المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المديح في الشعر العربي .



بثينه عبدالعزيز
16/02/2010, 01:15 PM
المديح في الشعر العربي ...


بسط شعر المديح سلطانه على الشعر العربي منذ امرئ القيس وصولاً الى الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري الذي امضى ما لا يقل عن نصف قرن في حياته محسوباً على اليسار وعلى الحزب الشيوعي العراقي بالذات.

وينهض هذا دليلاً على ان الترف والتكسب ليسا وحدهما دافع الشاعر العربي الى نظم قصيدة المديح هذه , وانما هناك اسباب اخرى كثيرة
والواقع ان من يدقق في الاسباب والعوامل التي انتجت شعر المديح الذي طرقه الشعراء العرب بكثرة لوجدها في طبيعة الحياة الاجتماعية قبل سواها.

فهناك حاكم يسعى اليه القوم جميعاً بمن فيهم الشعراء ومنذ وجد هذا الحاكم اعتاد الشعراء ان يتحفوه بشعرهم فهي عادة إذن. وليس لزاماً ان يكون وراء هذه العادة تزلف او تكسب فكثيراً ما اقترح شعر المديح بشعر الحماسة كما كان يسمى قديماً او بالشعر الوطني كما يسمى حديثاً. وكثيراً ما مثل الحاكم قيما وفضائل وجد فيها الشعراء قيم الامة فتغنوا بها وهذا ما نلحظه بوضوح ما بعده وضوح في الشعر الجاهلي وفي مراحل اخرى في الشعر العربي، منها قصائد المتنبي في سيف الدولة التي كان في دوافعها الاساسية اعجاب المتنبي بخصال هذا الامير ذي النزعة العروبية التي كانت نزعة الشاعر ايضاً.
ومن الظلم تجاه سيرة سيف الدولة وشاعره بناء العلاقة التي قامت بينهما على انها علاقة ارتزاق لا اكثر او لا غير فلا شك ان المال كان عنصراً من عناصر هذة العلاقة ولكن العنصر الاقوى فيها لم يكن المال ابداً.
فالشاعر الذي كان مهموماً بقضية امته وجد في هذا الامير ما يجده كثيرون اليوم في هذا الحاكم او ذاك ما يلبي طموحاتهم او ما يعلقون عليه الآمال.


على ان اسطح دليل على نفوذ قصيدة المديح في الشعر العربي ودخولها في نسيج الحياة العربية العامة هو ان كل الشعراء العرب القدامى ونكاد نقول المحدثين والى اية فئة او جماعة انتموا قد كتبوها
فكما كتبها المتنبي الذي لم يكن يجد فوق نفسه من مزيد كتبها ايضاً شعراء بلا حصر من طبقته.
كتبها ابو العلاء المعري كما كتبها البحتري وابو تمام والشريف الرضي
وفي زماننا كتب مثل هذه القصيدة شعراء كبار على مدار القرن العشرين يتوزعون على مدارس شعرية واجتماعية مختلفة، فكان ممن كتبوها شوقي وحافظ ومطران والزهاوي والرصافي والاخطل الصغير وبدوي الجبل وعمر ابو ريشة وصولاً الى بدر شاكر السياب امام الشعر الحديث الذي كتب قصائد مدح كثيرة في مواقف وشخصيات لا التقاء فيما بينها.
فقد مدح عبدالكريم قاسم الذي كاد يغزو الكويت كما مدح امير الكويت عبدالله السالم الصباح.
وعلى غرار بدر كتب شعراء محدثون قصائد مدح في عدد من الزعماء والحكام.
فأدونيس مدح زعيمه انطون سعادة مراراً ورثاه في قصائد كثيرة جاءت اقرب الى المدح منها الى اي شيء اخر.




