المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تماثيل من لحم



هويدا صالح
01/03/2007, 05:16 PM
وفاء بنت كانت تفوز بكل الابتسامات الساحرة التي ترتسم علي وجوه الفتيان، تخجل أحيانا حين تفاجئها عيون البنات المتلصصة ، وهي تتمايل محتضنة كتبها وتسير بخطوات واثقة أمام الشباب ،وهم يتيهون عشقا فيها ، وأحيانا تتظاهر بعدم الاهتمام ، في الحقيقة كانت تتعمد أن تقف في محيط عيونهم وإن رأت أحدهم لم يلتفت إليها ، كانت تتعمد أن تقوم بأي حركة ملفتة للنظر ، حتى تأسره داخل عيونها ، كل الفتيات كن يغرن منها ويتجنبنها ، لم تحاول واحدة منهن الاقتراب منها أو حتى معرفة أي شيء عنها ، لم تحاول مرة أن تقترب من أي فتاة ، ظلت كذلك إلي أن أحبت كريم ، لكنها الحياة ، وحدها القادرة علي كل شئ. أخيرا وبعد محاولات عدة تخللها حقن لفقد الوعي نجح الطبيب في إدخال فكرة موته في رأسها ، حاولت الانتحار مرات عديدة . وفي كل مرة لا تستطيع.
تجلس وهي تنظر إلي السماء المختفية تحت سطح الحجرة تنادي ملاك الموت الذي خدع حبيبها أن يأتي ويأخذها إليه . أن يكون ملاكا رحيما ويلقي بها بين أحضانه . إن فعلها سترسم له لوحة جميلة خالص . لوحة لا تجعل الناس تخاف منه . ستظهره في هذه اللوحة وسيما وله أجنحة من نور تجعل الناس لا تهرب منه ، بل تتمنى أن يضمها بجناحيه النورانيين. لما فشلت في إغراء ملاك الموت قررت أن تعيد حبيبها من خلال لوحاتها وتماثيلها .
كيف يقسو عليها هذا الزوج الغلس . ألا يعرف أن هذه اللوحات التي يكرهها هي التي تحفظ عليها حياتها ؟ ألا يعرف ذلك الزوج القاسي أن هذه التماثيل التي تنحتها بروحها قبل أصابعها هي التي تمنعها من اللحاق بحبيبها ؟ ألا يعرف أن مرسمها هو الذي يعطيها القوة اللازمة لتحمل جسده الثقيل علي جسدها ؟ ألا يشعر بمقدار الألم الذي يسببه لها حين يأتيها كرها . تتحمل نفسه الكريه وهو يجسم فوقها ؟ . تتحمل كل شيء خوفا علي لوحاتها ومرسمها. ولما تصرخ متألمة ، يعتقد أنها تصرخ من المتعة. متي تملك القدرة علي اتخاذ قرار الانفصال ؟ لا تعرف ما يمنعها من هذه الخطوة خوفها علي أبنائها ، أم خوفها من مواجهة زوجة أبيها بفشل جديد يضاف للخيبات الكثيرة التي تعاني منها ؟
لفتت نظر سلوى منذ أول يوم رأتها واقفة بجانب أمها أمام مبني المدينة الجامعية ، ملابسها الضيقة ، وشعرها المتطاير وراء ظهرها ، كان مظهرها غريباً بالمقارنة بفتيات الصعيد ، تمّ قبولها في كلية الفنون الجميلة ، كانت تقف ساهمة ، والأم تمرر يدها علي خدها وتهمس لها ، لم تسمع سلوي صوت الأم ، ولكنها لاحظت شرود الفتاة ، بعدها نسيتها في زحمة الحياة في المدينة الجامعية ، سمعت كثيرا حكايات تصور مدي إعجابها بنفسها وجسدها سمعت أيضا أنها ترسم أجسام الشباب ، فكانت تخجل كثيرا حين تتخيلها جالسة أمام شاب شبه عار. ترسمه وتدقق النظر في وجهه وجسده. حاولت كثيرا أن تتقرب منها لتعرف كيف تفكر تلك البنت ؟ هل أحبت يوما أم أنها تكتفي بنظرات الإعجاب بها ؟ لم تستجب وفاء مرة لمحاولة سلوى التحدث إليها بحميمية ، رغم أنها تسكن في الحجرة المجاورة لها . عودتها أمها أن تعشق جسدها، كان يشاع عنها بين البنات أنها غير طبيعية ، كان من الأمور العادية عندها أن تجلس أمام المرآة الكبيرة التي تعلقها في حجرتها ، تنزلها من علي الحائط ثم تثبتها أمامها علي السرير ، وتجلس تتأمل جسدها ولا تخجل مطلقا إن دخلت عليها إحدى البنات وهي علي هذا الوضع الذي يبدو شاذا بالنسبة لهن .

اشرف الخريبي
03/03/2007, 10:36 PM
العزيزة هويدا
بديع هذا المقطع ولكنى اعتقد انه جزء من رواية له بقية
فى انتظار توضيحك


محبتى
اشرف

هويدا صالح
03/03/2007, 10:44 PM
العزيز أشرف الخريبي
دوما أنت بالقرب
ودوما تضع يدك علي أسرار النص
معك حق
هي جزء من رواية عشق البنات
وسأضيف بقية الشخصية
لك محبتي يا غالي

عبد الحميد الغرباوي
03/03/2007, 11:27 PM
الأديبة هويدا صالح، لقد حباك الله نعمة النفس الطويل في الكتابة، و هذا يعني أنك تخفين خلف سردك الدقيق روائية، أكيد سيكون لها حضور مائز في ساحة الرواية العربية.
و أهيب بالأخت العزيزة إن كانت تنوي إضافة باقي الشخصيات، أن تنقل عملها الروائي إلى منتدى الرواية، كي يأخذ حقه من المتابعة و الاهتمام.
مودتي

هويدا صالح
06/03/2007, 10:16 PM
المبدع المائز عبد الحميد الغرباوي
أشكر لك متابعتك وقراءتك الواعية
اعذرني لأنني أفتقد لتقنية التعامل مع المنتدي
ولكنني حين أقرر إضافة الرواية سأضيفها حتما في القسم الخاص بالرواية
لك تقديري ومحبتي