المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما سر الطاقة الابداعية ؟ نظرية تفسير الطاقة الابداعية !!!!!؟؟؟



ايوب صابر
05/04/2010, 06:08 PM
- ما سر الطاقة الابداعية ؟
- من اين يأتي الابداع وكيف يتفتق ؟

ماذا تقول " نظرية تفسير الطاقة الابداعية "؟

لقد تنبهت في سن مبكرة بأن الروائي الروسي الشهير توليستوي فقد والدته في سن مبكرة ولم يشاهد صورتها أبدا ، فربطت بين موت والدة توليستوي وقدراته الإبداعية وتجربتي الشخصية وفقداني لوالدتي في سن الثانية وعدم مشاهدتي لأي صورة لها ورغبتي في الكتابة الإبداعية في سن مبكرة.

وقد دفعني هذا الربط لبحث موضوع الإبداع بتعمق شديد، مفترضا منذ البداية ومحاولا الإجابة على سؤال:
- هل لموت احد الوالدين علاقة بالرغبة في الكتابة الإبداعية؟ هل يكمن سر الإبداع في الموت؟

وقبل أن اخلص لأي افتراضات قلت لا بد من معرفة ما قاله الآخرون عن الإبداع ومكمنه ؟ فغصت في الكتب والمكتبات وشكرا لآليات البحث الحديث التي اختصرت المسافات وسهلت البحث حيث يمكن تلخيص ما قاله الآخرون عن سر الطاقة الإبداعية بما يلي :
- في زمن الإغريق حاول أفلاطون معرفه السر وراء الطاقة الإبداعية ولكن كان هناك تسليم بأنه أمر لا يمكن فهمه.
- في أوقات لاحقه عزا البعض الإبداع إلى أمور السحر والشعوذة.
- البعض الآخر فسر الإبداع على انه سمة تولد مع الإنسان فهو سمه غريزية.
- البعض الآخر اعتقد انه هبه من الله للبعض.
- والبعض اعتقد انه شيء موروث.
- وهناك من أعتقد بان الإبداع نوع من الإلهام.
- وفي العصر الحديث وبعد ولادة علم الفيزياء والبدء بالتعامل مع مفهوم الطاقة على أساس انه شيء لا يفني ولا يستحدث وإنما يتحول من حاله إلى أخرى. تأثر عالم النفس ( فرويد) في منهاج البحث العلمي وفسر الإبداع على أساس انه طاقه يمكن فهمها وتفسيرها.

وعليه فقد حاول تفسير هذه الطاقة ومصدرها، وكيفيه تحولها وحيث أن أبحاثه كانت تحوم حول اثر الجنس في حياة الإنسان اعتقد فرويد أن الاحباطات الجنسية هي القوه الكامنة وراء الطاقة الإبداعية. فقال أن الإبداع ***sexual deprivation assimilated into creative energy .
فحتى موت الأب أو الأم عند فرويد ينتج عنه إحباط جنسي يتحول إلى طاقه إبداعيه في سن لاحقه.

- جاء بعد فرويد احد تلامذته وهو كارل يونغ وفسر الإبداع على أساس انه تراكم الخبرات والتجربة الإنسانية التي تتوارث عبر الأجيال في حجرات اسماها ال Archetypes .

- أما عالم النفس ادلر وهو تلميذ آخر من تلامذة فرويد فقد وضع نظرية التعويض المعروفةcompensation theory ، ففقدان البصر يؤدي إلى قوه هائلة في حاسة السمع ولذلك نجد أن من بين عظماء الموسيقيين من كان مكفوفا وهكذا.

- في نفس الوقت لقد أخذت ألاحظ بأن معظم الكتاب العظام شعراء و روائيين فقدوا الأب أو الأم، أو كلاهما في بعض الأحيان، في سن مبكرة. وحينما كنت أجد الكتابة فلسفية عميقة وغنية بالبعد الإنساني ، افترض بأن تجربة الموت عند الكاتب كانت شديدة الوقع. ويتبين لاحقا أن ذلك صحيح في مثل حالة الأديب الأمريكي مثلا ادجر الن بو الذي فقد الوالدين في سن مبكرة.

وقد لجأت إلى دراسة احصائية وتبين بأن نسبة كبيرة من العينة التي أجريت عليها الدراسة فقدت شيئا ثمينا في الطفولة المبكرة غالبا هو احد الوالدين.

- من هنا صار لا بد لي من محاولة تفسير الطاقة الإبداعية ومصدرها فالنتيجة المنطقية تقول إذا كان معظم الكتاب فقدوا احد الوالدين في الطفولة المبكرة والكتاب مبدعون أذا أن فقدان احد الوالدين يؤدي إلى الإبداع.

وأصبحت على قناعة بالعلاقة بين الامرين ، وبناءا على الدراسة الإحصائية و تجربتي الشخصية مع الموت والميل إلى الكتابة الإبداعية، وربطي لتجربتي مع تجربة توليستوي بأن الإبداع ليس شيا مبهما، أو غير ممكن فهمه أو تفسيره وهو ليس شيء موروث، وليس له علاقة بالسحر، وليس كما يقول فرويد احباطات جنسية تتحول إلى طاقات إبداعية في زمن لاحق. وإنما هو هناك علاقة بين موت الوالدين في الطفولة المبكرة والإبداع.

وكان لا بد من أثبات العلاقة بين الاثنين. وعليه قمت بدراسة العلاقة من خلال استخدام نظرية التعويض لتلميذ فرويد ( عالم النفس ادلر ) والدراسات الإحصائية ووضعت نظرية تفترض بأن هناك علاقة بأن الإبداع هو Psychic Deprivation assimilated into creative energy والنقص أو الإحباط الروحي ناتج عن موت أو فقدان احد الوالدين أو كلاهما حيث تكون الطاقة الناتجة عن الموت ومأساويته وتوقيته هي العامل الحاسم في تحديد القدرة الإبداعية.

وذلك ما قمت على طرحه في رسالة الماجستير خاصتي واستخدمت في إثباته الإحصاء والتحليل النفسي والدراسة التاريخية لمفهوم الإبداع ونظرياته.
ويمكن فهم الأسس التي أقمت عليها نظريتي بما يلي:
- المشكلة بأن ادلر ركز في نظريته على فقدان الحواس الخمس وهي شيء محدود، وعليه فأن الطاقة التعويضية الناتجة عن فقدان احد الحواس، رغم أنها مهمة، هي اقل بكثير من الطاقة الناتجة عن فقدان الأب أو الأم، وهما البعد الروحي للإنسان وللتبسيط هم (الحاسة السادس) .
- وعليه فأن اثر فقدان احدهما أو كلاهما ينتج عنه طاقه هائلة في نفس الإنسان او ذهنه على الاصح. أما آلية حدوث الإبداع فقد افترضت أنها تحدث بنفس الطريقة التي تحدث عنها فرويد، وعليه فقد افترضت بأن ما يحدث عبارة عن Deprivation assimilated into creative energy Psychic.
- وحيث صار لا بد من أثبات تلك الفرضية فاخترت مع اللجنة المشرفة وبصورة عشوائية ثلاث كتاب وهم )بابلو نيرودا من تشيلي ، ورالف اليسون وهو كاتب أمريكي من أصول إفريقيه وسلفيا بلاث( وهي كاتبه أمريكية .
-ولقد ثبت أولا أمام اللجنة المشرفة على البحث أن المذكورين فقودا الأب أو الأم في الطفولة المبكرة.
-ثم قمت على تحليل أدب وحياة المذكورين وتمكنت من إقناع اللجنة بأن تجربة الموت هي السبب وراء الطاقات الإبداعية عند العينة المذكورة. وقد تمكنت من التدليل على ذلك من خلال ما ذكره الكتاب بصوره واعية أو غير واعية عن الموت وأثره في حياتهم وأدبهم.
فهل الموت سر الإبداع؟
وهل يحدث الموت اختلال في النفس البشرية؟
وتكون مهمة الإبداع تحقيق التوازن؟
هل هو البحث عن الاكتمال وتعبئة الفراغ الذي يتركه موت الأب أو الأم؟
هل هي محاولة لخلق عالم آخر اقل ألما؟
أم أن هناك تأثير فسولوجي يحدث للعقل البشري بحيث يمتلك قدرات تجعله أكثر إبداعا وهذا ما أرجحه؟ فإذا كان فقدان البصر يحدث تأثير فسيولوجي فلماذا لا يكون لفقدان الوالدين ( البعد الروحي – الحاسة السادسة ) مثل ذلك الأثر بل اشد قوة كون أن المفقود أعظم شأنا؟

لقد سألوا بابلوا نيرودا وهو احد الأدباء الذين تعرضت لهم بالبحث في رسالة الماجستير الخاصة بي عن سر الطاقة الإبداعية لديه فأجاب انه كان يلعب خلف جدار فيه فتحه( طاقه ) وقد مد يده وهو يلعب من الفتحة فخطف احدهم لعبة القماش التي كان يلعب بها وهرب.
إن كلمات ذلك الشاعر الأديب تعبير غير واعي unconscious وربما واعي عن تجربة الموت وعن ما سببه موت والده في طفولته المبكرة وهو سر الإبداع لديه.

ادعوكم جميعا للمشاركة في بحث ومناقشة هذا الموضوع وأنا على استعداد للإجابة على كل تساؤل يمكن أن يطرح مهما كان لمزيد من الإثبات. فأهلا في مشاركاتكم .......؟؟؟؟؟

نوار الغامدي
06/04/2010, 03:12 AM
السلام عليكم ، موضوع جيد اثارني للكتابة ، أذا أخذنا الموت كمثال للإبداع مثلاً فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتيماً وأبدع في أخلاقه وفي عطائه وفي تجليات حياته وهذا عندما يكون مفهوم الأبداع أكبر وأشمل فيعم أفق الأخلاق والعطاء - برأي من أكبر التحديات التي تواجه البشريه في الإبداع هو أكتشاف الذات وأكتشاف الهدف الحقيقي من الحياة والذي يفضي إلى الخالق فلك أن تتصور هذا الأفق الأبداعي الذي ينقل فكر الأنسان من الصورة المحسوسة إلى ماهو أبعد من أن يتصور أو يستوعب .

ثانياً :- أنا ربما لا أعتقد أن الإبداع محصور فقط بالمعاناة ، أو فقدان الشيء . ولكني أرى الإبداع هو حاله من التسارع مع الزمن الحقيقي للإنسان يدعوه لإكتشاف أوسع وأدق لتفاصيل الحياة . فيكون بتلك النظرية هناك شخصان لهما نفس العمر ولكن المبدع فيهم كان عنده تسارع في نفس الزمن في الإندماج والإكتشاف والتفاعل مع العالم المحيط فيستقبل تغذيه راجعه عظيمة تجعله ينمو ويكبر ويكتشف العالم بصورة أوسع وأكبر وربما يتهم بالجنون أحياناً لأنه يرى ما لايراه الآخرون . بل ربما يتنبأ ، بل ربما يطرق أبواب جديده ويبني جسور وأحلام وينتقد بقوة وينزعج بشدة من ذلك الرتم البطيء الذي يسلكه الآخرون من حولة فقوة تلك التسارع تجعله لايهدأ لايستطيع ان ينام يشعر بأنه يريد ان يبحر ، يحلق ، يفقد بعض القيم الضرورية مثل الصبر والهدوء لأن الحالة التي يعيشها كل يوم تكبر فيصعب له مقاومتها أو السيطره عليها فهو يجب أن يكبر كل يوم حتى يفهم أسرارها ثم يسيطر عليها - فالتكابر والنمو الداخلي الناتج عن التغذية الراجعه يحتاج دائماً لسيطرة خارجية ليكون ذلك المبدع مثل الآخرون الذين يسيطرون على حياتهم ولكنه في الحقيقة ليس بالمثل ابداً.

يكون في هذه النظرية مسألة المعاناة ، أو الفقدان هي فقط عوامل فقط من عوامل الإبداع .. أما الإبداع فهي صورة ومنظومة أكبر تعبر عنها الصور النهائية للمبدع والإتجاه للإبداع وحجمة وقوته وتأثيرة.

( ملاحظة كل ما كتب أعلاه لم يكن مأخوذاً من أي مرجع ... هي فقط تجربتي الشخصية ورؤيتي نحو الإبداع ) تقبل كل التحية.

الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
06/04/2010, 03:19 AM
الأبداع في عصر أُزهقت فيه القيًم , يعتمد على نوعية ماتكتبه,.. فأن رضى عليها البعض أصبحت عبقرياً,
وياويلك من الذين تخالفهم الرأي!!
حتى لو كتبت درراً من الأقوال ! .. ومثل ذلك مثل اي حركة مسلحة لـمـقـاوم المحتل ,..فأن نجحت أطلق عليها ثورة !
وان فشلت ,..فسوف تطلق عليها نعوتاً لا حصر لها ,.. وانني لا احب الشتائم او نشر غسيل الآخرين وهنا أتسائل:
هل للأبداع مقياساً كمقياس ريختر؟!

عبد الهادي الحمداني
06/04/2010, 11:25 AM
ربما نحن بحاجة الى التمييز بين الابداع creation والابتكار invention.
فالابداع ينمو ويترعرع ويندفع وسط بيئه ومؤثرات ومحفزات اجتماعية مناسبة مع طبيعة العمل الابداعي وهو يعكس حيوية انسانية او نشاط حيوي يمتلكه البعض للتعبير عن ذاته.
وهذا يختلف عن الابتكار الذي يمثل برأي طاقة كامنة غريزية او موروثة تبحث عن الانطلاق بمجرد ان تجد لنفسها مخرجا او عمرا مناسبا بغض النظر عن البيئة المحيطة.
الابداع حالة مطلوبة من كل شخص اذ يمكن تدريسها وتحفيزها وتعتمد على الخبرة والتجربة. بينما الابتكار حالة غير مكتسبة وانما فطرية.
لذلك فان الابداع حالة يمكن قياسها عن طريق التكرار بفترات زمنية معينة مثلا. بعض الاعمال تتطلب ان يكون الشخص مبدعا كي يتبوأ ذلك العمل.

ايوب صابر
06/04/2010, 02:01 PM
اقتابس من مشاركة الاخت نوار الغامدي "أنا ربما لا أعتقد أن الإبداع محصور فقط بالمعاناة ، أو فقدان الشيء . ولكني أرى الإبداع هو حاله من التسارع مع الزمن الحقيقي للإنسان يدعوه لإكتشاف أوسع وأدق لتفاصيل الحياة".



الاخت نوار اشكرك على مرورك الكريم ..اتفق معك بأن الموت ليس السبب الوحيد الكامن وراء الابداع لكني سأوضح في الحلقات اللاحقة كيف ان الموت يؤدي الى الابداع في اعلى حالاته ...وكلما كان الموت مكثف والفجائع متكررة كلما كان الابداع اعظم.... والسر يكمن في تلك الطاقة الكامنة في الدماغ ..فعندما تقع فجيعة الموت ..اليتم ..تُحدث الفجيعة زلزالا في الدماع وتتفجر فيه براكين من الطاقة تتحول الى ابداع في اعلى حالاته...وسيتم شرح كيف يكون ذلك تفصيلاا في الحلقات اللاحقة... مع تقديم الادلة من خلال الدراسة الاحصائية التحليلية ...بنتائجها المدهشة المزلزلة بحق...والتي لم تترك مجالا للشك...

ارجو متابعة حلقات هذه النظرية هنا

ايوب صابر
06/04/2010, 02:08 PM
اقتاس من د. عبد الرزاق محمد جعفر "هل للأبداع مقياساً كمقياس ريختر؟!"


الجواب : نعم وساوضح كيف يتم ذلك في الحلقات اللاحقة لكن في عجالة فأن الابداع هو عبارة عن ترجمة للطاقات الذهنية وهذه الطاقات يمكن قياسها فنقول ابداع بأعلى حالاته وابداع متوسط وابداع يا دوب... والمهم ان كل حالة ابداع هي في الواقع ترجمة لمستوى معين من الطاقة الذهنية واعلاها الناتجة عن اليتم في الطفولة المبكرة....

ايوب صابر
06/04/2010, 02:13 PM
اقتباس من الاخ عبد الهادي الحمداني "وهذا يختلف عن الابتكار الذي يمثل برأي طاقة كامنة غريزية او موروثة تبحث عن الانطلاق بمجرد ان تجد لنفسها مخرجا او عمرا مناسبا بغض النظر عن البيئة المحيطة."


- في الواقع كل انواع الابداع مهما اختلف وصفها وتعريفها هي ابداع يأتي كترجمة لطاقة احتشدت في الذهن وليس للغريزة او الوراثة او البيئة او الموهبة دخل في الابداع وذلك ما ستوضحه هذه الدراسة المدعمة بالادلة التحليلية والاحصائية ..ارجو المتابعة معي هنا وليظل هذا الحوار الجميل جاريا لما فيه الفائدة للجميع ...

شكرا لهذه الثلة الطبية على المرور الكريم والتفاعل مع الموضوع ..وانتم على حق فهو حتما بالغ الاهمية....وما اطرحه هنا من استنتاجات تدهش العقل والقلب خاصة انها مدعومة بالادلة ...

ايوب صابر
06/04/2010, 02:19 PM
هل يمكن تقديم تفسير للطاقة الابداعية ؟؟؟؟؟؟؟

نعم هذه النظرية تقدم تفسير للدافع الابداعي ...تابعونا


الجزء الأول ،،

يقول الفيلسوف فرانسيس بيكون ( 1561 – 1626 م)، صاحب المذهب التجريبي بأنه "لو بدأ الإنسان من المؤكدات لانتهى إلى الشك ولكنه لو اكتفى بالبدء في الشك لانتهى إلى المؤكدات"... ففي رأيه أن التفكير العلمي الفعال يبدأ من الشك وليس من الإيمان.

لقد لاحظ بيكون انه وكنتيجة للنهضة التي أنتجت روحا أدبية فقد تحولت اهتمامات الناس إلى الأدب بذاته وأصبح الناس يهتمون بالأساليب والكلمات ويهملون المعاني.

وهو يرجع ذلك لاختلاط الدين بالفلسفة واعتماد الناس في أحكامهم على الأدلة النقلية وأخذهم بأقوال السالفين دون النظر في صحتها من عدمه.
وقد أدرك بيكون أن العيب الأساسي في طريقة التفكير لدى الفلاسفة اليونان والعصور الوسطى حيث ساد الاعتقاد بأن العقل النظري وحده كفيل بالوصول إلى العلم.
وقد اعتقد بيكون انه قد وجد الطريقة الصحيحة في الصيغة الجديدة التي وضعها للاستقراء ويقصد به منهج استخراج القاعدة العامة ( النظرية العلمية ) أو القانون العلمي من مفردات الوقائع استنادا إلى الملاحظة والتجربة.

أيضا عند بيكون المعرفة تبدأ بالتجربة الحسية التي تعمل على إثرائها بالملاحظات الدقيقة والتجارب العملية ثم يأتي دور استخراج النتائج منها بحذر وعلى مهل ولا يكفي عدد قليل من الملاحظات لإصدار الأحكام. وكذلك عدم الاكتفاء بدراسة الأمثلة المتشابهة بل يجب دراسة الشواذ من الأمور الجوهرية في الوصول إلى قانون عام موثوق به .
ويقول بيكون أن الاستنباط الذي يقوم على استقراء أمثلة من طراز واحد لا يعتد به وإنما هو ضرب من التخمين وما الذي يدلنا على استقصاء البحث وعموم القانون وقد تكون هناك أمثلة لا تشترك مع البقية في الخصائص وهذه لا بد من دراستها.
لذلك فأن النظريات العلمية لا بد أن تقوم على الملاحظة والتجربة. وهو بذلك استبدل منهج البرهان القياسي بمنهج الكشف الاستقرائي .
وهو يرى انه إذا أردنا الوصول إلى الهدف المنشود فلا بد من مراعاة شرطين:
- شرط ذاتي يتمثل في تطهير العقل من كل الأحكام السابقة والأوهام والأخطاء التي انحدرت إليه من الأجيال السابقة.
- شرط موضوعي ويتمثل في رد العلوم إلي الخبرة والتجربة وهذا يتطلب المنهج القويم للفكر والبحث وهو منهج الاستقراء.
- والمنهج عنده هو وسيلة للوصول إلى المعرفة العلمية الصحيحة.

أما قواعد المنهج الاستقرائي فهي :
- جمع الأمثلة قدر المستطاع.
- تنظيم الأمثلة وتبويبها وإبعاد ما يظهر منها انه ليس له بالظاهرة المبحوثة علاقة علة ومعلول.

وفي نظر بيكون إن الإنسان لن يستطيع فهم الطبيعة ويتصدى لتفسير ظواهرها إلا بملاحظة أحداثها بحواسه وفكره.

هذا وقد صنف بيكون القوى الإدراكية عند الإنسان بثلاث هي :
- الذاكرة وموضوعها التاريخ .
- المخلية وموضوعها الشعر.
- العقل وموضوعه الفلسفة.

ولا بد انه توصل إلى هذه الاستنتاجات من خلال منهجه الاستقرائي.

يتبع ،،،

ايوب صابر
06/04/2010, 02:21 PM
الجزء الثاني ،،


من اين جاءت نظرية تفسير الطاقة الابداعية ؟؟؟

ولدت فكرة " نظرية تفسير الطاقة الإبداعية " من ملاحظة ذاتية واستنتاج من وقائع معينة، لكنني لم اخذ بها كحقيقة مسلم بها وكان لا بد من إخضاع تلك النظرية لأقصى حد من الاختبارات ولذلك كان لا بد من جمع المعلومات والبيانات .

ولم اقتصر في الدراسة على جمع الأمثلة وتنظيمها وتبويبها وهو ما قدم نتائج مدهشة يؤكد أن الكثير من المبدعين خاصة في مجال الإبداع الأدبي هم فعلا من الأيتام ، وإنما استخدمت أساليب أكثر علمية وأكثر حداثة من أسلوب الاستقراء الذي نادى به فرانسيس بيكون حيث تم إخضاع النظرية للدراسات التحليلية والإحصائية... وبحيث يتم تأكيد العلاقة بين السبب والنتيجة أو نفيها وقد جاءت النتائج مذهلة أيضا ومؤكدة لما تطرحه "نظرية تفسير الطاقة الإبداعية" سواء من خلال النماذج الثلاث التي تم دراستها تحليليا وهي سلفيا بلاث ورالف السون وبابلو نيرودا.

وقد أظهرت الدراسة لحياتهم وأعمالهم الأدبية أن هناك علاقة بين يتمهم والدافع الإبداعي لديهم رغم أن تلك العلاقة كان يعبر عنها أحيانا بصورة غير واعية لا يمكن إلا للمحلل والمدقق أن يلاحظها.

فحينما سؤل بابلونيرودا مثلا عن السبب وراء طاقاته الإبداعية في إحدى المقابلات الصحفية أجاب بأنه كان يلعب وهو صغير خلف جدار وهو يحمل لعبة من القماش وبينما هو يضع يده في فتحة في ذلك الجدار اختطف شخص من الجهة الثانية تلك اللعبة وهو يعتقد بأن الإبداع عنده ينبع من تلك التجربة....في الواقع لقد كان نيرودا يتحدث بصورة غير واعية عن تجربة موت والده الذي اختطفه الموت في طفولته المبكرة واللعبة التي ذكرها هنا تمثل رمز لتلك التجربة.

في حالة الأديبة الأمريكية سلفا بلاث لقد عبرت بصورة ظاهرة جدا عن اثر موت والدها بما كان يدور في نفسها وقد سجلت ذلك في قصيدتها "Daddy " حيث تشير إلى أن والدها مات وعمرها 10 سنوات وقد اثر فيها موته كثيرا. ...وظل لديها رغبة بأن تعود له فلذلك حاولت الانتحار أكثر من مرة وهذا ما يقدم تفسيرا بأن الطاقة يمكن أن تخرج بصورة ايجابية أو سلبية وسنوضح ذلك لاحقا . وفي سن معينة 22 سنة ظنت أن زواجها سيحل مشاكلها حيث تستبدل أباها بزوجها وبما يحقق لها التوازن ....ولكن تجربة موت والدها ظلت مؤثرة جدا محدثه خللا هائلا في شخصيتها ...حتى أنها كانت تشعر بأن زوجها ذلك يمثل مصاص الدماء بالنسبة لها. ولذلك وهي في سن 35 انتحرت بعد أن كتبت هذه القصيدة المعبرة عن اثر متطرف لفقدان الوالد على الفتاة ولكنه هذه المرة ترجم بصورة سلبية.

في حالة رالف السون، المثال الثالث، كان لليتم عنده اثر مختلف ، فقد اختار أن يعيش خفيا invisible وقد عبر عن ذلك من خلال روايته the invisible man ولكن المشكلة بان المحللين وربما هو أيضا وبسبب غياب الإدراك بأهمية اليتم ربطوا إحساسه ذلك ورغبته بأن يعيش خفيا من عنصرية المجتمع الأمريكي الأبيض كون أن رالف السون من أصول افريقية.

والصحيح أن السبب الحقيقي الذي اثر على تكوين شخصيته بما في ذلك سمة الإبداع هو موت والده وعمره سنتان، رغم أن ذلك لا ينفي طبعا بأن للعنصرية اثر زاد من حدة الرغبة تلك لديه.
وهناك الكثير من العبارات الواردة في روايته المذكورة التي تعبر بصورة ظاهرة وأحيانا بصورة غير واعية عن اثر موت الأب في نفسه.

هذه الأدلة التحليلية أكدت أن لموت احد الوالدين أثرا مهولا على الإنسان الطفل وعلى طاقاته الإبداعية في وقت لاحق. ولكن ذلك لم يكن كافيا كدليل على إثبات العلاقة بين موت الأب في هذه الحالات والإبداع بصورة قطعية .

لذلك أجريت مزيدا من البحث والتنقيب وتبين بأن معظم المبدعين هم حقا أيتام وقد عرضت قائمة بأسماء كثر من الناس سجلهم التاريخ كمبدعين وقد تفاجأت حقا بعدد الأيتام من بين المبدعين.

وقد تبين لاحقا أن اليتم يترك أثره ليس فقط على المخيلة بمعنى الإبداع الأدبي وإنما يكون له أحيانا اثر آخر مثل امتلاك صفة القيادة المؤثرة مثلا. ..وقد جاء من كتب، واظن اسمه د. شاكر مصطفى، عددا من المقالات في جريدة الوطن الكويتية في نهاية الثمانينيات بعنوان "الأيتام يقودون العالم" قدم فيه نماذج من الأيتام العظماء الذي كان لهم دورا قياديا عبر العصور.

ولكن هذه الأدلة ظلت غير كافية أيضا واعتبرها البعض مزاجية وغير علمية حيث يتم سوق الأمثلة التي تخدم الطرح الذي يربط الإبداع باليتم. ..ولذلك كان لا بد من إجراء مزيد من الدارسات لإثبات العلاقة بين الأمرين ...اليتم والإبداع.... وقد وفر كتاب مايكل هارت الأمريكي الذي يسرد فيه أسماء أعظم 100 شخصية خالدة لإخضاع النظرية لمزيد من الفحص غير المتحيز وكان يمكن للدراسة ان تثبت عكس ما هو مطروح وتنفي العلاقة المذكورة وهو ما لم يحصل بل بالعكس.

ومرة أخرى جاءت النتيجة مدهشة فقد أظهرت الدراسة الإحصائية أن ما يزيد على 60 % من العظماء المذكورين هم حقا أيتام والباقي مجهولين الطفولة أي أن نسبة الأيتام من المائة قد تصل إلى 98% وفقط اثنان من المائة المذكورين ربما يكونا قد عاشا في كنف والديهم حتى سن فوق 21 سن ولكن كان هناك أسباب حفزت الطاقة الإبداعية لديهم وسنأتي على شرح ذلك في الأجزاء التالية.

