المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العولمة : الأخطار وكيفية المواجهة/د.غازي التوبة



نبيل الجلبي
13/02/2010, 07:28 PM
العولمة : الأخطار وكيفية المواجهة

د.غازي التوبة

لقد أصبح مصطلح العولمة متداولاً منذ بداية التسعينات ، وأصبح علماً على الفترة الجديدة التي بدأت بتدمير جدار برلين عام 1989م وسقوط الاتحاد السوفييتي وتفككه ، وانتهت بتغلّب النظام الرأسمالي على النظام الشيوعي ، والعولمة ككل ظاهرة إنسانية لها أبعاد متعددة ، وسنتناول ثلاثة من أبعادها الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية ثم سنتحدث عن بعض أخطارها .
1- البعد الاقتصادي : ويتجلى في تعميم الرأسمالية على كل المجتمعات الأخرى ، فأصبحت قيم السوق ، والتجارة الحرة ، والانفتاح الاقتصادي ، والتبادل التجاري ، وانتقال السلع ورؤوس الأموال ، وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات هي القيم الرائجة ، وتفرض أمريكا الرأسمالية على المجتمعات الأخرى عن طريق مؤسسات البنك الدولي ، ومؤسسة النقد الدولي ، وغيرها من المؤسسات العالمية التابعة للأمم المتحدة ، وعن طريق الاتفاقات العالمية التي تقرها تلك المؤسسات كاتفاقية الجات وغيرها .
2- البعد السياسي : ويتجلى في انفراد أمريكا بقيادة العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وتفكيك منظومته الدولية ، ومن الجدير بالملاحظة أنه لم تبلغ إمبراطورية في التاريخ بقوّة أمريكا العسكرية والاقتصادية ، مما يجعل هذا التفرد خطيراً على الآخرين في كل المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية إلخ…
3- البعد التكنولوجي : مرّت البشرية بعدّة ثورات علمية منها ثورة البخار والكهرباء والذرّة وكان آخرها الثورة العلمية والتكنولوجية والخاصة بالتطورات المدهشة في عالم الكمبيوتر ، وتوصل الكمبيوتر الحالي إلى إجراء أكثر من ملياري عملية مختلفة في الثانية الواحدة وهو الأمر الذي كان يستغرق ألف عام لإجرائه في السابق ، أما المجال الآخر من هذه الثورة فهو التطورات المثيرة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي تتيح للأفراد والدول والمجتمعات للارتباط بعدد لا يحصى من الوسائل التي تتراوح بين الكبلات الضوئية والفاكسات ومحطات الإذاعة والقنوات التلفزيونية الأرضية والفضائية التي تبث برامجها المختلفة عبر حوالي 2000 مركبة فضائية ، بالإضافة إلى أجهزة الكمبيوتر والبريد الألكتروني وشبكات الإنترنت التي تربط العالم بتكاليف أقل وبوضوح أكثر على مدار الساعة ، لقد تحولت تكنولوجيا المعلومات إلى أهم مصدر من مصادر الثروة أو قوة من القوى الاجتماعية والسياسية والثقافية الكاسحة في عالم اليوم .
ما هي أخطار العولمة ؟
1- الخطر الأول: الفقر والتهميش:
ستؤدي العولمة إلى تشغيل خمس المجتمع وستستغني عن الأربع الأخماس الآخرين نتيجة التقنيات الجديدة المرتبطة بالكمبيوتر فخمس قوة العمل كافية لإنتاج جميع السلع ، وسيدفع ذلك بأربعة أخماس المجتمع إلى حافة الفقر والجوع ، ومن مخاطر العولمة أيضاً قضاؤها على حلم مجتمع الرفاه ، وقضاؤها على الطبقة الوسطى التي هي الأصل في إحداث الاستقرار الاجتماعي ، وفي إحداث النهضة والتطور الاجتماعي ، ومن مخاطرها أيضاً دفعها بفئات اجتماعية متعددة إلى حافة الفقر والتهميش ، وتشير الأرقام إلى أن 358 مليارديراً في العالم يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه 2.5 مليار من سكان العالم. وأن هناك 20% من دول العالم تستحوذ على 85% من الناتج العالمي الإجمالي ، وعلى 84% من التجارة العالمية ، ويمتلك سكانها 85% من مجموع المدخرات العالمية . وهذا التفاوت القائم بين الدول يوازيه تفاوت آخر داخل كل دولة ، حيث تستأثر قلّة من السكان بالشطر الأعظم من الدخل الوطني والثروة القومية ، في حين تعيش أغلبية السكان على الهامش ، وسيؤدي ذلك إلى نتائج اجتماعية خطيرة ، ويمكن أن نمثل بالولايات المتحدة أبرز قلاع الرأسمالية ، فالجريمة اتخذت هناك أبعاداً بحيث صارت وباء واسع الانتشار . ففي ولاية كاليفورنيا - التي تحتل بمفردها المرتبة السابعة في قائمة القوى الاقتصادية العالمية – فاق الإنفاق على السجون المجموع الكلي لميزانية التعليم . وهناك 28 مليون مواطن أمريكي ، أي ما يزيد على عشر السكان ، قد حصّنوا أنفسهم في أبنية وأحياء سكنية محروسة . ومن هنا فليس بالأمر الغريب أن ينفق المواطنون الأمريكيون على حراسهم المسلّحين ضعف ما تنفق الدولة على الشرطة .