منقول

بثينه عبدالعزيز
16/02/2010, 01:18 PM
المديح في شعر الجواهري / جهاد فاضل





وللتدليل على رسوخ هذه القصيدة في ديوان الشعر العربي وصولاً الى يومنا هذا وعلى انها لا تقل نفوذاً في هذا الديوان عن اية قصيدة اخرى، نقف وقفة خاصة عند الشاعر الكبير الراحل محمد مهدي الجواهري
الذي لم يأنف من التعامل مع هذه القصيدة حتى بعد ان تحول الى ما يمكن تسميته بشاعر اليسار العراقي والعربي والعالمي.
فقد ظل يمدح حتى لفظت اشعاره انفاسها الاخيرة رغم انه كان يفترض لو صح ان المدح سبة عار في سيرة الشاعر ان يمتنع عن المدح وان ينصرف الى جوانب او ابواب الشعر الاخرى ولكنه افرط في المديح سواء في مرحلة ما قبل اليسار او في مرحلة اليسار او في المرحلة الاخيرة من حياته حيث تحرر الجواهري من كل شيء الا في قصيدة المديح.
فإذا كان الشاعر المصري حافظ ابراهيم ذكر مرة في احدى قصائده ان شعر المراثي يؤلف نصف ديوانه فلا شك ان شعر المديح يؤلف نصف ديوان الجواهري ان لم يكن اكثر من النصف مع ان الجواهري كما ذكرنا كان قد تحول (او هكذا يفترض) من شاعر تقليدي يمدح الملوك وغير الملوك الى شاعر يساري يفترض ان يترك شعر التزلف والتكسب الى سواه من الشعر الذي يحيي على القيم الجديدة التي تبشر بها الشيوعية، ولكنه لم يتحول في الواقع بل استمر يمدح ويمدح بلا انقطاع ومن مدحهم لم يكونوا كلهم او جلهم من اهل اليسار بل كانوا في الاعم الاغلب من اهل اليمين. وينطبق هذا الحكم على مرحلته اليسارية كلها، لأن من مدحهم كانوا نجوم المجتمع البورجوازي التقليدي لا من نجوم المجتمع الجديد، والطريف ان الجواهري عندما مدح نجوم المجتمع الجديد وفي طليعتهم ستالين كان ايضاً شاعراً تقليدياً لم يخرج في مدحه له عن المعاني والاساليب التي كان يمدح بها ممدوحيه الرجعيين الاخرين ففي ستالين قال الجواهري

ستلين يا لحن التخيل والمنى

تغنيه اجيال وترويه اعصر

ويا كوكباً في عالم غم جوه

بلألائه يسترشد المتحير

ارد خطة تقدر وتنجح فاننا

عرفناك تمضي ما تريد وتقدر

ويبدو ان لقب "شاعر السوفيات" الذي اطلقه البعض على الجواهري في مرحلته اليسارية لم تحل بينه وبين ان يكتب قصيدة مدح اخرى في الجنرال مونتغمري قائد معركة العلمين الشهيرة والطريف ان من طلب من الجواهري ان يكتب هذه القصيدة في مونتغمري كان رئيس الحكومة العراقية نوري السعيد الذي (كما يقول كتاب سيرة الجواهري) التقى يوماً بالجواهري في حفل اقيم ببهو امانة العاصمة فقال له ان جيوش الحلفاء في العلمين تستحق قصيدة مثل قصيدة ستالينغراد فاستجاب الجواهري وانشد يقول بعد ايام وكأنه احد شعراء العصر العباسي (ابو تمام اوسواه)

ويا منتكمري لو سقى لله فاتحاً

سقتك القوافي صفوها السلسل العذبا

ولو كان ذوب العاطفات نثارة

نثرنا لك الاعجاب والشكر والحبا

حللت على روميل كربا وقبلها

احل بأدهى منه ولنكتني كربا

ودحرجته من مصر وهو معرس

باحلامه يحصي الجراح الذي يجبى!