من هنا واعتمادا على كل هذه الملاحظات والدراسات التحليلية والإحصائية فقد ثبت وبشكل مؤكد أن هناك علاقة تربط الأمرين رغم أن ذلك لا يعني بأن مزيد من الدراسات العلمية ما تزال لازمة لتقديم مزيد من الإثبات.

إذا ما هو تفسير اثر اليتم على الإبداع ؟ أي بمعنى كيف يحصل الإبداع ؟ هذا ما سنتطرق له في الجزء الثالث لاحقا،،،ومن ثم نتابع الإجابة على كل تلك الأسئلة المشروعة والتي تحتاج إلى إجابات حتى يكون الطرح مقنعا وعلميا...
يتبع ،،،

ايوب صابر
06/04/2010, 02:24 PM
الجزء الثالث ،،
-
هل الإبداع موهبة ؟
- كيف يحصل الإبداع؟
- ما هو سر الدافع الإبداعي ؟
- هل يمكن تفسير القدرة الإبداعية ؟ الباحث يجد أن الاهتمام بالإبداع ليس أمرا حديثا ولكنه يمتد إلى عصر الفلسفة اليونانية. فكلٌ من أرسطو وأفلاطون تحدثا عن الإبداع وظل الاهتمام قائم بالسمة الإبداعية عبر الزمن والى أيامنا هذه.

وقد تحدث الكثير من الفلاسفة والعلماء عن الإبداع ويمكن تلخيص تفسيرات السمة الإبداعية عبر التاريخ بما يلي :
- المجموعة الأولى : هي المجموعة التي تعزو هذه السمة كبقية النشاطات الإنسانية إلى قوة خارجية ( الله أو الطبيعة ) ولا تناقش في طبيعة هذه السمة فهي أمر مسلم به لا يحتاج إلى فهم ونقاش.

- المجموعة الثانية : وهي المجموعة التي لا توافق على أن قوة خارجية هي التي تتحكم في الطاقات ومنها الطاقة الإبداعية ولكنهم يفشلون في تقديم تفسير. وهم غالبا ما يقولون إن مصدر الإبداع مجهول وهو خارج القدرة على الفهم والدراسة والاستيعاب. وبعضهم يأخذ بالقول إن السمة الإبداعية هي في الواقع شيء غريزي يولد مع الإنسان. والكثير من علماء النفس يقعون ضمن هذه المجموعة خاصة الذين ينتمون إلى المدرسة الإنسانية the Humanist. ويُعنى هذا الفريق بتفسير السمة بغض النظر عن المصدر. وهدفهم هو التحكم بهذه السمة بما يخدم المجتمع. بمعنى لو قارنا الإبداع بالجني الذي يخرج من المصباح السحري فهم يهتمون بالجني ولا يسألون عن طبيعة الجني.

- المجموعة الثالثة : فهي تشمل عدد من المهتمين وعلماء النفس ويتفقون مع المجموعة الثانية بان مصدر السمة الإبداعية ليس خارجيا ولكنهم لا يتفقون معهم أنها أمر غامض لا يمكن فهمه. وعليه فهم يقدمون نظريات لتفسر طبيعة السمة الإبداعية. فهم إذا يحاولون تقديم تفسير لطبيعة الجني الذي يخرج من المصباح .

طبعا المجموعة الأولى ترفض الخوض في تقديم تفسير للإبداع لان ذلك ليس من اختصاص البشر ولا يقع في نطاق قدرتهم ، فهم يؤمنون بأن القدرة على الخلق والإبداع ليست سمة إنسانية يمكن فهمها وتفسيرها.

ويمكن اعتبار أفلاطون أول من تحدث عن السمة الإبداعية حيث قال بأن الإبداع يأتي من العبقرية أو الإلهام ( inspiration )، والكثير من الكتاب يتفقون مع أفلاطون . لكن البعض الآخر يرون أن الإبداع يأتي من الإلهام لكنهم لا يقبلون أن الإلهام بذاته هو الأصل.

Jean Cocteau يرى مثلا انه لا يمكن أن يسقط الإلهام من السماء ولكنه عملية تفاعلية بين قوى النفس والمحيط وعندما يتشكل المنتج الإبداعي في داخلنا وعلى الرغم منا فان هذا الإبداع يأتينا من الإلهة.

لكن كثيرون في المجموعة الثانية يرفضون أن الإلهام أو ما يؤدي إلى السمة الإبداعية هو أمر خارجي ولكنهم لا يقدمون تفسير له.

H . Caudwell احد الذين يرون بأن الإبداع أمر غامض لا يمكن فهمه. ويقول على الرغم أن البعض يظل يعتقد بأن سمة الإبداع تأتي من السحر أو الدين لكن ذلك تفسير ليس صحيحا حيث أن هذه السمة توجد في أماكن ليس فيها سحر أو الدين. ويرى Caudwell بأنه يمكن فهم السمة الإبداعية من خلال دراسة حياة وأعمال الكتاب ويبدو بأن الإبداع يؤدي عندهم إلى نوع من الإشباع fulfillment .

لكن يبدو انه مع تطور العلم وبعد ولادة نظرية دارون و ولادة علم النفس جعل الكثير من علماء النفس الشخصية الإنسانية محور دراستهم واهتموا بالسمة الإبداعية ولم يقبلوا انه أمر غامض لا يمكن فهمه. وقد نظروا إلى الإبداع على انه عملية نفسية يمكن ملاحظتها وتحليلها وقياسها.

ومن خلال ملاحظاتهم لعملية الإبداع والمبدعين توصلوا إلى القناعات بأن الإبداع هو أمر داخلي في النفس البشرية ولكن وعلى الرغم من ذلك عجزوا عن تقديم تفسير شافي لسمة الإبداع وتحدثوا بدلا من ذلك تحدثوا عن عموميات ...فمنهم مثلا من رأى بأن الإبداع ناتج عن حساسية معينة يمتلكها المبدع. وآخرون رأوا أنها تلبية لحاجات needs مثلا الحاجة للانجاز والحاجة للتعبير والحاجة لخلق نظام.

Ruth Strong تقول مثلا "بأن المبدعين يمتلكون حساسيات خاصة وعقول تمتلك قدرات خارقه قادرة على الربط بين التجارب التي يمر فيها الإنسان وتنظيمها" .
البعض الآخر يرى بأن الإنسان يولد صفحة بيضاء والإبداع عنده إذا عبارة عن قدرة على تفسير التجارب التي يمر فيها الإنسان.
علماء النفس الإنسانين يرون أن الإنسان يبدع انطلاقا من الشعور بالنقص الذي يتملكه والإبداع هو محاولة لتحقيق الذات actualizing oneself .
عالم النفس ادلر وهو عالم نفس اجتماعي يقع ضمن هذه المدرسة يرى بأن الإبداع يأتي كنتيجة لتعويض بعض النقص .compensation for their own inadequacies وقدم مثلا على ذلك صمم بتهوفن. فعنده إذا الإبداع هو عبارة عن تعويض لنقص ما.

أما سجموند فرويد والذي يقع ضمن المجموعة الثالثة وهو مؤسس علم النفس فقد حاول وأتباعه وضع تفسير أكثر دقة وعلمية للإبداع لأنه تأثر كثيرا بالنهضة العلمية والمتمثلة أولا بنظرية دارون وثانيا بقانون الفيزياء الذي يقول بأن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث ولكنها تتحول من حالة إلى أخرى.

وعليه فقد بدأ فرويد ينظر إلى الإنسان على أساس انه نظام من الطاقة energy system وقد قسم الشخصية الإنسانية إلى ثلاث أقسام ( الاد وهي مركز الغرائز والانا وهي النفس والانا الأعلى وهي مركز المثل) ، وبين بأن الطاقة التي تشغل هذه الأجزاء هي مشتقة من جسد الإنسان واسماها طاقة نفسية psychic energy وهو يرى بأن كل شيء يفعله الإنسان ينبع من تلك الطاقة.

وفيما يتعلق بالإبداع تحديدا رأى فرويد أن الذي يحرك الإنسان هو رغبات جنسية وعدوانية وصراعه مع المجتمع . وقد رأى بأن الإبداع ينبع من هذا الصراع بين الرغبة والمجتمع المتحكم والمتسلط . ويرى فرويد بأن هذا الصراع هو مسئول أيضا عن بعض الإمراض النفسية التي تصيب الإنسان.

ويقول فرويد بأن حاجات غريزية تبرز عند الفرد ويكاد يتولد حل عصابي لها solution neurotic لكن العقل الباطن يتدخل فيتحول الأمر ( الحالة العصبية المتولدة ) إلى عمل إبداعي.

وبين فرويد بأن مخيلة الشعراء تشبه مخيلة المرضى العقليين. وهو يقول بهذا الخصوص أن المرض هو حتما الدافع وراء الإبداع illness was no doubt the final cause of the whole urge to create. ويعلل ذلك أن الإبداع يعالج .

وعليه فان فرويد يرى بأن الإبداع جاء كنتيجة لحاجة الإنسان إشباع بعض الغرائز سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وهو يصف الفن بأنه ينتج عن السعي من اجل الحصول على الرضا الجنسي derivative effort to obtain sexual pleasure . وكأن فرويد يتحدث عن الإنسان انطلاقا من طبيعته الحيوانية ولا يعطي أهمية للإدراك الذي يميز الإنسان عن الحيوان ويجعل ربما منه بالتالي مبدعا.

أما كارل يونغ وهو تلميذ من تلامذة فرويد فقد أسس لاحقا نظرية منفصلة تفسر الشخصية الإنسانية المعروفة بنظرية الحجرات الوراثية Archetypes. وهو يعتقد أن الإنسان محكوم بحجرات يتوارثها عن الأسلاف وتولد معه وتشتمل على الحكمة الإنسانية المتراكمة السالفة.

وعليه فانه يرى بأن هذه الحجرات الوراثية هي مصدر السمات الشخصية ومنها طبعا الإبداع.
ويونغ يخالف أستاذه بان الإنسان ليس محكوم بغرائزه.

ويرى يونغ بأن اللاوعي يمتلك القدرة على الإبداع بطبيعته وبذاته وهو قادر على القيام بالعمل بصورة مستقلة وهو قادر على التخيل وعلى الفعل بذاته . وعليه فان الفنان عند يونغ هو إنسان يحمل في داخله التجربة الإنسانية الماضية وعقله الباطن لديه القدرة على التصرف بذلك التراث الذي يشكل منبع الإبداع.

طبعا واضح أن هناك اختلاف بين تلك النظريات التي حاولت تقديم تفسير لماذا يبدع الإنسان؟ وما الذي يدفعهم للكتابة مثلا؟

ولكن كل هذه النظريات تقر بأن الإنسان المبدع هو إنسان يمتلك طاقات هي التي تدفعه للإبداع فيما عدا طبعا من يعتقد بأن الإبداع هو موهبة تعطى للإنسان من الله أو قوى الطبيعة.

وهناك من يرى بأنها ستظل غامضة. أما باقي النظريات فترى بأن أصل الإبداع ينبع من داخل الإنسان وان ما يدفع الإنسان للإبداع هو بعض الظروف والأوضاع والتي تمنح المبدع بعض الصفات تجعله مبدعا.

كما أن البعض من هؤلاء يصف هذه الظروف والخواص فمثلا Willian Niederlan يرى بأن "المدقق يندهش حينما يلاحظ بأن المبدعين يشتركون في تجربة مأساوية tragic experiences في طفولتهم المبكرة" .

ويقول أن عملة كمحلل نفسي يدفعه لملاحظة أن الكثير من الأمراض تعود إلى حالات مأساوية مر بها المرضى في الطفولة.
In our clinical work as analysts we are of course familiar with our patients conflicts whose origins go back to childhood.

ويضيف أنني أميل إلى الاعتقاد بأن هذه الحوادث في الطفولة المبكرة لها دور في العملية الإبداعية لديهم.

I am inclined to agree that traumatizaion in the history of creative individuals plays an unusually great part.

ولكن وعلى الرغم أن هذه النظريات تعطي أهمية للظروف وترجع لمثل تلك الحوادث المأساوية دور في العملية الإبداعية لا يوجد نظرية واحدة حتى الآن تعطي اليتم الأهمية في العملية فيما عدا فرويد .
ولكن حتى فرويد فأنه يحجم اثر موت احد الوالدين بالأثر الذي يتركه الموت على الغريزة الجنسية . فموت الأب أو الأم عند فرويد يؤدي إلى إحباط جنسي sexual deprivation وهو العامل الذي يدفع للإبداع.

ولكن ملاحظتي أن العديد من الكتاب تحديدا ( مجال البحث هنا ) قد فقدوا الأب أو الأم أو كليهما ومن خلال تجربتي الشخصية بالفقدان دفعتني لمحاولة إيجاد رابط بين اليتم والإبداع وبالتالي تقديم فهم وتفسير للكيفية التي تتم فيها العملية الإبداعية ومن أين يأتي الإبداع.

ومن هنا طبعا تم تحليل حياة الكتاب الثلاثة الذين سبق ذكرهم لإيجاد الرابط بين يتمهم والدافع الإبداعي وتبين أنهم حتما تأثروا بتلك التجربة وكانت ردود فعلهم متشابهه إلى حد كبير.

فسلفيا بلاث قتلت نفسها عندما عجزت عن تحقيق التوازن. ورالف السون اختار أن يعيش خفي وبابلوا نيرودا كاد أن يصل في مرحلة من مراحل حياته إلى نفس مصير سلفيا بلاث ولكن نيرودا تمكن بانشغاله في الفكر والثورة والشعر والى غير ذلك من أعمال أن يحقق التوازن والاكتمال الذي كان مندفعا لتحقيقه دون وعي منه لأثر اليتم عليه طبعا ولولا ذلك لكان مصيره حتما مصير سلفيا بلاث.

والسؤال الآن :
- إذا لماذا يكتب الكتاب؟
- وما طبيعة الدافع الإبداعي ؟
- وما اثر موت الوالدين أو احدهما في الإبداع ؟

وهذا هو الجديد الذي تقدمه "نظرية تفسير الطاقة الإبداعية ".إلى اللقاء في الجزء الرابع ،،،

يتبع ،،

السعيد ابراهيم الفقي
06/04/2010, 02:27 PM
تحية تربوية حضارية ملؤها الابداع
الى شخصك المبدع
موضوع يهمني شخصيا كمعلم يبحث عن مناطق الابداع في طلابه
انا في انتظار باقي الموضوع

ايوب صابر
06/04/2010, 05:06 PM
الاستاذ السعيد ابراهيم الفقي

في احد مقولاتي الساخنة التي سأنشرها تباعا هنا " من الجميل ان تكون عظيما لكن الاجمل ان تصنع العظماء...لذلك كاد المعلم ان يكون رسولا"

فلنتفق اولا انك بمهنتك صانع للعظماء ولكن عليك الاهتمام بالايتام فعقولهم تعمل بطاقة ذهنية هائلة تفجرت كنتيجة للفجائع التي اصابتهم وهي اما ان تتحول الى طاقة سلبية مدمرة او الى طاقات ابداعية اذا توفر لهم القدوة الحسنة والمدرس المخلص الذي يتعامل مع الطلاب على اساس انهم مشاريع عظماء خاصة اذا كانوا ايتام.... وفي مقولة اخرى اقول " الايتام هم الحل...."....وسيظهر السبب لهذا القول تباعا ...


اشكرك على مرورك الكريم وانا سعيد بهذا التفاعل الممتاز فهذا الموقع منارة فكر مشتعلة ولا بد ان اشكر صديقي اياد دويكات الذي دعاني للمشاركة في هذا الموقع ...

نوار الغامدي
07/04/2010, 10:35 AM
أحب أن اوضح أنني "أخ " ولست " أخت " عموما .. عوده للإبداع .. برأيي عندما يكون مقياس الإبداع يعتمد على عمل ضخم فإنه غير حساس لرصد درجات الإبداع الأساسية ومن ثم رصد مراحل التدرج الإبداعي ، فبهذا فإن مقياس الإبداع لايظهر إلإ في المراحل الأخيرة .. لأن هناك نمط أو فعل غير المعتاد وملفت للنظر .. فبهذا أرى أنه لايعتبر مقياس للإبداع .. بل صورة أخيرة للإبداع يتم وصفها كحالة غير مفهومة أو مختلفة .

في ظل عدم وجود قدرة على قياس الإبداع سيكون من الصعب " زرع الإبداع " في النشء أو الجيل وتوقع النتائج الإبداعية في المستقبل لأننا لا نفهم الإبداع إلإ حالة مفاجئة وليس لدينا قياسات أو إيمان بأنه يمكن أن يكون لنا عامل في إيجاده وذلك عندما نعزوه فقط إلى قوة خارجية .

القوة الخارجية دائماً تأثر علينا فمن لايتأثر مثلا برؤية الطبيعه ، الله ذكر في كتابه أكثر من مرة أهمية التأمل في المخلوقات والطبيعه ومنها سنكسر حاجز الجمود والأفق المحدود في التفكير إلى مستوى إبداعي جديد عندما نتفاعل نحن مع مخلوقات الله وفوق هذا كله عندما نصل إلى مرحلة الصفاء والنقاء الذاتي ونتفاعل بإيجابية كما أمرنا الخالق مع المحيط ثم نوفق إلى الهداية .

برأي المتواضع أنه من المفترض أن لا نرصد الإبداع في حالاته النهائية دائماً فإننا بهذا كحارس مرمى يتلقى الأهداف في مرماه دون أن يعرف من أين إتجاهاتها فهو يجمع تلك الأهداف من الشباك ، يرى كرات تتطاير في الهواء ثم تدخل مرماه ولكنه لايرى اللاعبين أنفسهم وكيف يتحركون من الخلف للإمام أيضاً هو لايرى كيف تدرب هؤلاء اللاعبين وكيف يخططون وماهي نقاط قوتهم وضعفهم ( يجهل تاريخ حياتهم ). فهو لايرى الإ الأهداف فقط، برأيي عدم قدرتنا على ملاحظة الإبداع في مراحله الأولى هو نتيجه أننا لانؤمن بالإبداع أن يكون بيننا ، ثم لانقبل بمسألة النمو الطبيعي للإبداع عوضاً أننا لانعطيه الفرصه للنمو ولانشجع مراحلة الأساسية لأننا لا نقبل إلا مراحله النهائية ثم يظهر لنا السؤال المحير من جديد " كيف تم تسجيل الأهداف بهذه البراعة" " كيف أصبح هؤلاء مبدعون؟".

ختاماً : برأيي أن الإبداع إنه يأتي من النظر والتفكير للداخل بعمق وبقوة (داخل الإنسان) مع مراقبة الخارج بهدوء ثم يتدرج إلى قوة وعندما تلتقي القوة الداخلية مع القوة الخارجية (المحيطية - تأمل في الخلق - المخلوقات - الطبيعه .. ) ثم معرفة الخالق معرفة يقينية فتلتقي كل هذه القوى الثلاث هنا يبدأ التسارع بقوة نحو الأمام وللأعلى ويوهب للأنسان أعلى درجات الإبداع والطاقة . أشبه هذه الحالة عندما تكون ميكانياً بارعاً ولديك سيارة فأنت تفكر في هدفك اولاً تؤمن به بقوة ( يجب أن ترحل إلى مكان ما) تنظر إلى السيارة ( المحيط ) وكيف تم إعدادها تنظر في ادواتها ومدى صلاحيتها ، ثم تتفاعل معها ( إصلاح - فهم - تعديل - إضافه - تقبل ) أثناء كل هذه المرحلة وبعدها ترزق هداية وتوفيق الله لأنك عرفت أنك تسير في أرضه وفي عالمه الآن أهدافك تتفق مع هدف الخالق ( ترزق فهم كل الأشياء ) تتحد كل هذه القوى - فهم ذاتي كامل مع وجود رغبة وطاقة كامنه - فهم ذاتي كامل للمحيط - معرفة كاملة للخالق . ( علماً أنني أقول كامل ولكن مرحلة الوصول للكمال تكون صعبه ولكني أضع أقصى وأقوى الطاقات ) بعد ذلك يأتي الإبداع في أسمى حالاته .

وهذا لا يتعارض مع إبداع الغير مؤمنين فهم وصلوا لمرحلة من مراحل الإبداع ولكن من يقيس الحالة الإبداعية في أوج مراحلها حتى نقول أنهم تخطوا النقطة كذا وكذا ، وسأعطيك مثال فقط بسيط كيف كان لنبي الله نوح تلك القدرة العظيمة لصنع سفينه ضخمه بمفرده حملت كل تلك الحيوانات والطيور و الأفراد لاحظ أن من ضمن الحيوانات مثلا الفيلة ( زوجين ) ثم قاومت ذلك الطوفان العظيم لترسى على الجودي بأذن الله . من أين أمتلك هذا الإبداع في الصنع ؟ وكيف أصبح مبدعاً ( عندما ألتقت تلك القوى الثلاث ) . تخيل هذا الإبداع في ذلك العصر الذي يفتقد لأبسط أدوات التقنية الحديثة .

ملاحظة ( كل هذه المعلومات لم تأخذ من أي مرجع هي من تجربتي الشخصية شكراً لكم على هذا الطرح )

ايوب صابر
10/04/2010, 02:03 PM
اقتباس من الاخ نوار الغامدي "أحب أن اوضح أنني "أخ " ولست " أخت " .
- اعتذر عن هذا الخطأ واشكرك لتفهمك.


اقتباس "عوده للإبداع .. برأيي عندما يكون مقياس الإبداع يعتمد على عمل ضخم فإنه غير حساس لرصد درجات الإبداع الأساسية ومن ثم رصد مراحل التدرج الإبداعي ، فبهذا فإن مقياس الإبداع لايظهر إلإ في المراحل الأخيرة .. لأن هناك نمط أو فعل غير المعتاد وملفت للنظر .. فبهذا أرى أنه لايعتبر مقياس للإبداع .. بل صورة أخيرة للإبداع يتم وصفها كحالة غير مفهومة أو مختلفة "


- لا شك ان الابداع سمة انسانية وقد ظل قياس هذه السمة صعبا على مر الايام لكن التراث الادبي والنفسي الحالي اصبح يشتمل على عدد كبير من الدراسات التي استخدمت عينات من المبدعين لمحاولة تقديم فهم لهذه السمة وما الى ذلك من جوانب قياس الخ ولم تتوصل كل تلك الدراسات الى نتائج حاسمة لاسباب عدة سأشرحها هنا ضمن فصول نظرية تفسير الطاقة الابداعية. و لكن دراستي على الخالدون المئة تشكل اول دراسة اخضعت عينة نموذجية للدراسة الاحصائية ولذلك كانت النتائج علمية واقرب الى الصح وبعيده كل البعد عن الاحتمالات...
والمهم في هذه الدراسة انها اخضعت عينة تتصف بأنها ( خالدة من ناحية الاثر ) وهو ما يشير الى انها تمتلك الابداع بأعلى حالاته ولذلك كان من السهل وضع مقياس سيتم ايضاحه فيما يلي من الفصول.


اقتباس اخر " في ظل عدم وجود قدرة على قياس الإبداع سيكون من الصعب " زرع الإبداع " في النشء أو الجيل وتوقع النتائج الإبداعية في المستقبل لأننا لا نفهم الإبداع إلإ حالة مفاجئة وليس لدينا قياسات أو إيمان بأنه يمكن أن يكون لنا عامل في إيجاده وذلك عندما نعزوه فقط إلى قوة خارجية ."
-
ان نظرية تفسير الطاقة الابداعية تمكنت من تقديم تفسير للطاقة الابداعية وما يكمن وراء القدرات الابداعية ولذلك سيكون من السهل بعد ان تعرفنا على سر الطاقة وضع مقاييس وسيكون من السهل تطوير اليات لتعزيز القوة الابداعية او على الاقل حسن التعامل معها كوننا تعرفنا على مصدر الطاقة وهو كما سيتم توضيحه بالدليل الموت و اليتم والمأسي التي يمر فيها الطفل في طفولته المبكرة...وسوف توضح الدراسة ان الابداع ليس امرا غامضا او مفاجئا او لا يمكن فهمه كما كان يُظن بل هو حالة نفسية معينة مرتبطة بالموت ...في حالة الابداع في اعلى حالاته ويقل كلما كان المسبب ( الفجيعة ) اقل اثرا... مثل فقد الجد او فقد صديق او فقد الوطن او فقد لعبة او حيوان اليف وهكذا ...
المهم اصبح هناك ما يشير دون مجال للشك واعتمادا على التحليل والبيانات الاحصائية بأن الابداع طاقة تتولد في الدماغ وتتكثف كلما كانت الفجائع اكثف في طفولة الطفل... وموت الاب قبل الولادة يمثل اعلى حالات الفجيعية....


اقتباس "القوة الخارجية دائماً تأثر علينا فمن لايتأثر مثلا برؤية الطبيعه ، الله ذكر في كتابه أكثر من مرة أهمية التأمل في المخلوقات والطبيعه ومنها سنكسر حاجز الجمود والأفق المحدود في التفكير إلى مستوى إبداعي جديد عندما نتفاعل نحن مع مخلوقات الله وفوق هذا كله عندما نصل إلى مرحلة الصفاء والنقاء الذاتي ونتفاعل بإيجابية كما أمرنا الخالق مع المحيط ثم نوفق إلى الهداية ."

- لا يمكن ابدا انكار عدة عوامل مثل البيئة والقدوة الحسنة والتربية الخ...وربما احيانا الصدفة ...لكن لقد تبين بعد اجراء الدراسة ان الشرط الاساسي في الابداع هو توفر الطاقة الابداعية وذلك ينتج عن الفجائع التي تصيب الطفل فتتولد في ذهنه الطاقة التي تتحول الى مخرجات ايجابية او سلبية في وقت لاحق والعوامل الكثيرة تلك هي التي تؤثر في نوعية المخرجات فأن توفرت لليتيم القدوة الحسنة مثلا كانت النتيجة محسومة حتما من حيث الاثر الايجابي وهكذا...

اقتباس " برأي المتواضع أنه من المفترض أن لا نرصد الإبداع في حالاته النهائية دائماً فإننا بهذا كحارس مرمى يتلقى الأهداف في مرماه دون أن يعرف من أين إتجاهاتها فهو يجمع تلك الأهداف من الشباك ، يرى كرات تتطاير في الهواء ثم تدخل مرماه ولكنه لايرى اللاعبين أنفسهم وكيف يتحركون من الخلف للإمام أيضاً هو لايرى كيف تدرب هؤلاء اللاعبين وكيف يخططون وماهي نقاط قوتهم وضعفهم ( يجهل تاريخ حياتهم ). فهو لايرى الإ الأهداف فقط، برأيي عدم قدرتنا على ملاحظة الإبداع في مراحله الأولى هو نتيجه أننا لانؤمن بالإبداع أن يكون بيننا ، ثم لانقبل بمسألة النمو الطبيعي للإبداع عوضاً أننا لانعطيه الفرصه للنمو ولانشجع مراحلة الأساسية لأننا لا نقبل إلا مراحله النهائية ثم يظهر لنا السؤال المحير من جديد " كيف تم تسجيل الأهداف بهذه البراعة" " كيف أصبح هؤلاء مبدعون؟".