ونلاحظ في هذا الصدد أن ظاهرة فتح الأبواب على مصراعيها أمام التجارة الحرة باسم حرية السوق قد رافقتها نسبة مهولة من ازدياد الجريمة ، فقد ارتفع حجم المبيعات في السوق العالمية لمادة الهيرويين إلى عشرين ضعفاً خلال العقدين الماضيين ، أما المتاجرة بالكوكايين فقد ازدادت خمسين مرة .
2- الخطر الثاني : الأمركة الثقافية :
الأمركة الثقافية أخطر جوانب العولمة ، ومما يساعد على الأمركة الثقافية انفراد الولايات المتحدة بالعالم ، واعتبارها القطب الواحد الذي انتهت إليه الأوضاع السياسية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ، وسيكون لهذه الأمركة أثر كبير في تكوين أو تعديل أو إلغاء الهويات الثقافية ، ولكن أخطر ما في الأمركة نسبية الحقيقة التي تقوم عليها ، وهي التي تتصادم تصادماً مباشراً مع ثوابت الدين الإسلامي المستمدة من النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة ، لذلك نجد أن معظم الاجتهادات التي نادى بها بعض الكتّاب المعاصرين وأثارت نقاشاً حاداً تستند إلى الإيمان بنسبية الحقيقة ، وتتناول نصوصاً قطعية الثبوت قطعية الدلالة في مجالات : العقائد ، والحدود ، والميراث ، وتشريعات الأسرة : كالزواج، والطلاق إلخ… ، وبالإضافة إلى ذلك فإن كثيراً من المعارك التي دارت أخيراً هي تجسيد للصراع بين نسبية الحقيقة التي تقوم عليها العولمة وبين ثوابت ديننا الإسلامي ، ومن أبرز هذه المعارك ما ذكره نصر حامد أبو زيد عن النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة التي تتناول أموراً عقائدية : كالكرسي والعرش والميزان والصراط والملائكة والجن والشياطين والسحر والحسد إلخ… فقد اعتبرها ألفاظاً مرتبطة بواقع ثقافي معين ، ويجب أن نفهمها على ضوء واقعها الثقافي ، واعتبر أن وجودها الذهني السابق لا يعني وجودها العيني ، وقد أصبحت ذات دلالات تاريخية ، والدكتور نصر حامد أبو زيد في كل أحكامه السابقة ينطلق من أن النصوص الدينية نصوص لغوية تنتمي إلى بنية ثقافية محدودة ، تم إنتاجها طبقاً لنواميس تلك الثقافة التي تعد اللغة نظامها الدلالي المركزي ، وهو يعتمد على نظرية عالم اللغة دي سوسير في كل ما يروّج له ، وينتهي الدكتور أبو زيد إلى ضرورة إخضاع النصوص الدينية إلى المناهج اللغوية المشار إليها سابقاً.
ولا يتسع المقام الآن للرد على كل ما قاله الدكتور نصر حامد أبو زيد بالتفصيل لكن يمكن التساؤل : لماذا يعتبر الدكتور نصر حامد أبو زيد ألفاظ : الكرسي ، العرش ، الملائكة ، الجن ، الشياطين ، الحسد ، السحر ألفاظاً ذات دلالات تاريخية ؟ فهل نفى العلم بشكل قطعي وجود حقائق عينية لتلك الألفاظ حتى نُعفِي عليها ونعتبرها ألفاظاً لا حقائق لها وذات وجود ذهني فقط ؟ لم نسمع بذلك حتى الآن .
