المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص قصيرة جدا: المرآة.



مصطفى لغتيري
12/10/2006, 12:57 PM
المرآة
حين تطلعت إلى المرآة، لتتأمل وجهك فيها، أذهلك فراغها.
مرتبكا تقهقرت إلى الوراء، فركت عينيك جيدا.
من جديد، حملقت في صفحتها الصقيلة. بصلف تمدد الخواء أمامك. بعد هنيهة، تبينت حقيقة الأمر: المرآة كانت تتأمل وجهها فيك.

الصومعة
من شقته في الطابق العلوي للعمارة، تطلع إلى الصومعة.
للحظات تأمل شكلها، ثم عاد بنظره إلى داخل الغرفة.
اصطدمت عيناه بصورة " فرويد " تزين غلاف كتاب.
من موقعها في الرف، كانت تشرف على الصومعة، تتأملها بما يشبه الاستغراق.
لفترة من الزمن، شرد ذهنه، ثم شقت ابتسامة طريقها نحو شفتيه.


مترادفات


أمامي على المنضدة،تتمدد شبكة كلمات متقاطعة.. منهمكا كنت في محاولة إنهائها ..
في الأعلى كأس تشرب..حرف الحاء في الخانة الأولى.. الألف منتصبة في الخانة الثالثة..فقط أحتاج حرفين..فجأة لمعت في ذهني لفظة حمام أي الموت ..كتبتها.
في الوسط ..نهاية لا مفر منها..معرف..في الخانة الرابعة حرف الدال..لم أجد صعوبة في العثور على الكلمة..الردى..أي الموت..كتبتها.
في الأسفل..مرتبط باللحد..الحرف الأخير التاء..لم أفكر في شيء..فقط كتبتها..الموت..لحظتئذ تسلل بعض الضجر إلى نفسي.. فقدت الرغبة في إنهاء هذه اللعبة التافهة..
وضعت القلم..شرد ذهني قليلا..حين عدت ببصري إلى المنضدة .. اختفت الشبكة .

المصدر: مظلة في قبر- قصص قصيرة جدا - منشورات القلم المغربي- ط الأولى 2006.

حسام الدين نوالي
30/07/2007, 11:14 PM
المبدع مصطفى الغتيري
نص المرآة هو نص الالتباس، ونص النفي،.. هناك مساحة معتمة من الرؤية تلتبس فيها علاقة الفرد بالمرآة، المرآة التي هي المعادل الرمزي للذات من جهة والمعادل الوجودي للغير من جهة أخرى، باعتبار أنها ليست جزء كمن ذات البطل المخاطَب.
فرد مقابل المرآة.. لا ندري في نهاية المطاف من ينظر إلى من ومن يعكس من؟؟؟
هي أشبه بحكاية ذاك الحكيم الذي حلم بفراشة وحين اسيقظ لم يعرف أهو نفسه الذي حلم أم هو فراشة حلمت بحكيم..
ونص المرآة، هو أيضا نص لانتفاء "المركز"، الذات لم تعد مرجعا وجوديا أوجغرافيا، وهي النظرة نفسها التي ارتكز إليها تصور فلسفة الاختلاف وقبلها الفكر الصوفي الذي اعتمد "الهاء" أول الحروف وآخرها "الواو" وبينهما سيرة من نفي الذات ومن ثمة نفي المركز.
من جهة أخرى..
إن إحدى الحكم الانسانية تدعو إلى اعتبار الجميع مرايا الذات، وبالمقابل ستغدو الذات مرآة للجميع..
هذا شيء من خطاب النص.
وعلى مستوى الشكل فإن اختيار ضمير المخاطب- الذي اشتهر باستعماله في الغرب "ميشال بيطور، وربما كان أول من استعمله هو "بالزاك" في "le lys dans la vallée" - أقول إن هذا الضمير وإن كان يمنح تنويعا في زاوية النظر والرؤية والالتقاط فإنه يشبه ضمير الغائب من حيث الاشتغال عبر "السرد من وراء"، وهي تقنية تجعل الكاتب أعلم بالضرورة بشخصياته، بل إنه في حال المخاطب قد تغدو أقرب إلى الإخبار بما سيقع، وهي مسيرة نحو الحتمية التي لا مفر للإنسانية والحضارات منها من أجل تعايش أجمل، هي "نفي المركز"..
ويا مصطفى أسعدني هذا النص كثيرا.
مودتي

