المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين التشابه والتطابق ضاع ثوب الرفاعي في ليلة الجنون الشافعي



عدنان الدوسري
16/02/2010, 01:01 AM
بين التشابه والتطابق ضاع ثوب الرفاعي في ليلة الجنون الشافعي
بقلم عدنان الدوسري
بعد أن قرأت رواية ليلة الجنون للأديبة منى الشافعي الصادرة والمنشورة عام 2008 ورواية الثوب للأديب طالب الرفاعي الصادرة والمنشورة عام 2009 , بكل متعة وشغف , وقد كانت كل رواية تحمل بين طياتها أسلوبا معينا خاصا بمبدعها , حزَ في نفسي ما آل إلية الأديب طالب الرفاعي بروايته , الثوب, وكأنها كولاج أدبي قصها ولصقها بعناية , من ليلة الجنون السباقة في النشر
مصطلح التناص
أتساءل كقاري , كاتب, كناقد, هل مايحدث هو التناص؟ ذلك المصطلح الذي عــًرفه أصحاب اللغة بأنه الاستحياء, والاستحضار , والتوارد, والتأثر، وكل مايربط فكرة ما, أو صورة ما بنص أخر....
وهناك أيضا من عرف مصطلح التناص بأنة يعتبر أن النص الأدبي عموما , مكون من نصوص أخرى بقصد أو بغير قصد, وهو إما أن يكون كليا من خلال استخدام فكرة أو صورة أو صفة ما, وهذا ما دفعني لليقين بان طالب الرفاعي كانت مهمته سهلة ، فالفكرة والإحداث والمتخيلة والتقنية. والأماكن, والحقائق، والأسماء مادة جاهزة ومتوافرة في رواية ليلة الجنون وماكان من طالب إلا أن أعاد كتابتها بأسلوبه الخاص , مغيرا بطله ليلة الجنون الأنثى سارة إلى بطل الثوب الذكر طالب الرفاعي ولكن انه نسى تغير أسماء الإبطال, وعاد ليستعيرها من منى الشافعي وهي خالد, خليفة, وحتى اسم منى الذي ورد في رواية ليلة الجنون استعاره ليدخل ضمن قائمة الأسماء وكأن الأسماء ضاعت في فضاءات العالم ولم يبقى إلا هذه الأسماء التي اختارتها الشافعي لروايتها وبهذه الطريقة اوجد لنا الرفاعي نصين متطابقين ومتشابهين ومتماثلين من ناحية وهج الفكرة والتقنية الموضوع الرئيسي
لحظة الولادة والنسيان
يظهر التطابق القوي والتشابه اللامعقول واضحا في صفحة(213) عند الشافعي عندما تخبر الأم ابنتها البطلة سارة عن لحظة ولادتها الغريبة، وكيف أن ذلك الشعاع اخترق جسدها الغض الصغير.... ومن ثم نسيت الأم هذه الحادثة , وفي صفحة(62) عند الرفاعي أيضا إلام تخبر ابنها البطل طالب الرفاعي عن لحظة ولادته وكيف أن توأما اخترق جسده الصغير، ثم نسيت الأم الحكاية...... لم استطيع أن استوعب السر في هذا التطابق السحري في هذه الجزئية من الرواية، التي اعتبرها هي شعلة رواية ليلة الجنون وشرارتها المحركة للعمل كله
محاكاة النفس
يأتي التطابق الثاني المتمثل بتقنية محاكاة النفس التي كانت قائمة بشكل واضح في رواية ليلة الجنون بشكل واضح في رواية ليلة الجنون على شكل (القرين/ الصوت الداخلي/ الشخص الآخر/, الذي تحمله البطلة سارة ، والتي انفردت به الأديبة منى الشافعي حيث امتاز هذا القرين/ الصوت, بخاصيته الإرشاد والنصح من بداية الرواية وحتى آخر صفحاتها ملازما ومكملا لشخصية البطلة ومتواجدا معها في كل حالاتها وتقلباتها النفسية والعمرية وأماكنها البعيدة والقريبة.... ونلاحظ هنا أن التطابق كان واضحا والتشابه سافراً في شخصية بطل رواية الثوب طالب الرفاعي وقرينة الذي جسده الكاتب وأعطاه اسم ( عليان) مع أن الوهم لايجسد ـ على كل حال، يبدو أن المتابع للروايتين منذ الصفحة الأولى, يجد أن القرين/ الصوت الأخر الداخلي، يشكل عنصرا أساسيا في تكوين شخصية العمل بكل متغيراتها وسلوكياتها في كل الروايتين
البعد الاجتماعي
التطابق الثالث هو( البعد الاجتماعي) الذي تركز على محورين اجتماعين متشابهين من ناحية مجريات الرؤية، حيث ركزت الشافعي على محور (الاختلاف المذهبي) الذي قضى على علاقة الحب الأول للبطلة سارة، وفي رواية الرفاعي فقد كان محور (الاختلاف الطبقي) هو دمر علاقة الحب ومؤسسة الزواج عند إبطال رواية الرفاعي، كما إن سمة الطلاق وحالاته متشابهة في الروايتين، فحالات الطلاق في مجتمع سارة كانت تشكل إحدى معطيات الحياة بواقع ملموس مسترسلا بين الشخصيات الرواية والإحداث وقد عالجتها الشافعي بشكل خيالي لكونها مسالة حياة إلى البطلة سارة, كما لازمت سمة الطلاق بطل الثوب طلب الرفاعي منذ بداية الرواية إلى نهايتها، وان كانت ليست حجر زاوية الرواية ..وقد
أعتمد طالب الرفاعي ليكون هو البطل في روايته ليبتعد قليلا عن هذا التطابق لكنة وقع في التشابه الواضح الذي لايخفى على القارئ
التنبؤ
المحور الرابع المحيِر أيضا في هذا التشابه والتماثل يظهر مع سارة بطله ليلة الجنون، عندما تنبأت بما سيحدث خلال الأمسية الشعرية التي أقيمت في الرابطة الأدباء... كما تخبرنا الرواية الثوب أن البطل طالب الرفاعي أيضا تنبأ بالأمسية الشعرية التي أقيمت في رابطة الأدباء بكل تفاصيل إحداثها... يا للدهشة والعجب من هذا التشابه ّ!
ثمة أمور أخرى تتشابه في الإحداث والأمكنة منها، إحداث أزمة المناخ، الجمعيات الطلابية , في جامعة الكويت،رابطة الأدباء وتلك أمور عامة لا خلاف عليها
الخلاصة
لا أجد أي عذر لطالب الرفاعي،ولا اعرف كيف تفاعل إلى هذا الحد الواضح، والقدر السافر،مع رواية ليلة الجنون، واستطاع أن يسلب من الأديبة منى الشافعي جهدها وفكرتها وخيالها وتقنيتها....
والمحير، لماذا هذا التطابق / التشابه الذي احدث لنا إشكالية من التوائم التي تذكرنا بما يحدث في السينما العربية
للعلم فقط.... منذ فترة طويلة قرأت قصة مترجمة للغة العربية للكاتب المبدع الانكليزي ديلان توماس(Dylan Thmas )
والمفارقة أنها كانت تحمل نفس عنوان رواية الرفاعي (الثوب)
ارجو ابداء رئيكم ........رئيكم يهمني جدا
المنشورة بجريدة القبس الكويتية ليوم الاثنين 8/2/2010 لسنة 38 العدد13182