٌ = يدسُّ صبابةً بين احتفالِي
تنادله على الأوتارِ وجداً = يمورُ من الجوى رتمَ اشتعالِي
وتغرسُ غربةً بفناءِ لحني = فتأسر رتم أغنيتي حبالي
كأن القلبُ راقَ لهُ مداراً = به وصلُ الأحبةِ في المنال
فينهج تارةً لشروقِ شمسٍ = وينهجُ تارةً لغروب فالِ
كصبٍ حينَ يرحل عن صروفٍ = فتستخلي الصبابةُ بالمُخالي
ولكن الهوى عرافُ دربٍ = وضابطُ مهجةٍ قيدَ احتلالِ
يؤصِّلُ أنَّ دارَ الخلِّ قدسٌ = تَنَحِّيْهِ الذرى ضربُ المحالِ
فعرفُ الحبِّ قوَّامٌ كنهجٍ = وإخلال الهوى محضُ اختلالِ
وكنتُ تركتُني برحالِ طيفٍ = يداخلنيهِ وجداً كانشغالي
لأمسكُ فيضه وحياً لفجرٍ = وأترك في الندى وحيَ ارتحالِ
فإصرُ الدهرِ قد أملى فراغي = إلى حيث استواءاتِ المقالِ
رصدتُ النوء بين كتاب ليلي = وإذ بمداره في الأفق خالِ
أيأفل نجم من أَشَّارُ شهداً = على كفيهِ من زجلِ الجزالِ
فهمسُ ندائِه يمتار وقتي = يسايرني على مجرى خيالي
فبتُ مقيداً بهوى ظنوني = ومصلوباً على حدِّ انعزالي
فقد ينساهُ من سيحلُّ جسمي = فيهجرُ طيفَهُ طيفُ انتحالي
فهل يوماً أرى فيهِ انبجاساً = لرقراقِ الهوى ثرَّ النهالِ
ومن بإطارِ شرفتِه ملاكُ = أيا من لاستجابتهِ ابتهالي
لأَنثرَ بينَ قافيتي نجوماً = تُلألئُ حولَ ناصيتَي هلالِ
وأجعل فيضه ينبوع لحني = وأنصبه ببوصلتي شَمَالِي