- في الواقع هذا هو بالتحديد سبب فشل كل الدراسات التي اجريت قبل دراسة تفسير الطاقة الابداعية خاصتي حيث كان الدارس يختار عينات عشوائية تشتمل بين عناصرها مبدعين من كل المستويات الابدباعية فتظل النتائج غير حاسمة ....ولذلك لم يتوصل اي من الدارسين لفهم حقيقي لمسببات الابداع.
لكن عندما اقتصرت في دراستي على الخالدون المئة كنت في الواقع ادرس الابداع في اعلى حالاته فقط ...ولذلك كان من السهل وقد اثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الابداع في اعلى حالاته ناتج عن فجائع اليتم تحديدا ....اصبح من السهل فهم المسببات الاخرى....وسيتم ايضاح ذلك فيما يلي من فصول ارجو المتابعة..

اقتبس آخر "ختاماً : برأيي أن الإبداع إنه يأتي من النظر والتفكير للداخل بعمق وبقوة (داخل الإنسان) مع مراقبة الخارج بهدوء ثم يتدرج إلى قوة وعندما تلتقي القوة الداخلية مع القوة الخارجية (المحيطية - تأمل في الخلق - المخلوقات - الطبيعه .. ) ثم معرفة الخالق معرفة يقينية فتلتقي كل هذه القوى الثلاث هنا يبدأ التسارع بقوة نحو الأمام وللأعلى ويوهب للأنسان أعلى درجات الإبداع والطاقة . أشبه هذه الحالة عندما تكون ميكانياً بارعاً ولديك سيارة فأنت تفكر في هدفك اولاً تؤمن به بقوة ( يجب أن ترحل إلى مكان ما) تنظر إلى السيارة ( المحيط ) وكيف تم إعدادها تنظر في ادواتها ومدى صلاحيتها ، ثم تتفاعل معها ( إصلاح - فهم - تعديل - إضافه - تقبل ) أثناء كل هذه المرحلة وبعدها ترزق هداية وتوفيق الله لأنك عرفت أنك تسير في أرضه وفي عالمه الآن أهدافك تتفق مع هدف الخالق ( ترزق فهم كل الأشياء ) تتحد كل هذه القوى - فهم ذاتي كامل مع وجود رغبة وطاقة كامنه - فهم ذاتي كامل للمحيط - معرفة كاملة للخالق . ( علماً أنني أقول كامل ولكن مرحلة الوصول للكمال تكون صعبه ولكني أضع أقصى وأقوى الطاقات ) بعد ذلك يأتي الإبداع في أسمى حالاته .
-
لا شك ان هذا وصف جميل جدا... لكن دراسة الخالدون المئة اثتبت بلا يدع مجالا للشك ان كل ما يقال عن اعتزال وتأمل وتقشف وممارسات ....ما هي في الواقع الا مؤشر على وجود الطاقة الذهنية الهائلة التي تتفعل في الذهن كنتيجة للفجائع التي تضرب الطفل اليتيم ( في حالة الابداع في اعلى حالاته ) ولكن ذلك لا يعني بأنها الشيء الوحيد المؤثر في طبيعة ونوعية وكثافة الابداع فأحيانا يمكن ممارسة طقوس معينة تساهم على تفعيل الطاقة او توجيهها الى وجهه معينة...

اقتباس " وهذا لا يتعارض مع إبداع الغير مؤمنين فهم وصلوا لمرحلة من مراحل الإبداع ولكن من يقيس الحالة الإبداعية في أوج مراحلها حتى نقول أنهم تخطوا النقطة كذا وكذا ، وسأعطيك مثال فقط بسيط كيف كان لنبي الله نوح تلك القدرة العظيمة لصنع سفينه ضخمه بمفرده حملت كل تلك الحيوانات والطيور و الأفراد لاحظ أن من ضمن الحيوانات مثلا الفيلة ( زوجين ) ثم قاومت ذلك الطوفان العظيم لترسى على الجودي بأذن الله . من أين أمتلك هذا الإبداع في الصنع ؟ وكيف أصبح مبدعاً ( عندما ألتقت تلك القوى الثلاث ) . تخيل هذا الإبداع في ذلك العصر الذي يفتقد لأبسط أدوات التقنية الحديثة ."


- نحن نتحدث عن الابداع الوضعي والذي يكون ناتج عن اسباب وضعية ولذلك تكون مخرجاته الفكر والفلسفة والشعر والادب والقيادة والفذه والكرزما الخ... لكن في حالة الانبياء رغم توفر نفس الظروف او ظروف مشاببه لا شك ان الموضوع يعود الى عامل الدعم الالهي الذي توفره الملائكة فهذا موضوع آخر رغم انه لا يمكن فصل او التقليل من اهمية الظروف الماساوية التي يبدو ان كل الانبياء قد مروا بها وربما هي ارادة الله في اعداد الانبياء...ولذلك هم اصحاب معجزات علما بأنه لا يمكن التقليل من قدرة العقل والطاقة الذهنية وسوف اوضح لاحقا ان الكثير من اصحاب الكرامات والقدرات التي جعلت البهعض يظن انهم معصومين عن الخطأ ما هي في الواقع الا نتيجة عن طاقة ذهنية مهولة تسببت بها الفجائع والدليل كما اشرت بأن الخالدون المئة او غيرهم من العباقرة التي اتفقت البشرية على انهم استثنائيون في انجازاتهم كلهم ايتام وبعضم مروا بفجائع مكثفة مثل موت الاب والام الخ...اقتباس آخر "ملاحظة ( كل هذه المعلومات لم تأخذ من أي مرجع هي من تجربتي الشخصية شكراً لكم على هذا الطرح ) "
-
اشكر جدا جدا جدا على هذه التغذية الراجعة خاصة انها من بنات افكارك لكن املي ان تظل في الجوار لتسمع ما اقول واقدم لك الدليل الذي يؤكد ما اطرحه في نظرية " تفسير الطاقة الابداعية " والتي ستجبر الدارسين على اعادة النظر في الكثير من المسلمات وستقدم الكثير من الاجابات ...ولذلك سيظل الحوار هنا شيق ومثير ومفيد .....

شكرا مرة اخرى على مرورك الكريم .

ايوب صابر
12/04/2010, 10:01 PM
الجزء الرابع

قبل أن ننتقل للحديث عن الجديد الذي تقدمة"نظرية تفسير الطاقة الإبداعية" لا بد أولا من التنويه بأية محاولات أخرى كانت قدمت لتفسير الإبداع ولو من زوايا أخرى.

فلم يكن فرويد آخر من قدم نظرية بالخصوص ولكن الكثير من الدراسات تطرقت للموضوع سواء بشكل مستقل أو ضمن المنظومة الفكرية مثل الوجودية والتي تعتبر الإبداع نتيجة للقلق الذي يشعر به الإنسان والناتج عن إدراكه بوجوده وخوفه من الموت.
وهذه النظرية ( التفسير الوجودي ) ربما تشكل آخر نظرية حاولت تفسير السمة الإبداعية قبل "نظرية تفسير الطاقة الإبداعية " لكنها لا تتعامل مع الإبداع كطاقة كما فعل فرويد ولا تحاول تقديم تفسير لآليات عمل سمة الإبداع وتتحدث بعموميات.

لكن في تزامن مع عصر فرويد وبعده ظل الاهتمام بالإبداع وسمات الشخصية الأخرى قائما وأفضل الكتب أو ربما الأصح الدراسات التي أجريت حول الموضوع هو كتاب " العبقرية والإبداع والقيادة" تأليف دين كيث سايمنتن ومترجم إلى العربية ضمن سلسلة عالم المعرفة- الكويت-, ويحمل الرقم 176 وقد ترجمه د. شاكر عبد الحميد وراجعه د. محمد عصفور.

علما بأن هذا الكتاب يعالج ويركز على موضوع العبقرية والتي تعرف كما يقول المترجم في مقدمة الكتاب في التراث السيكولوجي الحديث "أنها تشير إلى القوى والطاقات والانجازات العقلية الفائقة وغير العادية.
وهو مصطلح ينضوي تحت لوائه مصطلحان آخران هما الإبداع والقيادة".
وعليه فأن المؤلف يوجه اهتمامه إلى المستوى المرتفع من الإبداع والمستوى المرتفع من القيادة ويطلق على هذين المستويين اسما عاما وشاملا هو " العبقرية" كما يقول المترجم.

والإبداع الفائق والقيادة البارزة بالنسبة له يمثلان المظهرين الأساسين للعبقرية عبر التاريخ. ويؤكد المؤلف انه عندما نخضع ابرز المبدعين وابرز القادة للفحص العلمي فان التمييزات الخاصة بين الإبداع والقيادة سوف تختفي حيث يصبح الإبداع شكلا من أشكال القيادة وتصبح القيادة مجالا من مجالات الإبداع...وهذه الملاحظة مهمة جدا لنا حينما نتحدث عن نظرية تفسير الطاقة الإبداعية.

ويورد المترجم د. شاكر عبد الحميد عدة تعريفات للعبقرية أبرزها تعريف R. S. Albert يقوم على أساس الإنتاج فيقول أن العبقري هو شخص يقوم بالإنتاج عبر مدى طويل من الزمن لعدد كبير من الأعمال التي يكون لها تأثيرها الواضح والكبير على الآخرين لسنوات عديدة.

ويقدم الكتاب دراسة خاصة حول الأشخاص غير العاديين – المبدعين والقادة تحديدا - الذين كان تأثيرهم في عصرهم وفي العصور التالية شديدا بحيث أصبحوا يستحقون لقب " العباقرة". ولكن الكتاب يعالج العبقرية، سواء عند القادة أو المبدعين من المستوى العالي، من جوانب تشمل وتقتصر على:
- ما هي الأسباب التي جعلتهم يحتفون هذه المنزلة المتفوقة على سواهم من البشر؟
- ما هي الخلفية الأسرية الخاصة بهم؟
- هل هو التعليم؟
- هل هو الذكاء؟
- هل هي طبيعة الأزمنة التي عاشوا فيها ؟
- وهل يوجد عمر خاص يصل عنده الإبداع إلى ذروته؟

ورغم أن الكتاب يقتصر في بحثه على هذه الجوانب لكنه يمثل كما يقول دين كيث سايمنتن نفسه- والكتاب حديث العهد طبعا الكتاب صادر عام 1999 اي بعد اعتماد رسالة الماجستير خاصتي التي غطت موضوع اليتم والابداع عام 1983 -"تجميع لكل الاكتشافات السابقة حول موضوع العبقرية في كتاب واحد" وقد سعى لتجميع هذه الدراسات لأنه رأى بأنها ظلت مبعثرة في الدوريات العلمية الخاصة بعدد من الفروع العلمية وتمتد تواريخ نشرها نحو قرن من الزمن.

لكن الكتاب لا يعالج موضوع الإبداع من حيث كونه دفق من الطاقة ناتجة عن عقل الإنسان الذي يمثل بدوره نظام للطاقة كما قول فرويد.
وهو لا يعالج الجوانب المختلفة للعملية الإبداعية وحتما فأنه لا يقرن الإبداع باليتم رغم انه يفرد حيزا للحديث عن اثر وفاة الوالدين في العباقرة كما سنرى في الجزء التالي.

ماذا يقول المؤلف دين كيث سايمنتن عند اثر اليتم في العبقرية من جانبيها الإبداع المتميز والقيادة ؟

انتظروا الجز الخامس ،، ثم نعود للحديث عما تقدمة " نظرية تفسير الطاقة الإبداعية " من جديد.

يتبع ،،،
http://boswtol.com/self-development/...january/4/5925

http://www.aljlees.com/6s2898193-969.html

http://search.barnesandnoble.com/Gen.../9781583484388

السعيد ابراهيم الفقي
12/04/2010, 11:01 PM
اين البقية سيدي

ايوب صابر
13/04/2010, 12:47 AM
الاستاذ السعيد
سوف يتم نشر كل الفصول تباعا ان شاء الله،،،شكرا جزيلا لاهتمامك

ايوب صابر
13/04/2010, 12:49 AM
الجزء الخامس،،
أيضا لا بد من التنويه بأن سايمنتن، وكما يقول، اخضع حياة النوابغ للتحليل العلمي باستخدام أسلوب (القياس التاريخي) والذي يقوم على اختيار وحدات التحليل سواء كانت من الفلاسفة أو الأفراد أو من المعارك الحربية التاريخية أو كانت الحان موسيقية ثم تحديد المتغيرات الحاسمة في التحليل وحسابها ثم القيام بعد ذلك بحساب العلاقة السببية الأكثر احتمالا من خلال تحليلات إحصائية.
وهو يركز على النتائج الجوهرية من هذه الدراسات الإحصائية. فقد سعى لتحديد أمور مثل :
- هل السياسيون البارزون من الأطفال الأكبر أم من الأطفال الأوسط أم الأصغر داخل الأسرة؟
- هل يصل العلماء إلى ذروة الإبداع قبل الفنانين أو المفكرين الآخرين في المجالات الإبداعية الأخرى؟
- هل يعكس المفكرون الأكثر شهرة أفكار أزمنتهم أم أفكار الأزمنة الماضية؟

فهو إذا يركز في بحثه على:-
- الخلفية الأسرية للمبدعين والقادة بين مستوى العباقرة .
- الموضوعات الخاصة بالتأثيرات المنتقلة بين الأجيال.
- الموضوعات الخاصة بالشخصية والإنتاجية الإبداعية والاستطيقا، والكرزما وروح العصر، والعنف السياسي وغيرها.

وفي مقدمة كتابة يقول د. سايمنتن بأنه سعى من اجل اكتشاف الكيفية التي اثر من خلالها المبدعين والقادة هذا التأثير الكبير على التاريخ. ولذلك فقد قام ببحثه بهدف كشف قوانين العبقرية باستخدام أسلوب القياس التاريخي. وهو بدوره ينوه بدور العديدين ممن سبقوه الذين بذلوا جهدا في السير الذاتية للعباقرة بهدف التعرف على اسرارها.

ومن الأمثلة التي يقدمها د. سايمنتن عن هذه الدراسات السالفة دراسة توماس كارلايل في مقاله "عن الأبطال وعبادتهم والبطولة في التاريخ والصادر عام 1841 م " ويقول فيه إن تاريخ العالم ليس إلا سيرة الرجال العظماء وهي نتيجة يتوصل لها كل من يتعمق في دراسة سير حياة العظماء حتما. فقد ردد رالف والدو امرسون ما قاله كارلايل حيث قال " ليس هناك تاريخ بالمعنى الدقيق للكلمة هناك فقط سير شخصية". كذلك فان كتاب قصة الحضارة الذي ألفه كل من ول وارييل ديورانت يحتوى على أربعة مجلدات متتالية بعنوان ( عصر لويس الرابع عشر ، وعصر فولتير، و رسو والثورة و عصر نابليون ) فلذلك فان التاريخ حسب هذه الدراسات صاغه بعض الأفراد وانجازاتهم. وهذه الشخصيات تصوغ التاريخ بإحدى طريقتين :
- من ناحية هناك المبدعون الذين قدموا إسهامات خالدة للثقافة الإنسانية سواء أكانوا علماء أو فلاسفة أو كتابا أو مؤلفين موسيقيين أو فنانين. من أمثال اينشتين وسارتر وجويس وسترافنسكي وبيكاسو والذين تركوا تأثيرا دائما على أفكار عدد لا حصر له من الناس وأحاسيسهم.
- أما الناحية الثانية فأن هناك القادة الذين يغيرون العالم بأعمالهم الكبيرة وليس من خلال أفكارهم أو تعبيرهم عن عواطفهم...من أمثال هتلر وستالين وفرانكلين روزفلت وماتوتسي تونج .
هذا ويشير د. سايمنتن أن الكثير من الدراسات قد أجريت قبل بحثه واعتمد في دراسته على بعض منها لتفسير عبقرية هؤلاء الفنانين والقادة حسب إجماع الناس والباحثين على حد سواء. فمثلا كان فرانسيس غالتن قد كتب كتاب عام 1869م بعنوان " العبقرية الوراثية Hereditary Genius وحاول فيه أن يضع اساسا وراثية للانجاز المتميز.

أما كاترين كوكس فقد قامت بعد ذلك بأكثر من نصف قرن ( عام 1926 م ) بإصدار مجلد بعنوان "الخصائص العقلية المبكرة لثلاثمائة من العباقرة " Early Mental Traits of three Hundred Geniuses ". وقد اشتملت عينة عباقرة التاريخ في دراستها وهي نفس العينة التي اعتمد الدكتور سايمنتن عليها كثيرا كما يقول وتضم : نابليون ، كرومويل، وبوليفار، وفولتير ونيوتن وسرفانتس.

ويرى الدكتور سايمنتن أن مجموعة العوامل التي استعان بها لفهم المبدعين تقدم له عونا لفهم القادة البارزين وهذه العوامل تشمل :
- ترتيب الميلاد.
- الذكاء.
- التعليم.
- العمر
- روح العصر Zeit geist .
- والعنف السياسي .

وقد ناقش كل منها في فصول كتابه . وهو إذا يرى بأن هناك أسس مشتركة خاصة بالتعليل ( تعليل ظهور العباقرة : قادة ومبدعون.
وعليه نجد أن د. سايمنتن قام في كتابه بدراسة العبقرية باستخدام أساليب القياس التاريخي Historimetry وهو مصطلح وضعه كما يقول فردريك وودز F.A. Woods عام 1911 و يشير فيه إلى تلك الفئة من البحوث التي يتم فيها إخضاع حقائق التاريخ للمعالجة الإحصائية وفقا لبعض أساليب القياس الموضوعية. ويعيد د. سايمنتن تعريف مصطلح " القياس التاريخي" على انه الأسلوب الخاص باختبار الفروض العامة أو الناموسية Nomothetic التي تتعلق بالسلوك الإنساني من خلال تطبيق التحليلات الكمية على معطيات مستخلصة من عينات تاريخية.

فالدكتور سايمنتن إذا يستخدم التفسير الناموسي وليس التفسير الفردي بمعنى انه يركز على الجوانب العامة أو الكلية في السلوك الإنساني ويهمل الجوانب الخاصة المتعلقة بالشخص...كما انه يهمل أهم عامل من العوامل المؤثرة في العبقرية والإبداع بكافة مستوياته وليس فقط مستواه الأعلى ( العبقرية ) رغم ظهور أهمية ذلك العامل وبروزه المثبت بالدارسات الإحصائية وهو ( اليتم وتوابعه كما سنوضح لاحقا).

وربما يكون هذا احد أهم الأسباب التي منعته من اكتشاف العلاقة المهمة بين اليتم والإبداع كما سنرى في "نظرية تفسير الطاقة الإبداعية " وعدم تفسير الظاهرة بشكل أدق وتحديد الأسباب الحقيقة وراء الإبداع.
حيث اعتمد في دراسة الظاهرة على منهاج القياس التاريخي فقط ولكنني في دراستي للإبداع قمت أيضا بالتركيز على دراسة الفرد المبدع والقائد العبقري الفذ (وصف السيرة النفسية والتاريخ النفسي )... ذلك لان الإبداع والقيادة العبقرية هي في الواقع قدرات خاصة يمتلكها أشخاص معينين لأسباب سنوضحها فيما بعد....

فقد أعتمدت في دراستي على التاريخ النفسي والسيرة النفسية المدعمة بالدراسات الإحصائية للوقائع التاريخية نظرا لأهميتها في إظهار العلاقة بين اليتم والإبداع وعلى شاكلة فرويد في دراسته النفسية لكل من ليوناردو دافنشي ودوستويفسكي وودرو ولسن وغيرها من الدراسات التحليلية عن غاندي ومارتن لوثر.

فعلى الرغم أن العبقرية والإبداع صفات ناموسية مشتركة وتنتج عن علل وأسباب تكاد تكون متشابهه لكنها تتماييز من فرد إلى آخر كنتيجة لعدة عوامل ولا يمكن في الواقع تفسير هذه الظاهرة بصورة صحيحة بالاكتفاء بالتعميمات الناموسية التي يمكن العثور عليها من خلال دراسة التاريخ القياسي لؤلئك الإفراد الأفذاذ..

وهنا يتضح أن سبب عدم اكتشاف فرويد لتلك العلاقة كان ناتجا عن أن دراساته التحليلية قامت على أساس افتراضات خاطئة والعيب ليس في المنهج اذا....
ويمكنني القول أيضا أن منهاج التاريخ القياسي الذي استخدمه د. سامنتن لا يمكنه إيصال الباحث إلي النتيجة المطلوبة لوحده في تفسير الظاهرة لأنه يبحث في أمور بعيدة عن العلة الأساسية المفترضة ويحاول تقديم تفسيرات لا علاقة لها بالمسبب الحقيقي رغم انه لا يتجاهله. ولكنه يتطرق له من زوايا أخرى قللت من أهميته في كشف العلاقة بين المسبب والنتيجة.
كل ذلك لا يعني أبدا بأن د. سايمنتن لم يقدم دراسة مهولة وعبقرية بحد ذاتها مما يجعله يتيما حتما. وهي دراسة متخصصة من شخص متخصص في مجال علم النفس وتعتمد على دراسات إحصائية علمية متعددة لا بد أنها تطلبت جهدا هائلا لانجازها. وسوف يسجل التاريخ حتما هذا الجهد المهول لأنه ساهم مساهمة فعالة وعلى شاكلة مساهمة فرويد العظيمة في كشف أسرار أهم سمة إنسانية. سيكون لفهمها وتفسيرها بصورة صحيحة أهمية عظيمة على كافة المستويات وفي صناعة المستقبل.


تابعونا في الجزء التالي ( الجزء السادس) لنرى ماذا تحدث د. سايمنتن عن اثر الوالدين في العبقرية ثم ننتقل للحديث عن نظرية تفسير الطاقة الإبداعية ...

يتبع ،،

ايوب صابر
13/04/2010, 12:57 AM
الجزء السادس ،،


تحت عنوان "الأسلاف والمورثات والأجيال " يتحدث د. سايمنتن عن الأمر الأكثر تأثيرا في السلوك الإنساني ويضيف بأن بعض النظريات تظل تصر على أن السلوك الإنساني موجه من خلال ما تفرضه المعطيات البيولوجية أو ما يسمى بالطبيعة. وهم يصرون على أن هناك شيئا ما يمكن أن نطلق عليه لقب ( الطبيعة الإنسانية ) وهو بمثابة الأساس الغريزي للتفكير والنشاط . ولا يشعر أصحاب هذه الوجهة أفطرية في النظر بالحيرة أمام الفروق الفردية الموجودة بين الكائنات البشرية لأنها يمكن إرجاعها إلى الوراثة أي إلى عملية بيولوجية صارمة تقوم بشكل غير متعمد بإنتاج التباين في الجينات.

في الطرف الآخر حسب رأي د. سايمنتن يوجد البيئيون الذين يعزون الدور الرئيسي في تشكيل الشخصية الإنسانية إلى الأحداث التي تقوم بتشكيل الحياة منذ لحظة الولادة. وهذه الأحداث أو الوقائع هي التي تعزز ارتقاء الفرد الإنساني. وأصحاب هذه النظرية يرون أن التشابه بين الناس يأتي كنتيجة إن بعض الخبرات عامة وشائعة عبر الثقافات وعبر التاريخ. وعليه فان عمليات المعرفة وبعض الأفعال تبدو على السطح فطرية. كما انه يسهل إرجاع الاختلاف بين الأفراد إلى التنوع الواضح في البيئات الطبيعية والشخصية والاجتماعية.

طبعا هذا الاختلاف بين هاتين النظرتين قديم قدم الفلسفة فبعض الفلاسفة مثل أفلاطون وديكارت اعتقد أن بعض الأفكار فطرية. بينما تمسك بعض الفلاسفة مثل لوك وهيوم بأن العقل يبدأ مثل لوح حال وتقوم الخبرات البيئية بالنقش عليه.

ويضيف سايمنتن أن علماء النفس اليوم لا يدافعون عن هذين الاتجاهين المتطرفين. والاهم عند علماء النفس هو اثر كل العوامل في تشكيل الشخصية الإنسانية. ومن هنا تأتي محاولاتهم الحديثة في فهم العبقرية بشقيها عند سايمنتن الإبداع والقيادة. بمعنى أن بعض الناس يعتقدون أن العبقري (يولد) وبعضهم يعتقد انه ( يصنع) ودور علماء النفس هو البحث في أصل هذه التركيبة وهل تتعدد العوامل التي يكون لها تأثير. من هنا يلقي د. سايمنتن الضوء على بعض العوامل التي يرى بأنها تؤثر على تكوين الشخصية وبالتالي سماتها كالإبداع والقيادة ويهمنا منها لإغراض هذا البحث المؤثرات الأسرية وذلك لارتباطها الوثيق بموضوع البحث هنا والذي يقوم على افتراض أساسي يربط بين اليتم والإبداع في أعلى حالته ودرجاته . ويمكن لمن يرغب التوسع في دراسة هذه العوامل الرجوع إلى كتاب د. سايمنتن المذكور.

ويشير د. سايمنتن إلى الدراسة التي أجراها كل من فكتور وميلدرد غورتسل عام 1962 في هذا المجال والتي يقول أنها ألقت الكثير من الضوء على طفولة المشاهير.
حيث قام الباحثان بدراسة السير الشخصية لأكثر من أربعمائة من قادة القرن العشرين ومبدعيه. وقاما بدراسة الحياة المبكرة للأشخاص موضوع الدراسة لتبين ما إذا كانت هناك مواقف أو أحداث أسرية ومدرسية معينة تدعم تطور العبقرية وقاما بفحص الإعاقات الجسدية والصدمات المبكرة والاضطرابات الأسرية والبيئة المتصدعة اجتماعيا والأمهات المسيطرات والآباء المتصلبين والاتجاهات نحو التعلم في المنزل وردود الأفعال تجاه المدرسة والمعلمين.
كما قام هذان الشخصان في عمل لاحق بدراسة أكثر من ثلاثمائة شخصية من الشخصيات المعاصرة وأضاف بعض البنود إلى مجموعة أبعاد السيرة الشخصية التي اهتما بدراستها من قبل واجريا المعالجات الإحصائية المناسبة. أما الأبعاد الجديدة التي قام الباحثان على دراستها وركز عليها د. سايمنتن فهي ترتيب الميلاد واليتم والإرث العائلي :

ترتيب الميلاد:
يرى د. سايمنتن أن هذا العامل يفترض أن هناك مبرر نظري قوي يجعل الباحث ينظر إلى ترتيب الميلاد باعتباره عامل يمكن أن يفسر ظهور العبقرية. ويرى د. سايمنتن أن ترتيب الميلاد في الأسرة يفسر إلى حد بعيد الأسباب التي من اجلها لا يصل الإخوة إلى مستوى الشهرة نفسه. ويشير د. سايمنتن إلى الدراسات التي أجريت لتأكيد اثر هذا العامل على العبقرية. ففي دراسته وجد فراسنين غالتن عام 1874 أن نسبة الأبكار والأبناء الوحيدين بين العلماء المشاهير هي نسبة كبيرة بدرجة لا يمكن إرجاعها أبدا إلى الصدفة. ولكن الدراسات اللاحقة أظهرت مثلا أن الطفل الأصغر يتفوق على الطفل الأوسط وقد وجد ال غورتسل أن 30% من العينة التي درسوها والتي تكونت من 314 من مشاهير القرن العشرين كانوا من الأبكار و 16% منهم من الأطفال الوحيدين و27% من الأطفال الأصغر و26% فقط من فئة الطفل الأوسط Goertzel Goertzel & Coertzel, 1978 وعليه لقد كانت نسبة الأبكار أعلى بشكل لا نظير له بجمهور العينة ككل يليهم في ذلك الطفل الأصغر.