وعلى سبيل الشرح نشير الى ان "ولنغتون" الذي يرد في قصيدة الجواهري، هو قائد بريطاني شهير انتصر في معركة تاريخية هي معركة الطرف الاغر. أما "رومل" فهو القائد الالماني الذي هزمه مونتغمري في معركة العلمين.. وكان نوري السعيد، كما هو معروف، بريطاني الهوى، في حين كان الجواهري على مذهب لينين وستالين.

ومع ان هذا الشاعر "اليساري" الذي مدح الرفيق يوسف سلمان (الملقب بفهد) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، كان من المفترض ان يكون في خط معاكس لخط نوري السعيد، المتهم من هذا الحزب بأنه عميل للبريطانيين، إلا انه لم يمدح احداً - وبحرارة ملفتة - كما مدحه. يحتل نوري السعيد مكانة كريمة في مدائح الجواهري. فهو يثني على جهوده ورجولته واقدامه وشجاعته وظرفه واريحيته، ويهاجم معارضيه وخصومه. بل هو يدعو نوري السعيد صراحة الى ممارسة الارهاب في سبيل رقي الشعب:

على اسم الثورة الحمراء جرب

نشاطك ايها البطل الجريُّ

وهب ان الدماء تريد تجري

نشق لها ليندفع الاتيُّ

فإن لم يرق بالتلطيف شعب

فبالارهاب فليكن الرقيُّ!

وقد ظل الجواهري يذكر نوري السعيد بالخير على الدوام ويعتبره أحد قادة العراق الحديث التاريخيين. وفي مذكراته يتضح عمق تقديره له. ولكن هذا لم يمنع الجواهري من ان يطلب من اللجنة التي كلفتها وزارة الثقافة والإعلام العراقية جمع شعره، ان تهمل قصائده التي يمدح بها نوري السعيد، وان لا تشير اليها البتة. وكذلك طلب من هذه اللجنة اهمال قصيدته الشهيرة التي مدح بها الملك فيصل الثاني ملك العراق، يوم تتويجه، ومطلعها: ته يا ربيع بغصنك الزاهي الندي، ومنها هذان البيتان:

يا ايها الملك الاغر تحية

من شاعر باللطف منك مؤيد

انا غرسكم اعلى ابوك محلتي

نبلاً وشرف فضل جدك مقعدي!

وكان هذا الجد - أي الملك فيصل الاول - قد اتى بالجواهري من احدى المدارس العراقية الابتدائية، او الثانوية، حيث كان يتعلم، الى بلاطه وعينه موظفاً في قسم التشريفات فيه، على ان تكون وظيفته هذه، كما ذكر الجواهري في مذكراته، معبراً الى مناصب اعلى في الدولة. ولكن الجواهري، بعد ان مدحه كثيراً، عاد وهجاه في قصائد كثيرة.

وعلى مدار حياته مدح الجواهري ما لا يحصى من الممدوحين كان منهم، في مرحلته الاخيرة، الملك حسين ملك الاردن، والملك الحسن الثاني ملك المغرب، والرئيس السوري حافظ اسد، والمحسن الاماراتي الشاعر سلطان العويس الذي منحه مرة جائزة ادبية قيمتها مئة الف دولار.

وللمدح وجه آخر هو الهجاء، وقد ابلى فيه الجواهري بلاء عظيماً ايضاً، اذ هجا الكثيرين من خصومه واعدائه السياسيين والثقافيين والشخصيين. ومن اشهر اهاجيه القصيدة التي يهجو بها "خلقاً ببغداد" ومطلعها:

عدا علي كما يستكلب الذيب

خلق ببغداد انماط اعاجيب

خلق ببغداد منفوخ ومطرح

والطبل للناس منفوخ ومطلوب

خلق ببغداد ممسوخ يفيض به

تاريخ بغداد، لا عرب ولا نوب!

وهكذا نجد ان شعر المديح احتل مكانة هامة في ديوان الشعر العربي، قديمه وحديثه، ولم ينجح في التحرر منه إلا قلة قليلة من الشعراء انفت، وعلى سابق تصور وتصميم، كما نقول بلغتنا المعاصرة من الخوض في غماره، مستندة في ذلك الى سلبيات هذا الشعر، وهي معروفة.

