المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفيلسوف الفريد : نصر الدين خوجة



آمنة أورباي
03/04/2010, 02:01 AM
:sm_smile: الفيلسوف الفريد : نصر الدين خوجة

في الأدب العربي، نسب حجا إلى أبو الغصن دُجين الفزاري الذي عاصر الدولة الأموية. وهو أقدم شخصيات جحا والنكات العربية تنسب له. وفي الأدب التركي، نسبت قصص جحا إلى الشيخ نصر الدين خوجه الرومي الذي عاش قي قونية معاصرا الحكم المغولي لبلاد الأناضول ومعظم القصص المعروفة في الأدب العالمي تنسب له.
اختلف الرواة والمؤرخون في شخصية جحا. فصوّره البعض كمجنون أو أبله. وقال البعض الآخر إنه رجل بكامل عقله ووعيه وإنه يتحامق ويدّعي الغفلة ليستطيع عرض آرائه النقدية والسخرية من الحكام بحرية تامة. اجتمعت كلها على أن له حمار يشاركه قصصه. وقي أشد حالات البلاهة، تجد عنده حب وتقدير للفكاهة.
كل شعب وكل أمة صمّمت لها (جحا) خاصاً بها بما يتـلاءم مع طبيعة تلك الأمة وظروف الحياة الاجتماعية فيها. ومع أن الأسماء تختلف وشكل الحكايات ربما يختلف أيضاً، ولكن شخصية (جحا) المغفّل الأحمق وحماره لم تتغيّر وهكذا تجد شخصية نصر الدين خوجه في تركيا. ومن الشخصيات التي شابهت جحا بالشخصية إلا أنها لم تكنى به فنذكر غابروفو بلغاريا المحبوب، وأرتين أرمينيا صاحب اللسان السليط، وآرو يوغسلافيا المغفل.
بعودة بسيطة إلى التاريخ تكتشف أن كل هذه الشخصيات في تلك الأمم قد ولدت واشتهرت في القرون المتأخرة، مما يدل أنها كونت شخصياتها بناء على شخصية دجين العربية الذي سبقهم. بل إنك تجد الطرائف الواردة في كتاب "نوادر جحا" (أي جحا العربي) المذكور في فهرست ابن النديم (377هـ) هي نفسها مستعملة في نوادر الأمم الأخرى ولم يختلف فيها غير أسماء المدن والملوك وتاريخ وقوع الحكاية مما يدل على الأصل العربي لهذه الشخصية.

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%AD%D8%A7

هذا هو تعريف قسم العربية من ويكيبيديا لشخصية نصر الدين خوجة .

و يأخذ الأتراك هذه الشخصية بجديّة كبيرة و يحلفون أنّها عاشت و تتلمذت على السيد محمود الحيراني و السيد الحاج إبراهيم و أنّها اشتغلت بمهنة القضاء, وأنّ لقب نصر الدين الحاج الذيّ أخذ شكل نصر الدين خوجة بعد ذلك, أسند لها بسبب مهنة القضاء هذه. وأنّ قبره معروف و يوجد في مدينة أكشهير التابعة لإيالة كونية, أعيد إنشاؤه في بداية القرن الماضي, وهو القبر الوحيد في العالم الذي يترتب على الزائر أن يطلق قهقهة عند الوصول إليه.

http://images.google.fr/imgres?imgurl=http://fotografligezirehberi.com/d/2541-2/aksehir_nasrettin_hoca_turbesi_3.jpg&imgrefurl=http://fotografligezirehberi.com/v/200707_motor_gezi/konya_kapadokya/aksehir_nasrettin_hoca_turbesi_3.jpg.html&usg=__tO5k3sVOP0trVQglK3tGY7sH0ss=&h=640&w=480&sz=122&hl=tr&start=14&sig2=D5WHgWNoCkKG8Pksj0A6ww&itbs=1&tbnid=TR9EEOej7zUAmM:&tbnh=137&tbnw=103&prev=/images%3Fq%3Dnasrettin%2Bhoca%26hl%3Dtr%26gbv%3D2% 26tbs%3Disch:1&ei=0CyqS9f3I83k-QbWvenaDw

و لقد أعلنت منظمّة اليونيسكو 1996 سنة نصر الدين خوجة.