كيف نستطيع أن ندخل العولمة ونستفيد من إيجابياتها ونتجنب سلبياتها ؟
هناك خطوتان مطلوبتان وملحتان من أجل مواجهة العولمة :
الأولى : تحصين الفرد وتجنيبه التهميش وغائلة الفقر القادمة وذلك بتفعيل مؤسسات التأمين الاجتماعي والتعويضات والرعاية الاجتماعية من جهة ، والتخطيط لإحياء مؤسسات الوقف والتوسع فيها من جهة ثانية وبخاصة إذا علمنا أن امتنا ذات تجربة غنية في مجال الوقف ، فقد عرفت مؤسسات وقفية متنوعة من أمثال المدارس والجامعات والمستوصفات والمستشفيات والدور والبساتين والخانات إلخ… وساهمت تلك المؤسسات في نشر العلم والمحافظة على الصحة وإغناء المحتاجين ورعاية الحيوانات وتدعيم الاقتصاد وسد الثغرات الاجتماعية إلخ… وقد مثلت تلك الأوقاف ثلث ثروة العالم الإسلامي .
الثانية : تحصين هوية الأمة وذلك بتدعيم وحدتها الثقافية ، فالوحدة الثقافية هي المظهر الأخير الحي الفاعل الباقي من كيان أمتنا بعد التمزق السياسي والتشرذم الاقتصادي الذي تعرضت له خلال القرن الماضي ، ولا شك أن هذه الوحدة الثقافية لبنة أساسية في مواجهة العولمة ، لذلك يجب الحرص على إغنائها ، ووعي ثوابتها ، وأبرزها : أصول الدين الإسلامي وأحكامه المستمدة في النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة ، واللغة العربية التي تعتبر أداة تواصل ووسيلة تفكير وتوحيد إلخ… كذلك يجب الحرص على الابتعاد عن كل ما يخلخل هذه الوحدة الثقافية ويضعف حيويتها .

عن رابطة أدباء الشام

بونيف محمد
09/03/2010, 12:36 AM
العولمة : الأخطار وكيفية المواجهة
د.غازي التوبة
لقد أصبح مصطلح العولمة متداولاً منذ بداية التسعينات ، وأصبح علماً على الفترة الجديدة التي بدأت بتدمير جدار برلين عام 1989م وسقوط الاتحاد السوفييتي وتفككه ، وانتهت بتغلّب النظام الرأسمالي على النظام الشيوعي ، والعولمة ككل ظاهرة إنسانية لها أبعاد متعددة ، وسنتناول ثلاثة من أبعادها الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية ثم سنتحدث عن بعض أخطارها .
1- البعد الاقتصادي : ويتجلى في تعميم الرأسمالية على كل المجتمعات الأخرى ، فأصبحت قيم السوق ، والتجارة الحرة ، والانفتاح الاقتصادي ، والتبادل التجاري ، وانتقال السلع ورؤوس الأموال ، وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات هي القيم الرائجة ، وتفرض أمريكا الرأسمالية على المجتمعات الأخرى عن طريق مؤسسات البنك الدولي ، ومؤسسة النقد الدولي ، وغيرها من المؤسسات العالمية التابعة للأمم المتحدة ، وعن طريق الاتفاقات العالمية التي تقرها تلك المؤسسات كاتفاقية الجات وغيرها .
2- البعد السياسي : ويتجلى في انفراد أمريكا بقيادة العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وتفكيك منظومته الدولية ، ومن الجدير بالملاحظة أنه لم تبلغ إمبراطورية في التاريخ بقوّة أمريكا العسكرية والاقتصادية ، مما يجعل هذا التفرد خطيراً على الآخرين في كل المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية إلخ…
3- البعد التكنولوجي : مرّت البشرية بعدّة ثورات علمية منها ثورة البخار والكهرباء والذرّة وكان آخرها الثورة العلمية والتكنولوجية والخاصة بالتطورات المدهشة في عالم الكمبيوتر ، وتوصل الكمبيوتر الحالي إلى إجراء أكثر من ملياري عملية مختلفة في الثانية الواحدة وهو الأمر الذي كان يستغرق ألف عام لإجرائه في السابق ، أما المجال الآخر من هذه الثورة فهو التطورات المثيرة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي تتيح للأفراد والدول والمجتمعات للارتباط بعدد لا يحصى من الوسائل التي تتراوح بين الكبلات الضوئية والفاكسات ومحطات الإذاعة والقنوات التلفزيونية الأرضية والفضائية التي تبث برامجها المختلفة عبر حوالي 2000 مركبة فضائية ، بالإضافة إلى أجهزة الكمبيوتر والبريد الألكتروني وشبكات الإنترنت التي تربط العالم بتكاليف أقل وبوضوح أكثر على مدار الساعة ، لقد تحولت تكنولوجيا المعلومات إلى أهم مصدر من مصادر الثروة أو قوة من القوى الاجتماعية والسياسية والثقافية الكاسحة في عالم اليوم .
