المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاستضمار والاستحضار في القص القصيرة جدا عند لغتيري كتبها محمد معتصم الناقد الأدبي



مصطفى لغتيري
04/03/2007, 03:09 PM
محمد معتصم
الناقد الأدبي
الاستضمار والاستحضار
في القص القصيرة جدا لمصطفى لغتيري
1/ ظاهرة القصة القصيرة جدا بالمغرب:
يشهد المغرب حاليا اهتماما بالقصة القصيرة جدا نظرا لعدد الكتاب الذي ينتجون في هذا النمط من الكتابة. وكل له مؤهلاته وتصورات العملية والنظرية التي يستند عليها. في الوقت الذي كانت فيه الكتب المؤلفة في هذا المجال قليلة جدا.ويمكن الحديث في المغرب عن مجموعة محمد إبراهيم بوعلو بعنوان "خمسون أقصوصة في خمسين دقيقة" الصادرة سنة 1983م. وقصص المرحوم المهدي الودغيري.
واليوم نعد من الكتاب الذين نشروا مجاميع قصصية قصيرة جدا سعيد منتسب، وسعيد بوكرامي، وعبد الله المتقي، ومحمد تنفو،... ومصطفى لغتيري في مجموعته "مظلة في قبر".
2/ الاستضمار:
يكتب مصطفى لغتيري قصصا قصيرة جدا بطريقة خاصة به تميزه عن زملائه كتاب القصص القصيرة جدا بالمغرب. لقد اختار الكتابة على كتابة. وببعد معرفي حدودي، يقف بين بعد الخيال والحقيقة، وبعد التجريب القصصي والواقعية الثقافية. نلخص ذلك في مفهومين مركزيين، كما يمكننا الوقوف على ذلك من خلال الموضوعات التي اشتغل عليها وشغلت الكرة في قصصه القصيرة جدا.
أول تلك المفاهيم الأساسية في فهم هذه الأضمومة "الاستضمار" ونقصد من وراء ذلك الخلفية التي يبنى عليها النص القصصي. فأغلب القصص بل جلها لا يقوم على التخييل وإنما يقوم على آثار نوص أو وقائع أخرى سالفة. وقائع حكائية وثقافية. لذلك، وكما سنبين بالاستشهاد، ننعت قصصه بالكتابة على كتابة. والكتابة الطرسية التي لا تنهض إلا على محو آثار الكتابة السابقة. من خلال إعادة حكايتها أو إعادة تشكيلها. .
ويساعدنا مفهوم "الاستضمار" على الوقوف على طبقات النص القصصي القصير جدا عند مصطفى لغتيري. وهما طبقتان؛ طبقة أعمق تتشكل من الحكايات المضمرة أقوالا وأفعالا وشخصيات. وطبقة أعلى يعيد فيها الكاتب صياغة تلك الأحداث والأفعال. لكن غالبا ما يكون التغيير على مستوى نهاية الحكاية.
3/ الاستحضار:
والمفهوم الثاني الذي يمكن الوقوف عليه في مجموعة "مظلة في قبر" لمصطفى لغتيري، هو: "الاستحضار". فالكاتب حين لا يستضمر حكاية في قصصه القصيرة جدا، يستحضرها من خلال مكوناتها، أو بعض تلك المكونات والمؤشرات التي تدل عليها.
والمفهومان معا يبرزان ترابطا أساسيا. كون الثاني يشتغل على المتون السابقة عليه ويستند عليها في إنتاج قصص قصيرة جدا ملمحة مركزة على الفكرة أو الموقف و المشهد. مما يمنح النص بعدا تناصيا متصاديا، وبعدا ثقافيا ومعرفيا. يستحضر ويستثمر المخزون القرائي للكاتب. وهذه الشواهد تدل على المفهومين معا:
في أول قصة قصيرة جدا يفتتح بها الكاتب مجموعته يتجلى الاستضمار. والقصة بعنوان "مالك حزين". في هذه الأقصوصة يستضمر الكاتب حكاية الحمامة والثعلب ومالك الحزين. للتعبير عن تغير الزمن، والخو من الانقراض، والدوافع الكامنة وراء تغيير المواقف واحتكار مالك الحزين للمعرفة. لكن اختيار المكان مدينة "مراكش" في هذه القصة القيرة جدا بدا مكونا ديكورا للتزيين ولم يتم توظيفه جماليا. عدا كون الكاتب قد استغل عتاقة المدينة المرتبطة بعتاقة الحكاية.