كما وجدت الدراسة نفسها بأن الأبكار لا يبرعون في مجال السياسة بينما تميل فئة الطفل الأوسط إلى البروز بشكل ملموس بين الشخصيات السياسية المعاصرة. كذلك إشارة دراستان استخدمتا عينات مختلفة إن الثوار لا يكونوا من الأبكار على الأغلب Stewart, 1977, Walberg, Rasher & Parker son, 1980 .
ويشير د. سايمنتن أن هذه الدراسات فشلت حتى الآن في الإجابة بشكل مقنع على السؤال المهم : ما هي الآليات التطورية النوعية التي يؤثر من خلالها ترتيب الميلاد داخل الأسرة على الانجاز؟ ويشير د. سايمنتن إلى ما يضعف هذا الفرضية من واقع الحياة ويقدم أمثلة على ذلك.

فقد الأبوين:
يشير د. سايمنتن أن والد لينين مات ولينين في سنوات المراهقة. وفقد بيتهوفن أمه عندما كان في السادسة عشرة من عمره وعندما بلغ الثامنة عشرة طرد والده من مدينة بون بسبب إدمانه للكحول وأصبح بيتهوفن مسئولا عن أسرته. وأصبح نابليون عائلا لأسرته في سن الخامسة عشرة عندما مات أبوه وفقد يوليوس قيصر والده في العمر نفسه. ومات والد نيتون قبل ولادته. ويضيف د. سايمنتن أن ملاحظة هذه الحالات أثارت العديد من الباحثين لكي يتساءلوا مندهشين حول ما إذا كان اليتم له أي فضل في نمو العبقرية. ويضيف د. سايمنتن أن الشواهد المجتمعة حتى اليوم يبدو أنها تؤيد وجود مثل ذلك الفضل. ويقدم مثال على ذلك ما توصلت إليه دراسة عينة كوكس عام 1926 حيث أظهرت العينة أن ما بين 22% إلى 31% من المشاهير في العينة المذكورة فقدوا احد والديهم قبل سن الرشد Albert, 1971, Walberg, Rasher Parkerson, 1980 . ويشير د. سايمنتن إلى عينة مارتنديل Martindale 1972 وهي عينة مكونة من مشاهير الشعراء الانجليز والفرنسيين على أن 30% من الشعراء كان والد كل منهم غائبا عن البيت. وفي عينة غورتسل الخاصة بمشاهير المعاصرين كانت هناك نسبة 18% فقدوا الأب. ونسبة 10% فقدوا الأم قبل سن الحادية والعشرين.

ويضيف د. سايمنتن أن أكثر الأبحاث تنظيما حول اليتم هو مقال ج مارفن ايزنشتات J . Marvin Eisenstadt وعنوانه " فقد احد الأبوين والعبقرية " Parental Loss and Genius, 1978 ، وقد قام هذا الباحث بفحص حالات 699 فردا مشهورا من أمم متعددة ويعلون من مجالات مختلفة. وقد كان تكرار اليتم بينهم كبيرا تماما. فربع هؤلاء العباقرة فقدوا احد والديهم عند عمر الثلاثين. كذلك فأن حوالي 10% من هؤلاء الأفراد فقدوا كلا الوالدين عند عمر الحادية والعشرين. وقد قارن ايزنشتات هذه النسب المئوية بالمعلومات المستقاة من البيانات الخاصة بالإحصاءات السكانية ومن الدراسات حول الأحداث الجانحين وكذلك المرضى النفسين فكان أهم ما وجده في المجموعات الأخرى والمجموعة الوحيدة التي جاءت قريبة في نسبتها من نسبة العباقرة هي مجموعة الجانحين، وكذلك بصفة خاصة المرضى الذين يعانون من اكتئاب حاد أو من ميول انتحارية. وتتماشى النتيجة الأخيرة مت المعدلات العالية من الاكتئاب الانتحاري الموجودة بين المشاهير ( انظر الفصل الثالث).

ملاحظة : هذه الدراسة مهمة وسيتم الاعتماد عليها أيضا في تفسير الكثير من الجوانب التي ما تزال غامضة بالنسبة لسمة الإبداع أثناء طرحي للجديد الذي أتت به "نظيرة تفسير الطاقة الإبداعية".

يتبع ،،الجزء السادس2

ايوب صابر
13/04/2010, 12:59 AM
تابع.. الجزء السادس 2،،

لقد ارجع ايزنشتات اثر فقدان احد الوالدين إلى صدمة الفجيعة Bereavement Traumaلكنا وكما يقول د. سايمنتن لم كل النتائج العملية المترتبة على هذا التفسير داخل بياناته هو. ويضف د. سايمنتن انه إذا كانت الشهرة الناتجة عن ( العبقرية بشقيها الإبداع والقيادة ) عرضا خاصا من جملة أعراض الفجيعة فإننا يجب أن نجد فرقا ناتجا عن اختلاف طريقة حدوث هذا الفدان وزمانه. ويضيف د. سايمنتن انه من غير المحتمل أن نيوتن قد مر بصدمة عنيفة عند وفاة والده. ويرى د. سايمنتن أن هناك تفسير آخر يتعلق باختلال الهوية الجنسية الذي يسببه غياب الوالد المنتمي إلى جنس الولد ( انظر Martindale, 1972 ) . لقد ركزت معظم البحوث حول هذه النقطة على الآباء والأبناء الذكور ولذلك قصر د. سايمنتن حديثه عن الذكور فقط حيث يضيف انه في حالة موت الأب أو تغيب كثيرا عن البيت فأن الابن قد يفشل في اكتساب شخصية الذكر، ويقوم بدلا من ذلك علاقة حميمة مع الأم ، مما يؤدي إلى تكوين شخصية خنثوية، بل ريما تكوين ذكر ذي طبيعة أنثوية إلى حدا ما. انظر Harringten & Anderson 1982 ، والأمر البديل لذلك هو أن غياب الشخص الذكر القدوة قد ينتج عنه استعداد للقتال أو المشاجرة فالطفل غير الآمن قد يبالغ في التعويض من خلال ادعاء الذكورة الزائدة عن الحد الطبيعي. ويرى د. سايمنتن أن ثمة شيء مشترك ف سير الشعراء والطغاة والأبطال العسكريين وهو أن أمهاتهم كن دائما من الأمهات المسيطرات ، المستحوذات أو من الأمهات ذوات الشخصية الخانقة Goertzel and Goertzel, 1972 . ويضيف د. سايمنتن أن أكثر من نسف الشعراء الذكور المشهورين قد كشفوا عن ميل لاكتساب صفات الجنس الآخر في شكل سمات شخصية تعتبر تقليديا سمات أنثوية Martindale وربما كان للطغاة والغزاة ما للشعراء من سمات شخصية، لكنهم يخفونها تحت مظهر الصلابة والجبروت. ومن مزايا هذا الافتراض والكلام لا يزال لدكتور سايمنتن خاصة عندما نقارنه بافتراض الفجيعة انه أكثر تحديدا في تنبؤاته ومن ثم فهم أكثر قابلية للتحقق منه.

ويقول د. سايمنتن أن فقدان الوالد لمنتمي إلى الجنس نفسه سواء من خلال الموت أو الطلاق أو النفي أو الإدمان على الكحول هو الحادثة الحاسمة. فإذا حل محل لأب شخص آخر مناسب من نفس الجنس ، مثل العم أو الخال أو الجد أو العمة أو الخالة أو الجدة فأن اكتساب هوية الجنس الآخر يكون اقل احتمالا. ويضيف د. سايمنتن ثم أن فقدان أخ أو أخت أو قريب آخر كان على صلة وثيقة بالطفل لا يكون له اثر عام وهكذا. فان من المفيد أن نتثبت من تلك العمليات التي تقف خلف التأثير الذي يحدثه اليتم على الشهرة رغم أن البحوث لم تقم بعد ذلك.

ملاحظة: هذا تحديدا هو الجديد الذي تقدمة "نظرية تفسير الطاقة الإبداعية " من بين أشياء أخرى طبعا.

يتبع ،،،الجزء السادس 3

ايوب صابر
13/04/2010, 01:01 AM
يتبع ،،،الجزء السادس 3 ،،

العائلات الشهيرة :
ويستنتج د. سايمنتن وأثناء حديثه عن العامل الثالث ( العائلات الشهيرة ) انه ورغم أن حدوث اليتم بين العباقرة يتجاوز عامل الصدفة، فأن نسبته اقل من أن تسمح باعتباره المبدأ الرئيسي المساهم في الشهرة ( وهنا اخطأ د. سايمنتن لعدة أسباب سنوضحها فيما بعد ).


وهو يظن انه إذا كنا ننظر إلى العائلات بحثا عن مصادر العبقرية فأننا يجب أن نكتشف عوالم أخرى. وهو يرى بأن معظم العباقرة في عينة كوكس 1926 كانوا من الطبقات الراقية. ويضيف لقد وجد ال غورتسل أن حوالي 80% من المشاهير من الأزمنة الحديثة قد جاءوا من عائلات الطبقة المتوسطة التي تعتمد في نشاطها على الأعمال التجارية أو المهنية بينما عانى 6% فقط من أفراد هذه العينة من الفقر إبان طفولتهم.


ويشير د. سايمنتن إن دراسة بلوندل Blondel 1980 قد توصلت إلى أن 60% من القادة في العالم الحديث قد جاءوا من اسر من الطبقة الوسطى. ولكن يستنتج د. سايمنتن رغم هذه النسب أن الشواهد توحي بأن المركز الاجتماعي للوالدين لا يمارس أي تأثير مباشر على الشهرة المتحققة.
واستنتج د. سايمنتن حتى بعد أن قام بإعادة تحليل عينة كوكس أن تأثير الطبقة الاجتماعية على الشهرة قد لا يكون إلا تأثيرا غير مباشر لا يتم إلا من خلال الذكاء ومستوى التعليم.


ويرى د. سايمنتن أن الذكاء والشهرة قد يتعاقبان في العائلات حيث تم مناقشة هذه الإمكانية في أول بحث تم من خلال استخدام القياس التاريخي وهو البحث الذي قام به السير فرانس غالتن في كتابه ( العبقرية والوراثة) Hereditary Genius 1869 . ويقول د. سايمنتن أن غالتن أراد أن يثبت أن العبقرية يرثها الطفل بالوسائط البيولوجية من خلال الوالدين. فإذا كانت العبقرية متعاقبة بناء على هذه الدراسة في الأسر وإذا كانت العبقرية سببا ضروريا وكافيا للشهرة فأن الأشخاص المتميزون ينبغي أن يجتمعوا في اسر خاصة ..ولهذا كرس غالتن جانبا كبيرا من بحثه ليظهر أن المشاهير لهم أقارب من المشاهير أيضا وبنسب لا يمكن أن تتوقعها من خلال الصدفة.
ويبدو هذا الدليل مقنع من الناحية الظاهرية حيث يمكن تقديم أمثلة عليه فنجد أن عدد كبيرا من أفراده أسرة باخ اشتهروا بالموسيقى.
ولكن وكما يقول د سايمنتن جابهت مقولة غالتن حول وراثة العبقرية صعوبة من جهتين. واحدة أن البيانات المقدمة لم تكن باعثة على الاطمئنان كما جعلها غالتن تظهر في البداية، فقد فشلت دراسات تالية في اعطاء نفس النتائج، كما أن مؤشرات كثيرة أظهرت أن الكثير من العسكريين والعلماء والشعراء لم تكن أشجار أنسابهم أشجار مميزة. كذلك فان تجمع مشاهير التاريخ ضمن سلسلة الأنساب الأسرية قد يدل على التميز الاجتماعي والمزايا الممنوحة للطبقة أكثر مما يدل على الخصائص الوراثية المسئولة عن العبقرية.


التوارث عبر الاجيال:
يتطرق د. سايمنتن بعد ذلك إلى دراسة أجراها الفريد كرويبر A Kroeber وهو احد رواد الانثروبولوجيا في أمريكا والذي اثبت في كتابه Configurations of Culture Growth, 1944 أن غالتن كان على خطأ وان العبقرية الفردية ليس لها أدنى قيمة تفسيرية عندما نناقش الإبداع. فبين أن ما يسمى بالعبقرية المبدعة ليست موزعة بشكل عشوائي عبر التاريخ ولكنها تتجمع بدلا من ذلك على هيئة تشكيلات تتمثل في عصور ذهبية أو فضية مثل عصر الإغريق أو عصر النهضة. وهي عصور تفصل بينها فجوات طويلة أو عصور ظلام يركد فيها الإبداع. فإذا كانت العبقرية موروثه كما يدعي غالتن فلماذا تتوزع العبقرية بهذا الشكل المتفاوت عبر مسار التاريخ. ويرى كروبي أن فكرة المحاكاة التنافسية التي تنبعث تارة من الحسد وتارة من الإعجاب ربما كانت هي الجواب. وهذا التفسير يعطي دور للرعاية والاهتمام.



القدوة والمثل :
ويرى د. سايمنتن أن تقليد الأجيال السابقة له دورا مهما في تحفيز الإبداع. ويقول أن البحوث الحديثة حول الظروف التي سادت حياة المشاهير قبل حصولهم على الشهرة أن حوالي 82% من الأفراد الذين تمت دراستهم قد عايشوا عديدا من الراشدين في وقت مبكر من حياتهم. وان 68% ترعرعوا في ظل وجود بعض الراشدين الذين كانوا يعملون في مجالات يمكن الوصول فيها إلى الشهرة عند الرشد. وان 63% تعرفوا على مشاهير في مرحلة مبكرة من العمر Walberg Rasher, and Parkerson, 1980 أي انه توافر لهؤلاء المشاهير وجود عدد كبير ممن كان يمكن الاقتداء بهم في تطورهم المبكر. وتبين مثلا أن ما يزيد على نصف من الحائزين على جائزة نوبل في العلم قد تعلموا على أيدي بعض من سبق لهم الحصول على هذه الجائزة Zuckerman, 1977 . وتوحي هذه الحقائق بأن وجود من يقتدي بهم من المبدعين قد يكون أمرا جوهريا بالنسبة لتطور العبقرية العلمية. وهذا التأثير قد لا يتطلب دائما الاتصال الشخصي المباشر بين الأساتذة الناضجين وبين المعجبين الصغار فالنشأة أو التربية في أزمنة الحيوية العقلية أو الفنية الجمالية قد تفضي بذاتها إلى التطور الإبداعي. كما أن الإعجاب هو قوة دافعة شديدة في التطور الشخصي. ويمكننا جميعا أن نعجب من بعيد إذا دعت الحاجة لذلك.


ويخلص سايمنتن إلى أن البيئة تلعب دورا اكبر بكثير من الوراثة في ظهور العبقرية. فرغم أن الذكاء خاضع للوراثة البيولوجية بشكل قابل للقياس فأن الظروف البيئية للأسرة وكذلك المؤثرات ما بين الأجيال يبدو أنها أهم في تطور المبدع الممكن أو القائد الممكن.
ويزيد توافر الأشخاص الذين يمكن أن تقتدي بهم من الناحية الاجتماعية الثقافية فرض احتواء أي جيل من الأجيال على عدد من العباقرة المشهورين وتساعد الظروف الأسرية على تقرير أي الأعضاء في جيل من الأجيال سيحرزون الشهرة. وكل جيل يكمل البناء فوق انجازات الجيل السابق عليه ويقوم بدفع الثقافة الإنسانية إلى الأمام حتى تصل الحضارة إلى عصر ذهبي لا يمكن للإبداع بعده إلا أن يضمحل ويجعل من الجيل التالي جيلا من المقلدين. ومع ذلك فأن العباقرة الفعالين في الجيل الذي وصل أعلى درجات التقدم والازدهار يدينون بشيء ما لأسلافهم الأقل شهرة وقد عرف إسحاق نيوتن هذا حين قال في أوج شهرته ( إن كنت رأيت ابعد من غيري فلأنني وقفت على أكتاف العمالقة).


سنكتفي هنا بالحديث عن دراسات سايمنتن فقد اشرنا هنا إلى أهم الدارسات والاستنتاجات التي لها علاقة ببحثنا ويمكن لمن يرغب في الاستزادة العودة إلى كتابه بالغ الأهمية.


ونعود للحديث عن جديد نظرية تفسير الطاقة الإبداعية لنوضح أولا لماذا اخفق سايمنتن ومن سبقه في اكتشاف أهمية اليتم بالنسبة لتفسير هذه السمة الإنسانية المهمة وهي الإبداع ومن ثم نقدم ما يؤيد وجهة نظرنا من أدلة وشواهد ، ثم ننتقل للإجابة على الكثير من الأسئلة بناء على المعطيات والاستنتاجات التي سنسوقها والتي ستؤسس حتما لفهم مختلف لكل سمات الشخصية الإنسانية كون أن نظرية تفسير الطاقة الإبداعية ستكون الركيزة الأساسية والتي سيتم إعادة النظر في كثير من المفاهيم على أساسها.

يتبع ،،الجزء السابع

تابعوا معنا هذه الرحلة المهمة في استكشاف اسرار الشخصية الانسانية وسماتها ؟؟؟!!!

سعيد نويضي
13/04/2010, 07:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأستاذ الدكتور أيوب صابر...

و سلام من الله على إسم من أعظم الأسماء في تاريخ الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام و على صفة من أعظم الصفات التي جعل لها الله بابا لمكانتها الرفيعة عنده جل في علا صفة الصبر...

سلام الله على الأخ أيوب صابر و على دراسته و رسالته الرائعة إلى حد بعيد...

قرأت ما تفضلت به و ما تفضل به الأحبة الكرام ممن أدلوا بدلوهم في ظاهرة بالغة التعقيد مع كونها موجودة بيننا...لا تقتصر على قوم دون آخرين و لا على مجتمع دون آخر...و لقد كان قد أشار إلى الموضوع ذاته الأستاذ المفكر محمد حسن كامل في طرحه للعبقرية...و يمكن القول أن الظاهرة الإبداعية هي ظاهرة العبقرية في مستواها الأعلى و هي تقل كلما قل مستوى العلم بها و بجوانبها و بالإحاطة بهعالم الفكر و المعرفة عموما...فالعلم درجات...كما جاء في الآية الكريمة:{...يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }المجادلة11.

و"الطاقة الإبداعية" التي تفضلت بالحديث عنها و بإعداد رسالة الماجستير عنها و كم أتمنى أن أجدها بشكل أو بآخر[ في السوق...أو ما شابه ذلك] للاطلاع عليها حتى يتسنى لكل قارئ العادي و المختص و المهتم من معرفة الجديد الذي أتيتم به كتفسير لهذه الظاهرة...و لكي يتم معرفتها بشكل أكثر...خاصة و قد اختزلت إلى حد ما أن العامل الحاسم و الأساسي بالإضافة إلى العوامل الأخرى هو عامل فقدان أحد الأبوين في سن مبكرة هو العامل الحاسم في تفجير الطاقة الإبداعية إما سلبا أو إيجابا لخلق روائع الإبداع التي تزخر بها المكتبات العالمية أو المتاحف أو المصانع أو الحياة بصفة عامة...

فبكل تأكيد أن الآثار التي يحدثها الوسط سواء الأسري أو الاجتماعي لها من الأهمية بمكان الشيء الكثير و الكبير على الإنسان...و أن حالة فقدان الأم أو الأب أو كليهما معا من بين الأسباب التي تساعد بشكل أو بآخر على حجم المأساة و الشقاء و الحزن و البؤس الذي قد يصيب ذاك الإنسان...مما قد يكون دافعا قويا لكي يصبح ضمن "الظاهرة الإبداعية" أو خارجة الدائرة الإنسانية...

لكن أعتقد أن في بداية المقال تم ربط بين الحاسة السادسة و فقدان أحد الأبوين أو كليهما و الطاقة الإبداعية كما تسميها...و أعتقد أن تسمية الطاقة و و ليست الظاهرة لأنك اعتمدت بعض المفاهيم الفزيائية التي يشكل مفهوم الطاقة أحد مباحثها...و على أية حال قد يبدو من تكاثر الأسئلة التي قد تنتج من القراءة للإشكالية...إشكالية الإبداع لا يمكن الحسم في أجوبتها إلا بعد الانتهاء من قراءة ما جادت به رسالة الماجستير...و كيف عالجتم هذه الظاهرة...

و لكن بداية و هي تساؤلات حاولت من خلالها أن أتصور الموضوع كيف يصبح الموت و هو ظاهرة نفي الوجود أن تكون له علاقة بالحاسة السادسة...على اعتبار أن الإبداع هو إحساس بالوجود قبل أن يكون إحساس بالنفي...صدمة الموت أو فجيعة الموت هي إحساس بالحرمان...فنظرية التعويض هي إحساس بشيء حاضر و ليس غائب...إحساس لا تشكل ذكرياته وجود في الواقع الفعلي بقدرما تلعب في عزله عن الواقع للقذف به في واقع خيالي من صميم الماضي...لا يعني قولي أن الماضي لا يشكل أساسا لكل مبدع بل لا استغناء عن الماضي في عملية الإبداع...حقيقة نظرية التعويض لأدلر تعكس جانبا في تفسيرها للعملية السكولوجية في عملية الإبداع...فكل تعويض أو ملء فراغ معين...لكن هذا الملء لا يقوم على الماضي بل يكون من صميم الحاضر...

و من ذلك مثلا الجواب الذي أدلى به بابلو نيرودا و الذي اعتمدت عليه إلى حد ما لاكتشاف لاوعيه في تعريفه الظاهرة أنه لما فقد لعبته من فتحة الحائط فكأنما هو تعبير أن فقدان لأمه و بالتالي البحث عن ذاك الشيء المفقود هو سر الإبداع الذي أنتج العديد من المؤلفات...إذن فليس الشيء المفقود هو سر الإبداع بل هو البحث عن شيء ما في هذا الوجود؟

ربما قد يكون تفسيري في نظرك غير منطقي و لكن رغم ذلك سأقوله لك و لكل القراء...ألم يقل إبليس لآدم و لحواء عليهما السلام...هل أدلكما على شجرة الخلد و ملك لا يبلى...؟

بحث الإنسان الدائم سواء كان مبدعا عبقريا أو إنسانا عاديا أو حتى إنسانا مخبولا مهبولا...أليس أن يترك أثرا وراءه...؟

ذاك الأثر يختلف باختلاف الشروط الذاتية و الموضوعية التي وجد الإنسان نفسه ضمن دائرتها...؟ قد يكون الاثر لوحة فنية مؤلفا أو مصباحا أو نحثا أو حقيقة علمية أو أي شيء آخر...

و مع ذلك يظل البحث مستمرا عن سر من أسرار الإنسان و هو الطاقة الإبداعية و مصباح قد ينير هذه الظاهرة في جانب من جوانبها...

لك التحية و التقدير...

ايوب صابر
13/04/2010, 08:26 PM
الاستاذ والكاتب سعيد نويضي

تحية وبعد ،

كل الشكر والتقدير على هذه المداخلة الغنية والعميقة والتي تُلقي الضوء على جوانب مهمة من البحث....وسوف استمر في ادراج الاجزاء المتبقية من الدراسة والتي اتصور انها تجيب على معظم التساؤلات هنا ...ولكني سأظل على اسعداد لمناقشة اي بند او الاجابة على اي تساؤل لتوضيح كيف ان "نظرية تفسير الطاقة الابداعية" تختلف عن سابقتها من النظريات فيما تطرحة خاصة انها تتعامل مع موضوع الابداع كطاقة تتولد في الذهن كنتيجة للفجائع وبنفس الطريقة التي تتولد فيها الطاقة الذرية عند تفجير ذرة اليورانيوم التي تحتوى على طاقة كامنة لا تكاد تذكر ولكن عندما تفجر بقذفها بطاقة ضمن شروط معينة ...يحدث عن الانفجار طاقة مهولة تسمى الطاقة الذرية...

والذي يحدث في الدماغ شيء من ذلك القبيل فاذا ما وقعت الفاجعة تصيب الفاجعة الدماغ ....ولان الدماغ نظام طاقة كامنة اصلا مثل القلب ونحن حتما نلاحظ اثر الفجائع على القلب ولكننا لا نشعر بنفس الاثر على الدماغ ...هذه الطاقة التي تحدث توترا حادا في الدماغ ( طاقة هائلة ) تتحول الى مخرجات اما ابداعية او تمديرية كما حدث عند سلفيا بلاث حينما لم يعد الابداع الشعري كافي لتحقيق التوازن فقتلت نفسها لتعود الى والدها...

حسب نظريتي في تفسير الطاقة الابداعية الموضوع ليس بحث عن شيء مفقود ولو ان الامور تبدو هكذا... وليست محاولة لتعويض شيء مفقود كما يقول ادلر... وليست تعويض جنسي لخلل اصاب العلاقة بين الابن وامه... وانما الموضوع هو عبارة عن تولد طاقة مهولة تخرج على شكل مخرجات ابداعية ...ولا شك ان الدراسة التي اقوم على ادراجها هنا تشير الى ان كثافة اليتم وتكرار الفجائع يزيد من دفق الطاقة في الدماغ ويظهر ذلك في المخرجات الابداعية....

ارجو متابعة الفصول القادمة والدراسة الاحصائية التي تستهدف شرح العلاقة بين اليتم والابداع والعبقرية في اعلى حالاتها....

ايوب صابر
13/04/2010, 08:32 PM
الجزء السابع 1،،

إذا ،،،
- لماذا اخفق علماء النفس ( فرويد وكارل يونج والفرد ادلر) الذين وضعوا نظريات في الشخصية في تفسير الطاقة الإبداعية؟
- ولماذا اخفق الباحثون في مجال فهم السمة الإبداعية خارج إطار علم النفس التحليلي ونظريات الشخصية؟
- وما هو جديد نظرية تفسير الطاقة الإبداعية ؟
- وما هي إذا طبيعة السمة الإبداعية ؟ وكيف تعمل؟

لقد حسمت الشواهد المتعددة المتوفرة في التراث المتراكم من الدراسات التي حاولت فهم وتفسير السمة الإبداعية الأمر بخصوص طبيعة هذه السمة... فلم يعد هناك مجال لاعتبار الدافع وراء هذه السمة مجهولا، وحتما لا يعود في أساسه للسحر، وهو ليس شيئا غريزيا innate يولد مع الإنسان لا يمكن فهمه.

كذلك فأن العقل المدرك لم يعد يقبل اعتبار أن أمر هذه السمة يعود إلى الموهبة per se دون محاولة لفهمها وذلك في ظل التطور والتقدم العلمي الهائل الذي ترك بصمته على كل مجالات المعرفة بما في ذلك الشخصية الإنسانية فقد اقتحم العلم ثنايا العقل وأخضعها للفحص والتمحيص. كما اخضع النفس البشرية للدراسة والقياس والعلاج.

ولا شك أن الفضل يعود في أساسه إلى تطور المفاهيم العلمية خاصة في مجال الفيزياء والتي وضعت قاعدة مهمة تقول "إن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث ولكن تتحول من حالة إلى أخرى"... وهو ما دفع العلماء والباحثين إلى البدء بالتعامل مع الشخصية الإنسانية كنظام للطاقة... وقد قدم التطور العلمي المتواصل والمتلاحق ما يدعم هذه النظرة بعد إن تمكن من خلال الأجهزة الحديثة التعرف على آليات عمل الدماغ والقلب وغيرها من أجهزة الجسم.

وكان الطبيب وعالم النفس سجموند فرويد ( 1856 _ 1939 ) أول من تعامل مع الشخصية الإنسانية كنظام طاقة وله يعود الفضل في تقديم تصور لفهم سمات الشخصية الإنسانية بما في ذلك الإبداع، وهو حتما وبلا منازع مؤسس علم النفس خاصة الشق التحليلي منه حيث توصل إلى استنتاجاته من خلال الملاحظة وأثناء ممارسته للطب في عيادته.

