المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا ماما ... كل متسوّل كذّاب ....!!



صالح العمر
04/04/2010, 04:41 PM
يقول يرحمه الله ...!!

يا ماما ... كل متسوّل كذّاب ...!!


http://www7.0zz0.com/2010/04/04/13/408080265.jpg (http://www.0zz0.com)


ماتت أمه في اليوم الذي ابتدأت في حياته... فأخرجه الله حيّاً من أحشاء أمٍ لفظت أنفاسها ساعة وضعته...

تناقلته الأيادي , واختلفت عليه المراضع , وتعدّدت له الأمهات...

احتوته عمته المريضة... وأفاضت عليه الحنان والعطف ولكن المرض لم يمهلها... بل انتزع روحها من جسمها المكدود...

أودعه والده داراً للرعايةِ حتى تزوج بأخرى...

ثم استرده إلى بيته ... ولكن هذه المرة ... لا لأمه... ولا لعمته ... إنما لزوجة والده ....

عاش في ذلك المنزل ما شاء الله له أن يعيش ... شرب من نفس الكأس التي شرب منها مَن عاش عند زوجة أبيه...

صبر... وجاهد ... في سنٍ لم يكن يعرف فيها معنىً للصبر ولا المجاهدة... إنّما هو طريقٌ أبصره أمامه ... فمشى فيه...!!

بلغ السابعة من عمره ... وبدلاً من أن يقوده والده إلى المدرسة... حمل الناس والده على الأكتاف إلى المقبرة بعد حادث سيارة أليم ...!!


لا مجال للدراسة الآن ... يجب أن تعمل وتحضر المال أو تموت من الجوع ...

بهذه الكلمات صرخت زوجة والده في وجهه عندما سألها...

متى سأذهب إلى المدرسة مثل أبناء الجيران ...؟؟

ابتدأت رحلة العمل ... طفلٌ في السابعةِ من عمره يعمل في توصيل الطلبات من السوبر ماركت إلى المنازل...

يقضي يومه يجوب الشوارع... ويطرق الأبواب... يتعرّض في ليله ونهاره لكل ما يتعرّض له طفل في السابعة من عمره ليس له أمٌ ولا أبٌ يقضي يومه يجوب الشوارع ويطرق الأبواب...
صبَر... وجاهد... في سنٍّ لم يكن يعرف فيها للصبر ولا للمجاهدة معنى... إنما هو طريق وجد نفسه فيه فمشى عليه ...!!
بلغ العاشرة من عمره فوجد نفسه مطروداً من بيت والده ...بعد أن تزوّجَت زوجةُ أبيه برجلٍ آخر...

أخبرته بكل قسوةٍ قائلةً... لقد تزوّجتُ الآن يا مازن ... ولا مكان لك عندي ... اذهب يا مازن وابحث لك عن مكان آخر... اذهب يا مازن ولا ترجع إلى هنا أبداً...!!

طفلٌ في العاشرةِ من عمره اسمه مازن ... لا يعرف أمه... ولا يذكر شكل والده... يسير طوال النهار باحثاً عن عمل...
يفترش الثرى... ويلتحف السماء... يقصد المساجد في أوقات الصلاة... لا للصلاة... فهو لا يعرف صلاةً ولا يعرف قرآناً... ما قرأ حرفاً ... ولا كتب خطاً... لا يعرف من المدرسةِ إلا اسمها... يدخل المسجد ليستريح فيه وينام ...حتى إذا انقضت الصلاة... أخرجه حارس المسجد وأقفل الأبواب....

أما طعامه... فهو يشارك القطط في نبش القمامة يبحث عن بقايا الأكل ... ويحرص على التواجد في قصور الأفراح والمناسبات... ينتظر انتهاء المناسبة ومغادرة الضيوف... ليدخل إلى صالة الطعام علّه أن يجد فيها ما يسد جوعه ويكفيه يومه وليلته...

وقف مازن يوماً أمام كشكٍ لبيع العصائر والمرطبات...
يشاهد صور الفواكه... ويراقب الناس وهم يشربون العصائر مستمتعين... اقترب أكثر... وأخذ يراقب البائع كيف يعصر البرتقال... ويفرغه في أكواب بأحجام مختلفة ... ومن ثم يضيف إليه قطع الثلج الصغيرة ...ويقدمه للمشتري ...اقترب أكثر ...ووضع يديه على الزجاجة الأمامية... وألصق وجهه فيها... يشاهد الفواكه الطازجة... ويمنّي نفسه ...حتّى انتبه له البائع... فنهره ...وطرده...

قال مازن... أريد كأساً من العصير.

قال البائع... قيمة الكأس الواحدة عشرة ريالات.

قال مازن... لا يوجد معي ريالات.

قال البائع... إذًا اذهب إلى ( بابا ) .

قال مازن... ولكن ليس عندي ( بابا )

قال البائع... أين ( ماما ) يا ولد.

قال مازن... لست أعرف ( ماما ).

قال البائع... إذاً عندما تنجح فسأعطيك بالمجان.

قال مازن... ما دخلت المدرسة.

قال البائع...اذهب يا ولد إلى بيتكم فقد ضاع وقتي معك.

قال مازن... يا سيدي.. أين بيتي..؟؟ ليس عندي بيت.

