المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمير المبدعين بفصحي واتاوية



الشاعرمحمدأسامةالبهائي
01/03/2007, 04:57 AM
أمير الشعراء
أحمد شوقي
نائـح الطلـح


يا نائِـحَ الطَلـحِ أَشبـاهٌ عَوادينـا = نَشجى لِواديـكَ أَم نَأسـى لِوادينـا
ماذا تَقُـصُّ عَلَينـا غَيـرَ أَنَّ يَـداً = قَصَّت جَناحَكَ جالَت في حَواشينـا
رَمى بِنا البَينُ أَيكاً غَيـرَ سامِرِنـا = أَخا الغَريـبِ وَظِـلّاً غَيـرَ نادينـا
كُلٌّ رَمَتهُ النَوى ريشَ الفِـراقُ لَنـا = سَهماً وَسُلَّ عَلَيـكَ البَيـنُ سِكّينـا
إِذا دَعا الشَوقُ لَم نَبرَح بِمُنصَـدِعٍ = مِـنَ الجَناحَيـنِ عَـيٍّ لا يُلَبّيـنـا
فَإِن يَكُ الجِنسُ يا اِبنَ الطَلحِ فَرَّقَنـا = إِنَّ المَصائِـبَ يَجمَعـنَ المُصابينـا
لَم تَـألُ مـاءَكَ تَحنانـاً وَلا ظَمَـأً = وَلا اِدِّكـاراً وَلا شَجـوا أَفانيـنـا
تَجُرُّ مِـن فَنَـنٍ ساقـاً إِلـى فَنَـنٍ = وَتَسحَبُ الذَيـلَ تَرتـادُ المُؤاسينـا
أُساةُ جِسمِكَ شَتّـى حيـنَ تَطلُبُهُـم = فَمَن لِروحِـكَ بِالنُطـسِ المُداوينـا
آهـا لَنـا نازِحـي أَيـكٍ بِأَندَلُـسٍ = وَإِن حَلَلنـا رَفيقـاً مِـن رَوابينـا
رَسمٌ وَقَفنا عَلى رَسـمِ الوَفـاءِ لَـهُ = نَجيشُ بِالدَمـعِ وَالإِجـلالِ يَثنينـا
لِفِتيَـةٍ لا تَنـالُ الأَرضُ أَدمُعَـهُـم = وَلا مَفـارِقَـهُـم إِلّا مُصَلّـيـنـا
لَو لَم يَسـودوا بِديـنٍ فيـهِ مَنبَهَـةٌ = لِلناسِ كانَت لَهُـم أَخلاقُهُـم دينـا
لَم نَسرِ مِن حَـرَمٍ إِلّا إِلـى حَـرَمٍ = كَالخَمرِ مِن بابِلٍ سـارَت لِدارينـا
لَمّا نَبا الخُلدُ نابَـت عَنـهُ نُسخَتُـهُ = تَماثُـلَ الـوَردِ خِيرِيّـاً وَنَسرينـا
نَسقي ثَراهُـم ثَنـاءً كُلَّمـا نُثِـرَت = دُموعُنـا نُظِمَـت مِنهـا مَراثينـا
كـادَت عُيـونُ قَوافينـا تُحَرِّكُـهُ = وَكِدنَ يوقِظنَ في التُربِ السَلاطينـا
لَكِنَّ مِصرَ وَإِن أَغضَت عَلى مِقَـةٍ = عَينٌ مِنَ الخُلـدِ بِالكافـورِ تَسقينـا
عَلـى جَوانِبِهـا رَفَّـت تَمائِمُـنـا = وَحَـولَ حافاتِهـا قامَـت رَواقينـا
مَلاعِـبٌ مَرِحَـت فيهـا مَآرِبُنـا = وَأَربُـعٌ أَنِسَـت فيـهـا أَمانيـنـا
وَمَطلَـعٌ لِسُعـودٍ مِـن أَواخِـرِنـا = وَمَغـرِبٌ لِجُـدودٍ مِـن أَواليـنـا
بِنّا فَلَم نَخـلُ مِـن رَوحٍ يُراوِحُنـا = مِن بَرِّ مِصـرَ وَرَيحـانٍ يُغادينـا