ولكن سجموند فرويد بنى افتراضاته على أساس أن القوة الدافعة الأساسية للشخصية الإنسانية تنبع من غريزته الجنسية، وهي المحرك الأساسي، وعليه كان يرى بأن الإبداع ما هو إلا احباطات جنسية sexual deprivation وحتى أن موت احد الوالدين عنده يؤثر على الطفل من خلال ما يحدث من خلل في تلك العلاقة الجنسية ليس أكثر.
وقد ظل يدور في فلك تلك القناعة مؤمنا بها إيمانا مطلقا اعتمادا على الكثير من الشواهد التحليلية والاستنتاجات التي كان يتوصل إليها في فحصوه الطبية، ولذلك فشل في اكتشاف اثر أية عوامل أخرى بما في ذلك الظاهر منها مثل فقدان البصر مثلا حيث اختلف مع احد تلاميذه عالم النفس الفرد ادلر على ذلك والذي كان له طرحا بديلا.

لا شك أن اعتماد فرويد على التحليل الإكلينيكي فقط، وتركيزه على قوة الغريزة الجنسية أوقعه في ذلك المأزق...ولو انه قام بالبحث والملاحظة باستخدام المنهج الاستقرائي القديم أو التاريخ القياسي أو الدراسات الإحصائية التاريخية، ولم يحصر نفسه في تلك الزاوية من التحليل لربما توصل إلى نتيجة مغايرة وهو الأقدر على التحليل من خلال تلك الآليات المهولة والعبقرية التي تمكن من وضعها وتطويرها لفهم الشخصية والتعامل معها.

وعلى الرغم من الإعجاب الشديد بنظريات فرويد التي أصبحت مؤثرة في مجمل الثقافة السائدة في عصره وما تزال ، نجد أن الكثير من الباحثين ظلوا متشككين منذ البداية في طرحه وعلى اعتبار أن طروحاته تظل نظرية غير مدعومة بوقائع وأدلة مثبة خاصة فيما يتعلق بأن الجنس هو المحرك لسمات الشخصية.
ولذلك نجد أن الكثير من الباحثين والعلماء رفضوا الأخذ بنظريات فرويد ومنهم من تتلمذ على يديه. حيث اندفع البعض من تلامذته لطرح نظريات مغايرة لطرحه لا بل بديلة لها.

فعالم النفس كارل يونج ( 1875 – 1961 ) والذي رفض طرح فرويد بأن سلوك الإنسان ليس مشروطا بتاريخه الفردي ولا أهدافه ، قدم نظرية ( the archetypes ) والتي تفترض بأن المعرفة الإنسانية، بما في ذلك سمة الإبداع طبعا، يتم توارثها من جيل إلى جيل من خلال تلك الحجرات الوراثية التي تختزن في ثناياها المعرفة الإنسانية السالفة والمتراكمة عبر الأجيال.

والماضي الطفولي عند يونج يضع السلوك الحاضر كواقع ويوجه السلوك في المستقبل وهو يرى في الخبرات الطفولية المكبوتة في اللاشعور محرك قوي للإبداع عند الفرد.
ومستقبل الفرد ومقاصده عند يونج لها أهمية كبيرة في توجيه سلوكه كأهمية الماضي تمامًا. فالسمة البارزة في نظرية يونج هي جمعه بين الغائية والعليّة وقد عبر يونج بجملة " إن الإنسان تحركه الأهداف بقدر ما تحركه الأسباب".

أما أهم المبادئ التي تقوم عليها نظرية يونج :
- مبدأ القطبية : حيث يرى يونج أن العالم بأسره قد وجد بسبب التعارض القائم بين الأشياء فهناك دائما تعارض وهذا التعارض يستدعى الصراع والحياة بدون صراع لا تساوي شيئًا فالصراع هو المادة الخام الأساسية للحياة وهو الذي يدفع للأمام، فالحياة والحركة وتغيير الأوضاع ممكنة فقط تحت ظروف الضغط والرغبة في إزالته عن طريق القوة المضادة وهي التي تجعل الشيء الأصلي يتحرك في صورة عمل.
ويرى يونج أن الإنسان يسعى لتحقيق حالة توازن بين هذه القوى. ويرى يونج أن النفس تحل هذه الصراعات عن طريق : التعويض ، و الإتحاد ، و التعارض.

ومفهوم التعويض عنده يتمثل في شعور الشخصية بأنها في حالة صراع نتيجة عجزها عن تحقيق هدف مرغوب فيه فتبحث لنفسها عن أهداف أخرى لها نفس الجاذبية ويترتب على تحقيقها إزالة هذا الصراع. ويكون للفعل المادي قوة أعظم من الفعل الرمزي في تحقيق التوازن. فالحلم مثلا ً بتحقيق شيء ما والسيطرة عليه ورغم أهمية الحلم كظاهرة سلوكية في نظر يونج ليس فعلا ً تعويضيًا حقيقيًا.

ويرى يونج أن التعويض يظهر بين الاتجاهات والوظائف المختلفة للشخصية فقد يظهر التعويض بين الانطواء والانبساط فإذا كان الانطواء هو السائد في الأنا الشعوري فإن اللاشعور يقوم بعملية تعويضية ويقوى الانبساط المكبوت ، وإذا كان الشخص على المستوى الواعي من النوع الفكري الوجداني فعلى مستوى اللاشعور يكون من النوع الحسي الحدسي.

وتحدث يونج عن مبدأ التعادل، وهو مستمد من الطبيعة ويسمى بمبدأ حفظ الطاقة. فالطاقة التي تستخدم لتغيير حالة شيء ما لا تختفي ولكن سوف تعود إلى الظهور بصورة أخرى في شيء آخر ومن هذا المبدأ يقول يونج أنه إذا ضعفت قيمة معينة أو اختفت فإن مجموع القوى الذي تمثله القيمة لن تفقدها النفس وإنما تعود إلى الظهور مرة أخرى في قيمة جديدة فانخفاض قيمة ما يعني بالضرورة ارتفاع قيمة أخرى . وعندما نكبت الرغبة في التعبير عن القيمة الجديدة تصدر الحياة الرمزية للإنسان والتي من خلالها يحلم الفرد أو يوجه أنشطته في الخيال نحو هدف مرغوب فيه ، فالطاقة المحفوظة يعاد توجيهها نحو الشيء المرغوب فيه من خلال عالم الحلم سواء كانت أحلام نوم أو أحلام يقظة وهو يرى أن الإنسان قد يرى بالحلم طريقه الذي يسلكه نحو حل صراعاته .

كما تحدث يونج عن مبدأ تحقيق الذات حيث يرى أن الهدف الأساسي من نمو شخصية الفرد هي تحقيق ذاته . ولكن نظرية يونج قامت أيضا على أسس افتراضية لا يمكن إثباتها أو قياسها.
فهو يرى إذا بأن الصراع بين المتناقضات هو المادة الخام الأساسية للحياة وهو الذي يدفع للأمام. ومفهوم التعويض عنده يتمثل في شعور الشخصية بأنها في حالة صراع نتيجة عجزها عن تحقيق هدف مرغوب فيه فتبحث لنفسها عن أهداف أخرى لها نفس الجاذبية ويترتب على تحقيقها إزالة هذا الصراع. كما ان طرحة بأن الانسان يسعى لتحقيق ذاته لا يقدم تفسيرا حقيقيا لما يحدث في حالة الابداع اوالقيادة الخ.

يتبع الجزء السابع 2 ،،،

ايوب صابر
13/04/2010, 08:34 PM
تابع ...الجزء السابع 2 ،،


لكن عالم النفس الفرد ادلر ( 1870- 1937 ) ، وهو أيضا احد تلامذة فرويد ، إختلف مع فرويد وكارل يونج، حيث أكد من ناحيته بأن "القوة الدافعة في حياة الإنسان هي الشعور بالنقص" . وقد جاء ادلر بهذا المصطلح ليعارض "فرويد " حول فكرة أن الغريزة الجنسية هي الدافع الذي يسير السلوك البشري رغم إيمانه بأهمية الدافع الجنسي.

وقد بدأ أدلر طرح فكرة الشعور بالنقص، بالضعف الجسدي الذي هو شعور بالعجز، ثم أضاف فيما بعد الجانب الاجتماعي، وأصبح الشعور بالنقص ذو أبعاد ثلاثة جسدي ونفسي واجتماعي .
ويرجع ادلر هذا الشعور إلى البدايات الأولى من التكوين النفسي فالعجز والعيوب هي التي تولد الشعور بالنقص. فالطفل يتعرف على صفاته وإمكانياته العضوية من خلال تجربته الاجتماعية وبفعل المعاناة الطويلة من الشعور بالنقص يتبلور هدفه في تجاوز ضعفه الطبيعي بتذليل الصعوبات التي تواجهه. لذلك طرح ادلر فكرة أو مفهوم التعويض كميكانيزم دفاعي لتغطية الشعور بالنقص وتحقيق التفوق.
وتلك العقدة القائمة على الشعور بالنقص تسبب شعور الفرد بالألم والخجل والقلق والخوف ويصبح عدواني ولديه حاجات ملحة للتفوق على الأخريين ويحقق المراتب الأولى في جميع المجالات. أي يصبح الشعور بالنقص عبارة عن تفاعل كامل للشخصية في نظره .

ويصنف ادلر الشروط التي تتوجب من خلالها نشأة الشعور بالنقص في الأربع أو الخمس السنوات الأولى من حياة الفرد إلى ثلاث فئات:
- الفئة الأولى: فئة الأطفال الذين يكون لديهم نقص عضوي أو عاهة تحول دون القيام بأعمال الحياة اليومية أمثال (ديموستين) الذي كان يعاني مشكل الـتأتـأة وأصبح أشهر خطيب يوناني بفعل قوة الإرادة والرغبة في التفوق وتحقيق الذات .
- الفئة الثانية : فئة الأطفال المدللين من قبل ذويهم والذين يحاطون بحماية مفرطة ويحيون حياة سهلة ولعل ما يميز هؤلاء الأطفال هو غياب الشعور بالقيمة الذاتية لديهم الأمر الذي يعين على ضعف شخصياتهم وعدم القدرة على الصمود أمام أول امتحان يتعرضون له بمفردهم ومثل ذلك الأم المتسلطة التي تحسس ابنها انه ضعيف غير قادر وتعطيه توصيات هوسية مثل (احذر, تغطى, انك لست قوي,........الخ) فتخلق له انعكاس شرطي لديه وتحط من ثقته بنفسه إذا كانت هذه النصائح لا تنتهي أبدا وتكون يشكل مقلق تجعل الطفل يكف من قوته الذاتية وينتهي بالشعور بالنقص والعجز.
- الفئة الثالثة :فئة الأطفال القساة المشاكسين الذين يلقون أنفسهم دوما في حالة عداء مع الأخريين .

وفي المقابل يطرح ادلر مفهوم الكفاح من اجل التفوق والذي يقصد به أن تكون حركة مستمرة للأمام وللأعلى وتحقيق الذات وبلوغ كمالها وهو فطري وتصدر عنه كل الدوافع الأخرى بطرق مختلفة تناسب كل شخص.
ويعتقد ادلر أن حافز تأكيد الذات والتفوق يتعرض للتثبيط من قبل حساسية الفرد وهكذا يكون منبع كل إنتاج من جهة ومصدر السلوك الخاطئ من جهة أخرى. وهو يعتبر كميكانيزم دفاعي للتعويض عن النقص، فدافع التفوق يحدث عندما يعوض هذه المشاعر بالبحث عن القوة والعظمة. وهنا يمكن لهذا الإحساس بالقوة والعظمة أن يضعف من حدة القلق الناتج عن الشعور بالنقص والعجز فيسمح بذلك العيش على حساب تسويات حلولية مؤقتة بينما لا يقضي أبدا على الشعور بالنقص فهو يقوم بتغطيته، ولذلك فإن الأشخاص الذين يحققون في حياتهم اليومية أشياء عظيمة يكون الشعور بالنقص هو الذي حرك فيهم بحثهم عن العظمة الذي غالبا ما يكون لاشعوري يفعل الشخص كل ما في وسعه لكي يمنع ظهور كل ما يذكره بضعفه.ولا شك أن هناك العديد من المبدعين الذين يظهر عليهم النقص أمثال بتهوفن الذي أصبح أصما وهو صغير.... ولذلك نجد أن هذه النظرية اكتسبت الكثير من القبول. ولكن طرح ادلر لم يختلف كثيرا عن طروحات فرويد وكارل يونج وهو اسس نظريته على افتراضات وتعميمات لا تقوم على اساس علمي يمكن التحقق منه. فالابداع ليس كفاح لتحقيق الذات وهو حتما ليس محاولة لازاحة القلق وليس تعويض كنتيجة لشعور بنقص ما.

والمفارقة الكبيرة أن ادلر لم يفطن لأثر اليتم على الشخصية فلم يدرج الأيتام ضمن التصنيف المكون من الفئات الثلاث أعلاه رغم انه هو نفسه يتيم، حيث ماتت أمه وعمره ثلاثة سنوات وكان ينام إلى جوارها في نفس السرير.

والصحيح أن الوصف الذي أعطاه ادلر للفئة الثالثة والذي وصف فيها فئة ( الأطفال القساة والمشاكسين) هي على الأغلب من ضمن صفة فئة الأيتام الذين غفل عنهم ادلر. بمعنى أنها نتيجة وليست سبب. وما المشاكسة والقوة إلا من بين تلك الصفات الناتجة عن حالة اليتم من ضمن أشياء أخرى وهي ليست صفة متأصلة في الطفل أو فطرية.

ورغم ان ادلر قدم افضل التفسيرات واقربها الى ما يحث فعلا لكنه اخفق في فهم الاليات الحقيقية لما يحدث كما سنرى خاصة انه استثنى من طرحه اهمية عامل موت احد الوالدين في طفولة الطفل واثر تلك التجربة على قدرة الطفل وتكوينه.

ورغم هذه المساهمة العظيمة التي قدمها هؤلاء الكبار، فرويد وكارل يونج وادلر، من خلال مناهجهم التحليلية، لكن الشخصية وسماتها ظلت أمرا مستعصيا على الفهم والاستيعاب وظلت سمة الإبداع تحديا ولغزا محيرا ابعد من أن يقاس بالمقاييس التي طورها العلم. ولذلك استمرت الجهود من اجل تفسير السمة الإبداعية والتميز والعبقرية ومحاولة العثور على الدافع وراء هذه السمات في الشخصية.


يتبع ،،،
- ولماذا فشل الباحثون في مجال فهم السمة الإبداعية خارج إطار علم النفس التحليلي ونظريات الشخصية؟

ايوب صابر
13/04/2010, 11:19 PM
مقال : العبقرية بين الإلهام والابداع.......للاساذ محمد حسن كامل....!!!

http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=70532


في الواقع ان سر العبقرية يكمن في الموت واثر العوامل الاخرى لا يكاد يذكر ؟؟؟؟؟!!!!!

و السؤال كيف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الجواب : هنا ومن خلال متابعة الدراسة الاحصائية التي نجريها لتحديد العلاقة بين العبقرية واليتم...تابعونا لطفا...

سعيد نويضي
14/04/2010, 01:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأستاذ المفكر أيوب ناصر...

واضح جدا من أن الموضوع يطرح عدة إشكالات تناول كل فريق من العلماء جانب من الجوانب و حاول التركيز على عامل أحادي لتفسير سر الشخصية الإنسانية بصفة عامة و سر الإبداع بصفة خاصة...و هذا قد يعني في نهاية المطاف أن الظاهرة الإبداعية هي ظاهرة يمكن النظر إليها منعدة زوايا...أو لنقل من عدة دوائر...فالزاوية النفسية التي تناول منها فرويد و تلامذته كارل يونج و أدلر كل من من جهة لكن من نفس الزاوية...الزاوية النفسية...تظل الزاوية الاجتماعية و البيولوجية باعتبار أن ظاهرة الإبداع هي ظاهر متعلقة بالإنسان المتعدد النشاطات...

فإذا كان بعض علماء النفس عرفوا ظاهرة الإبداع بأنها"المقدرة" على خلق شيء جديد أو مبتكر و إخراجه إلى حيز الوجود...فكل إنسان يتوفر على قدر معين من المقدرة لكن تفوقه في ميدان معين يكون نتيجة الجهد الذي بدله لتحقيق ذلك الهدف...فإذا اعتبرنا أديسون مبدع المصباح أن محاولاته تعدت المائة قبل أن تصل إلى النتيجة المرجوة...من خلال هذا المثال و الذي لا يعتبر الوحيد فالإبداع و قمته تتجلى في ما يسمى العبقرية هو "صناعة" تعتمد على شروط منها ما هو ذاتي و منها ما هو موضوعي....

و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا...

ايوب صابر
14/04/2010, 01:21 PM
اقتباس من مداخلة الاستاذ سعيد نويضي " واضح جدا من أن الموضوع يطرح عدة إشكالات تناول كل فريق من العلماء جانب من الجوانب و حاول التركيز على عامل أحادي لتفسير سر الشخصية الإنسانية بصفة عامة و سر الإبداع بصفة خاصة...و هذا قد يعني في نهاية المطاف أن الظاهرة الإبداعية هي ظاهرة يمكن النظر إليها من عدة زوايا".


- في تصوري ان تعدد وجهات النظر او النظريات او الطروحات يعود لعدم تمكن اي واحد من العلماء من تقديم تفسير شافي متكامل يؤخذ به ...هذا من ناحية والسبب الاخر هو ان التراكم الثقافي والتجربة تهيء لولادة نظرة مختلفة دائما عما سبق ولذلك نجد ان النظريات التي حاولت تفسير سمة الابداع كلها حديثه جاءت بعد ولادة علم النفس....لكن ذلك لا ينفي بأن الانسان يمكنه ان ينظر الى المنتج الابداعي من عدة زوايا فهو انعكاس لما يعتمل في النفس البشرية شديدة التعقيد ...

من هنا تأتي اهمية "نظرية تفسير الطاقة الابداعية" حيث ولاول مرة يتم تقديم طرح متكامل يقدم تعريف للطاقة وكيف تتولد وما هي اسباب كثافة الطاقة والذي ينعكس على عمق العبقرية والابداع وهكذا ...

اقتباس آخر : فإذا كان بعض علماء النفس عرفوا ظاهرة الإبداع بأنها"المقدرة" على خلق شيء جديد أو مبتكر و إخراجه إلى حيز الوجود...فكل إنسان يتوفر على قدر معين من المقدرة لكن تفوقه في ميدان معين يكون نتيجة الجهد الذي بدله لتحقيق ذلك الهدف...فإذا اعتبرنا أديسون مبدع المصباح أن محاولاته تعدت المائة قبل أن تصل إلى النتيجة المرجوة".


- طبعا كل انسان لديه طاقة ولكن الطاقة الذهنية والتي هي مصدر الابداع يمكن ان تصبح مهولة اذا ما تزلزل الدماغ بفجيعة وكلما زادت الفجائع كلما زادت نسبة الطاقة المتولدة وذلك تحديدا ما يؤثر او يصبغ سمات الانسان وقدراته الابداعية وباقي المظاهر والتصرفات....فحتى محاولات ادسون المئة تعني ان ذلك الشخص كان يمتلك طاقة جعلته قادر على الاستمرار وربما يوجد مليون شخص يتوقف عن المحاولة بعد تسجيل فشل في المرة الثالثة او الرابعة ؟ والسبب الطاقة المتدفقة في الدماغ والتي ولت من رحم الموت !!!!!!!!!!!

- على كل حال اود ان اسمع رأيك الشخصي بصفتك كاتب واديب عن مصدر الطاقة الابداعية لديك شخصيا ؟ بعيدا عن نظريات العلماء ؟ ماذا تتصور مصدر القدرة على الابداع عندك؟
- ثم هل مررت بفجائع بارزة في طفولتك المبكرة؟
- هل مررت بتجربة موت ما مثلا احد الاقارب؟ احد الصبية ؟ او حيوان اليف ؟
- لو عدت بالذاكرة الى ما كتبته هل تجد فيه ما يوحي بأنك تتحدت عن الموت او الفقدان او اي فجائع من اي نوع بالتصرح او التميح؟...بصورة واعية او غير واعية وان هناك خيط ما يربط تلك التجارب بالمخرجات الابداعية او انها تذكر فيها ؟

شكرا جزيلا على هذه التغذية الراجعة واغناء الموضوع ....واملي ان يستمر حضوركم الكريم والمبدع والمفيد

سعيد نويضي
14/04/2010, 05:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأستاذ الكريم أيوب ناصر...

كم هو جميل أن يستمر الحوار مند آدم عليه السلام إلى آخر يوم من أيام هذه الدنيا...فالموت و الحياة و تجدد النظريات هي سمة النمو و التطور و التكاثر...و تجاوز اللاحق للسابق هو في حد ذاته إبداع بشكل من الأشكال...و لكن قبل أن أقدم تجربتي البسيطة جدا في عالم كبير جدا سمي بعالم الإبداع و عن مفهومي لمصدر الطاقة الإبداعية التي أتوفر عليها كما يتوفر عليها كل شخص بشكل أو بآخر...و بدرجات متفاوتة...دعنا نصل معا إلى النظرية التي توصلت إليها و التي حددت بشكل عام أنها تقدم مفهوما و طرحا جديدا و علميا...يفند ما سبق و يصحح المسار في ميدان من أصعب و أعقد الميادين و هو ميدان دراسة الإنسان في مختلف نشاطاته...النفسية و الاجتماعية وووووو منها خاصة في الموضوع الجميل و الرائع موضوع الإبداع كظاهرة مرتبطة بالإنسان...

و ما من شك أن حجم المأساة التي تعيشها الأمة الإسلامية و يشرفني أن أنتمي إليها و ذاك فضل من رب العالمين كفيل بأن يشتعل الرأس شيبا و ينزف القلب مع كل دقة نبض بكل المصائب التي حلت بهذه الأمة مند انحرف مسارها التاريخي عن الفطرة السليمة...قوام الإنسان في سلوكه و قوله و عمله...إن على المستوى الفردي أو الجماعي...

و قبل أن أقدم لك جوابا عن أسئلتك التي بدورها تتطلب "إبداعا" أود أن أقدم لك ما صرح به بيكاسو لما عرض عليه أحد المشترين للوحاته ليتأكد من صحتها أو زيفها...فقال له في غير مبالاة<<أحيانا أرسم لوحات مزيفة>>...فبدل أن يشرح له أن حالة الإبداع هي حالة متجددة متغيرة غير مستقرة على حال...لأنها في نهاية المطاف مرتبطة بالإنسان و بذوق الإنسان...و ليست علما قار و مستقرا إلى حين كما هي القوانين الفزيائية...فقد تكون لفترة أصيلة ثم تصبح مزيفة و قد يكون العكس...بمعنى لا تكون إبداعا في وقت من الأوقات ثم تصبح ذات شأن في فترة لاحقة كما حدث لبعض المشاهير من عباقرة الإبداع...

لكن هذا لا يعني أنه ليس لدي تصور عن ما أسميه إشكالية الإبداع...و سيأتي الحديث عن ذلك إن شاء الله جل و علا...و لكن بعد الاطلاع على نظرية الطاقة الإبداعية كما صاغها الأستاذ المفكر أيوب ناصر...

لك التحية و التقدير و للحديث بقية إن شاء الله...

د. غانم إخليل
14/04/2010, 06:30 PM
الابداع والابتكار.. يلزمه في الأساس قدر من الذكاء وتوفير جيد من التحصيل الأكاديمي، والاساس يجب ان يكون لدى الفرد استعداد فطري مناسب؛ إضافة الى دافعية مناسبة لتحقيق الهدف المرسوم داخل الانسان..
الابتكار يكمن خلفه شخصية تعاني من أمر ما أو نقص في الحاجة الى تحقيق الذات وكلنا بدافع البحث عن الأفضل أو تحقيق الذات " الأكاديمي، العلمي، الاجتماعي، الثقافي، الخلقي، الديني،............"، يحاول جاهداً تقديم ما داخله في صورة مهذبة تظهر في صورة ابداعية أو ابتكارية، أرى أن الابتكار بحاجة أحياناً الى تدريب ضمن خطوات تؤدي إلى أحد أنواع الابتكار، ومن خلال تجربتي، وجدت أن تدريب الطلبة الهادف في حل المسألة يؤدي إلى الابداع "الابتكاري" الاستكشافي في المستوى الأول ثم الانتقال الى نوع آخر هو الابتكار التجميعي من خلال الانتقال الى استخدام ما لديه من مخزون لمعالجة مواقف جديدة.
قد يكون لما تفضلت به أثر في في الحالات يؤدي الى الابتكار وأعتقد أنها حالات فردية لا يمكن تعميمها، وقد تكون تجربتكم أفادت في الوصول الى مستوى من الابداع، محاكات لما اطلعت عليه من تجارب سابقة مفيدة لكم.
وأعتقد أن الابداع كي يظهر يحتاج إلى بيئة تساعد في اظهاره كما حصل معكم، ومن الممكن أن البيئة الطبيعة لها ذلك الميزات اذا توفرت التربة الخصبة لذلك، وعلى سبيل المثال تجربة ابن الهيثم في البصريات، وهذا يؤدي الى اكثر انواع الابتكار تعقيدا وهو الابتكار التحويلي والذي يخلق تورة علمية بحد ذاته.
لكم الشكر وعظيم الامتنان لما قدمتم ، أرغب في التواصل معكم أخي الفاضل واطلاعنا على رسالتكم "ان أمكن ذلك"

ايوب صابر
14/04/2010, 11:22 PM
الاستاذ سعيد نويضي

تحية ومساء عابق بالمحبة والتقدير وبعد،،،

طبعا هذا الحوار جميل جدا لكني ارى بأننا نتحدث عن شيئين مختلفين بعض الشيء فانا اتحدث عن مصدر الابداع او نبع الابداع او مصدر الطاقة الابداعية بنما تتحدثون انتم عن مظاهر الابداع اي تحولات تلك الطاقة ..ما صرح به بيكاسو هو وصف للمنتج الابداعي والذي قد يخرج على عدة اشكال طبعا ..المهم انني ومن خلال البحث والدراسة الاحصائية وجدت ان كثافة الفجائع له اثرعظيم على مستوى الطاقة التي تتفاعل في الذهن والتي يمكن ان تتحول الى مخرجات ابداعية متعددة ومتنوعة عند البعض مثل المتنبي فهو يبدو عدة شخصيات في شخصية واحدة ولو درسنا طفولة المتنبي لوجدنا انه كان مكثف اليتم ..كما يبدو ان هناك علاقة بين كثافة الطاقة المتولدة في الذهن وتعدد المخرجات الابداعية حيث تمكنت من وضع نظرية جديدة للمعرفـــة ( نظرية المعرفة المطلقة ) سوف انشرها هنا ان شاء الله توضح اثر كثافة الطاقة على الدماغ وبذلك استطيع ان اقول بأنني اطرح بديل عن نظرية فرويد في فهم العمليات الدماغية ...

يسعدني استمرار تواصلكم الجميل وشكرا بحجم الكرة الارضية او اكثر شوية ،،

ايوب صابر
14/04/2010, 11:42 PM
الاستاذ د. غانم اخليل

شكرا على مروركم الكريم وهذه المداخلة العميقة جدا ،،


اقتباس "الابداع والابتكار.. يلزمه في الأساس قدر من الذكاء وتوفير جيد من التحصيل الأكاديمي، والاساس يجب ان يكون لدى الفرد استعداد فطري مناسب؛ إضافة الى دافعية مناسبة لتحقيق الهدف المرسوم داخل الانسان.."
- الذكاء هو في الواقع مظهر من مظاهر تلك الطاقة التي اتحدث عنها وهو احد المخرجات التي يمكن للطاقة ان تتشكل او تتحول اليه مثل الكتابة او القيادة الفذة او الكرزما او الحكمة وهكذا..

