المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 144 ... أربعة أشهر لن تكون إلا حرثاً في البحر!!!.



سماك العبوشي
04/03/2010, 07:18 PM
مسامير وأزاهير 144 ...

أربعة أشهر لن تكون إلا حرثاً في البحر!!!.


لا أرى وصفاً لما يجري في الساحة الفلسطينية أكثر دقة من عبارة هذه نصها ( فرص ضائعة لاسترداد حق مضيع، وزمن مهدور في عبث ما يجري من حرث في مياه البحر )، وما يؤيد هذه العبارة ثنائية الأبعاد ( فرص مضيعة و زمن مهدور بحرث مياه البحر ) ما نلمسه من ( تكرار ) هوان و ( استمرار ) خذلان و ( ديمومة ) انبطاح عربي ( رافقه ويرافقه وسيرافقه مستقبلاً ) تمزق وتشرذم للمشهد الفلسطيني والعربي على حد سواء بسبب عدم التبصر بدروس الماضي واستمرار اللدغ من نفس جحر مقيت بات معروفا واضحاً جلياً عنوانه يتجلى بأطماع وأجندة صهيونية كان آخر ما نفذ منها قبل أيام قلائل قرار ضم الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح وإدراجهما ضمن ما يسمى جزافاً بالتراث اليهودي!!.
ذاك لعمري أولاً ...
وثانياً ... وما يزيدني استغراباً على استغراب - تأكيداً لمستهل حديثي آنفاً – ذاك السبب والمبرر الذي دفع وزراء خارجية الدول العربية الأعضاء في لجنة متابعة مبادرة السلام العربية لعقد اجتماع في مقر جامعة الدول العربية في الثاني من آذار الجاري ليخرجوا بالتالي باتفاق على إعطاء الضوء العربي الأخضر لانطلاق مفاوضات وصفت بغير المباشرة هذه المرة بين الفلسطينيين وحكومة يهود والتي كانت قد كحلت عيناها هذه من خلال تحديد سقف زمني لتلك الدعوة لا يتجاوز الأشهر الأربعة، في الوقت الذي تناسى فيه وزراء خارجية العرب التصريح الصحفي الذي أدلى به الأمير سعود الفيصل أثناء جلسات مؤتمر حوار الأديان عام 2008 بخصوص الرد الصهيوني على مبادرة السلام العربية حيث قال نصاً وأقتبس (( الجانب المحبط من البيان الإسرائيلي في المؤتمر أنه اختار أجزاء من خطة السلام العربية وترك أجزاء أخرى لم يتطرق إليها. والخطة ليست مقترحا قابلا للتقسيم، واختيار ما هو مقبول وما هو غير مقبول، إنه اتفاق عبارة عن حزمة، وتم تقديمه كحزمة))، في إشارة منه إلى ما كان قد أدلى به شيمون بيريز أمام مؤتمر الأديان ذاك حيث أعلن عن ترحيبه بمبادرة السلام العربية ودعوته لضرورة تطبيع العلاقات بين الدول العربية وكيانه الغاصب دونما التطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى الشرط الذي وضعته المبادرة لتحقيق هذا التطبيع، وهو الانسحاب الكامل من كافة الأراضي المحتلة منذ عام 1967!!.

