المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 148 ... سر تشبث أبي مازن بالخيار ( الستراتيجي )!!!.



سماك العبوشي
21/03/2010, 06:01 AM
مسامير وأزاهير 148 ...
سر تشبث أبي مازن بالخيار ( الستراتيجي )!!!.

لنخرج عن صمتنا قليلاً ولنقل الحقيقة، فرغم جسامة ما يجري في المشهد الفلسطيني هذه الأيام والمتمثل بقيام حكومة يهود بافتتاح كنيس الخراب في القدس، ومن قبلها ضمها للحرم الإبراهيمي الشريف وجامع بلال بن رباح وعدهما ضمن ( إرث يهود !!)، فإننا نرى أبناء الضفة الغربية ( على غير عادتهم ) في سبات عميق إلا من تلك المواجهات العنيفة المشرفة التي استمرت لأيام كان قد أشعلها أبناء القدس الغيارى وشاركهم أبناء الخليل، مما يستدعينا للتساؤل باستغراب عن حقيقة ما يجري، وكيف نفسر ذاك الصمت المطبق الذي ما تعودناه من أبناء الضفة المحتلة الغيارى تجاه ممارسات العدو وانتهاكاته!؟.

ولكي نقف على أسباب ذاك السبات غير الطبيعي في كثير من مدن الضفة الغربية، فما علينا إلا أن نعود بالزمن قليلاً إلى الوراء، وتحديداً إلى مؤتمر العقبة في حزيران 2003، إلى أيام التقى فيها السيد محمود عباس ( يوم كان رئيساً للوزارة الفلسطينية ) مع مجرم الحرب شارون، حيث تعهد فيها بوقف الانتفاضة المسلحة وذلك من أجل إعطاء الولايات المتحدة الأمريكية ( الحافز والمبرر !!) لإطلاق الدعم المادي الذي كانت قد وعدت به ثمناً رخيصاً جداً لتسوية مهلهلة أطلق عليها ( تسوية السلام ) ضمن خارطة الطريق التي على أساسها كان سيعلن عن إقامة دولة فلسطين الموعودة في عام 2005، وانقضى العام 2005، وأعقبته الأعوام 2006، 2007، 2008، 2009، 2010 فما النتيجة التي حصل عليها الفلسطينيون!؟، لا شيء يذكر:
1. فلا دولة فلسطينية تلوح في الأفق!!.
2. في ظل اتساع في الاستيطان، واستمرار حملات التهويد وما يرافقها من تهجير قسري!!.
3. فشل كبير في المفاوضات باعتراف رجالات السلطة الفلسطينية أنفسهم!!.
4. استمرار الحفر تحت المسجد الأقصى حتى آل للسقوط، تبعها ضم للحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال إلى إرث يهود تلاه افتتاح كنيس الخراب وعلى بعد أمتار عن المسجد الأقصى إيذاناً بقرب الإعلان عن إقامة هيكلهم الثالث المزعومم!!.
5. إنقسام حاد في المشهد الفلسطيني واعتداء همجي وحشي لقوات الاحتلال الصهيوني على غزة وأبنائها في ظل صمت مطبق من العرب وقيادة السلطة الفلسطينية!!.
6. ظهور تنسيق أمني بين قوات الأمن الفلسطينية مع قوات الاحتلال الصهيوني بإشراف الجنرال الأمريكي دايتون!!!!!.