طبعا لا يمكن انكار اثر البيئة والتعليم والقدوة الحسنة واحيانا الصدفة وكل العوامل التي قد يكون للشخص اتصال فيها ...لكنني اتحدث عن مصدر الطاقة التي تنهل منه كل هذه السمات ..فالشاعر الاستثنائي لديه طاقة مفاعل نووي تعتمل في داخل ذهنه كنتيجة للفجائع التي حدثت له ويبدو ان لتكرار الفجائع اثر عظيم يضاعف الطاقة كما يظهر من الدراسة الاحصائية هنا وحتى انني وجدت ان توقيت الطاقة هو عامل مهم في طبيعة الشخصية فمثلا وجدت من بين عينة الخالدون المئة ان القادة الدكتاتوريين امثال هتلر ونابليون ولينين وجورج واشنطن وجفرسون وبطرس الاكبر والاسكندر كلهم فقدوا الاب في مرحلة المراهقة وما بين 11 و17 سنة بينما وجدت ان من بين افراد نفس العينة ان من فقد الاب او الام ما بين الـ 17 والـ 21 اصبح مكتشف او مخترج مثل جميس واط والاخوين رايت وجوتنبرع الخ..


رسالة الماجسيتر خاصتي توجد في جامعة San Diego كاليفورنيا ومكتبة الجامعة الاردنية ومكتبة جامعة بيت لحم وهي بعنوان Creativity and the Search for fulfillment ولكنها لا تقدم النظرية المتكاملة المدعومة بالدراسة الاحصائية التحليلية ( عينة كتاب مايكل هارت ..الخالدون اتلمئة ) التي اتحدث عنها هنا بل فقط دراسة تحليلة لثلاثة كتاب.... وانا بصدد اصدار النظرية على شكل كتاب خلال شهرين ان شاء الله ويسعدني ان اهديكم نسخة عنه فور صدوره ...

يشرفني ان تظل في الجوار نتحاور ...وان تطلع تباعا على مخرجات الدراسة التحليلة التي تؤيد ما يطرح في نظرية تفسير الطاقة الابداعية ...

لكم كل التقدير والاحترام

ايوب صابر
15/04/2010, 08:44 AM
تابع ،،،

الجزء الثامن ،،


- ولماذا فشل الباحثون في مجال فهم السمة الإبداعية خارج إطار علم النفس التحليلي ونظريات الشخصية؟

في تزامن مع الجهد الذي قدمه علماء النفس التحليلي نجد أن جهودا كبيرة بذلت من قبل عدد كبير من الباحثين في مختلف العلوم في محاولة منهم لتحديد الأسباب الكامنة وراء السمات الإبداعية والقيادية والذكاء والتميز الخ.
وكما أشار د. سايمنتن في كتابة "عن العبقرية والإبداع والقيادة" بأن عددا كبيرا من هذه الدراسات قد تم باستخدام أساليب البحث المتعددة .

وقد حاولت هذه الدراسات تحديد الدافع وراء الإبداع والقيادة من خلال استخدام مناهج بحث مختلفة ولا تعتمد على التحليل النفسي الفردي كأسس لفهم هذه السمات، ولكنها استخدمت عوضا عن ذلك دراسة عينات من المبدعين هذه المرة وأخضعت حياة النوابغ للتحليل العلمي باستخدام أسلوب القياس التاريخي، والذي يقوم على اختيار وحدات التحليل من ضمن المجموعات المراد دراستها وبهدف تحديد المتغيرات الحاسمة في التحليل وحسابها ثم القيام بحساب العلاقة السببية الأكثر احتمالا من خلال تحليلات إحصائية.

وتتمحور هذه الدراسات حول أمور مثل هل العباقرة من الأطفال الأكبر أو الأوسط أو الأصغر في الأسرة؟ وهل الإبداع انعكاس لزمن المبدع أم للزمن السابق؟ ولذلك نجد أن هذه الدراسات تركز على الخلفية الأسرية والوراثة والبيئة وما إلى ذلك من عوامل يمكن أن تؤثر في الشخصية والإنتاجية.

وقد أكدت بعض هذه الدراسات على أهمية دور الفرد العبقري في المجتمع بحيث عزى توماس كارلايل في مقالة له "عن الأبطال وعبادتهم والبطولة في التاريخ والصادر عام 1841 م " صناعة التاريخ إلى الأفراد العباقرة. ونجد أن بعض الدراسات حاولت إثبات أن للعبقرية أصول وراثية كما ورد في دراسة فرانسيس غالتن عام 1869 حيث اصدر كتاب بعنوان " العبقرية الوراثية ".

أما الدراسة الأخرى المهمة فهي التي أجرتها كاترين كوكس عام 1926 بعنوان "الخصائص العقلية المبكرة لثلاثمائة من العباقرة" وقد استخدمت في هذه الدراسة عينة من عباقرة التاريخ أمثال ( نابليون، كروميل، وبوليفار، وفولتير ونيوتن وسرفانتس ).

أما دراسة د. سايمنتن والتي اعتمد فيها على عينة كوكس، فهي تمثل احدث الدراسات ، وقد تمحورت حول ترتيب الميلاد والذكاء والتعليم والعمر وروح العصر والعنف السياسي كعوامل يمكن أن تشكل الدافع وراء العبقرية بشقيها الإبداع والقيادة.

ونجد أن الكثير من هذه الدراسات قد أيدت بأن اليتم يشكل احد الأسباب المحتملة للإبداع. لكنها فشلت جميعها في التوصل إلى نتائج ملموسة وحاسمة بهذا الخصوص. كما أخفقت في الإشارة إليه على اعتبار انه العنصر الأهم في خلق الدافع الإبداعي. كما فشلت في تفسير آلية تأثير اليتم في سمات الشخصية ومنها الإبداع والعبقرية والقيادة الفذة.

ورغم أن د. سايمنتن دحض من خلال دراسته أن يكون الأمر الأكثر تأثيرا في السلوك الإنساني يعود إلى المعطيات البيولوجية أو الطبيعة الإنسانية والذي هو بمثابة الأساس الغريزي للتفكير والنشاط . نجده لا يدافع أيضا عن طرح البيئيون والذين يعزون الدور الرئيسي في تشكيل الشخصية الإنسانية إلى الأحداث التي تقوم بتشكيل الحياة منذ لحظة الولادة. ولذلك فهو يرى كعالم نفس أهمية لأثر كل العوامل في تشكيل الشخصية الإنسانية. كما يركز د. سايمنتن على المؤثرات الأسرية.

ونجد أن د. سايمنتن ومن خلال دراسته لفقد الوالدين يتوصل إلى استنتاج مثير للغاية بخصوص العلاقة بين فقد الوالدين والعبقرية. حيث يقول أن الشواهد المجتمعة حتى اليوم يبدو أنها تؤيد وجود مثل ذلك الفضل. ويشير إلى أن الكثير من الدراسات المذكورة أيدت وجود هذه العلاقة ولكن بنسب متفاوتة. ويشير د. سايمنتن إلى أن احد أفضل البحوث التي تمت بالخصوص هو بحث J. Marvin Eisenstadt وعنوانه " فقد احد الأبوين والعبقرية Parental Loss and Genius, 1978 . حيث قام الباحث في هذه الدراسة بفحص 699 فردا مشهورا من أمم متعددة ويعملون في مجالات مختلفة . وقد وجدت هذه الدراسة أن تكرار اليتم كبير تماما كما يقول د. سايمنتن. وقد ذهب ايزنشتات إلى ابعد من ذلك حيث فسر اثر فقدان الوالدين بصدمة الفجيعة Bereavement Trauma .

ورغم أهمية هذا التفسير المدعم بالشواهد الإحصائية لكننا نجد بأن د. سايمنتن يقلل من شأنه... حيث يقول "أذا كانت الشهرة الناتجة عن العبقرية ، بشقيها الإبداع والقيادة، عرضا خاصا من جملة أعراض الفجيعة فأننا يجب أن نجد فرقا ناتجا عن اختلاف طريقة حدوث هذا الفقدان وزمانه". ويستهجن د. سايمنتن أن يكون نيوتن مثلا قد مر بصدمة عنيفة عند وفاة والده علما بأن والد نيوتن مات قبل ولادته.

ورغم ذلك يعود د. سايمنتن ليؤكد أن غياب الأب من خلال الموت أو الطلاق أو النفي أو الإدمان على الكحول هو الأمر الحاسم لكنه يختلف مع طرح ايزنشتات في الاثر، ونجده يقدم تفسير آخر له علاقة بالجنس الخ.

كذلك يقلل د. سايمنتن من أهمية الفجيعة الناتجة عن فقدان الأخ أو الأخت أو قريب آخر على صلة وثيقة بالطفل. ويدعو د. سايمنتن إلى ضرورة التثبت من اثر الفجيعة. وهذا تحديدا ما قامت عليه نظيرة تفسير الطاقة الإبداعية.

ونرى هنا بأن د. سايمنتن اخفق بدوره في التوصل إلى فهم المحرك وراء السمة الإبداعية حينما قلل من أهمية اثر الفجيعة وفقدان الوالد أو القريب الذي يكون على صلة مع الطفل. وبدلا من ذلك اعتبر أن البيئة على اختلاف عناصرها هي أهم العناصر المشكلة للسمة الإبداعية مع عدم انكار دور البيولوجيا. وذلك رغم قناعته بأن نسبة الأيتام من بين العباقرة القادة والمبدعين موضوع دراسته لا يمكن أن يكون صدفة!! بل هو يتجاوز عامل الصدفة!! لكنه ظل يعتقد أن نسبته اقل من أن تسمح باعتباره المبدأ الرئيسي المساهم في الشهرة .

وقد اخفق د. سايمنتن في استنتاجاته هذه لعدة أسباب منها :
- رغم انه قام على دراسة العباقرة من الفئة العليا والتي تشمل القادة والمبدعين لكنه اعتمد على عينات بحثية تشتمل على إعداد كبيرة لم يتصفوا بهذه الصفة ( العبقرية من الفئة العليا) ولذلك قلت نسبة عامل الفجيعة الناتج عن فقدان الأبوين.
- قام بحث د. سايمنتن على افتراض خاطئ وهو أن الإبداع والعبقرية على اختلاف مستوياتها له مسبب واحد. وله اثر واحد وذلك لا يمكن إثباته في حالة استخدام عينة تشتمل على أعداد كبيرة متفاوتة في قدراتها الإبداعية، حيث قلل من اثر الفجيعة الناتجة عن فقدان القريب ذي الصلة.
- قلل د. سايمنتن دون مبرر علمي من اثر الفجيعة على الطفل الذي مات والده قبل ولادته ( نيوتن ) رغم أن الدراسات العملية الطبية التي تمكنت من تسجيل اثر مثل هذه الأحداث على كهرباء الدماغ أظهرت بوضوح أن لكل الأحداث أهمية عظيمة. وربما في الواقع يكون للفجيعة على الطفل قبل الولادة أعظم الأثر. لا بل هناك ما يشير إلى اثر تلك الفجيعة على تكثيف القدرة الإبداعية والمثل الذي استخدمه د. سايمنتن تحديدا ( نيوتن ) يؤد هذا الطرح. ولا شك انه قد أصبح بالإمكان تقديم أدلة مخبرية على هذا الأمر من خلال أجهزة القياس التي أصبح يمكن من خلالها رصد أنشطة الدماغ وقياسها. كما يبدو ن اثر الفجيعة يقل حتى يصل الى اقل مستوى مؤثر على صناعة سمات الشخصية عند سن الرشد ( 21 عام ) لكنه لا يختفي تماما. وسوف ندلل على هذا الاستنتاج من خلال تحليل بعض العينات لاحقا.
- اعتمد د. سايمنتن على التاريخ الوصفي في بحثه وتجاهل أهمية الجمع بين أساليب البحث المتعددة خاصة التحليل الفردي. فقد كان بإمكانه الاستفادة في فهم العلاقة بين اثر الفجيعة والعبقرية من خلال التحليل في التوصل إلى ملاحظات مهمة تساعده في إجراء الدراسات الإحصائية بشكل سليم من خلال اختيار الفئات السليمة للدراسة. بمعنى لو انه اختار أفضل كتاب الرواية عبر التاريخ مثلا أو عبر حقبة زمنية معينة ( المبدعين في مجال كتابة الرواية من الدرجة الأولى أو أي فئة من الفئات الأخرى مثل القيادة وهو النموذج الآخر الذي قام على دراسته ) أي انه اختار فئة متجانسة ، وحدد لذلك معايير معينة محددة ودقيقة لوجد أن نتائج دراسته تقدم له نتائج أكثر دقة من حيث نسبة فقدان الأبوين. وهي نسبة حتما ستكون أكثر إدهاشا ....

ويبدو أن الفشل في اختيار العينة السليمة والاقتصار على جانب بحثي واحد، هو السبب في إخفاق كل الدراسات السابقة للتوصل إلى تأكيد وجود علاقة حاسمة بين الفجيعة من خلال الفقد بكافة أشكاله والإبداع بكافة أشكاله ومستوياته.

أما السبب الآخر المهم فيكمن في عدم توصل الباحثين إلى الكشف عن آلية حدوث الإبداع كطاقة. بمعنى كيف تؤثر الفجيعة على الدماغ وبالتالي على تشكيل سمات الشخصية ؟ ولا نجد حتى دراسة واحدة تتحدث عما يبدو انه دفق زائد من الطاقة ينتج على اثر الفجيعة و يتشكل لاحقا على شكل منتجات إبداعية، أو تدميرية، مختلفة تتناسب مع نسبة الطاقة وأهمية اثر تلك الفجيعة والعوامل البيئة وخاصة الأسرية التي تحدث عنها د. سايمنتن بإسهاب. وتكون هذه المنتجات تدميريه حينما يفشل الشخص حامل تلك الطاقة في تفريغها بصورة إبداعية فتتحول إلى قوة تدميريه للآخرين أو للذات.

وهذا لا يقلل من اثر العوامل الأخرى التي تساهم في تشكيل طبيعة المنتج الإبداعي ولكن الأساس يظل في تلك الطاقة المهولة التي تتولد على اثر الفجيعة الناتجة عن فقدان من نوع ما ( object loss ) واهمها فقدان احد الوالدين كما سنرى لاحقا. كما سنرى كيف ستؤثر هذه الفجيعة على قدرات الدماغ كمركز طاقة وهو ما يجعل هذا الدفق من الطاقة الناتجة المحرك للشخصية وسماتها.

يتبع ،،


-
فما جديد نظرية تفسير الطاقة الإبداعية إذا؟

سعيد نويضي
17/04/2010, 05:10 AM
الاستاذ سعيد نويضي

تحية ومساء عابق بالمحبة والتقدير وبعد،،،

طبعا هذا الحوار جميل جدا لكني ارى بأننا نتحدث عن شيئين مختلفين بعض الشيء فانا اتحدث عن مصدر الابداع او نبع الابداع او مصدر الطاقة الابداعية بنما تتحدثون انتم عن مظاهر الابداع اي تحولات تلك الطاقة ..ما صرح به بيكاسو هو وصف للمنتج الابداعي والذي قد يخرج على عدة اشكال طبعا ..المهم انني ومن خلال البحث والدراسة الاحصائية وجدت ان كثافة الفجائع له اثرعظيم على مستوى الطاقة التي تتفاعل في الذهن والتي يمكن ان تتحول الى مخرجات ابداعية متعددة ومتنوعة عند البعض مثل المتنبي فهو يبدو عدة شخصيات في شخصية واحدة ولو درسنا طفولة المتنبي لوجدنا انه كان مكثف اليتم ..كما يبدو ان هناك علاقة بين كثافة الطاقة المتولدة في الذهن وتعدد المخرجات الابداعية حيث تمكنت من وضع نظرية جديدة للمعرفـــة ( نظرية المعرفة المطلقة ) سوف انشرها هنا ان شاء الله توضح اثر كثافة الطاقة على الدماغ وبذلك استطيع ان اقول بأنني اطرح بديل عن نظرية فرويد في فهم العمليات الدماغية ...

يسعدني استمرار تواصلكم الجميل وشكرا بحجم الكرة الارضية او اكثر شوية ،،

بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الاستاذ المفكر أيوب صابر...

الحقيقة أننا لا نتحدث عن شيئين مختلفين بقدر ما نتحدث عن الظاهرة الإبداعية من حيث مصدرها تجلياتها تنوعها بقصد تفنيد ما سبق و توضيح ما هو جديد...على أساس أن البحث العلمي لا يقف باكتشافه لحقيقة معينة...فكل حقيقة في مجال العلم و خاصة في مجال العلوم الإنسانية قابلة للتجاوز بنظرية جديدة لأن مجال "النفس" التي تتم فيها الدراسات الإنسانية غير قابلة للتقنين كما يتم تقنين المادة بالصورة مثلها...

فبالرغم من وجود الشق المادي في الإنسان و الذي تخضع أغلب استنتاجات العلماء و المرتبطة بالمنهج العلمي إلى قوانين أتبثت صحتها و صدقها في العديد من المجالات كالطب و البيولوجيا و غيرها لا زال الجانب المعنوي من الإنسان في بداياته...حتى نقول أنه استكمل حلقاته في البحث عن مواقع العقل و الشعور و الوجدان...و أن الدماغ هو مركز العقل و غير ذلك من علامات الاستفهام التي ما زالت في نقاش بين العديد من العلماء من الشرق و الغرب...

فهل يوجد تناقض على المستوى النظري أقول على المستوى النظري بين المفاهيم العلمية و الدينية...؟ و أقول المستوى النظري قبل أن ننزل إلى المستوى الواقعي المادي لتنزيل الحقائق العلمية و الحقائق الدينية على الواقع....؟

و كم هو رائع أن تفند نظرية فرويد و هي أصلا مفندة من طرف العديد ممن انتقدوا تركيزه الأحادي على عنصر من العناصر التي تحرك نشاط و سلوك الإنسان...لأنها بكل تأكيد ستفند جل النظريات التي تناولت هذا المبحث بالتفسير و التحليل...

و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا...

شوقي بن حاج
17/04/2010, 07:23 AM
مشكور أخي على البحث
لي عودة

ايوب صابر
17/04/2010, 12:04 PM
الاستاذ سعيد نويضي

اقتباس "فبالرغم من وجود الشق المادي في الإنسان و الذي تخضع أغلب استنتاجات العلماء و المرتبطة بالمنهج العلمي إلى قوانين أتبثت صحتها و صدقها في العديد من المجالات كالطب و البيولوجيا و غيرها لا زال الجانب المعنوي من الإنسان في بداياته...حتى نقول أنه استكمل حلقاته في البحث عن مواقع العقل و الشعور و الوجدان...و أن الدماغ هو مركز العقل ".


استاذ سعيد ، في الواقع سنجد في يوم من الايام ان النفس او محرك النفس والذي هو عبارة عن ( طاقة ) يمكن قياسها وفهمها مثل الجسد وعدم فهم طبيعة تلك الطاقة هو السبب الذي جعلها مجهولة ولم يتم تطوير اليات للتعامل معها... هذا لا يعني تبسيط للقدرات العقلية بل بالعكس فيوم عن يوم يتضح بأن الدماغ هو المجال الذي يجب السعي من اجل استكشافه وليس الفضاء او البحار لان الدماغ كون قائم بذاته عالم شاسع واكثر اتساعا من المحيطات والفضاء الخارجي...لذلك تصور ان تتمكن من وضع نظرية مدعمة بالادلة الاحصائية والتحليلة تقدم تفسير لعمل الدماغ؟؟؟ سيكون جميل جدا ان نقدم اضافة مهمة للمعرفة الانسانية ..

اشكرك على استمرارية تواجدك فأنا محظوظ بك

ايوب صابر
17/04/2010, 12:11 PM
الاخ شوقي بن حاج

مرورك جميل وسوف انتظر عودتك لنتحاور في اهم سمة انسانية ( الابداع ) ....ان فهمنا لهذه اسمة والقوة الكامة خلفها يعني فهما افضل للتاريخ والحاضر والمستقبل....كما ان ذلك يعني فرصة افضل امام الانسانية للتحكم بالطاقة الابداعية وتوجيهها والاستافدة القصوى منها ...

في الواقع ان نتائج الدراسة الاحصائية التي اقوم بها لاثبات العلاقة بين اليتم والعبقرية بأعلى حالاتها ( على عينة الخالدون المئة ) امر مدهش ويلقي الضوء على الكثير من الجوانب التي ظلت غامضة وغير مفهومة... ولكن اصبح بالامكان فهمها الان والاستفادة من مخرجات تلك الدراسة ...

شكرا لمروركم الكريم ،،

ايوب صابر
17/04/2010, 12:16 PM
تابع ،،،

الجزء التاسع ،،

فما جديد نظرية تفسير الطاقة الإبداعية إذا؟
كما سبق وأن قلت لقد تم الربط بين الإبداع كنتيجة واليتم كمسبب من خلال تجربتي الشخصية ومن ثم ملاحظة بأن عددا كبيرا من المبدعين الكتاب وفي المجالات الأخرى القيادة والاكتشاف والعبقرية والفن الخ...هم من الأيتام.

وقد أكدت الدراسة التحليلية في وقت لاحق لحياة وأدب بضعة كتاب ( سلفيا بلاث ، رالف السون وبابلونيرودا ) أن هناك علاقة بين الإبداع واليتم لدى هؤلاء الكتاب ...قد يعبر عنه الكاتب بصورة واعية أو غير واعية. وقد أجريت تلك الدراسة عام 1983 من خلال دراسة أكاديمية لنيل شهادة الماجستير في حينه.

لكن إثبات العلاقة بين اليتم والإبداع بشكل عملي واضح وصريح، يستند إلى دراسات علمية وإحصائية ظل متعذرا، كنتيجة لصعوبة توفير العينات المناسبة التي يمكن استخدامها للقياس والاستنتاج.
فمن ناحية كانت حياة الكثير من المبدعين امرا مجهولا وكان الاهتمام ينصب على المنتج الابداعي. كما لا يمكن الوثوق بشكل كامل بالمادة التاريخية المتوفرة عن المبدعين ( المذكرات والسير الذاتية ) الذين قضوا. وهي حتما لن تعطي نتائج علمية دقيقة لأنها مليئة بالأساطير والتهويل والمعلومات المغلوطة. وقد استمر هذا الحال رغم ولادة علم النفس التحليلي وبروز أهمية حياة الطفل كعامل مؤثر في حياة المبدع من خلال تحليلات شهيرة أجرها علماء النفس على شاكلة ما فعله فرويد.

وفي أحيان كثيرة نجد انه كان يتم القفز على أحداث الطفولة المهمة جدا والتي قد تشكل انعطافة حادة في حياة الطفل ونجد أن السيرة للكثيرين منهم تذكر مكان الولادة ثم تقفز لإخبارنا، مثلا ، بأنه تلقى تعلميه في الجامعة كذا أو كذا وتستثني أهم مراحل النمو في حياة المبدع.
كما أننا نجد بأن كتاب السيرة كانوا يطلقون العنان لمخيلتهم في تفسير مصدر السمة الإبداعية والعبقرية والقيادة الفذة نظر لغياب نظرية مسلم بها ويعتد بها تفسر هذه السمات. واحيانا بهدف تمجيد المبدع وتخليده كونه سليل عائلة عريقة وموهبة فريدة .
ويكاد يجمع المبدعون أنفسهم وعند سؤالهم أن الإبداع خاصية وهِبتْ لهم دون غيرهم مما يجعلهم مميزين.

ومن ناحية أخرى ظل أمر الإبداع ومسبباته متشعبا ونقطة خلاف كبيرة يقوم على افتراضات خاطئة فلم يكن بالإمكان اختيار العينة الصحيحة ليتوصل الباحث إلى النتائج الصحيحة وذلك بسبب تشعب مصادره كما سنرى. وهو أمر لم يتلفت إليه الباحثين حتى الآن.
و نجد أن الدراسات الإحصائية التي أجريت في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين والتي تم تجميعها والإشارة إليها في كتاب د. سايمنتن " العبقرية والقيادة " كانت تعتمد علي عينات عشوائية غير متجانسة من حيث اختلاف وتفاوت مستوى الإبداع لدى أفراد العينة المستخدمة كمن يقارن ( التفاح بالبرتقال رغم أنهما ينتميان إلي مجموعتين مختلفتين) ولذلك ظلت هذه الدراسات قاصرة عن إعطاء نتائج حاسمة يمكن أن يتم بناء استنتاجات صحيحة عليها. لا بل كانت تعطي هذه الدراسات مؤشرات تؤدي إلى وقوع الباحثين في الخطأ عند قراءة هذه النتائج الإحصائية. وذلك أمر طبيعي لان المسببات لدى أفراد العينة الواسعة المستخدمة. رغم اشتراكها في نفس الأثر لكن الاختلاف يقع في مدى وعمق التأثير.

وحتى بعد أن أظهرت إحدى الدراسات في العام 1978 والتي أيضا أقيمت على أساس عشوائي من ناحية اختيار العينة. وعندما أعطت هذه الدراسة نتائج تشير إلى أن عامل اليتم يتجاوز عامل الصدفة تم الاستهانة بتلك النتيجة والتقليل من شأنها على ما يبدو لصالح عوامل البيئة بشكل أدى إلى الاستمرار في الخطأ.

وقد تمحور الخطأ في هذه الدراسات، وبشكل أساسي ونتج عن اختيار مبدعين من درجات مختلفة من درجات الإبداع ، كان لها حتما مصادر ومسببات مختلفة، كعينات دراسية. فلم يتم مثلا اقتصار الدراسات على المبدعين من فئة الأفذاذ والعباقرة وهي الفئة الأولى كما أطلق عليهم د. سايمنتن بشقيها المبدع والقيادي.

حتى أن د. سايمنتن نفسه استخدم نفس العينات غير المتجانسة التي استخدمها من سبقه لدراسة هذه الفئة من المبدعين رغم انه بين بوضوح انه يقوم على دراسة العباقرة من الفئة الأولى فقط. ولذلك نجد انه هو أيضا لم يتوصل إلى النتائج السليمة التي كان يمكن أن تعينه على الاستنتاج السليم.

ولا شك أن وجود مبدعين لم يمروا بتجربة اليتم كان يضعف الطرح الذي يشير إلى أهمية اليتم كمسبب للإبداع. خاصة في ظل سيطرة القناعات، وبشكل مطبق، بأن مثل هذه السمات لا يمكن تفسيرها أو أنها مولودة مع الإنسان أو أنها موروثة أو أنها نتاج عوامل بيئية أو عقد اوديبية أو تعويضية أو أنها ناتجة عن تلك العوامل مجتمعه كما يقول د. سايمنتن.

وقد ساهم أيضا شعبية وسيطرة الطرح الفرويدي القائم على العمال الجنسي في تفسير سمات الشخصية من ناحية والمصداقية التي تلقتها نظرية ادلر في التعويض والتي قدمت طرحا مميزا ساهم في تأخير فهم مسببات الإبداع ودور اليتم كمسبب رئيسي لهذه السمة .

كما أن تأخر العلم في فهم طبيعة وآليات عمل الدماغ كنظام طاقة، أخر بدوره فهم اثر الفقدان على الإنسان رغم أن هناك ما يشير بأن الإنسان عبارة عن نظام طاقة يتأثر فيما حوله من أحداث وكلما زاد الحدث أهمية كلما زاد حجم التأثير وحتما إن موت احد الوالدين يشكل أعظم حدث ( فجيعة كبرى ) ممكن إن يؤثر في هذا النظام ألعجائبي العظيم.