وشخصية نصر الدين خوجة التّي أحبّذها هي تلك المتميّزة بذكائها وطرافتها, و ليست تلك الساذجة, المتطفّلة, الأنانية, السيئة الخلق, و التّي أعتبرها انحرافا لشخصية نصر الدين الحقيقية التيّ لا أظن أن تسميتها جاءت عبثا , فهي "ناصرة للدين" برجاحة العقل و بمنطق الحكمة و العدل و الإنصاف, أي بعبارة أخرى, بخلق الإسلام ممزوجة بالطرافة و النكتة.
وهذه عيّنة من طرائف نصر الدين خوجة التّي أرجو أن تقتلع منّكم ضحكة أو على الأقل بسمة.



ولكن هذا, يفكّر...

كان نصر الدين خوجة يتجوّل في السوق يوما, فرأى رجلا يعرض عصفورا صغيرا للبيع بأكجتين , فقال في نفسه :" إذا كان هذا العصفور الصغير يُباع بهذا السعر, فيمكن أن أبيع أنا ديكي الهندي الكبير بعشرين آكجة على الأقل ".
وفي اليوم التالي, رجع إلى السوق متأبطا ديكه, و اقترح عشرين آكجة سعرا له. فلم يقبل أحد أن يعطي فيه أكثر من أكجتين. فسألوه متعجبين :"يا خوجة, كيف يمكن أن يتجاوز سعر الديك الأكجتين ؟"
فأجاب الخوجة بتعجّب :" ولما لا ؟ ألم يُبع البارح هنا, عصفور صغير بأكجتين كاملتين ؟ فديكي السمين الكبير هذا يساوي أكثر بكلّ تأكيد."
- "نعم ولكن خوجة ذاك ببغاء ، وهو يتكلم، ولهذا السبب هو باهظ الثمن."
فأجاب الخوجة وهو يمسح رأس ديكه " نعم ذاك يتكلّم , ولكن هذا.. يفكّر.."

يا رب ! أنت أعلم بما فيه الخير لنا !

في يوم من أيّام الصيف الحّارة, و بعد عمل شاق في الحقل, أخلد نصر الدين خوجة إلى الراحة تحت ظلّ شجرة جوز. فأخذ يتطّلع إلى حبّات الجوز المتدلية من أغصان الشجرة. ثمّ نظر إلى البطيخ المتناثر عند قدميه، فقال في نفسه : أنا أعلم أن الله خلق كلّ شيء على أحسن حال, و لكن كيف يمكن للجوز الذي لا يتجاوز حجمه حجم البيضة, أن ينمو فوق أغصان شجرة سميكة, في حين البطيخ الضخم, متناثر على الأرض, و لا تمسكه إلاّ فروع رقيقة و هشة ؟ وفجأة سقطت عليه جوزة فأوجعته رأسه. فرفع عينيه إلى السماء و قال :" ياربّي يا كبير, اغفر لي معارضتي على حكمك، أنت خير من يعلم ما يناسبنا, فلو كان البطيخ ينمو فوق أغصان الشجر, فكيف كان سيكون حال جمجمتي الآن ؟!".

بكلمة من تثق ؟

جاء الجّار إلي نصر الدين خوجة يوما, و طلب منه أن يعيره حماره. فأخبره نصر الدين أن الحمار غير موجود, لأنّه أعاره إلى شخص آخر. ولكن, وفي تلك اللّحظة ارتفع نهيق الحمار من الإسطبل.
فقال له جاره: أتسخر منّي ؟ حمارك هنا, إنني أسمعه !
فقال له نصر الدين خوجة: بكلمة من تثق ؟ بكلمتي أم بكلمة حمار ؟

اكتظاظ كبير هنا !

تزوج نصر الدين خوجة بعد أن فقد زوجته من أرملة. و منذ اليوم الأوّل بدأت في تمجيد مزايا زوجها الأول، و لم تنقطع ليلا ولا نهارا عن الحديث عنه. فضاق نصر الدين خوجة بذلك ضرعا ، و لكن لم يبد لها شيئا, بل أخذ هو الآخر في تمجيد مزايا زوجته الأولى.
و في ليلة من الليالي, وقد تحدثت زوجته مرة أخرى عن زوجها الأول ، دفعها نصر الدين خوجة فسقطت من السرير.
فصاحت به غاضبة : لماذا أسقطني من السرير؟
فقال لها نصر الدين خوجة : أنت و زوجك ، و أنا و زوجتي ، إنّه اكتظاظ كبير في سرير صغير!