فيصل الزوايدي
04/08/2007, 02:35 AM
أأخ مصطفى لغتيري أكتفي بقصة المرآة لانها رائعة فعلا .. اختيار الفكرة كان موفقا الى ابعد الحدود .. الخواء و الفراغ و اللامعنى الذي يستبد بنا ..
مع المودة

ابراهيم درغوثي
23/10/2007, 12:17 AM
بين المرآة التي تتأمل وجهها فينا
و ابتسامة " فرويد" من طول الصومعه
و المنضدة التي تسرق منا كلماتنا المتقاطعة
تمر الحياة بخيرها وشرها من ثقي عقدنا :
النفسية و الاجتماعية والسياسية

محمد أسليم
23/10/2007, 07:03 PM
أخي العزيز المبدع مصطفى لغتيري،
كم راقني قي قصتين هتين توظيفك الذكي لبعض معطيات التحليل النفسي؛ ثمة مرحلة من مراحل تطور الشخصية عند لاكان يسميها : «مرحلة المرآة»، يجتازها الطفل في سن 7 إلى 8 أشهر، حيث يشاهد لأول مرة صورته، ويدرك استقلاله، وهو الذي ظل ما قبل هذه التاريخ يعيش شبه التحام مع الأم؛ وبكلام الأم يتحقق هذا الاستقلال للطفل، حيث تكون بجانبه أو وراءه وهو بصدد رؤية جسده في المرآة، وتقول له: هذا أنت، أي لستَ أنا ولا الآخرين. لقد خص جاك لاكان هذه المرحلة بمقالة هامة سنة 1949 تحت عنوان «مرحلة المرآة باعتبارها مكوِّنة لوظيفة الأنا على نحو ما يكشفه لنا التحليل النفسي». ومعلوم أن العديد من المرضى العقليين والنفسيين لا يشكلون موضوعات لخطاباتهم الخاصة.

تأتي قصة مصطفى لغتيري وتقول: «نحن لا نرى في المرآة أي شيء، بل لسنا الذين ننظر المرآة وإنما هي التي تنظرنا». كيف ذلك؟ ما معناه؟ أكتفي بطرح السؤال الذي لا يمكن الإجابة عنه في بضعة أسطر، لكني أسجل في الآن ذاته هذا القلب للوظيفة نفسها في قصته القصيرة الأخرى الموسومة بـ: الخـــلاص، حيث تنقلب وظيفة الصيد من طلقة رصاص على الطائرة إلى إطلاق الصياد الرصاص على نفسه. هل يتعلق الأمر بخط في الكتابة يقوم على قلب وظائف الأشياء؟ ما معنى هذا القلب؟ ما خلفية رؤية العالم وتصور وظيفة الكتابة اللذين يسندان نصوص لغتيري؟ أمامنا الوقت كله لمعرفة ذلك عبر مساهماته المقبلة.

في ما يخص الصومعة، رمزيتها في التحليل النفسي معروفة، هي ترمز للقضيب، وقد مررت الأقصوصة الفكرة بهدنة هذه المرة.

لم أذكر أخي العزيز اسم ذلك الرسام التطواني الشهير الذي خص الصومعة بلوحة أو أكثر، لازلتُ أذكر جيدا إحداها، حيث أينما وضعتَ عينك في اللوحة تسقط على صومعة، أكثر من ذلك هو لم يرسم صومعاته واقفة، بل جعلها بهيأة ثعابين، نعم ثعابين برؤوس وعيون، حيث منها ما هو منحني ومنها ما يزحف، ومنها ما يسير ملتويا.

دمت مبدعا جميلا
محبتي