ما هي أخطار العولمة ؟
1- الخطر الأول: الفقر والتهميش:
ستؤدي العولمة إلى تشغيل خمس المجتمع وستستغني عن الأربع الأخماس الآخرين نتيجة التقنيات الجديدة المرتبطة بالكمبيوتر فخمس قوة العمل كافية لإنتاج جميع السلع ، وسيدفع ذلك بأربعة أخماس المجتمع إلى حافة الفقر والجوع ، ومن مخاطر العولمة أيضاً قضاؤها على حلم مجتمع الرفاه ، وقضاؤها على الطبقة الوسطى التي هي الأصل في إحداث الاستقرار الاجتماعي ، وفي إحداث النهضة والتطور الاجتماعي ، ومن مخاطرها أيضاً دفعها بفئات اجتماعية متعددة إلى حافة الفقر والتهميش ، وتشير الأرقام إلى أن 358 مليارديراً في العالم يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه 2.5 مليار من سكان العالم. وأن هناك 20% من دول العالم تستحوذ على 85% من الناتج العالمي الإجمالي ، وعلى 84% من التجارة العالمية ، ويمتلك سكانها 85% من مجموع المدخرات العالمية . وهذا التفاوت القائم بين الدول يوازيه تفاوت آخر داخل كل دولة ، حيث تستأثر قلّة من السكان بالشطر الأعظم من الدخل الوطني والثروة القومية ، في حين تعيش أغلبية السكان على الهامش ، وسيؤدي ذلك إلى نتائج اجتماعية خطيرة ، ويمكن أن نمثل بالولايات المتحدة أبرز قلاع الرأسمالية ، فالجريمة اتخذت هناك أبعاداً بحيث صارت وباء واسع الانتشار . ففي ولاية كاليفورنيا - التي تحتل بمفردها المرتبة السابعة في قائمة القوى الاقتصادية العالمية – فاق الإنفاق على السجون المجموع الكلي لميزانية التعليم . وهناك 28 مليون مواطن أمريكي ، أي ما يزيد على عشر السكان ، قد حصّنوا أنفسهم في أبنية وأحياء سكنية محروسة . ومن هنا فليس بالأمر الغريب أن ينفق المواطنون الأمريكيون على حراسهم المسلّحين ضعف ما تنفق الدولة على الشرطة .
ونلاحظ في هذا الصدد أن ظاهرة فتح الأبواب على مصراعيها أمام التجارة الحرة باسم حرية السوق قد رافقتها نسبة مهولة من ازدياد الجريمة ، فقد ارتفع حجم المبيعات في السوق العالمية لمادة الهيرويين إلى عشرين ضعفاً خلال العقدين الماضيين ، أما المتاجرة بالكوكايين فقد ازدادت خمسين مرة .
2- الخطر الثاني : الأمركة الثقافية :
الأمركة الثقافية أخطر جوانب العولمة ، ومما يساعد على الأمركة الثقافية انفراد الولايات المتحدة بالعالم ، واعتبارها القطب الواحد الذي انتهت إليه الأوضاع السياسية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ، وسيكون لهذه الأمركة أثر كبير في تكوين أو تعديل أو إلغاء الهويات الثقافية ، ولكن أخطر ما في الأمركة نسبية الحقيقة التي تقوم عليها ، وهي التي تتصادم تصادماً مباشراً مع ثوابت الدين الإسلامي المستمدة من النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة ، لذلك نجد أن معظم الاجتهادات التي نادى بها بعض الكتّاب المعاصرين وأثارت نقاشاً حاداً تستند إلى الإيمان بنسبية الحقيقة ، وتتناول نصوصاً قطعية الثبوت قطعية الدلالة في مجالات : العقائد ، والحدود ، والميراث ، وتشريعات الأسرة : كالزواج، والطلاق إلخ… ، وبالإضافة إلى ذلك فإن كثيراً من المعارك التي دارت أخيراً هي تجسيد للصراع بين نسبية الحقيقة التي تقوم عليها العولمة وبين ثوابت ديننا الإسلامي ، ومن أبرز هذه المعارك ما ذكره نصر حامد أبو زيد عن النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة التي تتناول أموراً عقائدية : كالكرسي والعرش والميزان والصراط والملائكة والجن والشياطين والسحر والحسد إلخ… فقد اعتبرها ألفاظاً مرتبطة بواقع ثقافي معين ، ويجب أن نفهمها على ضوء واقعها الثقافي ، واعتبر أن وجودها الذهني السابق لا يعني وجودها العيني ، وقد أصبحت ذات دلالات تاريخية ، والدكتور نصر حامد أبو زيد في كل أحكامه السابقة ينطلق من أن النصوص الدينية نصوص لغوية تنتمي إلى بنية ثقافية محدودة ، تم إنتاجها طبقاً لنواميس تلك الثقافة التي تعد اللغة نظامها الدلالي المركزي ، وهو يعتمد على نظرية عالم اللغة دي سوسير في كل ما يروّج له ، وينتهي الدكتور أبو زيد إلى ضرورة إخضاع النصوص الدينية إلى المناهج اللغوية المشار إليها سابقاً.