ومن أجل استكمال الصورة تماماً، أدعوكم مجدداً للإبحار بالزمن للفترة التي أعقبت توقيع اتفاقية أوسلو بتاريخ 13 أيلول 1993، لنستذكر مقررات مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في شهر اكتوبر من العام ذاته في واشنطن والذي خصص للتقديم المساعدات المالية والعينية إلى السلطة الفلسطينية إلى أخرجت إلى النور آنذاك، حيث تم الاتفاق على البنود التالية ولنتساءل بعدها:
أولاً ... العمل على دعم عملية السلام بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية وذلك من خلال دفع عجلة التنمية الاقتصادية في المناطق الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، وتنفيذ المشاريع التي من المفترض أن تعمل على تحسين مستوى المعيشة ونوعية الحياة للفلسطينيين!!.
ثانياً ... الدعوة الحثيثة على إنشاء نظام "شرق أوسطي" قائم على أساس الأمن الجماعي، والاستقرار والتقدم لشعوب المنطقة؛ ومن ثم إلحاقها كسوق مشتركة بالنظام الاقتصادي العالمي الجديد.
ثالثاً ... احتواء أسباب النزاع وإزالة التوتر ومظاهر العنف،
رابعاً ... تشجيع إقتصاديات السوق، وترسيخ عمل المؤسسات الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان.
فما الذي تحقق من كل تلك البنود ذات الأحلام الوردية !؟.
لنستعرض معاً النتائج :
1. فعملية السلام متعطلة ولأسباب ومسببات لا تخفى على أحد، كما وازدادت وتيرة العنف واتسعت الاجتياحات للقوات الصهيونية برغم وجود قوات أمن فلسطينية يفترض أن من واجباتها الذود عن حياض السلطة وأبنائها والتصدي لتلك القوات ولقطعان الصهاينة!!.
2. لم تجر تنمية حقيقية في أراضي فلسطين المحتلة، وبالتالي لم ينعكس عنها تحسن لمستويات معيشة الفرد الفلسطيني كما وعد، والسبب في ذلك يكمن في أن تلك الأموال الممنوحة التي تهافتت عليها السلطة الفلسطينية لم تستثمر في مشاريع اقتصادية ذات جدوى أو نفع عام كما يجري عادة، بل على العكس تماماً، فلقد كان ثمن المنح والمساعدات الممنوحة من الدول المانحة وعلى رأسها بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية باهضاً ... وباهضاً جداً، والذي تسبب في تحجيم عمل المقاومة واصطياد رجالها والزج بهم في المعتقلات والسجون سواءً الفلسطينية والصهيونية على حد سواء!!.
3. استشراء ظاهرة الفساد المالي والإداري نتيجة تلك الأموال التي منحتها الدول المانحة وذلك لغياب الرقابة الفعَّالة الشفافة من طرف السلطة الفلسطينية!!.
4. بروز ظاهرة اتهام الانتفاضة على أنها تجري لمصلحة إسرائيل وأنها تدفع بها كي تتملص من استحقاقات السلام، وكأن إسرائيل جادة في مساعي السلام تلك!!.

لقد كانت المساعدات الأمريكية المخصصة للسلطة الفلسطينية السبب الرئيس في فساد الذمة وتحول المجتمع الفلسطيني إلى مجتمع استهلاكي غير منتج، علاوة على أنها قد تسببت في محاربة الموظف الفلسطيني في لقمة عيشه، ولا ننسى حقيقة بات يعرفها الجميع من أن تلك المساعدات قد كانت رهينة لموافقة لجنة خاصة منبثقة من الكونجرس الأمريكي ( لجنة الإعتمادات الخارجية ) والتي لا تصادق على إطلاق تلك المعونات إلا بعد اطلاعها على تقرير صادر من أجهزة المخابرات الأمريكية يوضح فيه ما نفذته السلطة الفلسطينية ومدى علاقتها بالحركات والفصائل الفلسطينية ومدى تأثير ذلك كله بأمن "إسرائيل، من هنا تتضح لنا جلياً حقيقة دور الجنرال دايتون في الضفة الغربية ودوره في تسيير القرارات وفق المصلحة الصهيونية في عدم إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية وجمع الكلمة، وهكذا تظهر لنا الأسباب الحقيقية لتشبث قيادة السلطة الفلسطينية بخيار التفاوض الستراتيجي وعزوفها تماماً عن الخيار الجماهيري المطالب بالمقاومة والتصدي وذلك لضمان انسيابية الأموال للسلطة والتي لا نعرف أين تصرف وأين تذهب!!؟.

الواقعية السياسية والاعتدال والعقلانية بالمواقف، مصطلحات تبرير الهزائم وقلة الضمير وضعف الإيمان تلك والتي لو أمعنا النظر فيها في قاموس بعض حكامنا وقادتنا ( العرب والفلسطينيين ) لرأيناها تعادل مفردات خيانة الواجب وقلة الضمير والخنوع للمحتل وطأطأة الرأس أمام اشتراطات دول الغرب الاستعمارية!!.
هكذا صنع أولو أمرنا من العرب والفلسطينيين مصطلح ( اختلال توازن القوى ) حين برروا طويلاً خنوعهم وهوانهم واذعانهم لاشتراطات العدو، وهكذا فقط عرفنا سر صلف وغطرسة الكيان الصهيوني المتأتية من ( واقعية ) و( اعتدال ) و ( عقلانية ) أولي أمرنا من العرب والفلسطينيين ... على حد سواء!!!.

سماك العبوشي
Simakali@yahoo.com
20 / 3 / 2010