وإذا كان تفجير ذرة صغيرة جدا لا ترى بالعين المجردة، وهو ما توصل إليه احد العباقرة الأفذاذ، ينتج عنه طاقة هائلة فلماذا لا يكون للفجيعة أثرا هائلا على نظام الطاقة في الدماغ يولد بدوره طاقة لا حدود لها في دماغ المفجوع؟

والدماغ مثله مثل القلب نظام طاقة يتأثر كالقلب لكننا لا نلاحظ تأثره بصورة ملموسة ظاهرة مثل القلب الذي يتسارع في نضبه ويضطرب إذا ما تعرض لموقف يؤثر فيه. ويبدو أن تأثر الدماغ يبقى مع الإنسان طول العمر وأثره ليس آني كما في حالة القلب.

وعليه وحيث أن الدماغ هو مركز الإدراك والتفكير فأن تأثره يأتي على شاكلة أخرى تتمثل في التعبير الإبداعي أذا ظلت الطاقة المتولدة كنتيجة للأثر الخارجي ضمن حدود معقولة ومقبولة ويمكن إزاحتها وتفريغها بالتعبير الإبداعي أو بالفضفضة أحيان.
وفي حالة ظلت تلك الطاقة مركزة ولم تفرغ بوسائل ايجابية إبداعية على اختلاف إشكالها...عندها تحدث انعكاسات سلبية وتعبر تلك الطاقة عن نفسها بطرق مدمرة خارجية وداخلية مثل الأمراض العقلية والنفسية وغيرها من المظاهر التي يكون فقدان التوازن سمتها.

يتبع الجزء العاشر،، ،،

ايوب صابر
17/04/2010, 12:20 PM
الجزء العاشر،،


وقد مكن مزيد من البحث والدراسة، ومن خلال قنوات البحث الحديثة وبفضل الانترنت التي جعلت الوصول إلى كم هائل مع المعلومات في وقت قصير جدا ممكنا، لقد مكنت هذه التطورات من التوصل إلى استنتاجات مدهشة إضافية تؤيد الطرح الذي يفترض وجود علاقة مهمة بين حالة الفقد والطاقات المبدعة.

و كانت هذه الدراسات تشير إلى مزيد من الأدلة بأن الأغلبية العظمى من المبدعين هم فعلا من الأيتام ... وفي الأغلب كان من لا يتم العثور على معلومات بشأنه نجد أن طفولته مجهولة مما يرجح احتمالية أن يكون يتيما رغم غياب المعلومات.

كما أن اختراقا آخر قد حدث حينما تطور علم تشريح الدماغ ووجدت الآلات وأجهزة القياس التي تشير إلى أن الدماغ ما هو إلا نظام طاقة و يعمل بمبدأ الطاقة. وبهذا الخصوص يشير د. احمد توفيق في مقدمة كتابه "أيقظ قوة عقلك الخارقة" الصادر عن دار الأهلية للنشر والتوزيع - الأردن " الإنسان لديه شيء لا يملكه الحيوان – الإنسان لديه ( مخيلة خلاقة ) عقل فريد ونعمة خاصة، عملاق يرقد في داخله، ينتظر من يوقظه من سباته ويوجهه الاتجاه الصحيح.

ويقول د. احمد توفيق أيضا في وصف قدرة الدماغ " تصور عقلك الباطن محتويا على مولد قوي، مولد يفوق في طاقته وقوته أعظم الشلالات... العقل الباطن يحتوي على تيارات عظيمة من الطاقة والقوة التي تمد أهدافك بقوة عظيمة " .

ويضيف "إن العقل الباطن مصدر قوتنا الفيزيائية والروحية، وفيه تكمن طاقة غير محدودة وقوة هائلة للحياة وتحقيق النجاح والسعادة والصحة المتألقة والكمال والسمو" .

ويقول الدكتور احمد توفيق " دماغ الإنسان من اعقد ما خلق الله عز وجل، وأودعه في عظام الجمجمة لحمايته والمحافظة عليه... ويحيط بالمخ البشري ثلاثة أغشية حافظة للمخ، وبين هذه الأغشية سوائل ، كما تمد المخ الشرايين والأوردة، وفيه تجاويف تتصل ببعضها البعض ، يمر بينها سائل، وبرغم قلة وزنه وصغر حجمه فالمخ يحتاج من الأوكسجين حوالي 20% من احتياجات الجسم البشري.

وللمخ كما يقول د. احمد توفيق "العديد من الأنشطة الحيوية وتجري فيه تفاعلات غاية في التعقيد، ويعتمد في تغذيته على الغلوكوز. ويحتوي المخ على ما يزيد عن 100 بليون خلية عصبية يطلق عليها ( النيورونات) تحتوي على 50 بليون جهاز استقبال يستقبل مئات الآلاف من الأفكار المترابطة من الخلايا، وهذه الخلايا العصبية ، متشابكة فيما بينها يصل عدد هذه التشابكات بلايين البلايين.

ويضيف د. احمد توفيق بان "الخلية العصبية للمخ لا تخضع لقوانين الاستهلاك واستهلاكها قليل جدا وما يستهلك لا يستبدل . و هذه الخلايا المخية تملك القدرة على توليد طاقة شبه كهربية ...نتيجة لتفاعلات كيماوية معقدة..تحدث داخل الخلية، أو حولها أو نتيجة لتأثرها بخلية أخرى مجاورة . وهذه الشحنة شبه الكهربية والتي لا يعرف كنهها أو تفسيرها هي سر الحياة نفسها ... باختفائها وعدم سريانها من خلايا مخ الإنسان إلى بقية أعضاء جسمه تختفي الحياة منه... من كل خلية من هذه الخلايا ، والتي تعد بمئات الملايين ، والتي تبدأ في الموت إذا حرمت من الدم أكثر من ثلاث دقائق، والتي يمكن تشبيه كل منها ببطارية كهربية ميكروسكوبية ، تخرج زائدة دقيقة ، تماما مثل السلك الكهربائي الدقيق لتصلها بخلية أخرى، أو بمجموعة من خلايا العضو الذي تسيطر عليه كالعين أو القلب أو اللسان أو اليد ...هذه الأسلاك وهي في طريقها إلى الأعضاء المختلفة، تتجمع لتكون ) كابلات ) أي مجموعة من الأسلاك هي ما نسميه بالأعصاب. فكما أن الشرايين تخرج من القلب لتوصل الدم حاملة الأوكسجين والغذاء لجميع أعضاء الجسم وخلاياه ، فان الأعصاب تخرج من المخ لتوصل شحنة شبه الكهربية...حاملة سر الحياة...لجميع أعضاء الجسم وخلاياه.

ويضيف الدكتور احمد فالنيورونات مبرمجة بلغة الكهرباء والكيمياء ، وزوائدها الشجرية هي حلقة الاتصال. ويقول د. احمد لقد تعرف العلماء على أنواع مختلفة من الموصلات العصبية فمنها ما يسبب الشعور بالجوع....وقد أمكن معرفة أكثر من 50 نوع من هذه الموصلات العصبية.

ويضيف توجد ثلاثة أنواع من الموصلات العصبية الكيميائية وهي الأكثر انتشارا وتشمل : السيروتونين، وخلايا الكولين ، والادرينالين ..وهذه المركبات مشتقة من أحماض امينية. ، فمثلا حمض التربتوفان في الأغذية مثل اللبن ، أما الكولين فانه يوجد في فول الصويا والبيض والكبدة وهو يفيد في تكوين خلايا الكولين التي تلعب دورا مساعدا في استعادة الذاكرة المفقودة والنيتروستين الموجود في معظم الأطعمة يتحول إلى أدرينالين، ويعمل على رفع ضغط الدم وله دخل كبير في الإصابة بالاكتئاب.

وما زالت الأبحاث الطبية ، تبين يوميا تأثير عوامل البيئة على التوصيل العصبي مثل الماء والهواء والطعام كما أن الشخص الذي يتعرض لمركبات كيميائية عضوية سامة يتعرض بسرعة إلى الإجهاد والقلق...نتيجة لما يحدث من تغييران في التوصيل العصبي. كذلك فأن التفاعلات الناتجة من الحساسية لها بعض التأثيرات الخاصة جدا على التوصيل العصبي إذ يرتفع مستوى خلايا الكولين عند مرضى الحساسية وقد تنتج عند ذلك أمراض نفسية ، أو اضطرابات عقلية لها تأثير مباشر على خلايا المخ ووظائفه.

ويضيف د. احمد "إن قدرة العقل البشري على تخزين المعلومات تمكنه من تخزين عدد من البلايين لا نهاية لها من المعلومات والمعارف ، وان مخ الإنسان مبرمج بكم هائل من المعلومات التي لا تشغل الا جزءا يسيرا من طاقة المخ البشري".

ويقول "رغم التقدم الهائل الذي أحرزه الطب والعلوم ، فلا يزال المخ من الأسرار المعقدة، أمام العلماء وتفسيراتهم، وكلما تفتح باب من أسرار عمل المخ، ظهرن أبوبا أخرى أكثر غموضا وتعقيدا" ...المخ هو المسيطر على جميع أوجه النشاط الإنساني الإرادي واللاإرادي ، المادي والمعنوي..أثناء النوم أو أثناء اليقظة... وإذا وصلنا إلى وظائف المخ العليا .. صعب علينا أن نتصور كيف تستطيع خلية أو مجموعة من الخلايا الدقيقة ... لا حول لها ولا قوة... أن تحفظ المعلومات...أن تقرأ ...أن تستنتج .. إن تفكر... أو تخلق عملا فنيا أو علميا أو أدبيا.

بواسطة المخ يتم التفكير والتذكر والإبداع للفنون والآداب والمخترعات، المخ يدير الجسم كله... إراديا ولا إراديا..ومنه تصدر الأوامر إلى كل أعضاء الجسم ..ولا يزال سر نشاطه مجهولا....وإذا عرفه الإنسان عرف ربه ( وفي الأرض آيات للموقنين ، وفي أنفسكم أفلا تبصرون).

ويقول د. احمد في موضع آخر "والدماغ اله العقل الخاصة، فالدماغ هو الوعاء الذي تؤلف تغيراته الجزئية ونشاطاته البيولوجية، أساس لمختلف أوجه الوعي الذاتي. والدماغ هو المسئول بصورة رئيسية عن انتقال الدوافع والنبضات، والتعابير، والتأثيرات، لكل من الوعي الذاتي والوعي الغير ذاتي فيكون بذلك أساسا لجميع النشاطات الذهنية والفكرية . بالإضافة إلى ذلك فأن جميع نشاطات الكائن الحي، تعود إلى وجود الطاقة الحيوية، وان العمليات الفكرية تعتمد على قوة الوعي".

انتهى كلام الدكتور احمد توفيق هنا ولم تنتهي المعلومات المهولة التي يتضمنها كتابة القيم ولكن ما يهمنا لأغراض هذا البحث هو ما يشير ويؤكد على أن الدماغ يعمل بمبدأ الطاقة وان آليات عمل هذا النظام الاعجازي لا تزال غامضة لا بل من الأسرار المعقدة. فما يزال من الصعب تصور كيف تستطيع خلية أو مجموعة من الخلايا الدقيقة ... أن تحفظ المعلومات...أن تقرأ ...أن تستنتج .. إن تفكر... أو تخلق عملا فنيا أو علميا أو أدبيا، أي أن تقوم بوظائف الدماغ العليا. وأن جميع نشاطات الكائن الحي، تعود إلى وجود الطاقة الحيوية، وان العمليات الفكرية تعتمد على قوة الوعي. وان الخلايا المخية والتي يمكن تشبيه كل منها ببطارية كهربية ميكروسكوبية تملك القدرة على توليد طاقة شبه كهربية نتيجة لتفاعلات كيماوية معقدة.. وهذه الشحنة شبه الكهربية والتي لا يعرف كنهها أو تفسيرها هي سر الحياة نفسها وان النيورونات التي تعمل في الدماغ مبرمجة بلغة الكهرباء والكيمياء ، وزوائدها الشجرية هي حلقة الاتصال. و إن هناك في الدماغ ثلاثة أنواع من الموصلات العصبية الكيميائية وهي الأكثر انتشارا وتشمل: السيروتونين، وخلايا الكولين ، والادرينالين ..وهذه المركبات مشتقة من أحماض امينية. وان بعض هذه الاحماض يساعد على تكوين خلايا الكولين التي تعلب دورا مساعدا في استعادة الذاكرة المفقودة والنيتروستين يتحول إلى أدرينالين، ويعمل على رفع ضغط الدم وله دخل كبير في الإصابة بالاكتئاب. وان العلماء متفقون على أن جزأ بسيطا جدا من الدماغ يشغل حاليا قد يصل إلى 5% فقط.

وعطفا على دراسة الدكتور احمد توفيق هذه، ربما علينا أن نتصور الدماغ كـ ماتور فيه قوة كامنة ( طاقة ) قد تصل إلى قوة مليون حصان. وهذه القوة هي تحديدا التي تتأثر فتتضاعف في حالة الفقد وتؤثر في مراكز المعرفة التي يبدو أنها تولد مع الإنسان وهذا تحديدا ما يشكل الإنسان ويجعل منه عبقريا فذا في حالة مروره بتجربة فقد عالية التأثير. وسوف نبين ما يدلل على صحة هذه الفرضية من خلال طرح نظرية المعرفة أو الوعي المطلق والتي تم بناؤها على أساس فهم المنتجات الإبداعية وسمات الشخصية الأخرى عند المبدعين، حيث صار بالإمكان وضع تصور واضح لعمل العقل بناء على هذه المعطيات وهي مساهمة مهمة في مسيرة الإنسانية في محاولتها لفهم كيف يعمل الدماغ البشري؟ وهو أيضا ما يساهم في فهم كيف يحدث الإبداع وما يؤثر في مستويات الإبداع ونوع وطبيعة المنتج كما سنرى.

كل ذلك يشير ان الإبداع كباقي سمات الشخصية الاخرى لم تعد شيئا غامضا لا يمكن فهمه، بل هي مخرجات لطاقة تتولد بشكل مهول في الدماغ كنتيجة لاثر فقدان جسم مهم ذي صلة.
ويمكن أن تكون هذه الطاقة كثيفة مهولة كنتيجة لعدة عوامل، وتكون تلك الزيادة نسبية وتتناسب طرديا مع حجم المسبب العامل المؤثر وأعظمها تأثيرا فقدان احد الوالدين بناء على المعطيات الإبداعية التي يمكن رصدها.
ومن هنا لا يمكن أن نقول أن حالة الفقد في أعلى حالاتها (اليتم) هو الشيء الوحيد الذي يسبب زيادة في ذلك الدفق من الطاقة في الدماغ overflow of energy وقد يكون هناك مليون سبب أو أكثر ولكن لدينا مؤشرات بأن اليتم دون شك هو اشد هذه العوامل تأثيرا ويترك أثرا بارزا يمكن قياسه كونه يمثل أعلى حد على سلم المؤثرات وسوف نوضح ذلك لاحقا.
لكن ذلك لا يعني بأن الطلاق مثلا ، ليس له تأثير مشابه أو ربما اقل حدة من تجربة الفقدان. وكذلك فقدان البصر الخ وهكذا نجد أن الأشياء يظل لها تأثير مهما قلت أهميتها إلى أن نصل إلى تأثير إدراك الإنسان بذاته وبخوفه من الموت كونه يمثل اقل حد على سلم المؤثرات المفترض.

كما أن هناك ما يشير بأن الإبداع يتفاوت في مستواه ويتناسب طرديا مع الأثر الذي يتركه فقدان شيء في الطفولة المبكرة... وقد تكون اقل الأشياء قيمة بالنسبة لشخص بالغ شديدة الأثر في نفس طفل وتكون هي السبب وراء تلك الثورة من الطاقة التي تترجم لاحقا لمنتجات إبداعية أو تدميرية.
أما كيف يحدث الإبداع؟ بمعنى ما الذي يحدث في الدماغ تحديدا على اثر تلك التجارب من الفقدان؟

ومن هنا تحديدا تأتي أهمية هذا البحث واكتشاف العلاقة بين الإبداع واثر فقدان جسم في الطفولة المبكرة وعلى رأسها اليتم وهذا ما نجحت نظرية تفسير الطاقة الإبداعية في تفسيره بالأدلة القائمة على الاستنتاجات من الدراسات الإحصائية والقياس التاريخي والملاحظة.

"
نظرية تفسير الطاقة الإبداعية "

لقد عزز هذا الفهم لآلية عمل الدماغ كنظام طاقة و هذه الملاحظات والدراسات التحليلية للأشخاص المبدعين وقدراتهم الإبداعية الافتراض الأساسي الذي قامت على أساسه "نظرية تفسير الطاقة الإبداعية" عن اثر اليتم وعلاقته مع الإبداع.

فأظهرت هذه الدراسات حتمية تلك العلاقة بين اليتم وتأثيره على طاقة الدماغ. لكنها أشارت أيضا أن الإبداع الناتج عن اليتم يمثل في الواقع أعلى حالات الإبداع على اعتبار أن اليتم يمثل أعلى حالات الفقد.... كما أظهرت هذه الدراسات بأن درجة الإبداع تتناسب طرديا مع كثافة اليتم فكلما كان اليتم مكثفا من حيث زمانه وشدته كلما كانت الطاقة الناتجة عنه أعظم وبالتالي يكون الإبداع ابرز أثرا.

ولذلك نجد أن أعلى حالات الإبداع تتحصل كنتيجة لفقدان الأب قبل الولادة مثلا ويليها فقدان الأب وألام في الطفولة المبكرة ويقل الأثر تدريجيا مع تقدم الطفل في السن ...وهكذا.

كما أدت هذه الدراسات والملاحظات أيضا إلى استنتاجات جديدة حيث أشارت إلى كيفية حدوث الإبداع . فقد تم العثور على الكثير من المؤشرات وبما يؤكد الافتراض بأن اليتم يتسبب في دفق هائل من الطاقة في دماغ الطفل بغض النظر عن الطبيعة والكيفية التي يحدث فيها ذلك ... بمعنى :
- هل يتسبب الفقدان بزيادة في الطاقة كنتيجة لزيادة في إفرازات هرمونية معينة تم التعرف عليها طبيا مثل هرمون الأدرنالين؟
- أم أن هناك إفرازات هرمونه أخرى ما يزال الطب يجهلها وهي التي تفرز كنتيجة لتجربة الفقدان وتكون هي المسبب بتولد تلك الطاقة؟
- أم أن الطاقة الزائدة تكون كنتيجة لزيادة في كهرباء الدماغ أو أنها طاقة كهرومغناطيسية؟ا

وقد اتضح أن الإبداع من درجة اقل عند البعض ناتج عن حالة فقدان إنسان ذي صلة أو فقدان شيء ما له أهمية بالنسبة للطفل الذي يتحول بفضل ذلك الفقد إلي إنسان مبدع في وقت لاحق ضمن نفس الآلية التي تؤدي إلى دفق زائد من الطاقة في الدماغ... ولكن درجة الإبداع تقل مع انخفاض أهمية الجسم المفقود وزمن وقوعه وهو ما يقدم تفسيرا لحالات الإبداع من الدرجات الأدنى.

وظهر أن السمات الإبداعية على اختلاف أشكالها هي في الواقع ترجمة لهذه الطاقة التي تتفلت في أوقات لاحقة إلى مخرجات متعددة الأشكال والتركيز، ويمكن أن تكون إبداعية creative أو مدمرة destructive خارجية أو ذاتية وحسب مجموعة من العوامل المؤثرة والحاسمة التي تحدد اتجاه مخرجات هذه الطاقة. كما تعزز الاعتقاد أن السمات الإبداعية المختلفة ما هي إلا انعكاس لحجم الطاقة المتولدة عن تجربة الفقدان على اختلاف حدتها.
- ولكن ما هي الادلة التي تؤيد ما جاء في هذه النظرية ؟

انتظرونا في الجزء التالي !!!!!

ملاحظة هامة :
يحتفظ المؤلف ( أيوب صابر ) بحقوق الملكية الفكرية لنظرية " تفسير الطاقة الإبداعية هذه وكافة ملحقاتها ولكن المؤلف يسمح بنقلها أو نقل أي جزء منها شرط أن يتم ذكر اسم المؤلف..

ايوب صابر
19/04/2010, 08:48 AM
الجزء الحادي عشر ،،

أدلة تشير إلى صحة الافتراضات التي جاءت بها نظرية تفسير الطاقة الإبداعية

من الواضح أن أساليب البحث التي استخدمت منذ القرن الخامس عشر ومنها المنهج الاستقرائي عند فرانسيس بيكون ثم أساليب البحث الحديثة والتي تشمل التاريخ الوصفي والإحصائي والتحليلي النفسي وغيرها من أدوات البحث الحديثة ظلت عاجزة عن تحقيق اختراق يشير بوضوح إلى مسببات الإبداع ودوافعه وما دور فقدان احد الوالدين في العملية الإبداعية. ولكن أساليب البحث هذه تجمع على أن الإبداع هو نتاج مسببات يمكن ملاحظتها وقياسها على اختلاف وجهات النظر حول تلك المسببات واختلاف الأدلة المقدمة لدعم وجهة نظر كل نظرية من تلك النظريات.

ولكن الدراسات الإحصائية التي أجريت في القرن العشرين تحديدا قدمت استنتاجات مدهشة عن اثر اليتم تحديدا في العملية الإبداعية خاصة تلك الدراسة التي أجراها J. Marvin Eisenstadt وعنوانها " فقد احد الأبوين والعبقرية Parental Loss and Genius, 1978 حيث اخضع الباحث 699 فردا مشهورا من أمم متعددة ويعملون في مجالات مختلفة للفحص والدراسة ووجد فيها أن تكرار اليتم كبير تماما، وقد فسر ايزنشتات اثر فقدان الوالدين بصدمة الفجيعة Bereavement Trauma . كذلك فأن أبحاث د. سايمنتن أكدت بأن اثر فقدان الأبوين يتعدى عامل الصدفة كما رأينا. ورغم ذلك فقد ظلت الطاقة الإبداعية واليات ولادتها وعملها بحاجة لتفسير.

ولم يكن العيب حتما في آليات البحث وإنما كانت المشكلة ناتجة عن آليات اختيار العينة المدروسة من ناحية. ومن ناحية أخرى لم تفترض أي من الدراسات السابقة أن سمة الإبداع هو نتيجة دماغ يعمل بوتيرة عالية كنتيجة لدفق هائل من الطاقة تتولد كنتيجة لحادث الفقدان أو الفجيعة كما أطلق عليها ايزنشتات.

وكان لا بد من إجراء دراسات إحصائية موضوعية وغير متحيزة حسب المعايير الإحصائية السليمة وتتلافى ذلك الخطأ الذي كرره الآخرون من حيث اختيار العينة لتؤكد مثل هذه العلاقة أو تنفيها.

وقد ظل هذا الموضوع إشكالية حقيقية لان الدراسات السابقة كانت تختار أفراد العينة بصورة عشوائية بمعنى تشتمل بين أفرادها المستهدفين للدراسة على مبدعين من عدة مستويات ( وليس أبداع في أعلى حالاته ) لأنها تقوم على افتراض خاطئ بأن الإبداع مصدره شيء واحد (مثلا الموهبة)، يشترك فيه كل المبدعين ولذلك ظلت النتائج مضللة دائما. وقد استمر ذلك حتى مع احدث الدراسات والتي أجراها د. سايمنتن حيث تكرر الخطأ نفسه.

لكن كتاب مايكل هارت، الذي وقع بين يدي بمحض الصدفة وسرد فيه المؤلف 100 من الخالدون، وفر فرصة استثنائية لإثبات مصدر الإبداع بشكل عام ، وصحة الطرح الذي يشير إلى العلاقة بين الإبداع واليتم تحديدا.
وذلك لان هذه العينة وعلى عكس العينات السابقة متجانسة ويربط بينها عامل مشترك أساسي وهو العبقرية والخلود أي الإبداع في أقصى حالاته من حيث الأثر والانجاز. وهو ما يمثل العبقرية التي تحدث عنها د. سايمنتن في أعلى حالاتها لكن في كل المجالات هذه المرة ( الإبداع القيادة والاكتشاف والاختراع).

ولذلك كان لا بد أن تشير نتائج الاستقصاء والدراسة والبحث والأرقام الإحصائية والتحليل في هذه العينة إلى ارتفاع نسبة الأيتام بشكل ملف للنظر بين أفراد هذه العينة، مع وجود مبررات مناسبة لتفسير أسباب عبقرية وخلود الأفراد من بين أفراد العينة الذين يتبين أنهم ليسوا أيتام .

فلو تم توسيع العينة لأكثر من ذلك، أي أن القائمة التي أخضعت للدراسة شملت أناس مبدعين من الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة الخ...من العبقرية والإبداع وليس اقتصار البحث على العبقرية والإبداع بأعلى حالاته، فأن نسبة الأيتام كانت ستقل حتما من بين أفراد العينة المدروسة، ذلك لان اليتم لا يشكل السبب الوحيد للإبداع، وإنما هو يمثل أعلى هذه المسببات تأثيرا ضمن نفس الآلية التي تؤثر فيها الفجيعة على تولد الطاقة المتسببة للإبداع في الدماغ.

وقد نجحت هذه الدارسة أيضا وعلى عكس غيرها من الدراسات السابقة لأنها قامت على أساس الافتراض أن الإبداع طاقة ناتجة عن سبب ما يُحدث دفق هائل من الطاقة في الدماغ الذي هو نظام طاقة في أساسه.

فالطاقة التي تتولد في الدماغ كنتيجة للفجيعة الناتجة عن اليتم أو حالة الفقد الوالدي تمثل أعلى حالات الدفق من الطاقة والتي تؤدي إلى أن يعمل الدماغ بأعلى وتيرة ممكنه وتترجم إلى أبداع استثنائي متميز وفي أعلى حالاته إذا ما ترجمت هذه الطاقة بصورة ايجابية خلاقة. أو ربما التدمير في أعلى حالاته (الخارجي والداخلي ) إذا ما ترجمت هذه الطاقة بصورة سلبية.

الفجيعة -----تؤدي إلى ---- دفق من الطاقة استثنائي في الدماغ ----- يصبح الدماغ يعمل بوتيرة عالية-----تتفلت الطاقة المتدفقة في الدماغ وتترجم إلى مخرجات على نحو :- مخرجات على نحو ايجابي : إبداع بكافة أشكاله أدبي فكري فلسفي فني، قيادة فذة، كرزمة، عبقرية، ذكاء، حماسة ، شجاعة ، صاحب قوى روحية PSYCHIC POWERS ، ثاقب البصيرة، سابق لزمانه، حنكة، عيون وقاده، حكمة، خطابة، دهاء، قدرة على التخطيط.
- مخرجات على نحو سلبي :
1- خارجي : تسلط دكتاتورية ،اعتداء، عنصرية ، تطرف الخ.
2- داخلي : جنون ، انتحار ، إدمان، أمراض نفسية الخ.

ولكن مثل تلك الطاقة تتولد أيضا في الدماغ كنتيجة لحالات فقد أو فجيعة اقل حدة ( Object Loss ) وتكون الطاقة المتولدة بالتالي اقل تأثيرا تؤدي إلى حالات إبداع لكن من مستويات اقل. ويكون اقل مستوى من الطاقة قد تولد من إدراك الإنسان لوجوده بصفة مجردة وخوفه على مصيره حتى لو لم يتعرض لأي حالة فقدان.