لقد تناسى وزراء خارجية العرب (كعادتهم دوماً) كيف كانت ردة فعل الكيان الصهيوني تجاه تلك المبادرة التي أعلنت عام 2002 وكيف تم تجاهلها وإجهاضها وعرقلة تنفيذها والاستخفاف بها، وها قد مرت ثماني سنوات منذ الإعلان عن تلك المبادرة في وقت لم نشهد خلالها إلا تعنتاً صهيونياً ورفضاً قاطعاً لها والتي تمثلت بتلك الممارسات العدائية من مسلسل الحروب والاجتياحات والدمار التي تسببت بها حكومات يهود نتيجة غطرستها وصلفها أولاً ومن أجل تنفيذ أجندتها التي عملت عليها ثانياً كمذبحة جنين عشية الإعلان عن تلك المبادرة وما تلاها من أحداث جسام كحرب لبنان 2006، وحربها وحصارها لغزة سنة 2009، واستمرارها في سياسة الاغتيالات لقادة المقاومة الفلسطينية والتي كان آخرها اغتيال الموساد للشهيد المبحوح، واستمرار سياسة الاستيطان وتهويد القدس وغيرها من الممارسات، مما يعطينا الدليل الدامغ على استخفاف حكومات يهود بها وتفسيرها المستمر لتهافت عربي رسمي مقيت على أنه رضوخ واستسلام للعدو الصهيوني وبأي شكل كان مما كان له أكبر الأثر في أن تدفع به نحو مزيد من الصلف والغطرسة والتوسع والاستيطان وصولاً منه لفرض الأمر الواقع!!.

تساؤلات لها ما يبررها :
1. أي دليل بات ينتظره قادة العرب وفلسطين على عدم جدية حكومات يهود المتعاقبة على تحقيق فرص السلام المضيعة لاسيما إذا ما قرأنا نص ما جاء في ديباجة بيان مبادرة السلام العربية (( إذ يؤكد ما أقره مؤتمر القمة العربي غير العادي في القاهرة في حزيران/يونيو 1996 من أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزاما مقابلا تؤكده إسرائيل في هذا الصدد.))!!.
2. وأي فرص حقيقية كانت تنتظرها حكومات يهود المتعاقبة ثم أضاعتها في ظل ما وجدوه من فقرات وبنود كانت قد أدرجت في بيان المبادرة العربية للسلام تضمنت اعترافات عربية بكيانهم الدخيل، وأقتبس نصها (( اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة))!!.
3. وأي سلام ذاك الذي تريده حكومات يهود وأي ضمانات تنتظرها من أجل تطبيع العلاقات معها أكثر صراحة ووضوحاً مما ورد في بيان المبادرة العربية تلك وأقتبس (( إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل))!!!..

لا أرى والحالة هذه من مناص إلا أن أردد عبارات الاستغراب والتعجب لما جبل عليه قادة عرب من حالات الإذعان والرضوخ وترضية حكومات يهود مما سيزيدهم صلفاً وتمنعاً ومكرا!!، وعجباً لقادة وأولي أمر عربي وفلسطيني الذين ما فتئوا يعرفون يقيناً ألا أمل بتحقيق سلام مع دولة الاحتلال التي ما انفكت تسخر بهم وتهافتهم على إرضائها بشتى السبل والوسائل!!، وعجباً لقادة وأولي أمر كانوا السبب المباشر دوماً في إضاعة الفرص وهدر الزمن والذي بات يستثمره العدو جيداً في ترسيخ أقدامه!!، ولخير دليل على ذلك ما جاء على لسان أمين عام الجامعة العربية السيد عمرو موسى حين قال في اجتماع الوزراء العرب الأخير وأقتبس نصاً (( على الرغم من عدم وجود إيمان بجدية إسرائيل، سنعطي المباحثات غير المباشرة فرصة أخيرة حتى نسهل الجهود الأمريكية، لكن بحدود أربعة أشهر))، كما ونوه قائلاً بأن الإجماع العربي كان يشير إلى أن " إسرائيل " غير مهتمة بإحياء محادثات السلام، وان البرهان على ذلك ما تقوم به في الأراضي المحتلة، وهي تصرفات تستهدف استفزاز الجانبين العربي والأمريكي!!!.