كَأُمِّ موسى عَلى اِسـمِ اللَـهِ تَكفُلُنـا = وَبِاِسمِهِ ذَهَبَـت فـي اليَـمِّ تُلقينـا
وَمِصرُ كَالكَرمِ ذي الإِحسانِ فاكِهَـةٌ= لِحاضِريـنَ وَأَكــوابٌ لِباديـنـا
يا سارِيَ البَرقِ يَرمي عَن جَوانِحِنا = بَعدَ الهُدوءِ وَيَهمـي عَـن مَآقينـا
لَمّا تَرَقرَقَ في دَمـعِ السَمـاءِ دَمـاً = هاجَ البُكا فَخَضَبنا الأَرضَ باكينـا
اللَيـلُ يَشهَـدُ لَـم نَهتِـك دَياجِيَـهُ = عَلى نِيـامٍ وَلَـم نَهتِـف بِسالينـا
وَالنَجمُ لَـم يَرَنـا إِلّا عَلـى قَـدَمٍ = قِيامَ لَيـلِ الهَـوى لِلعَهـدِ راعينـا
كَزَفرَةٍ فـي سَمـاءِ اللَيـلِ حائِـرَةٍ = مِمّـا نُـرَدِّدُ فيـهِ حيـنَ يُضوينـا
بِاللَهِ إِن جُبتَ ظَلماءَ العُبابِ عَلـى = نَجائِـبِ النـورِ مَحـدُوّاً بِجرينـا
تَـرُدُّ عَنـكَ يَـداهُ كُـلَّ عـادِيَـةٍ = إِنسـاً يَعِثـنَ فَسـاداً أَو شَياطينـا
حَتّى حَوَتكَ سَمـاءُ النيـلِ عالِيَـةٍ = عَلى الغُيوثِ وَإِن كانَـت مَيامينـا
وَأَحرَزَتكَ شُفوفُ الـلازَوَردِ عَلـى = وَشيِ الزَبَرجَدِ مِن أَفـوافِ وادينـا
وَحازَكَ الريـفُ أَرجـاءً مُؤَرَّجَـةً = رَبَت خَمائِـلَ وَاِهتَـزَّت بَساتينـا
فَقِف إِلى النيلِ وَاِهتُف في خَمائِلِـهِ = وَاِنزِل كَما نَزَلَ الطَـلُّ الرَياحينـا
وَآسِ ما باتَ يَذوي مِـن مَنازِلِنـا = بِالحادِثاتِ وَيَضـوى مِـن مَغانينـا
وَيا مُعَطِّرَةَ الوادي سَـرَت سَحَـراً = فَطابَ كُلُّ طُـروحٍ مِـن مَرامينـا
ذَكِيَّـةُ الذَيـلِ لَـو خِلنـا غِلالَتَهـا = قَميصَ يوسُفَ لَم نُحسَـب مُغالينـا
جَشِمتِ شَوكَ السُرى حَتّى أَتَيتِ لَنا = بِالـوَردِ كُتبـاً وَبِالرَيّـا عَناوينـا
فَلَـو جَزَينـاكِ بِـالأَرواحِ غالِيَـةً = عَن طيبِ مَسراكِ لَم تَنهَض جَوازينا
هَل مِـن ذُيولِـكِ مَسكِـيٌّ نُحَمِّلُـهُ = غَرائِبَ الشَوقِ وَشياً مِـن أَمالينـا
إِلـى الَّذيـنَ وَجَدنـا وُدَّ غَيرِهِـمُ = دُنيا وَوُدَّهُمو الصافـي هُـوَ الدينـا
يا مَن نَغارُ عَلَيهِم مِـن ضَمائِرِنـا = وَمِن مَصونِ هَواهُم فـي تَناجينـا
غابَ الحَنينُ إِلَيكُم فـي خَواطِرِنـا = عَنِ الـدَلالِ عَلَيكُـم فـي أَمانينـا
جِئنا إِلى الصَبـرِ نَدعـوهُ كَعادَتِنـا = في النائِبـاتِ فَلَـم يَأخُـذ بِأَيدينـا
وَما غُلِبنـا عَلـى دَمـعٍ وَلا جَلَـدٍ = حَتّى أَتَتنا نَواكُـم مِـن صَياصينـا
وَنابِغـي كَـأَنَّ الحَشـرَ آخِــرُهُ = تُميتُنـا فيـهِ ذِكراكُـم وَتُحييـنـا