وهناك بالطبع باحثون نظروا الى شعر المديح على انه كان عالة او عبئاً على ديوان الشعر العربي لأسباب لا لزوم للتوقف طويلاً عندها، فهي ايضاً معروفة ومنها ان هذا الشعر صادر عن رغبة بالتكسب والارتزاق ولكن آخرين وجدوا في هذا الشعر ما يمت بصلة وثيقة الى واقع الحياة العربية وتقاليدها وظروفها الاجتماعية العامة وقد اورد الامير شكيب ارسلان في كتابه عن أمير الشعراء شوقي، ما يؤلف دفاعاً عن شعر المديح الذي كتبه شوقي في "عزيز مصر"، او في "الخليفة العثماني". فهو يقول: عندما يهتف شوقي ومن في نمطه بتلك القصائد الرنانة اما في مدح عزيز مصر، او في مدح الخليفة الاعظم، فإنما هو في الحقيقة يشيد باستقلال مصر في وجه الاجانب الطامعين المستأثرين بالامر. وعندما يرسل كلماته الخالدة في مديح السلطان الخليفة، فإنما يقدس مقام الخلافة العزيز على المسلمين، الناظم لشملهم، القائم في وجه عدوهم. فليس في هذا المذهب ما يدل على سلوك طريق التزلف كما يظن من لا يدقق في اسرار الامور، ولكنها الصارخة القومية والنزعة الاسلامية والنضح عن حوض الخلافة والذود عن بنيان السلطنة، وهذا اشبه شيء بالدعاء الذي يقال في الجوامع نهار الجمعة..

والواقع ان قصيدة المدح هي عبارة عن قصيدة مناسبة، وان الشاعر كثيراً ما يستغل قصيدته هذه ليشير فيها الى قضايا كثيرة، منها الشخصي ومنها العام، لا تمت بصلة الى المدح. وتؤلف قصيدة المدح هذه وثيقة من الوثائق تساعد احياناً في فهم نفسية الشاعر المادح، او نفسية الممدوح. فمن الظلم مثلاً اعتبار قصيدة المتنبي المدحية مجرد اداة للارتزاق، او اعتبار صاحبها مجرد مرتزق متجول من نوع "عمال التراحيل".. ففي هذه القصيدة من خالد القول وجليل المعنى ما يغفر للشاعر تلك الاوصاف التقليدية المألوفة في مديح الممدوح. واياً كان الرأي في شعر المديح، فلاشك ان هذا الشعر لصيق بالحياة العربية، وافراز من افرازاتها وتقاليدها الاجتماعية. وعندما تتطور المجتمعات العربية، وتدخل مرحلة الحداثة، فعلاً لا قولاً، ستختفي قصيدة المديح التقليدية الى الابد.

د.محمد فتحي الحريري
16/02/2010, 07:45 PM
سيدتي
أرى ان شعر المديح ياتي باهـتــــــــــا بلا عاطفة متدفقة ، ولا معان صادقة ،،
لا أستثني منه الا شعـر الاخوانيات !
اشكركم بقوة ...

بثينه عبدالعزيز
17/02/2010, 06:39 AM
سيدتي
أرى ان شعر المديح ياتي باهـتــــــــــا بلا عاطفة متدفقة ، ولا معان صادقة ،،
لا أستثني منه الا شعـر الاخوانيات !
اشكركم بقوة ...



اخي العزيز محمد
صباح الخير


عن نفسي لا ارى بشعر المديح الا التزلف والرغبه الخفيه بالوصول لهدف معين ....
وعند البعض سيتبعها توابع غير مرغوبه , فمثلا : ان مدح ( س ) من الحكام قد يوصل هذا الشاعر لما يصبو اليه .., وبالتالي فأن عمليه الوصول تلك لها ثمن , وهو تدخل هذا الحاكم او الممدوح باختيار الموضوعات التي سيتطرق لها الشاعر مستقبلا بشعره , وما على الشاعر هنا الا الرضوخ وتلبيه المطلوب حتى يحافظ على ما وصل له ............ ومن هنا ندخل متاهة التزوير بالاحداث وقلب الحقائق .