سؤال واضح وصريح نوجهه لقادة العرب وفلسطين ممن لا زالوا يصرون على المراهنة في إمكانية تحقيق السلام، لـِمَ لم تذعن قيادات حكومات يهود حتى الآن لما عرض عليها من فرص سلام وما تضمنته من تطبيع للعلاقات معهم واعتراف مباشر بكيانهم الغاصب!!؟.، والجواب بمنتهى البساطة والوضوح يكمن بما تلمسته حكومة يهود من حالة ضعف وهوان موقفنا العربي والفلسطيني الرسمي والتي لطالما رددها مسؤولون عرب وفلسطينيون بتصريحاتهم البائسة عن تشبثهم بخيار التفاوض والتي كان آخرها ما جاء على لسان السيد يوسف بن علوى بن عبد الله الوزير العمانى المسئول عن الشئون الخارجية حين أعلن عن تشبث الأنظمة العربية بخيار المفاوضات واعتباره نهجا ًوخياراً استراتيجياً ( دون التطرق بطبيعة الحال لخيار المقاومة ) حيث قال:
1. من أنه لا يمكن أن نحقق السلام ( إلا !!) بالمفاوضات وهي إحدى أسس المبادرة العربية، متناسياً في الوقت ذاته القولة الألمانية المأثورة ( إن أردت سلاماً طويلاً فهيئ لها مدافعك أولاً)!!.
2. إن الوزراء أعضاء لجنة مبادرة السلام العربية قد اتفقوا في نهاية النقاش على أن من أسس عملية السلام كخيار استراتيجي للعرب هي المفاوضات سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة (مع التمسك بالثوابت العربية التي جاءت في المبادرة العربية للسلام )!!.

وأعود ثانية للتساؤل ...
1. متى سيستوعب قادتنا العرب والفلسطينيون أن اليهود ليسوا أهلا لسلام أو التزام بعهود أو حفظ لمواثيق دولية!؟.
2. لـِمَ هذا الإصرار والعناد العربي على مضيعة الوقت مع عدو لا أمان له قد بات يراهن على ضعفنا وهواننا؟!.
3. ما الذي سيجري بعد انقضاء مهلة الأشهر الأربعة التي ذكرت بقرار موافقة العرب على انطلاق مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين وبين الكيان الصهيوني!!، أيعقل أنهم سيتبنون خياراً أكثر جدوى وفاعلية جنباً لجنب مع خيار عرض الأمر على الأمم المتحدة لتحقيق الشرعية الدولية التي لا وجود لها والحالة الصهيونية المستعصية!!؟.
4. متى سندرك بأن كلام الله سبحانه وتعالى أحق أن يتبع، وهو نبراسنا ودليل عملنا في حياتنا، حيث قال في محكم آياته (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم))!!؟.

سأراهنكم على التالي ... والأيام بيننا:
1. بأن الأشهر الأربعة ستنقضي، تماماً كما انقضت السنوات العجاف التي تلت محطة أوسلو، ليجد قادتنا العرب وأولو أمر فلسطين أنهم بما اتفقوا عليه من قرار انطلاق مفاوضات غير مباشرة، إنما كانوا يحرثون في البحر، فلا لاحت في الأفق تباشير إقامة دولة فلسطين، ولا تخلى الكيان الصهيوني بالتالي عن خططه وتنفيذ أجندته، وليس بغريب لو ابتلع ذاك الكيان حينذاك المسجد الأقصى وضمه للتراث اليهودي كخطوة طبيعية بعد ضمه الحرم الإبراهيمي الشريف !!.
2. أن أمريكا - التي انطلقت من أجل عيونها هذه المفاوضات غير المباشرة - غير معنية بالمرة بتحقيق السلام إلا بما يحقق للعدو الصهيوني أهدافه التوسعية وفرضه للأمر الواقع!!.
ساعتها فقط ... سأراهنكم ثانية أيضاً، بأن ما أخذه العدو بالقوة فإنه لا يسترد وحق الكعبة بغير التنظيم ورص الصف وتوحيد الكلمة ومواجهة العدو بنفس لغته التي يفهمها جيداً ويمارسها.
وإن غداً لناظره لقريب!!.

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
4 / 3 / 2010