المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أساليب التربية النبوية/ ذكر الصالحين/د.عثمان قدري مكانسي



نبيل الجلبي
16/03/2010, 11:23 PM
من أساليب التربية النبوية
ذكر الصالحين
الدكتور عثمان قدري مكانسي
إن الأذن لتسرع إلى سماع أخبار الصالحين وإن النفس لترغب أن تعرف أحوالهم وما يخصهم . فهم القدوة والمثل ، والراغب في الكمال يتأساهم ويتحسس خطاهم ، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهد أصحابه كل حين بأخبار الصالحين الأولين .
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال موسى عليه السلام يا رب ، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به .
قال رب العزة جلَّ وعلا : قل يا موسى : { لا إله إلا الله } .
قال : يا ربِّ ، كل عبادك يقولون هذا ؟ .
قال : يا موسى ، لو أن السموات السبع وعامرَهنَّ - غيري – والأرضين في كفة ، ولا إله إلا الله } في كفة ، لمالت بهن { لا إله إلا الله } .
فالسامع يسمع اسم سيدنا موسى – عليه السلام – وهو من الأنبياء أولي القوة ... والنفس المؤمنة تميل إليه وتحبه { وألقيت عليك محبة مني } ثم يسمع ما سأل ربَّه ، فيعلم أن هناك فائدة يفيد منها ، فـَلـْنـَعِ ما يقوله الله تعالى له ، ولنسِرْ على خطاه ، فمن استهدى المهديين اهتدى .
وهكذا يكون الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – بذكر حوارموسى – عليه السلام – مع ربه – قد غرس فينا حب { لا إله إلا الله } ، وعرَّفنا مكانتها ، وحثنا على الإيمان بها .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : بينا أيوب عليه السلام يغتسل عُرياناً ، فخرَّ عليه جراد من ذهب ، فجعل أيوب يحثي في ثوبه ، فناداه ربه عزَّ وجلَّ : يا أيوب ، ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟
قال : بلى ، - وعزتك – ولكن لا غنى لي عن بركتك .
فهذا النبي أيوب عليه السلام له في نفوس المسلمين حب وهوى لما عرف عنه من صبره على الابتلاء ـ والصبر من سمات الصالحين - والرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يرينا أن المال الصالح للعبد الصالح بركة ويمن ، وأن النفس البشرية تهوى المال { وتحبون المال حباً جما } ، وأن الله تعالى يختبر حتى الأنبياء ، وأن المال يشغل حتى كرام الناس .
فهذا أيوب عليه السلام ينسى أنه عريان فيشتغل بجمع الذهب ويحرص عليه ، والإنسان لا يعدم سبباً يعلل به حبه للمال ( ... ولكن لا غنى لي عن بركتك ..)
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بُعِثَ موسى وهو راعي غنم ، وبعث داود وهو راعي غنم ، وبعثت أنا وأنا أرعى غنماً لأهلي بأجياد .
وهل هناك أفضل من موسى وداود والأنبياء ، وعلى رأسهم رسول الله صلوات الله عليهم جميعاً ؟ ! .
ماذا كان عملهم ؟ لم كونوا تجاراً ولا ومهندسين أو أطباء أو مقاولين ، ولم يكونوا يسكنون القصور والبيوت الفخمة ، كانوا فقراء يرعون الغنم للناس ، فرعوا الأمم بعد ذلك .
والإنسان كما يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث : يشرُف ُ بعمله لا بنسبه ، وبإيمانه لا بحسبه ، وبروحه لا بماله ، وبعقله لا بطينه ، فعلى الإنسان أن يعمل ولا يحقرن شيئاً من عمله .
فآدم عليه السلام كان مزارعاً ، ونوح عليه السلام كان نجاراً ، وموسى عليه السلام كان راعياً ، وما من نبي إلا رعى الغنم ، وعلى الإنسان أن يأكل من عمل يده
( ما أكل امرؤ طعاماً قطُّ خيراً من عمل يده ) ، وعلى الإنسان أن يبحث عن اللقمة الحلال من العمل الحلال ، ففيها الأمن والأمان والصحة والعافية ، ورضى الرحمن .
إن ذكر الصالحين مدعاة للاقتداء بهم والسير على منوالهم .. اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين يا رب العالمين .