المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لستُ أرثیكَ:رائعة أمير الشعر عبدالرزاق عبد الواحد



كاظم عبد الحسين عباس
07/02/2010, 09:39 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

لستُ أرثیكَ

شبكة البصرة

رائعة أمير الشعر عبدالرزاق عبد الواحد

كنتُ أرنو إلیك یومَ التَّجَلِّي لَستُ أرثیكَ.. لا یَجوزُ الرِّثاءُ

كیفَ یُرثى الجَلالُ والكِبریاءُ؟

لَستُ أرثیكَ یا كبیرَ المَعالي ھكذ ا وَقْفَة المَعالي تَشاءُ

ھكذ ا تَصعَدُ البُطولَة لِلَّه وَفیھا مِن مَجْد هِ لأ لا ءُ

ھكذ ا في مَد ارِهِ یَستَقِرُّ النَجْمُ تَرتَجُّ حَولَه الأرجاءُ

وھوَ یَعلو..تَبقى المَحاجِرُ غَرقى في سَناهُ وَكُلُّھا أنْداءُ

لَستُ أرثیك..كیفَ یُرثى جنوحُ الروح لِلخُلْدِ وَھيَ ضَوءٌ وَماءُ

لا اختِلاجٌ بِھا، وَلا كَدَرٌ فیھا رَ ؤ ومٌ.. نَقیَّة.. عَصماءُ

ضَخْمَة..فَرْط كِبْرِھا وَتُقاھا يستَوي المَوتُ عندَھا والبَقاءُ

*

كنتُ أرنُو إلیكَ یومَ التَّجَلِّي كنتَ شَمسا تُحیطُھا ظَلماءُ

أ سَدا كنتَ طَوَقَت قُرودا وأمیرا حَفَّتْ بِه دَھماءُ

وَھوَ كالفَجرِ مُسْفِرُ الوَجه، صَلْتٌ بَینَما الكُلُّ أوجُه سَوداءُ

ھكذ ا وَقفَة المَعالي تَشاءُ كیفَ أبكیكَ؟.. لآ یَلیقُ البُكاءُ

أفَتُبْكى وأنتَ نَجم تَلالا؟ كیفَ یُبكى إذا استَقامَ الضِّیاءُ؟

أفَتُبْكى وأنت تَشھَقُ رَمزا حَدَّ أنْ أشفَقَتْ عَلَیكَ السَّماءًُ

فَرْط ما كُنتَ تَدفَعُ الموتَ لِلأرض وَتَرقى..یَفیضُ منكَ البَھاءُ؟

4

لَستُ أبكي عَلیكَ یا ألَقَ الدُّنیا أتُبكى في مَجدِھا العَلیاءُ؟

أنا أبكي العراق.. أبكي بِلادي كیفَ في لَحظَة طَواھا الوَباءُ؟

كیفَ في لَحظَة یُطأطِىءُ ذاكَ المَجدُ ھاماتِه، وَیَھوي الإباءُ؟

بَینَ یَوم وَلَیلَة یا بِلادي یَتَداعى لِلأرض ذاكَ البِناءُ؟

بَینَ یَوم وَلَیلَةٍ تَتَلاشَى فیكِ تِلكَ الوجوهُ والأسماءُ؟

كلُّ ذاكَ التَّاریخ..بابلُ..آشورُأرید و.. وأور.. والوَركاءُ

كُلُّھا بَینَ لَیلَةٍ وَضُحاھا وَطِئَتْ فَوقَ ھامِھا الأعد اءُ؟

..وَ إ ذ نْ أيُّ حُرمَة لِلَّذي یأتي؟وَماذ ا أبقى لَدَ ینا الفَناءُ؟

ذِمَّة؟؟.. أيُّ ذِمَّة یا بِلادي بَقیَتْ فیكِ لم تَطأھا الدِّماءُ؟

أيُّ نَفس ما أ زھِقَتْ؟..أيُّ عِرض لَم یَلِغ في عَفافِھ الأدنیاءُ؟

أيُّ نَكراءَ لَم تُمارَسْ إلى أنْ نَسيَ النَّاسُ أنَّھا نَكراءُ؟

ھكذ ا؟.. بَعدَ كُلِّ ذاكَ التَّعالي؟بَعدَ عَینَیكَ..ھكذا النَّاسُ ساءُوا؟

2

أم ھيَ الحِكمَة العَظیمَة شاءَتْ ِبِلادي أنْ یَحتَویھا البَلاءُ

لِیَرى أھلُھا إ لى أ يِّ ذ لٍّ بَعدَ ذاكَ الزَّھْو العَظیم أفاءُوا؟

لِیَرَوا كَیفَ لَحمُھُم یَتَعاوَى حَولَھ الأقرِباءُ والغُرَباءُ

فَإذا الأبعَدون مَحْضَ أكُفٍّ والسَّكاكینُ كُلُّھا أقرِباءُ

*

أیُّھا الھائِلُ الذي كانَ سَدَّ ا في وجوه الغُزاة مِن حَیثُ جاءُوا

كانَ مَحْضُ اسمِھِ إذا ذ كَرُوهُ تَتَعَرَّى مِن زَیْفِھا الأشیاءُ

وَیَكادُ المُریبُ، لَولا التَّوَقِّي وَیَكادُ المُنیبُ، لَولا الرَّجاءُ

كُنتَ رَمز ا لِفارِس عَرَبيٍّ حَلَمَتْ عُمرَھا بِھ الأبناءُ