ليس للسارق من ذنب

سُرق لنصر الدين خوجة حماره يوما. فما إن أخبر جيرانه و هو مهموم, حتّى تعالت الأصوات من كلّ جانب
فقال الأوّل: يا حودجة, لماذا لم تضع قفلا جيّدا على باب الإسطبل ؟
و قال ثاني: كيف لم تتفطّن لدخول السّارق إلى دارك ؟
و أضاف آخر: أنّي ألومك يا خوجة, فأنت هو سبب سرقة حمارك, فانظر إلى إسطبلك, إنّه في حالة يُرثى لها, وكأنّه سيتداعى إلى السقوط من حين لآخر .
فغضب نصر الدين خوجة و صاح
:" هل كلّ الذنوب هي ذنوبي أنا و ليس للسارق من ذنب أبدا ؟".

كُل يا فروي كُل

دُعي نصر الدين خوجة إلى وليمة, فذهب وهو يرتدي ملابسه العادية، فلم يلتفت إليه أحد
و لم يُدع لا إلى جلوس ولا إلى طعام, فانزعج الخوجة لذلك كثيرا.
فأسرع إلى داره و ضع على كتفيه فرو العيد الذي عنده, ثمّ عاد إلى الوليمة. فعندما رأوه بذلك الفرو, أظهروا هذه المرّة كلّ التقدير و التبجيل, و أجلسوه في أحسن مكان, ثمّ صففّوا أمامه ما لذّ و طاب من المأكولات , فأمسك الخوجة بمعطفه و أغطس حافته في طبق الحساء قائلا بصوت مرتفع يسمعه الجميع "- كُل يا فروي كُل... فتعجّب الحضور و سألوه : ماذا تفعل خوجة أفندي ؟ أيأكل الفرو الطعام ؟ فأجاب الخوجة: "ما دام الفرو هو الذي حضي بكلّ الاحترام و التبجيل, فمن حقّه أن يأكل من طعام الوليمة".

الوافي بعهد اللّه

قرّر الخوجة يوما أن يبيع زيتونا له في السوق. فاقتربت منه امرأة و سألت عن سعره. فأخبرها الخوجة...فوجدته باهظا. و لكن أراد الخوجة إلاّ أن يبيعها الزيتون، نظرا أنّه لم يكن قد استفتح البيع بعد. فقال " ذوقي طعمه أولا..."
فقالت المرأة " حتّى و إن أعجبني, فلن أدفع لك أجرته الآن"
فأجاب الخوجة " يا سيدتي, لا يهمّ , تدفعين ثمنه في ما بعد, فتذوقي طعمه أولا ..."
فأعرضت المرأة ثانية قائلة" لا يمكن, أنا اليوم صائمة, فمنذ ثلاث سنوات مرضت في يوم من أيّام شهر رمضان فلم أصمه، وها أنا اليوم أسدّد ديني"
فصاح الخوجة " لا سيدتي، أنا غيّرت رأيي، فمن يؤدي دين اللّه بعد ثلاث سنوات كاملة, يعلم اللّه متى سيؤدي دين زيتوني".

خوجة في المدرسة

عندما كان نصر الدين طفلا, أُخضع إلى اختبار للدخول إلى المدرسة. فكان الأطفال يمرّون بالتوالي أمام معلم صعب المزاج.
وحين وصل الدور إلى نصر الدين , أعطاه المعلّم رسما يحتوي على آثار أقدام طير على الرمل.
-أيمكنك أن تتعرّف على هذا الطير ؟
-هذا دوريّ
-كلاّ! يا ولدي, إنّه خطاف, و هذا ؟
-إنّه نسر
-لا إنّه البازي, و هذا ؟
-غزالة
-لا ! إنّه جديّ, آسف, أنت مرفوض , و لكن ما هو اسمك ؟
فخلع نعليه, و أراه حافة قديميه قائلا :
-مادمت تعرف كلّ شيء, فأعرفه بنفسك.
ثمّ فرّ راكضا قبل أن يفهم المعلّم الذي يجري.