نَطوي دُجاهُ بِجُرحٍ مِـن فُراقِكُمـو = يَكادُ في غَلَـسِ الأَسحـارِ يَطوينـا
إِذا رَسا النَجمُ لَم تَرقَـأ مَحاجِرُنـا = حَتّى يَـزولَ وَلَـم تَهـدَأ تَراقينـا
بِتنا نُقاسي الدَواهـي مِـن كَواكِبِـهِ = حَتّى قَعَدنا بِهـا حَسـرى تُقاسينـا
يَبـدو النَهـارُ فَيَخفيـهِ تَجَلُّـدُنـا = لِلشامِتـيـنَ وَيَـأسـوهُ تَأَسّيـنـا
سَقياً لِعَهدٍ كَأَكنـافِ الرُبـى رِفَـةً = أَنّى ذَهَبنا وَأَعطـافِ الصَبـا لينـا
إِذِ الزَمـانُ بِنـا غَينـاءُ زاهِـيَـةٌ = تَـرِفُّ أَوقاتُنـا فيهـا رَياحيـنـا
الوَصلُ صافِيَـةٌ وَالعَيـشُ ناغِيَـةٌ = وَالسَعدُ حاشِيَـةٌ وَالدَهـرُ ماشينـا
وَالشَمسُ تَختالُ في العِقيانِ تَحسَبُها = بَلقيسَ تَرفُلُ فـي وَشـيِ اليَمانينـا
وَالنيلُ يُقبِـلُ كَالدُنيـا إِذا اِحتَفَلَـت = لَو كـانَ فيهـا وَفـاءٌ لِلمُصافينـا
وَالسَعدُ لَو دامَ وَالنُعمى لَوِ اِطَّـرَدَت = وَالسَيلُ لَو عَفَّ وَالمِقدارُ لَـو دينـا
أَلقى عَلى الأَرضِ حَتّى رَدَّها ذَهَبـاً = ماءً لَمَسنا بِـهِ الإِكسيـرَ أَو طينـا
أَعداهُ مِن يُمنِهِ التابوتُ وَاِرتَسَمَـت = عَلى جَوانِبِهِ الأَنـوارُ مِـن سينـا
لَهُ مَبالِغُ ما في الخُلـقِ مِـن كَـرَمٍ = عَهـدُ الكِـرامِ وَميثـاقُ الوَفِيّيـنـا
لَم يَجرِ لِلدَهرِ إِعـذارٌ وَلا عُـرُسٌ = إِلّا بِأَيّامِـنـا أَو فــي لَيالـيـنـا
وَلا حَوى السَعدُ أَطغى فـي أَعِنَّتِـهِ = مِنّـا جِيـاداً وَلا أَرحـى مَيادينـا
نَحنُ اليَواقيتُ خاضَ النارَ جَوهَرُنا = وَلَم يَهُـن بِيَـدِ التَشتيـتِ غالينـا
وَلا يَحـولُ لَنـا صِبـغٌ وَلا خُلُـقٌ = إِذا تَلَـوَّنَ كَالحِـربـاءِ شانيـنـا
لَم تَنزِلِ الشَمسُ ميزاناً وَلا صَعَدَت = في مُلكِها الضَخمِ عَرشاً مِثلَ وادينا
أَلَـم تُؤَلَّـه عَلـى حافاتِـهِ وَرَأَت = عَلَيـهِ أَبناءَهـا الغُـرَّ المَياميـنـا
إِن غازَلَت شاطِئَيهِ في الضُحى لَبِسا = خَمائِلَ السُنـدُسِ المَوشِيَّـةِ الغينـا
وَباتَ كُلُّ مُجاجِ الوادِ مِـن شَجَـرٍ = لَوافِـظَ القَـزِّ بِالخيطـانِ تَرمينـا
وَهَذِهِ الأَرضُ مِن سَهلٍ وَمِن جَبَـلٍ = قَبـلَ القَياصِـرِ دِنّاهـا فَراعيـنـا
وَلَم يَضَع حَجَراً بانٍ عَلـى حَجَـرٍ = في الأَرضِ إِلّا عَلى آثـارِ بانينـا
كَأَنَّ أَهرامَ مِصرٍ حائِـطٌ نَهَضَـت = بِـهِ يَـدُ الدَهـرِ لا بُنيـانُ فانينـا
إيوانُهُ الفَخمُ مِـن عُليـا مَقاصِـرِهِ = يُفني المُلـوكَ وَلا يُبقـي الأَواوينـا
