المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التقييم الاستراتيجي لقوى التأثير العالمي ( 2001 - 2020 )



محمد بن سعيد الفطيسي
19/03/2010, 06:57 PM
يستند هذا التقييم الاستراتيجي الموجز والذي أطلقنا عليه بتقييم " البوصلة " لأنه يحدد الاتجاه الاستراتيجي للقوى المؤثرة دوليا خلال مرحلة زمنية محددة على أسس علمية معينة , نطمح من خلاله للوصول الى ابرز القوى المرشحة والمؤهلة للهيمنة والسيادة على العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , ومن أهم تلك الأسس التي اعتمدنا وبنينا عليها هذا التقييم النقاط والأسس التالية :
أولا – مدى التأثير الجيوسياسي والجيواستراتيجي الذي أحدثته تلك الدولة على رقعة الشطرنج العالمية خلال العقد الأول من القرن 21 , و- بالطبع – فان التأثير المقصود يكون سلبا أو إيجابا , وسنحدد له 3 نقاط 0
ثانيا : مدى قدرة تلك الدولة وإمكانياتها الراهنة " اللوجستية " للتواصل والربط الجيوسياسي والجيواستراتيجي بين إمكانيات وقدرات الماضي – والمقصود بالماضي هنا – العقد الأول من القرن الحادي والعشرين , وتلك المطلوبة في المستقبل – أي – العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , وسنحدد لها 3 نقاط 0
ثالثا : القدرة على التأثير في مستقبل خارطة الشطرنج الدولية سلبا أو إيجابا من خلال الإمكانيات والقدرات الذاتية , - ونقصد بالإمكانيات هنا – الرؤية الاستراتيجية والفكر السياسي والاقتصادي والقدرات العسكري المتاحة والمتوفرة لها حاليا والمتوقعة أن تحصل عليها مستقبلا , وبالتالي فان تصرفات تلك الدولة ستؤثر في القرارات الدولية بشكل رئيسي , وحددنا لها 3 نقاط كذلك 0
وقبل التطرق الى هذا التقييم فإننا لابد ان نوضح بعض الأفكار الأساسية التي قام على أساسها هذا التقييم , ومن ابرز ما يمكن توضيحه في هذه النقطة تحديدا التالي :
أولا : أن العقد القادم سيكون عقدا متعدد الأقطاب , وبالتالي فان ذلك سيحتم تلقائيا على بعض القوى – أي – القوى المؤثرة والمقصودة من خلال هذا التقييم , البدء في وضع خارطتها الاستراتيجية للهيمنة على رقعة الشطرنج الدولية , ( لان هذه الهيمنة – بحسب ما يؤكده الخبير الاميريكي في العلوم السياسية جون ميرشهايمر – تضمن بناء على الظروف السائدة تحقيق أعظم أمن ممكن ) , وعليه فان الاتجاه الى الهيمنة والسيادة العالمية سيكون شرطا أساسيا للمنافسة على رقعة الشطرنج الدولية 0
ثانيا : لا يأخذ التقييم في الاعتبار التكتلات أو التحالفات الجماعية الدولية كأساس رئيسي لاعتبار الدول من القوى المؤثرة , بقدر ما يعتمد على التأثير الجيوسياسي والجيواستراتيجي الفردي الذي أحدثته تلك الدولة ويمكن ان تحدثه على خارطة الشطرنج الدولية خلال الفترة القادمة من خلال مساعيها للهيمنة والسيطرة الدولية وليس الإقليمية 0
ثالثا : يستثني التقييم الدول التي كان لها تأثير عالمي مرحلي , ولكنها وفي نفس الوقت – من وجهة نظر الباحث – لن تشكل تصرفاتها أو حتى إمكانياتها وقدراتها فرقا شاسعا على الخارطة السياسية الدولية خلال الفترة القادمة " على اقل تقدير " من القرن الحادي والعشرين كما هو الحال مع الهند وباكستان واليابان وتركيا وإيران وكوريا الشمالية , رغم انه سيكون لسياسات البعض منها الأثر الخطير على المستقبل العالمي 0
وعليه فان الدول المرشحة للهيمنة والتأثير الاستراتيجي "العالمي" على العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , وبناء على الأسس سالفة الذكر هي 3 دول عظمى فقط :- ( الولايات المتحدة الاميركية , روسيا الاتحادية , الصين الشعبية ) 0