طُرِد مازن...

ولم يعد له همٌّ إلا هذه الريالات العشرة ...كيف يحضرها ... وأين سيجدها... ومن أين سيجمعها...؟؟
http://www4.0zz0.com/2010/04/04/13/278454552.jpg (http://www.0zz0.com)

قادته خطاه يوماً إلى شارعٍ عامٍّ مزدحمٍ... وقف عند إشارة المرور... وعندما أضاءت باللون الأحمر ... واصطفت السيارات عندها ... توجّه إلى أقرب سيارةٍ عنده ... طرق الزجاجة... فأنزلها السائق... نظر مازن إلى داخل السيارة ... رأى زوجة أبيه وزوجها الجديد وبينهما طفلةٌ صغيرةٌ في يدها اليمنى كأس من عصير البرتقال ... وفي يدها اليسرى قطعة شوكولاتة لذيذة...


زجره الرجل... ماذا تريد ..؟؟

قال مازن... أنا مازن ...أنا مازن يا عمتي...

قال الرجل... ابتعد... ماذا تريد يا ولد ... هل تعرفينه يا نوال ...؟؟

قالت نوال... لا.. لا ...لا أعرفه... ومن أين لي أن أعرف هذه الأشكال...؟؟

قال مازن... أنا أعرفك... أنت عمتي نوال ...أرجوك يا عمتي أعطيني ريال... أريد أن أجمع قيمة عصير البرتقال...

قال الرجل ... من هذا يا نوال...؟؟

قالت نوال... لا أعرفه ...أضاءت الإشارة... هيا انطلق في الحال ...

أغلق الرجل الزجاجة... صاح مازن... فقط ريال... يا عمتي ...عمتي نوال... أريد أن أشتري عصير برتقال... ريال واحد... فقط ريال...



http://www3.0zz0.com/2010/04/04/12/872641103.jpg (http://www.0zz0.com)


توارت السيارة بين أرتال السيارات واختفت...

قالت نوال... من هذا القذر المتسول الذي يعرف اسمي يا ترى... مازن... من هو مازن ...لا أعرفه...!!

قال الرجل... لا يهم يا عزيزتي... قد يكون الأمر مجرد صدفه...بالتأكيد قد تكون صدفة...

ضحكت نوال... صدفة غريبة...

ضحك الرجل... فعلاً صدفة غريبة...

التفتت نوال إلى ابنتها الصغيرة قائلة... كيف أنت يا منى...؟؟

قالت منى ... ماما ...ماما ... من هذا الولد ... ثيابه متسخة ... وليس عليه أحذية ... بابا ... لماذا لم تعطه ريال ...؟؟

قالت نوال ... لا يا ماما ... هذا سارق ...وكذّاب... حرام شرعاً نعطيه حتى ريال ... لأنه ليس بفقير ...انه يجمع المال الكثير...

قال الرجل ...عندما أعطيه ريال يا بنيتي ... فأنا أساهم في انتشار ظاهرة التسول....

قالت منى ...لكن يا( بابا) ويا ( ماما) ... هذا مسكين ... ( وما هو لاقي أي شي يآكله ...وما معاه مثلي عصير برتقال )...

قال الرجل ... اسمعي يا منى ... وهذي قاعدة ...

ما فيه أحد فقير في ها لبلد ...وكل متسول في هالبلد كذّاب...

قالت منى ...( والعجوز اللي شفناها قبل كم يوم تقول ماني لاقيه قيمة فاتورة الكهربا ) ...؟؟

قالت نوال ... كذب ودجل .. يا منى... ما فيه احد فقير في هذا البلد ...

قالت منى .... (والمعاق اللي واقف في عز الظهر ... يجمع قيمة علاج ودواء) ...؟؟

قالت نوال ... مكر وخداع ... يا منى ... ما فيه احد فقير في هذا البلد ...
قالت منى ...( ورجال يبكون ... من هموم ... ومن ديون ... يشتكون أمراض ...وعيال ... وقهر الرجال) ...ما اعتقد رجال تنزل دمعته ...مكر وخداع...!!!

قالت نوال ... احتيال ...يا ماما احتيال .... يا منى ... ما فيه احد فقير في هذا البلد...

قالت منى ... ( بس الرسول ما رد سائل في حياته ... مو الله قال ... لازم المسلم يتصدق ... ويساعد اخوانه المسلمين ...؟؟
مو الله قال....

قال الرجل ... بنبرة غضب .... بس يا بنتي... افهمي .. ما فيه احد فقير في هذا البلد ... افهمي يا بنتي ... فهمتي يا منى ...؟؟

قالت منى ...( أيوه يا(بابا) فهمت ) ...كل متسوّل في هذا البلد دجّال ...
( وما فيه احد فقير في مملكتنا الغنيّة )

وشربت منى عصيرها ... وارتمت في حضن أمها ...ونامت ...

ولازال مازن ... يجمع ثمن عصير البرتقال ...
في كل مسجد ...
عند كل إشارة ...
عند كل محطة بنزين ...

نشوف مازن ... وغير مازن ... ونبقى نردد ...
كذّاب...(وما فيه احد فقير في هالبلد ) ...

كل متسوّل في هذا البلد ..... كذّاب ....



صالح العمر