كُلُّ بَیتٍ مِن العُروبَةِ فیه مِنكَ سِتْرٌ، وَشَمعَة، وَغِطاءُ

فَتَلاقَتْ عَلَیھِ أبوابُ أھلي لا وِقاءا.. فَأینَ منھا الوِقاءُ؟

أغلَقُوھا عَلَیكَ دَھرا وَ لَمَّا فَتَحُوھا اقشَعَرَّ حتى الھَواءُ

سالَ غابٌ مِن الدَّبى والثَّعابین لِبغداد ضاقَ عنھ الفَضاءُ

لم تَدَعْ شاخِصا على الأرض إلاَلدَغَتْه، حتى الصُّوى الصَّمَّاءُ

ثمَّ ھِیضَتْ بِنا مَلاسِعُھا السُّودُ بِما ھاجَ حِقدَھا الأ جَراءُ



كُلُّ د ار في عُقْرِھا الآنَ أفعى كُلُّ طِفل في مَھدِهِ عَقرَباءُ

وانزَوى أھلُنا كأنْ لم یَرَوھا أھلُنا طولَ عُمرھِم أبریاءُ

ھكذاھكذا المُروءاتُ تَقضي ھكذا ھكذا یَكونُ الوَفاءُ

أنْ تَعَضَّ الیَدَ التي دَفَعَتْ عَنكَ فَفي قَطْعِھا یَزولُ الحَیاءُ

وَغَدا حین تَلتَقي أعیُنُ النَاس فَكَفٌّ كأ ختِھا بَتراءُ

لا..وحاشا العراق..لَستَ عِراقا لَو تَمادى عَلَیكَ ھذا الوَباءُ

لَستَ أرضَ الثوّار لو ظلَّ فینا فَضْلُ عِرق لم تَجْر منھُ الدِماءُ

أنَّه مَرَّ بالتُرابِ ولَم یَسمَعْ وَقَد ضَجَّ في التُّرابِ النِّداءُ

فَسَلامٌ علیكِ أرضَ الشَّھادات تَتالى في أرضِكِ الشُّھَداءُ

وَسَلامٌ عَلَیكَ یا آخِرَ الرّایاتِ ما نالَ مِن سَناكَ العَفاءُ؟

لا، وحاشاكَ..أنتَ سَیفٌ سَیَبقى وَلَه، وَھوَ في الخلودِ، مَضاءُ

ھَیْبة وَھوَ مُغمَدٌ، فإذ ا ما سُلَّ یَجري مِن شَفرَتَیه الضِیاءُ

ھكذ ا أنتَ غائِبا.. فإذ ا ما قِیلَ مَیْتا، فَلْتَخْجَل الأحیاءُ

رُبَّ مَوتٍ عِدْ لَ الحیاةِ جَمیعا ھكذا جَدُّ كَ الحُسَینُ یُراءُ

لا تُرَعْ سَیِّدي، وَحاشاكَ، أنتَ الجَبَلُ ال لا تَھُزُّه الأنواءُ

نَحنُ نَبقى بَنیكَ.. مازالَ فینا مِنكَ ذاكَ الشُّموخُ والكِبریاءُ

لَم یَزَلْ في عِراقِنا منكَ زَھْوٌ تَتَّقیه الزَّعازِعُ النَّكباءُ

فیه قَومٌ لَو أطبَقَ الكَونُ لَیْلا أوقَدُوا كَوكَبَ الدِّماءِ وَضاءُوا

أنتَ أدرى بِھِم فَھُم مِنكَ عَزمٌ وإباءٌ، وَنَخْوَة شَمَّاءُ

وَدِماھُم..لَو أ طفِئَتْ غُرَّة الشَّمس قَنادیلُ ما لَھُنَّ انطِفاءُ

جَرَیانَ النَّھرَین تَجري لِتَسقي فَلْتَسَلْ زَھْوَ أرضِھا كَربَلاءُ

لا تُرَعْ سَیِّدي، وَنَمْ ھاديءَ البال قَریرَ العیون.. فالأنباءُ

سَوفَ تَأتیكَ ذاتَ یَوم بِأنَّ الأرضَ دارَتْ، وَضَجَّ فیھا الضِّیاءُ*

شبكة البصرة

السبت 21 صفر 1431 / 6 شباط 2010

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس

أديب القصراوي
07/02/2010, 10:14 PM
أخي الدكتور كاظم المحترم

أشكرك حزيلا على ايراد هذه القصيدة ، انها حقا مرثية دامعة رهيفة تليق بالشهيد. انها ملحمة بين أمهات الشعر العربي قديما وحديثا من شاعر عتيق ضليع في الحرف والكلمة.

شاعرها الاستاذ عبدالرزاق عبدالواحد هذا الهرم الشعري المتواضع الجم الادب والنفس والوطني الشجاع.

قصيدة تبكي الحجر وتنزع القلب من الصدر في بهائها وكلماتها ونظمها الرائع. ومن يستحقها غير الشهداء وسيدهم صدام حسين الذي يستحق كل ما تجود به قرائح الشعراء والكتاب من بيان راق.
قرأتها كلها واحتفظت بها للزمن والأجيال.