وبما ان الشعر هو ديوان العرب وهو من الاساسيات التي تؤرخ الاحداث وعلى مر العصور , فستكون النتيجه الحتميه هي التزوير بالتاريخ بهدف المحافظه على المصلحه الشخصيه ....


لذا فانا ضد شعر المديح ايا كان هذا الممدوح , لكي نقطع الطريق امام اي تزوير لتاريخنا عن طريق الشعر ...




كل التقدير والموده لتواصلك

احترامي الشديد

بثينه عبدالعزيز
18/02/2010, 01:03 PM
الرصافي كان يطمع بأكثر من 600 روبية , والجواهري غضب من نشر مدائحه لمن أكرمه
د . نجم عبد الكريم




يبدو أن الشاعر معروف الرصافي كان يطمح في مبلغ أكبر من (600 روبية)، فكتب معبراً:

ألا قاتل الله الضرورة انها ............................ تعلم خير الخلق، شر الخلائق



ففي رسالته الموجهة إلى صاحب المعالي عبد اللطيف باشا المنديل، كتب الرصافي يقول:

«تلقيت كتابكم المؤرخ في يونيو (حزيران) 16/6/1922 وفي طيّه حوالة بـ 600 روبية، علي عبد القادر باشا الخضيري، فأشكر لكم شكراً جزيلاً على ما قمتم به تجاهي من اللطف والفضل العميم، غير أني أسفت كل الأسف لظهور النتيجة بهذه الصورة المرذولة.. ويظهر أن صاحبنا لا يعرف المجد كيف يُبتنى، ولا العز من أين يُقتنى.

ولا أظنكم ترون في الدنيا أتعس حالاً، وأنكد حظاً من شاعر تجنّب طول حياته سؤال الناس بشعر، ثم ألجأته الضرورة إلى ذلك، فاختار لمدحه أغنى رجل في العراق، فقال فيه الشعر الخالد، وضمّنه المديح الجيد، واستنجده على أيامه، فلم يعدونه بطائل، بل رجع رجوع أولئك الشعراء الذين لا شغل لهم في الحياة الا استجداء الناس بأشعارهم.. ولعمري ان هذا الاعرابي قد جعل منزلتي في هذا الأمر من دون منزلة عبد الرحمن البنا، وصاحبه الشاعر البصري، اللذين يترددان عليه للاستجداء في كل عام مرتين أو ثلاث مرات!

لقد عاملني معاملة السائل، وانتم تعلمون أنني لست من سائلة الشعر، حيث ألجأتني الضرورة إلى اراقة ماء المحيا، وقد قيل:

ألا قاتل الله الضرورة انها ........................ تعلم خير الخلق، شر الخلائق

واذا كان الرصافي قد يبدو نادماً من سياق الرسالة التي نُشرت بخط يده في العديد من دراسات الكتب الأدبية المعاصرة، فإن الشاعر محمد مهدي الجواهري قد استشاط غضباً، وكان يرعد ويزبد لما حدث له في قصة مماثلة جرت وقائعها في لندن.. عندما كان ينظم أبياتاً في جلسات اخوانية خاصة، يذكر فيها بعض من كانوا يكرمونه في غربته!!

وإذا بنفر من هذا البعض يستغل فرصة مديح الجواهري له بأبيات شعرية، ويقوم بنشرها بعد أن قدم رشوة لناشر يصدر مجلة تظهر في أوقات متباعدة وليس لها رصيد من القراء، لكن الشعر الذي قاله الجواهري، وما يحمله من ثناء وتبجيل لأشخاص هم شبه نكرات، جعلهم يشترون المئات من ذلك العدد ويوزعونه بالمجان لكي يرى الناس ما قاله الجواهري فيهم..!! فثارت ثورة الجواهري، وأخذ يمطرهم بوابل من الشتائم نثراً، وشعراً، مبرزاً عيوبهم ومباذلهم..