في ن "الخطيئة"، يستضمر الكاتب حكاية اكتشاف نيوتن لجاذبية الأرض. لكنه يقوم بقلب الأدوار في الحكاية. لتصبح التفاحة شخصية محورية. وكائنا حيا يشعر ويرتعب. وفي هذا النص كما في السابق عليه يركز الكاتب على فعل الزمن. على سلطة الزمن. تلك التي تكون أقوى من الرغبة. فرغم محاولة التفاحة مقاومة السقوط إلا أنها لم تصمد طويلا أمام فعل الزمان.
في نص "المرآة". يقدم لنا الكاتب صورة انعكاسية. تنقلب فيها الأدوار بين المرآة والكائن ضمير المخاطب). حيث تنمحي ملامحه في المرآة ليمثل الفراغ والخواء الشور المهيمن على داخل الشخصية. ولتتحول المرآة إلى كائن تنظر إلى ذاتها في وجه الإنسان الذي فقد ملامحه. "الإنسان بلا ملامح" أي الإنسان بلا قيمة.
في نص "الخلاص"، يقترح علينا الكاتب حالة اكتئاب وشعور حاد بالوحدة والخواء. حالة من الضجر. تلك التي أصابت الصياد والعصفورة. فدفعت العصفورة إلى التوجه نحو فوهة الصياد، ودفعت الصياد إلى التصويب نحو نفسه. وليست هذه القصة القصيرة جدا الوحيدة التي رد فيها اختيار الانتحار. بل أيضا نص "منطق". الذي يورد فيه الكاتب هذا الاستنتاج كخلاصة وحل نهائي في بناء القصة القصيرة جدا. يقول:
" أخيرا استتج ما يلي:
"لكي يكون المرء عظيما،
لزاما عله أن يموت منتحرا". ص (35).
والكاتب في مثل هذه النصوص يشتغل على حالة الاكتئاب والسواد النفسي الداخلي.
وتمثل أقصوصة "مترادفات" نموذجا آخر لإبراز تلك الصورة الذهنية المهيمنة المتحكمة في إنتاج النص.
وقد كان من الممكن التعليق على كل القصص القصيرة جدا بالمجموعة إلا أننا وجدناها تتوحد ضمن مجموعات خاصة تشتل على فضاءات متواترة وموحدة كما يتضح.
4/ تتوزع قص لغتيري إلى مستويات حسب الفضاءات التي تشتغل عليها:
· قصص يمكنها أن تكون للأطفال لأنها تشتغل على مكونات هذا النمط من الكتابة. ولأنها تتخذ من الطيور والحيوانات شخصيات قصصية.
· قصص محورها سؤال الزيف وسؤال القيم. وهي قصص تنتقد السلوك الإنساني داخل المجتمع.
· قصص محورها سؤال الخيبة والفشل والضجر. تصف حالة الشخصية القصصية.
· قصص تعتمد على مفهوم التقابل المرآوي لإبراز الذات أو بتعبير دقيق التعرف على الذات.
لغتيري، مصطفى: مظلة في قبر. قص قصيرة جدا. منشورات القلم المغربي. ط1. 2006م.

شوقي بن حاج
31/10/2008, 03:28 AM
الأخ / مصطفى لغتيري

جميلة جدا هذه الدراسة القيمة

لا أعرف لمذا لم نقرأها من قبل

تقبل الود والورد

عزالدين الماعزي
31/10/2008, 02:54 PM
العزيز مصطفى كالعادة تتحفنا بالجديد ودراسة الاخ م معتصم متابعة اخرى لاحد اهم اعمالك الابداعية الجميلةوالمتميزة
الى جانب تسونامي ورواية رجال وكلاب...
دمت خير سند للقصة ق ج

محسن رشاد أبو بكر
31/10/2008, 03:09 PM
شكرا على تمرير تلك الدراسة القيمة التى بدون شك ستكون دليلا لقراءة مصطفى الغتيرى بشكل اكثر عمقا

صراض عبدالغني
02/06/2009, 01:46 AM
الاخ مصطفى
دراسة تستحق القراءة
شكرا ايها المبدع الجميل
اي المعتصمين يا مصطفى