المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أكاذيب المستشرقين ... شبهات حول الوحي النبويّ !!!



الدكتورمروان الجاسمي الظفيري
13/10/2006, 09:55 AM
أكاذيب المستشرقين ...
شبهات حول الوحي النبويّ :

أطلق المستشرقون شبهات حول الوحي الإلهي لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان بعضها ترديدا لشبهات المشركين من قبل مثل دعوى الجنون، وكان بعضها فهما سقيما لما يعتري النبي الكريم عند حال الوحي زعموا أن النبي مصروع.. ونحن نواجه هذه الأكاذيب بالحقائق والبراهين.

أطلق المشركون ألسنتهم وأيديهم بالسوء على رسول الله صلى الله عليه، واختلقوا الأكاذيب فقالوا: إن محمدا مجنون...!!

لماذا؟!

لأنه جعل الآلهة إلها واحدا، ولأنه أمرهم بالنظر والفكر!!

وقد عرض القرآن مقالة هؤلاء السفهاء وناقشهم، وبين لهم طرائق الوصول إلى الحق، وكشف عن دخائل نفوسهم الخبيثة.

ولو تتبعنا حديث القرآن عن هذا الجانب فسنجده على النحو التالي: أولا قال تعالى: “وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ”.

والذكر هو القرآن وسمي به لشرف القرآن وعلو قدره، ولما فيه من الموعظة وخبر القرون السوالف.




د. محمد سيد أحمد المسير

عندما قال المشركون: “يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ” قصدوا الاستهزاء والتهكم.. فكان الرد المناسب لافترائهم هو: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” فما اتخذتموه سخريا، كتاب عظيم القدر فيه شرفكم، وعز من آمن به، وهو تنزيل الملك العلام، وسيظل محفوظا بعناية الله، يؤلف القلوب حوله، ويلهم الصدور حفظه، ويجعل العقول تهتم بشأنه، وتتوارثه الأجيال تواترا متصلا..

ثانيا: بين القرآن استكبارهم وافتراءهم فقال: “إنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ”.

فالقضية عند هؤلاء ليست بحثا عن الحق، وليست معرفة بالقيم، وليست التزاما بالصدق، وإنما هي التقاليد البالية والأعراف الفاسدة، والتعلق بمظاهر الحياة الخادعة.

وقد أوقعهم هذا في التخبط فحين يريدون اتهام الرسول بالجنون حيث لا فكر ولا وعي ولا اختيار يجمعون عليه وصف الشعر حيث الخيال الجامح، والتعبير الساحر، واختيار اللفظ البديع، والإيقاع المؤثر.

وكان الرد القرآني هنا هو: “بلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ”.

والحق هو الثابت، وهو المطابق للواقع، والمجنون لا يعرف الحق، والشاعر لا يلتزم بالواقع..

والدعوة إلى الحق هي رسالة كل نبي، وقد التقى هتاف محمد صلى الله عليه وسلم بهتاف إخوانه المرسلين، وتطابقا في المبدأ والمعاد وأصول العبادات ومكارم الأخلاق فليس في الأمر اختلاق ولا وهم.


قوة البراهين



ثالثا: كشف القرآن عن تخلف القوم العقلي مع وضوح الدلائل وقوة البراهين فقال: “أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُون”.

فدلائل النبوة واضحة، وكل من تأمل حياة محمد قبل الرسالة وبعدها عرف أنه الصادق الأمين، أيده الله بالمعجزة التي تتحداهم صباح مساء أن يأتوا بمثلها..

ومع ذلك يختفي جانب العقل ويلغى التفكير السليم، وتلقى التهم بعشوائية وتخبط، فيقال: إن محمدا صلى الله عليه وسلم تلميذ فاشل مخبول العقل فمتى كان محمد صلى الله عليه وسلم تلميذا!!

ومتى جلس إلى معلم؟! ومتى اعتراه الجنون؟!

رابعا: حرص القرآن في موضعين على تأكيد أن الاصطفاء الإلهي للوحي نعمة على محمد صلى الله عليه وسلم وأن الله خير الشاهدين على خلقه وسلوكه، فقال في سورة الطور: “فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ”..

وقال في سورة القلم: “مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ”.

وأعقب ذلك في السورة الأولى التحدي بالقرآن فقال: “فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِين”.

وتلا ذلك في السورة الثانية تحد من نوع آخر، يمكن أن نسميه التحدي بالخلق والسلوك المحمدي، فقال: “فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ”.

أي فستعلم يا محمد ويعلم الناس كافة من المجنون؟ ومن الضال عن الحق؟!

خامسا: انطلق القرآن في حديثه عن هذا الجانب انطلاقا يصعق قلوب المشركين ويزيدهم حيرة وقلقا واضطرابا..

إن الرسالة المحمدية ليست موجهة لكم فقط ولا خاصة بزمانكم أو أعمالكم، إنها رسالة للعالمين..!!

وإن الرسول الذي يحرص على هدايتكم ويقدم لكم سبيل شرفكم ومجدكم، مؤهل لقيادة العالمين، ويولي وجهه إلى الثقلين في دعوة مخلصة للتي هي أقوم..

وقد عبر القرآن عن هذا المعنى في موضعين: فقال في سورة القلم: “وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ”.


فجيعة للمشركين



وهكذا فجعت سورة القلم المشركين في عقيدتهم وعقولهم بأن هناك عالما أرحب هو مجال هذه الدعوة، وفاجأتهم بهذا الأمر العظيم.

وقال في سورة التكوير: “وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِين وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ”.

إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد وضحت لديه الدلائل، ويتحمل الرسالة في أمانة وصدق وثبات، محروسا بعناية الله، حتى تصل دعوته إلى الآفاق، ويبلغها للعالمين..

سادسا: خلال حديث القرآن في تعقب المشركين والرد عليهم في زعم الجنون لصاحب الرسالة العصماء، اتجه في أكثر من موضع إلى تسلية الرسول وتثبيت فؤاده، فلفت نظره إلى أن تلك سنة جارية مع رسل الله يتحملون البأساء والضراء، ويصبرون حتى يحكم الله بينهم وبين أقوامهم..

اتهم بالجنون موسى عليه السلام وهو يبسط آيات الأنفس والآفاق أمام فرعون مصر ويرشده إلى الحق في العقيدة قال تعالى في سورة الشعراء: “قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قَالَ إِن رسولكم الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُون قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونين قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِين وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِين قَالَ لِلْمَلأِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ”.


3 آيات



وهذا الحوار الطويل وما تبعه من أحداث أكده القرآن في سورة الذاريات في ثلاث آيات جمعت مواقف ثلاثة:

موقف موسى ودلائل نبوته.

موقف فرعون وجبروته.

موقف العدل الإلهي في ملاحقة المفسدين.

قال تعالى: “وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ”.

وقبيل انتهاء هذه السورة ساقت الآيات عبرة التاريخ وتشابه المكذبين وتقارب أفكارهم، فقالت: “كذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ”.

وفي سورة القمر ذكرت نفس التهمة لشيخ الأنبياء نوح عليه السلام فقالت: “كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ”.

وهكذا تعقب القرآن المجيد شوارد فكر هؤلاء المشركين، وبين تهافتهم وسوء منقلبهم ليظل ذلك آية بينة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم وتصديق الله تعالى له.
(مركز "الخليج" للدراسات)