بثينه عبدالعزيز
19/02/2010, 08:57 AM
المديح عند ابو الطيب المتنبي




أن الشعر بلغ في الجاهلية أعلى المراتب , ونبغ فيه أفراد سارت بذكرهم الركبان , وكانت أشعارهم مضربًا للأمثال .
ولم يذكر التاريخ أمة بلغ الشعر عندها المنزلة التي بلغها عند العرب.
فكان الشاعر العربي مرجوًا ومخوفًا معًا , يتوسل بشعره لنيل الحظوة عند الملوك والأمراء.......

وأبي الطيب المتنبي لم يسلم من هذه النقيصة , إذ لم ينزه قلمه عما يجب أن تعف عنه النفس , بل مدح الأمراء والأغنياء طمعًا في نوالهم .
فلا شرف ولا مجد ولا سلطان إلا لمن وفرت أمواله واتسعت ثروته , فتلك كانت نظرته ..... , وقد كان حرص المتنبي على المال مضربًا للأمثال، حتى يقال إنه ما كان ينتقل من مكان إلى مكان إلا ويحمل معه متاعه وكنوزه.



من ابياته في مدح سيف الدولة:

عَـلَى قَـدرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ .............. وتَــأتِي عَـلَى قَـدرِ الكِـرامِ المَكـارِم
وتَعظُـم فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها ............... وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ
وقفت وما في الموت شكٌّ لواقف ................. كأنك في جفن الرَّدى وهو نائم
تمـر بك الأبطال كَلْمَى هزيمـةً .................... ووجهك وضاحٌ، وثغرُكَ باسم
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى ................... إلى قول قومٍ أنت بالغيب عالم



ويقول في مدح أبي شجاع بعدما وصله:


وما شكرت لأن المال فرّحني ............ سيان عندي إكثار وإقـلال
لكن رأيت قبيحا أن يجاد لنا .............. وأنّا بقضـاء الحـق بُخّـال



ويقول في مدح سعيد بن عبد الله الكلابي:

أرجو نداك ولا أخشى المطال به ................... يا من إذا وهب الدنيا فقد بخلا


يقول يمدح أبا المنتصر الأزدي:

أمطر علي سحاب جودك ثرة .................... وانظر إلي برحمة لا أغرق


ويقول في وداعه أحد الأمراء :

أُنصر بجودك ألفاظـا تركـت بهـا ................. في الشرق والغرب من عاداك مكبوتا
فقد نظرتك حتـى حـان مرتحلـي ................. وذا الوداع فكـن أهـلا لمـا شِيتـا


وقال لكافور لأنه طمع في ولاية يوليها إياه :

أبا المسك هل في الكأس فضل أناله ...................... فإني أغني منـذ حيـن وتشـرب

__________
وقال بكافور ايضا :

ولله آياتٌ! وليس كهذه ............فإنك يا كافور آيته الكبرى

لعمرك ما دهر به أنت طيب ........... أيحسبني ذا الدهر أحسبه دهرا؟

بثينه عبدالعزيز
24/02/2010, 06:33 PM
لولاك ما أمست قريحتي ........ الكليلة شاعره

أنت الذي روَّت غمائمه ......... ربايَ العاطره

فلقد وجدت ديار ملكك .......... بالسعادة عامره

قهرت حماةُ لي العِدا ........... فحماة عندي القاهرة




تلك الابيات من نظم الشاعر المصري، جمال الدين ابن نباتة المتوفى سنة 768هـ , وقد قالها بالملك المؤيد ( حاكم حماة )
فقد قدم المؤيد للشاعر ابن نباته الكثير من الهبات والمساعدات , ومنحه راتب سنوي ثابت ..., فكان رد الشاعر على تلك المكرمات بتلك الكلمات .