كَأَنَّهـا وَرِمـالاً حَولَهـا اِلتَطَمَـت = سَفيـنَـةٌ غَـرِقَـت إِلّا أَساطيـنـا
كَأَنَّها تَحـتَ لَألاءِ الضُحـى ذَهَبـاً = كُنوزُ فِرعَـونَ غَطَّيـنَ المَوازينـا
أَرضُ الأُبُـوَّةِ وَالميـلادِ طَيَّبَـهـا = مَرُّ الصِبا في ذُيولٍ مِـن تَصابينـا
كانَـت مُحَجَّلَـةٌ فيهـا مَواقِفُـنـا = غُـرّاً مُسَلسَلَـةَ المَجـرى قَوافينـا
فَـآبَ مِـن كُـرَةِ الأَيّـامِ لاعِبُنـا = وَثابَ مِن سِنَـةِ الأَحـلامِ لاهينـا
وَلَم نَـدَع لِلَيالـي صافِيـاً فَدَعَـت = بِأَن نَغَـصَّ فَقـالَ الدَهـرُ آمينـا
لَوِ اِستَطَعنا لَخُضنا الجَـوَّ صاعِقَـةً = وَالبَرَّ نارَ وَغىً وَالبَحـرَ غِسلينـا
سَعياً إِلى مِصرَ نَقضي حَقَّ ذاكِرِنـا = فيهـا إِذا نَسِـيَ الوافـي وَباكينـا
كَنزٌ بِحُلـوانَ عِنـدَ اللَـهِ نَطلُبُـهُ =خَيرَ الوَدائِعِ مِـن خَيـرِ المُؤَدّينـا
لَو غابَ كُلُّ عَزيـزٍ عَنـهُ غَيبَتَنـا = لَم يَأتِهِ الشَـوقُ إِلّا مِـن نَواحينـا
إِذا حَمَلنـا لِمِصـرٍ أَو لَـهُ شَجَنـاً = لَم نَدرِ أَيُّ هَوى الأُمَّيـنِ شاجينـا

د. جمال مرسي
01/03/2007, 09:00 AM
أخي الشاعر محمد أسامة
أسعد الله صباحك
و أشكر لك نقلك لهذه القصيدة الرائعة لأمير الشعراء أحمد شوقي
و بالفعل هي من قصائده الرائعة التي تأسر العقول و القلوب
دمت بخير
و لك الود
و قد قمت بتصغير الخط قليلاً كي تسهل القراءة

هلال الفارع
01/03/2007, 01:19 PM
الأخ العزيز محمد أسامة.
أقدّر لك ذوقك، وحسن اختيارك،
ولكن يا أخي الكريم تذكر أن هذه المساحة مخصصة للجديد من الإبداع،
أو على الأقل للمحاولات الشعرية.
أما قصائد الشعراء الكبار فهي تتربع شامخة في دواوينهم،
وإلا فإن من حق المتنبي وامرؤ القيس وبقية السلسلة الذهبية،
أن يطردونا جميعًا من فضاء الكلمة.
أرجوك أن تعذر صراحتي،
وتذكر أنني أعتز بك، وأتابعك، وبخاصة في إبداعك الشعبي.
هلال

زاهية بنت البحر
01/03/2007, 01:46 PM
ياالله ماأجمل هذا الصباح مع شوقي ,وحروف الحرير المضمخة بالحب والألق وعبير الياسمين..
ماأبدع هذه الفريدة وما أسمى معانيها ..سأعود إلى ديوانه لأروي ظمأي من منهل الشعر الجميل ..المحلق في فضاء الروعة والتفرد ..لك شكري وتقديري على هذه الهدية الغالية جدًا والله ,وإن لم يكن هنا مكانها المناسب , فهي ستظل معلقة فوق جدران القلب كأخواتها الفاتنات..:fl:
أختك
بنت البحر