* الولايات المتحدة الاميركية : تعتبر الولايات المتحدة الاميركية من أكثر الدول المؤثرة على ديناميكية السياسة الدولية من الناحيتين الجيوسياسية والجيواستراتيجية , حيث شكل حضورها كلاعب رئيسي على خارطة الشطرنج الدولية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أساس حركة التاريخ السياسي الحديث , فهي بكل بساطة كانت وراء حدوث أكثر من حرب شبه عالمية , واكبر الأزمات الاقتصادية خلال هذا القرن , وكان لصوتها ويدها التأثير البالغ على مسيرة العديد من دول العالم وشعوبها , كما أنها تملك من القدرات والإمكانيات السياسية والعسكرية والاقتصادية ما يجعلها بكل بساطة على رأس قائمة الدول المؤهلة لقيادة العقد الإنساني القادم كذلك ولو بطريقة اقل تحكما وسيطرة عن السنوات القادمة , كما سيكون لتصرفاتها وسياساتها العسكرية والاقتصادية التأثير الأكبر على مستقبل خارطة الشطرنج الدولية خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , وهي بذلك تنال نقاط التأثير القصوى التالية ( 3 – 3 – 3 ) 0
*روسيا الاتحادية : استطاعت روسيا الاتحادية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ان تؤثر كثيرا على خارطة الشطرنج الدولية من خلال بروزها كلاعب رئيسي في السياسة العالمية , وسببا مباشرة في حدوث واحدة من أهم الحروب خلال هذا العقد – أي – الحرب الروسية – الجورجية , والتي لازال فتيلها مشتعلا حتى الساعة , كما كان لتواجدها المستمر وتدخلاتها الايجابية على صعيد الملف النووي الإيراني والكوري الشمالي تأثيرا بالغ الأهمية 0
ولكنها – أي - روسيا لا تملك بعد تلك الإمكانيات والقدرات الجيوسياسية والجيواستراتيجية التي تستطيع من خلالها التأثير الشامل على خارطة السياسة الدولية كما هو الحال مع الولايات المتحدة الاميركية , ورغم الإمكانيات الروسية السياسية والاقتصادية والعسكرية اللوجستية الكبيرة لربط الحاضر بالمستقبل , وقدرتها الكبيرة على التأثير في خارطة الشطرنج الدولية خلال العقد القادم , ووجود رؤية إستراتيجية واضحة لنقل روسيا لمصافي الدول العالمية الكبرى المؤثرة , إلا ان ذلك لن يمكنها من التأثير العالمي الشامل , أو سيمكنها من تخطي الولايات المتحدة الاميركية خلال العقد الثاني من القرن 21 , وهي بذلك تنال نقاط التأثير التالية ( 3 – 3 – 2 ) 0
* الصين الشعبية : تعتبر الصين من الدول الاقتصادية العظمى العابرة للقارات , وقد كان لها بعض التأثير السياسي على خارطة الشطرنج الدولية خلال العقد الأول , وتحديدا على صعيد الملفين النوويين الإيراني والكوري الشمالي , ولكنها – وللأسف الشديد – لم تحدث ذلك الفرق الذي يمكن من خلاله ان نعتبرها قوة ذات تأثير عالمي بمعنى الكلمة , ورغم ان القيادة السياسية والعسكرية الصينية تملك الرؤية الاستراتيجية لنقل الصين خلال المرحلة القادمة الى مصافي الدول ذات التأثير العابر للقارات , إلا ان الصين والى الآن لا تملك بعد تلك القوة التي تمكنها من المحافظة بشكل كامل على مصالحها الاستراتيجية , أو ان تخوض حربا سيادية خارج حدودها الإقليمية 0
ولكننا نشير الى تنبه الصين الفعلي الى هذه النقطة تحديدا خلال الأعوام 2008-2009م , وهي بالتالي تؤكد سعيها بطريقة او بأخرى لوضع خارطتها للهيمنة والسيطرة ولو بطريقة غير مباشرة , ونقصد من خلال استغلال قوة اقتصادها القومي العالمي , ورغم أنها لا تملك بعد الإمكانيات للتواصل اللوجيستي ما بين رغباتها وطموحاتها وإمكانياتها الجيوسياسية والجيواستراتيجية , ولكننا لا نستبعد تحقيق ذلك خلال العقد القادم , في ظل الإمكانيات الاقتصادية الهائلة التي تملكها الصين , – وباختصار – نستطيع ان نؤكد بان الصين ستبقى القوة العظمى الاقتصادية الكبرى إقليميا فقط , مع استعداد واضح للبدء في المنافسة العالمية , وهي بذلك تنال نقاط التأثير التالية ( 2 – 2 – 1) 0