بثينه عبدالعزيز
28/02/2010, 12:03 PM
تلك الابيات للشاعر الشيخ شهاب الدين بن الأعرج السعدي المتوفى سنة 785هـ، وهو يهنئ السلطان الظاهر برقوق (السلطان 26 في دولة المماليك )



تولى الملك برقوق المفدى ........... بسعد الجد والأقدار حتم
اتته أئمة الاسلام طرا .......... الى ابوابه سعيا يؤم
وجاء له الخليفة في سواد .......... فلسطنه وفي الآفاق رغم
وقلده بسيف الملك طوعاً ........ فيا لك صارماً ما فيه ثلم
والبسه السواد فزاد حسنا .......... كان جبينه بدر متم

بثينه عبدالعزيز
02/03/2010, 10:43 AM
بعد أن أصبح المدح وسيلة للتكسب بطرق مشبوهة
فايز الزعل






أصبحت الصورة رمادية في ساحة الشعر، بعد ان اختلط الحابل بالنابل، وذلك بعد ان اتسعت رقعة المدح بصورة فوضوية..

نعلم جميعا ان المدح غرض من أغراض الشعر، ونماذج الشعر العربي والنبطي خير مثال على مدح الملوك والأمراء والسلاطين، ولكن في الوقت الحالي أصبح المدح قبلة مقدسة وطريقا محفوفا بالمخاطر نتيجة هذه الاتجاهات التي انتهجها بعض الشعراء في الساحة..

هنا أحببنا أن نجرد كل الاشياء ونتحدث بطلاقة مع مجموعة لها آراؤها وتوجهاتها من خلال هذا المحور المهم..



وإليكم ما قاله الشعراء والكتاب حول هذا الجانب:

أول هذه الآراء كانت مع الشاعر مشعل عوض :
حيث أوضح ان المدح باب من أبواب الشعر، ولكن له مسببات مثل مدح شخصية كان لها موقف طيب أو فرجت كربة، وكذلك مدح الصديق لوفائه او الحاكم لمواقفه وحسن إدارته او مدح أمير لتشريفه حفلا او لدعوته للشعر..
في النهاية الطيب يستاهل المدح
ولكن في الآونة الأخيرة أصبح بعض الشعراء يتسابقون إلى المدح حتى ان بعضهم لا يعرف الممدوح ولم يشاهده، فقط يسمع عن عطاياه وتكريمه لمادحيه، والبعض منهم لا يتعب نفسه في القصيدة، مجرد تغيير اسم الممدوح حسب الحاجة وهؤلاء أساؤوا إلى الشعر والأدب.


قال الشاعر والكاتب حمود جلوي :
إنه أمر طبيعي ان يتحول الشعر من خلال أحد اغراضه المهمة ألا وهو المدح إلى باب تنفيع يطرقه أي شاعر ليمارس من خلاله مهنة التسول ولكن بصورة مطوره، فنحن لا نعارض «المدح للمدح»، فهناك كثير يستحقونه لأنهم أهل له، ولكن على العكس تماما بات معظم الشعراء يمدحون كل من «يدفع» ويمجدونه بصورة تجعل المتابع يكره الممدوح، كذلك نجد ان المدح من خلال الشعر قد انحرف عن مساره إلى مسار آخر جعل منه وسيلة وليس غاية.


أما الشاعر مشعان الرخيمي فقال:
المدح يعد غرضا وبابا من أبواب الشعر، ولكن أن يتم استغلاله ماديا بشكل يعود سلبيا على الأدب الشعبي، فهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا
وأشار الرخيمي إلى أن الشعر لغة إنسانية تسمو بأرواحنا بعيدا عن كل ما يشوه مفاهيم الأدب السامية.


قال الشاعر منصور الفهيد :
إن التحول بهذا الغرض الشعرى أصبح متفشيا عند أغلب الشعراء، إلى ان أصبح شبه موضة جديدة، وأنا لا أرى ان (الشاعر الرجل) يسمح لفكره أبدا بأن ينتج شيئا غير مقتنع به.. أو ان يبيع، ليس من أجل الابداع وإنما لاغراض أخرى
وأستنكر هذا التحول إلا اذا كان في محله.