ولا يتسع المقام الآن للرد على كل ما قاله الدكتور نصر حامد أبو زيد بالتفصيل لكن يمكن التساؤل : لماذا يعتبر الدكتور نصر حامد أبو زيد ألفاظ : الكرسي ، العرش ، الملائكة ، الجن ، الشياطين ، الحسد ، السحر ألفاظاً ذات دلالات تاريخية ؟ فهل نفى العلم بشكل قطعي وجود حقائق عينية لتلك الألفاظ حتى نُعفِي عليها ونعتبرها ألفاظاً لا حقائق لها وذات وجود ذهني فقط ؟ لم نسمع بذلك حتى الآن .
كيف نستطيع أن ندخل العولمة ونستفيد من إيجابياتها ونتجنب سلبياتها ؟
هناك خطوتان مطلوبتان وملحتان من أجل مواجهة العولمة :
الأولى : تحصين الفرد وتجنيبه التهميش وغائلة الفقر القادمة وذلك بتفعيل مؤسسات التأمين الاجتماعي والتعويضات والرعاية الاجتماعية من جهة ، والتخطيط لإحياء مؤسسات الوقف والتوسع فيها من جهة ثانية وبخاصة إذا علمنا أن امتنا ذات تجربة غنية في مجال الوقف ، فقد عرفت مؤسسات وقفية متنوعة من أمثال المدارس والجامعات والمستوصفات والمستشفيات والدور والبساتين والخانات إلخ… وساهمت تلك المؤسسات في نشر العلم والمحافظة على الصحة وإغناء المحتاجين ورعاية الحيوانات وتدعيم الاقتصاد وسد الثغرات الاجتماعية إلخ… وقد مثلت تلك الأوقاف ثلث ثروة العالم الإسلامي .
الثانية : تحصين هوية الأمة وذلك بتدعيم وحدتها الثقافية ، فالوحدة الثقافية هي المظهر الأخير الحي الفاعل الباقي من كيان أمتنا بعد التمزق السياسي والتشرذم الاقتصادي الذي تعرضت له خلال القرن الماضي ، ولا شك أن هذه الوحدة الثقافية لبنة أساسية في مواجهة العولمة ، لذلك يجب الحرص على إغنائها ، ووعي ثوابتها ، وأبرزها : أصول الدين الإسلامي وأحكامه المستمدة في النصوص القطعية الثبوت القطعية الدلالة ، واللغة العربية التي تعتبر أداة تواصل ووسيلة تفكير وتوحيد إلخ… كذلك يجب الحرص على الابتعاد عن كل ما يخلخل هذه الوحدة الثقافية ويضعف حيويتها .
عن رابطة أدباء الشام

الأخ نبيل الجلبي السلام عليكم

العولمة مبنية على فكرة خاطئة وهي أن السوق تصحح أزماتها تلقائيا ، وتحقق الرفاه الاجتماعي ، وتحدد الأسعار ، ونحن نرى على العكس أن الدول المتزعمة للعولمة ، تقوم بعدة إجراءات لحماية منتوجاتها ، وتتحكم في الأسعار ، بل وتعرقل تحرك البضائع ، و نرى على عكس ما يشاع ، ظهور النزعات الوطنية والإقليمية ، والعولمة كما يرى مجموعة من الاقتصاديين لم تنجح حتى في الاقتصاد ، المجال الأول التي ظهرت فيه
وتسعى الدول الكبرى لتمرير سياسة القبول بها وجعلها كقدر محتوم للعالم
وهي ليست جديدة بحيث أن الرأسمالية لا تستطيع البقاء داخل حدود معينه وهي عودة من جديد للليبرالية المتوحشة ، أي تراجع عن دولة الرفاه وعن المرحلة الكنزية ، وجديدها الهام هو احتكار المعلومات والثورة الالكترونية
كما أن الهوة بين الشمال والجنوب التي تزداد اتساعا وكدا الفوارق داخل الدول ، والأزمات التي ظهرت أكدت فشل ما يسمى بالنظام العالمي الجديد الغير عادل

مع تحياتي