هيثم الزهاوي
03/04/2010, 03:50 PM
أحييك أخت آمنة على هذا الموضوع الطريف وأوافقك الرأي أن ثقافة الشعوب ما هي إلا امتداد واحدة لتلك الأخرى. وانتابتني سعادة كبيرة أيضاً وأنا أقرأ موضوعك هذا..هكذا إذا المنتدى التركي يبرهن على أنه جسر يربط الثقافة التركية بالثقافة العربية اللتين امتزجتا معا لعدة قرون مضت. ونصرالدين خوجة لم يترك باباً عند الأتراك إلا وطرقه..فالكل يروي نوادره وفكاهاته وعباراته الفلسفية. وأذكر نادرة أخرى من نوادره الجميلة المعروفة إذ ذهب نصر الدين خوجة يوماً الى ساحل بحيرة قريبة مع قليل من اللبن الخاثر وبدأ يحل الخاثر في الماء ويطرقه...وقف الجميع بالقرب من نصرالدين خوجة يتملكهم العجب ولم يتداركوا أنفسهم عن السؤال عما يفعل فأجابهم أنه يخثر الماء عسى أن يتحول الى لبن!!!...فضحك القوم هازئين به وقالوا بصوت واحد " وكيف يمكن أن يتخثر ماء البحيرة ويتحول الى لبن يا خوجة؟ ". فأجابهم: " وماذا لو أنه حصل؟" أي أن خسارة القليل لاتعني شيئاً أمام المكسب الضخم الذي قد يتحقق ولو أن إحتمالية تحققه قليلة جداً. أليس هذا ما نفعله عندما نقتني بطاقات قرعة اليانصيب؟ شكراً جزيلاً أخت آمنة على مشاركتك وجميع رواد المنتدى التركي بانتظار إبداعاتك الجديدة.

آمنة أورباي
05/04/2010, 12:28 PM
أحييك أخت آمنة على هذا الموضوع الطريف وأوافقك الرأي أن ثقافة الشعوب ما هي إلا امتداد واحدة لتلك الأخرى. وانتابتني سعادة كبيرة أيضاً وأنا أقرأ موضوعك هذا..هكذا إذا المنتدى التركي يبرهن على أنه جسر يربط الثقافة التركية بالثقافة العربية اللتين امتزجتا معا لعدة قرون مضت. ونصرالدين خوجة لم يترك باباً عند الأتراك إلا وطرقه..فالكل يروي نوادره وفكاهاته وعباراته الفلسفية. وأذكر نادرة أخرى من نوادره الجميلة المعروفة إذ ذهب نصر الدين خوجة يوماً الى ساحل بحيرة قريبة مع قليل من اللبن الخاثر وبدأ يحل الخاثر في الماء ويطرقه...وقف الجميع بالقرب من نصرالدين خوجة يتملكهم العجب ولم يتداركوا أنفسهم عن السؤال عما يفعل فأجابهم أنه يخثر الماء عسى أن يتحول الى لبن!!!...فضحك القوم هازئين به وقالوا بصوت واحد " وكيف يمكن أن يتخثر ماء البحيرة ويتحول الى لبن يا خوجة؟ ". فأجابهم: " وماذا لو أنه حصل؟" أي أن خسارة القليل لاتعني شيئاً أمام المكسب الضخم الذي قد يتحقق ولو أن إحتمالية تحققه قليلة جداً. أليس هذا ما نفعله عندما نقتني بطاقات قرعة اليانصيب؟ شكراً جزيلاً أخت آمنة على مشاركتك وجميع رواد المنتدى التركي بانتظار إبداعاتك الجديدة.

فعلا سيد هيثم قصة "peki ya olursa" من قصص نصر الدين الفريدة. ولقد عثرت على رابط يدعى ŞU BİZİM NASREDDİN HOCA' MIZ , مؤلفه هو أردينش بابا دجان الذي لم يكتف بسرد قصص نصر الدين فيه, بل ذكر العبر التّي يمكن أن نستنتجها منها. و الطريف أنّه عند قراءة القصص قراءة عميقة نلاحظ كم هي معاصرة لزماننا هذا بكلّ عقده و إشكالاته. فالإنسان هو الإنسان مهما تغيّر الزمان.أكرمك اللّه.
http://nasrettinhocafikralari.com/

محمد علي الهاني
20/04/2010, 09:58 PM
الأخت الفاضلة الأستاذة الجليلة آمنة

أحسنتِ اختيار الموضوع ؛ فأفدتِ وأمتعتِ ...

تحيّاتي وودي وتقديري.