الشاعر فهد السعدي قال:
كل إناء بما فيه ينضح، فمن تربى على عدم احترام الذات وعدم الاكتراث بالمبادئ فستقرأ من خلال نصه كل هذه السمات غير المحببة والتي لا تمت بأي صلة لما جاء به من إيماءات او في الغالب مفردات بعينها لا تعني سوى «اعطني يا هذا»
وفي الجانب الآخر هناك من يستحق المدح والثناء، وهناك قصائد لا يمكن ان تتعرى من المصداقية وتكون خالية من مفردات التسول والشحاذة، وعليها أمثلة كبيرة.


قال الشاعر ثاني الدهمشي:
غرض المدح في الشعر مطلوب، بل انا اعتبره لا يقل أهمية عن باقي اغراض الشعر، ولكن شريطة أن يستعمل الاستعمال الأمثل من ناحيتين، الأولى (الفنيّة) والثانية (الهدف الذي كتب من أجله).
ومن هذا المنطلق انا من الطبيعي ان اكون ساخطاً على من يتخذه وسيلة للتكسب بشكل «مقيت»، لا مانع من «انك تعدل وضعك المادي» بقصيدة تمدح فيها شخصا ذا شأن، ويعطيك ما يرضيك ..، ولكن كل شيء في الدنيا لا بد ان يستخدم بمنطق لكي لا تتشوّه ماهيّتـه.
فنحن نلاحظ في الوقت الأخير أن قصيدة المدح قد لا يتلذذ بما فيها من شعر ربما إلا الممدوح، أما نحن فنسمع ان فلاناً قد امتدح فلاناً ولا نملك سوى معرفة انه كتب قصيدة مدح من دون البحث عنها ومعرفة ما تحتويه من جمال..
وهذا يقودنا الى المصيبة العظمى والتي هي اكبر دليل على ان غرض المدح اصبح للتكسّب وليس لسواه، وذلك عندما نرى أولئك الذين ليسوا شعراء أصبحوا يشترون من الشعراء قصائد ويذهبون بها مادحين، وكأنهم هم من كتبوها!
لا أملك إلا ان اقول:
إن غرض الشعر جميل ومرغوب ما لم تطله يد الـ«جشع» والـ«نفاق» والـ«الزيف».

بثينه عبدالعزيز
07/03/2010, 02:06 PM
الشاعر يحي بن يوسف المكي يستحث همّة الشريف ( مبارك بن عطيفة ) للعودة الى مكة واسترجاع ملكه , مذّكراً إياه بماضيه العريق وقهره للجيوش وكيف خضعت له البلاد .. , حيث كانت الظروف السياسيه قد اجبرت الشريف مبارك على الخروج من مكه كسيرا حزينا .



خضتَ الصعيدَ ومصراً والبلادَ معاً ..................... وماخشيت ولم يلوي بك الخبرُ

وصرتَ تقتهرُ العربانَ قاطبةً .................... وقد أطاعكَ حتى الجِنُّ والبشرُ

فسر الى مكةٍ وانزل بساحتها .................... فأنت بالله رب العرش تنتصرُ

أمثل مكة تسلوها وتتركُها ........................ عجبت منك فعنها كيف تصطبرُ

فإنَّ مصراً ومن فيها بأجمعهم ........................ حتى الحجاز لعزمٍ منك قد شكروا

فليس تركُكَ ملكاً أنت وارثُهُ ....................... رأياً سديداً فماذا أنت تنتظرُ؟

بثينه عبدالعزيز
22/03/2010, 11:22 AM
إقبال عزّ كالأسنة مقبل ................ يمضي وجدّ في العلاء جديد

وعلا لأبلج من ذؤابة هاشم ................. يثني عليه السؤدد العقود





الشريف الرضي يمدح والده