وبالتالي فأن أهمية الطاقة المتولدة تتفاوت مع أهمية الجسم المفقود وهو ما يجعل المبدعين يتفاوتون في قدراتهم الإبداعية بدرجات تتناسب مع حجم تلك الطاقة المتولدة عن حالة الفقد. وذلك لا يعنى أبدا أن الناس لا يشتركون في الطاقة المحركة الأساسية التي تولد مع الإنسان وكأنه نظام التشغيل الأساسي الذي يأتي مع جهاز الكمبيوتر.

ولا شك أن هناك أدلة عملية على أن هناك من أبدع ولم يفقد احد الوالدين أمثال طه حسين وبتهوفن ولكننا نجد أنهم فقدوا احد الحواس. كما أن هناك من أبدع ولم يعاني من فقد جسدي ظاهر وملموس ولكنه عاني من تجربة فقدان أو فجيعة من نوع ما أدت إلى تولد تلك الطاقة.

ولتفسير ذلك :
لو افترضنا أن فقدان الطفل وهو في سن الخامسة لحيوان أليف ( بموت الحيوان مثلا تحت عجلات سيارة أو لأي سبب آخر) يؤدي إلى فجيعة عند الطفل يتولد عن حالة الفجيعة هذه في دماغ ذلك الطفل 100 كيلوواط (أو وحدة) طاقة، فأن فقدان أب أو أم الطفل في نفس السن ( خمس سنوات ) يؤدي إلى تولد تريلون كيلوواط أو (وحدة ) طاقة.

ويمكن تشبيه ذلك كما قلنا بما يحدث في حالة تفجير ذرات اليورانيوم في القنبلة الذرية حيث تكون الطاقة الناتجة مهولة جدا بالمقارنة مع الطاقة الكامنة في الذرة.

طاقة كامنة في ذرات اليورانيوم -------تقذف هذه الذرات ضمن آلية معينة بطاقة-----الناتج طاقة هائلة تسمى القنبلة الذرية.

طاقة كامنة في دماغ الإنسان -------فجيعة تؤثر من خلال مبدأ الطاقة على ذلك الدماغ----الناتج طاقة هائلة تتناسب طرديا مع حجم الفجيعة وتوقيتها وطبيعتها.

ونجد من ضمن هذه العينة المدروسة هنا ( الخالدون المائة ):-
- أن نسبة من فقدوا الأم والأب قبل سن الرشد الذي هو الحادي والعشرين قد بلغ 53% من أفراد العينة، وقد تم العثور على أدلة ضمن السير الذاتية بأنهم عاشوا أيتام. وهذه النسبة لا شك تمثل نسبة تتجاوز عامل الصدفة إذا ما قورنت بنسبة اليتم من شريحة سكانية عاديةـ تمثل أعلى نسبة بالمقارنة مع سابقاتها من الدراسات.
- كما أن نسبة 45% منهم كانت طفولتهم مجهولة ولذلك اعتبروا أيتاما كونهم يمتلكون صفات العباقرة المبدعين رغم انه لم يتم العثور على دليل يؤكد يتمهم، ولكن في نفس الوقت لم يتم العثور على ما يشير بأنهم عاشوا في كنف والديهم.

فتكون النتيجة أن من بين عينة الخالدون المائة الواردة أسمائهم في كتاب مايكل هارت هم وبنسبة 98% أيتام.
وفقط اثنان من المائة لما يفقدا الأم أو أب في الطفولة المبكرة ولكن انجازاتهم دفعت إلى اعتبارهم من الخالدين المائة علما بأن هناك أسباب تشير إلى أنهم مروا بتجربة الفجيعة لكن لأسباب أخرى غير اليتم كما في حالة اديسون.
وهذا ما حسم الأمور من حيث تأكيد أن اليتم هو المسبب الأعلى تأثيرا في توليد الطاقة المؤدية للإبداع وهو ما جعله قابل للملاحظة والقياس وتقل هذه الطاقة مع انخفاض أهمية الجسم المفقود إلى أن يتعذر قياس ذلك.

بمعنى لو إننا أعطينا موت الأب أو الأم وهي أكثر الأحداث تأثيرا قبل سن الرشد في توليد الطاقة في دماغ الطفل المصاب بالفجيعة، كما ثبت لدينا من الدراسة المذكورة، لو أعطينا هذا المسبب وزن عشرة على مقياس مكون من عشر درجات، لكانت نسبة الطاقة المتولدة من هذا المسبب هي ألاعلى ووزنها 10 على المقياس.

وعليه يكون فقدان الجد أو الجدة 9 على نفس المقياس وفقدان الأخ أو الأخت 8 وفقدان الحواس البصر أو السمع 7 وهكذا حيث تقل الطاقة الناتجة مع انخفاض أهمية الجسم المفقود بالنسبة للمصاب بالفجيعة تدريجيا وبنسبة انخفاض أهمية الجسم المفقود.

وسنجد حتما أن الإدراك بحد ذاته وخوف الإنسان من الموت يشكل 1 على هذا المقياس فهو يظل دافع وراء الإبداع لكنه دافع قليل التأثير مقارنة مع اليتم.

وقد تم بناء هذا المقياس على أسس افتراضية على الشكل التالي :

اليتم 10
فقدان الجد والجدة 9
فقدان الأخ أو الأخت 8
فقدان احد الحواس 7
فقدان صديق 6
فقدان مكان الإقامة أو تغييره فقدان الوطن 5
فقدان الاحترام 4
المرض والعمليات الجراحية 3
فقدان حيوان اليف 2
الوعي بذاته ( الإدراك المجرد عن أي حالة فقدان)
والذي يتسبب في خوف الإنسان من الموت 1مقياس افتراضي يوضح وزن العوامل المؤثر في تولد الطاقة الإبداعية حيث تمثل الدرجة عشرة أعلى المقياس والإدراك بذاته أدنى المقياس 1 درجة.

وعلى الرغم أن اثر اليتم أصبح مؤكدا بدليل النتائج الإحصائية لهذه العينة والتي أشارت دون لبس أن أعلى حالات الإبداع هي ناتجة عن اثر فجيعة اليتم وما ينتج عن ذلك من دفق في الطاقة في دماغ المصاب بتلك الفجيعة، يظل هناك حاجة للتأكد من صحة وترتيب هذه العناصر المسببة للفجيعة وتأثيرها من حيث الأثر ونسبة الطاقة المتولدة. وربما يتم الإضافة عليها أو تقديم أو تأخير بعض العناصر لتنسجم مع الأدلة التي يتم العثور عليها من خلال الدراسات الإحصائية أو ربما العلمية التي لا بدن من إجرائها لهذه الغاية وعندما تتوفر الإمكانية التكنولوجية والعلمية لذلك.

وقد أظهرت هذه الدراسة بأن الفجيعة هي العامل الأول في تشكل تلك الطاقة ولا اثر يكاد يذكر للعوامل الأخرى البيولوجية والبيئية والأسرية الأخرى مثل ترتيب الولادة وعوامل مثل القدوة وغيرها من العوامل التي أسهب د. سايمنتن في دراستها. وذلك لا يعني بأن نمط الإبداع لا يتأثر إطلاقا بكل تلك العوامل ولكن المسبب الأساسي في وجود العبقرية والإبداع يعود إلى وجود الطاقة التي تتأثر وتتشكل متأثرة بعوامل الفقد فقط الفجيعة على كافة اشكالها ومستوياتها.

وهناك ما يشير من خلال تحليل ودراسة نتائج هذه العينة أيضا بأن الإبداع حتى ضمن هذه العينة يمكن تصنيفه بإبداع مكثف وهو ناتج عن يتم مكثف وإبداع من نمط آخر يرتبط بزمن وقوع اليتم وكثافته.

ولو افترضنا لهذه الغاية أن فقدان الأب قبل الولادة يمثل أعلى حالات الفقد بالنسبة للطفل اليتيم بحيث نعطيه علامة 4 من مقياس مؤلف من 4 درجات لوجدنا:
- أن فقدان احد الوالدين من سنة واحد إلى سبع سنوات يلي في الأهمية والأثر فيحصل على الوزن 3 .
- بينما يحصل اثر اليتم من سن 7-14 على العلامة 2 .
- ومن سن 14-21 على العلامة 1.

حيث ينتهي التأثير المهول لفقدان احد الوالدين على الطفل عند تلك السن كما ظهر في العينة التي تم دراستها هنا.

وقد تم بناء هذا المقياس بناء على النتائج التي تم ملاحظتها من اثر الفقد على أفراد عينة الخالدون المائة .

يتم قبل الولادة 4 -أعلى طاقة وأعلى إبداع
من سن 1 – سن 7 سنوات 3 -طاقة عالية وإبداع عالي
من سن 7- 14 سنه 2 -طاقة متوسطة وإبداع متوسط ومن نمط مختلف
من سن 14- 21 سنه 1 -طاقة ضعيفة لكن بأثر -ونمط مختلف :
- -قيادة متطرفة
- -اكتشافات
- -اختراعات
من 21- فما فوق ؟ ؟؟؟؟

مقياس يوضح اثر درجة اليتم على الطاقة المتولدة. حيث تكون الطاقة في أعلى حالاتها في حالة الفقد قبل الولادة ( يتم مكثف ) وتقل مع مرور الزمن ليكون اثر الفجيعة الناتجة عن اليتم بعد 21 عام غير محددة الاثر هنا.
وتظهر العيينة أن كثافة اليتم له تأثير كبير في حجم الطاقة المتولدة وبالتالي على طبيعة المخرجات الإبداعية، حيث يبدو أن الأطفال الذين تيتموا قبل الولادة يشكلون نمط معين يمثل أعلى حالات الإبداع وأعظمها أثرا وخلودا، حيث يكون إنتاجهم فكري فلسفي وجداني وغزير في طبيعته والأمثلة كثيرة مثل نيوتن.

بينما نجد أن الأفراد من بين أفراد العينة الذين فقدوا احد الوالدين في السنوات ما بين 1 -7 شكلوا نمط آخر قريب جدا من الفئة الأولى ولكن اقل حدة نسبيا من حيث الطاقة ومن حيث المنتجات الإبداعية ولكنه يمثل حدا عاليا جدا من الإبداع مثل جون لوك وجان جاك رسو.

بينما تشير الفئة الثالثة من أفراد العينة وهم من فقدوا احد الوالدين في سن ما بين 7 – 14 بأنهم كانوا اقل إبداعا ولكن ما يزال مجالهم الإبداع في المجالات الفكرية والفلسفية والأدبية والتحليلية.

بينما تشير الفئة الرابعة من 14- 21 بأن طبيعة المخرجات الناتجة عن الطاقة المتولدة تختلف حيث نجد أن من بين من تيتموا في هذه السن تحولوا إلى قادة دكتاتورين أشداء ومنهم هتلر ونابليون وجورج واشنطن والاكسندر.

بينما تظهر النتائج من هذه الفئة بأن من تيتم ما بين الـ18 – والـ21 أصبح مخترعا أو مكتشفا مثل جوتنبرغ والاخوين رايت وجميس واط.

ولا شك أن هذه استنتاجات أولية لا بد من إجراء مزيد من الدراسات عليها لتأكيد هذه التقسيمات من حيث الفئات العمرية والأثر إضافة إلى تحديد اثر العوامل الأخرى الإضافية على تكثيف الطاقة وزيادة حدتها.

فربما يكون هناك حاجة لإعادة النظر في هذا المقياس بحيث يتم تقسيم الأثر حسب فئات عمرية اقل مدة ومكونه من ثلاث سنوات بدلا من سبعة سنوات . أو ربما تكون اقل من ذلك بحيث يتم اعتبار أن عام واحد هو القاعدة أو الوحدة الزمنية التي يجب أن يتم على أساسها ملاحظة الاختلاف في اثر الفجيعة على المصاب بتلك الفجيعة وملحقا ذلك من اثر على الطاقة الابداعية .
وربما يتم اعتماد مراحل النمو التي يعتمدها علم النفس التطوري مرحليا ولحين تأكيد المعلومات وتعديل الفئة العمرية بناء على النتائج التي سيتم الحصول عليها.

كما لا بد أيضا من التنويه بأن هذه الاستنتاجات تشكل القاعدة العامة التي تم بناؤها بناء على المعطيات التي تم ملاحظتها من خلال الدارسة التي أجريت على هذه العينة فقط ، ولكن لا شك أن هناك استثناءات لهذه القاعدة فمثلا نجد أن فقدان الوالدين معا يكون له تأثير مكثف حتى لو حصل في سن الخامسة أو السابعة. وربما يكون تأثيره اكبر حتى من فقدان الوالد قبل الولادة إذا ما حدث في سن مبكرة؟!

ولا شك أن مزيد من الدراسات لازمة بل ضرورية هنا للخروج باستنتاجات أكثر دقة وأكثر علمية والتي يجب الحرص عند أجراءها من توخي الحذر والدقة في اختيار العينة المتجانسة والسليمة ووضع الافتراضات المنطقية المناسبة حتى يمكن الحصول على النتائج السليمة والأقرب إلى الدقة كما شاهدنا.


لكن كيف تؤثر هذه الطاقة على تشكيل المخرجات الإبداعية ؟

هذا ما سنبحثه في الجزء القادم ..............انتظرو نا في الجزء التالي الثاني عشر
انظر الدراسة المشار اليها في البحث:



http://wata.cc/forums/showthread.php?t=71355

سعيد نويضي
20/04/2010, 07:07 PM
الاستاذ سعيد نويضي

اقتباس "فبالرغم من وجود الشق المادي في الإنسان و الذي تخضع أغلب استنتاجات العلماء و المرتبطة بالمنهج العلمي إلى قوانين أتبثت صحتها و صدقها في العديد من المجالات كالطب و البيولوجيا و غيرها لا زال الجانب المعنوي من الإنسان في بداياته...حتى نقول أنه استكمل حلقاته في البحث عن مواقع العقل و الشعور و الوجدان...و أن الدماغ هو مركز العقل ".


استاذ سعيد ، في الواقع سنجد في يوم من الايام ان النفس او محرك النفس والذي هو عبارة عن ( طاقة ) يمكن قياسها وفهمها مثل الجسد وعدم فهم طبيعة تلك الطاقة هو السبب الذي جعلها مجهولة ولم يتم تطوير اليات للتعامل معها... هذا لا يعني تبسيط للقدرات العقلية بل بالعكس فيوم عن يوم يتضح بأن الدماغ هو المجال الذي يجب السعي من اجل استكشافه وليس الفضاء او البحار لان الدماغ كون قائم بذاته عالم شاسع واكثر اتساعا من المحيطات والفضاء الخارجي...لذلك تصور ان تتمكن من وضع نظرية مدعمة بالادلة الاحصائية والتحليلة تقدم تفسير لعمل الدماغ؟؟؟ سيكون جميل جدا ان نقدم اضافة مهمة للمعرفة الانسانية ..

اشكرك على استمرارية تواجدك فأنا محظوظ بك

بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأستاذ المفكر أيوب ناصر...

يقول الحق جل و علا: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53.

الحقيقة التي تعتبر من ضمن الحقائق التي حملها كتاب الله جل و علا لبني آدم أنه يحثهم حثا على اكتشاف الآفاق و الأنفس حتى يتبين لهم أنه الحق...و ما الحق في بعض المفاهيم إلا مطابقة قول معين على واقع معين...لذلك عندما حاول الإنسان تفسير ظاهرة الإبداع هناك من قال بالصدفة...و التي أساسا لا وجود لها لا في النفس و لا في الآفاق...بمعنى لا يمكن للنفس أن تتحرك باتجاه معين صدفة كيفما كانت الظروف بالإضافة لا يمكن أن يتبين لها اكتشاف أو حقيقة علمية أو مبدأ قار بمحضة الصدفة...و إلا كنا نتناقض في مفهومنا لما يسمى بمشيئة الله جل و علا و قدرته و علمه النافذ في الكون من الذرة إلى المجرة...

لذلك لو أخذنا مثلا من القرآن الكريم في ما يخص أن حيرة الإنسان و دهشته أمام ظواهر الطبيعة التي تحدث من فعله أو من فعل ما يحيط به لنجد في آيات الله جل و علا كلام لبني آدم ليقلد أو ليتسائل عن السبب أو الأسباب حتى يصل إلى جواب لإشكالية قد تعترضه سواء على المستوى النفسي...أي كل ما يتعلق بالذات و النفس أو بالمحيط الخارجي أما سماه الله عز و جل بالآفاق...

ففي أول جريمة عرفها التاريخ البشري و التي وقعت بين قايبل و هابيل...و لا أتحدث عن الدوافع التي أدت إلى جريمة القتل فذاك موضوع آخر، و لكن عن العجز الذي حصل لقابيل حينما وقف عاجزا عن وجود حل لجثة أخيه ...ماذا سيفعل بها؟ في خضم حيرته جاءه الحل من جنس العمل...أو شيئا يناسب حلا للمشكلة التي هو فيها...و من هنا كانت النواة الأولى لمبدأ القياس كمنهاج للوصول إلى حل الإشكالية المطروحة...يقول الحق جل و علا {فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ }المائدة31.

فتأمل معي هاته الأفعال...فبعث الله.....يبحث في الأرض....ليريه....كيف يواري سوءة أخيه...فالذي خلق الخلق خلق فيهم القدرة على الاستنباط و الاستقراء ما في الذات و ما في المحيط حتى يصلوا إلى حلول لمشاكلهم أو لتفسير لأسئلتهم...

و الحديث عن الطاقة الإبداعية و من أين تستمد إشعاعها و ما هي المؤثرات التي تقوم بدور المحرك لانطلاق إبداع معين قد يأتسي اليتم على رأس الهرم و قد يكون في أسفل الهرم و قد لا يكون دون تأثير يذكر بحسب الحالات التي قمت بدراستها...لأن النفس البشرية ليس على درجة واحدة من حيث التأثير و التأثر...فاليتم و هو حالة فقدان مصدر أساسي يمكن التعبير عن بصفة عامة بقدان "الأمن و الأمان" و ما يشكلانه هاذين العنصرين في السير العادي للنمو العاطفي و المعرفي لدى الأطفال أو لدى الشباب...و من تم يصبح البحث عن الأمن و الأمان هو الحاجة الأساسية التي تحرك اليتيم و الإنسان العادي على السواء...و بقدر ما تزداد الحاجة بقدر ما تزداد الرغبة في البحث عن الجديد...

و أعتقد أن لنيتشه العبقري المجنون قولة يفسر بها لماذا يبحث الإنسان عن المعرفة و العلم...فبغض النظر عن مواقفه أو أفكاره في مواضيع معينة إلا أن تفسيره لمسألة البحث عن المعرفة و العلم من صميم بحث الإنسان عن حالة الأمن و الأمان...فالدافع الاساسي و المحرك الرئيسي بجانب الأشياء الأخرى هي الحاجة...رغبة الإنسان في تحقيق ما ترنو النفس إليه...

قد يكون هذا الكلام لا يتطابق مع وجهة نظرك في تحديد أصل و مصدر الطاقة الإبداعية و من تم عدم الاطلاع على النظرية التي أتمنى أن أجدها مترجمة للعربية حتى يتسنى الاطلاع عليها إن شاء الله يبقى التساؤل عن ما قيل عن سر العبقرية و الظاهرة الإبداعية محل سؤال و محط غموض...

لأنه لا يمكن نفي الموهبة كمعطى موضوعي يساعد على توجيه الفطرة اتجاه معين...و لا يمكن نفي الفطرة على اعتبار أنها الأساس الذي تنطلق منه الدوافع و الذي يحتضن جل القدرات...و لايمكن كذلك نفي ما يمكن أن يسمى "المشرف أو الموجه أو الحاضن أو الكفيل ..." و في منتدى المعلم ستجد قصة من أروع القصص التي قرأت كقصة واقعية عن تلميذ عاش حالة اليتم و هي تصب في نفس السياق نظرية الطاقة الإبداعية و التي أوردها الأخ الكاتب محمد الغزاوي كقصة تحمل عبرة و حكمة...و لكن لولا المعلمة التي أدركت سر العملية التعليمية و التربوية لما وصل إليه ذاك الطفل اليتيم إلى ما وصل إليه من تفوق على المستوى العلمي...بالإضافة إلى القاص و الشاعر إدجار ألان بو لولا الأسرة التي احتضنته و وجهته و قامت بتعليمه و أرادت تبنيه لما أنتج من القصص و الأشعار و غير ذلك من الإبداعات الرائعة...كذلك الشيخ العالم الجليل أو الحسن الندوي لولا إشراف و توجيه أحد أفراد أسرته الذ ي قام بتعليمه و أحسن تربيته لما قدم للعالم مؤلفات من أجمل ما قدم العقل و الفكر الإسلامي...

و في انتظار ما ستجود به نظرية الطاقة الإبداعية تقبل مني التحية و التقدير....

سعيد نويضي
20/04/2010, 07:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

سلام الله على الأستاذ المفكر أيوب ناصر...

اقتباس:وإذا كان تفجير ذرة صغيرة جدا لا ترى بالعين المجردة، وهو ما توصل إليه احد العباقرة الأفذاذ، ينتج عنه طاقة هائلة فلماذا لا يكون للفجيعة أثرا هائلا على نظام الطاقة في الدماغ يولد بدوره طاقة لا حدود لها في دماغ المفجوع؟

بطبيعة الحال يوجد اختلاف بين مكونات الطاقة التي تم تفجيرها في ذرة و التي لا ترى بالعين المجردة...و الطاقة التي قد تحدثها فجيعة معينة...؟

سؤالي هو ما هي خصائص هذه الطاقة التي يتم تفجيرها في الدماغ...؟

لأن تفجير الذرة و الذي ينتج تلك الطاقة الهائلة ليست هي نفسها التي تتفجر في الدماغ...؟

اقتباس:وعطفا على دراسة الدكتور احمد توفيق هذه، ربما علينا أن نتصور الدماغ كـ ماتور فيه قوة كامنة ( طاقة ) قد تصل إلى قوة مليون حصان.

و على سبيل المثال أولائك الأشخاص الذين تتوفر لديهم طاقة هائل للدفع أو الجر شاحنة تزن الأطنان...أو غير ذلك من الأشياء الثقيلة جدا و التي تحتاج إلى رافعات حتى يتم تحريكها...بكل تأكيد يتوفرون على تلك الطاقة...فيظل السؤال عن طبيعة تلك الطاقة التي يتوفرون عليها هل هي الأخرى تتكون لديهم نتيجة فاجعة معينة أم هي هبة من الله جل و علا اختص بها اشخاص دون آخرين...؟

و لك التحية و التقدير...

د. غانم إخليل
11/05/2010, 10:53 PM
الطاقة الابداعية هي ثورة خلاقة تعتري الانسان عند الانغماس في موضوع ما أو البحث في أمر ما فتأتي فجأة فكرة يتم متابعتها بصورة تحدي مع الذات قد توصل إلى انتاج شيء جديد يتصف بالأصالة الابداعية والتي قد تضيف للعلم شيء جديد

ايوب صابر
12/05/2010, 11:22 PM
اقتباس من الاستاذ سعيد نويضي" فالدافع الاساسي و المحرك الرئيسي بجانب الأشياء الأخرى هي الحاجة...رغبة الإنسان في تحقيق ما ترنو النفس إليه...
قد يكون هذا الكلام لا يتطابق مع وجهة نظرك في تحديد أصل و مصدر الطاقة الإبداعية و من تم عدم الاطلاع على النظرية التي أتمنى أن أجدها مترجمة للعربية حتى يتسنى الاطلاع عليها إن شاء الله يبقى التساؤل عن ما قيل عن سر العبقرية و الظاهرة الإبداعية محل سؤال و محط غموض...

لأنه لا يمكن نفي الموهبة كمعطى موضوعي يساعد على توجيه الفطرة اتجاه معين...و لا يمكن نفي الفطرة على اعتبار أنها الأساس الذي تنطلق منه الدوافع و الذي يحتضن جل القدرات...و لايمكن كذلك نفي ما يمكن أن يسمى "المشرف أو الموجه أو الحاضن أو الكفيل ...".

الاستاذ سعيد المحترم

لقد اعتمدت في دراستي اسلوبين من اساليب البحث (التحليلي والاحصائي) وقد اشار كلى الاسلوبين ان هناك علاقة وثيقة بين اليتم والابداع في اعلى حالاته وفي كل المجالات الفكر والابداع الادبي والقيادة والابداع العلمي....الخ...
لقد اكدت دراسة عينة العظماء الوارده اسمائهم في كتاب الخالدون المئة بأن 53 من بين افراد العينة هم ايتام ويتمهم مسجل والبقية 48 لا يوجد معلومات عن طفولتهم ولذلك ولكونهم مبدعون عباقرة فالاغلب انهم ايتام حتما وحتى لو تجاهلنا هذا الجزء من العينة وركزنا على عدد 53 يتيم من بين اعظم شخصية في التاريخ حسب تصنيف مايكل هارت وهو رقم يتجاوز احتمالات الصدفة صار لا بد من التسليم بأن الابداع في اعلى حالاته ينتج عن اليتم وقد شرحت اليات ما يحدث هنا..فالفجيعة الناتجه عن اليتم لها وقع مهول على الدماغ تؤدي الى تولد طاقة هائلة وهذه الطاقة تترجم الى مخرجات ابداعية متعددة الاشكال ...

وتشير خلاصة تحليل بيانات العينة بأن لتوقيت اليتم اثر في المخرجات الابداعية ...هذا الحديث يؤكد وبما لا يدع مجال للشك ان الابداع ليس امرا فطريا او محض الصدفة او رغبة من نوع ما وانما هو ناتج عن طاقة تتولد في الدماغ وكلما كانت هذه الطاقة اقوى انعكس ذلك على مستوى الابداع ولذلك نجد اعظم المبدعين حتى من خارج افراد العينة التي تم دراستها لاثبات او نفي العلاقة بين اليتم والابداع نجد ان اعظم المبدعين امثال المتنبي هم ايتام ويتمهم مكثف وقع في الطفولة المبكرة ...حتى ان الائمة امثال الشافعي واحمد بن حنبل وكل ائمة الاثنا عشرية ايتام وذلك لا يمكن ان يكون صدفه ابدا....ومن المبدعين الحديثثين نسبيا حافظ ابراهيم والذي يمتلك ذاكرة فوتوغرافية على شاكلة ذاكرة الامام الشافعي وهو يتيم مكثف اليتم...

ومن هنا وبعد ان سقنا هذه الادلة صار لا بد من الاخذ بنظرية تفسير الطاقة الابداعية لانها تقدم الدليل القطعي على العلاقة بين الفجيعية الناتجة عن اليتم والابداع في اعلى حالاته ..طبعا ذلك وكما توضح النظرية لا ينفي بأن هناك عوامل اخرى غير اليتم تولد الطاقة الذهنية بمستويات اقل من فجيعة الموت واقل هذه العوالم على الاطلاق حسب المقياس الذي تعتمده نظرية الطاقة الابداعية هو الادراك بحد ذاته والذي يؤدي الى شعور بالقلق والخوف من الموت وهو ما يعتبره الوجوديون الدافع وراء الطاقة الابداعية حسب قول سارتر ...رغم ان البحث والتمحيص اشار بوضوح ان عباقرة الفكر الوجودي هم ايضا ايتام وهو ما يؤكد بأن العبقرية الفكرية او او اي انتاج ابداعي يترك اثرا مهما وخالدا عبر التالايخ لا بد ان يكون وليد عقل انسان يتيم...وهذا ما تؤكده كل المعطيات والدراسات والتحليلات والتي سوف استمر في التوسع بها ومعالجتها من عدة جوانب لتقديم مزيد من الشرح و التفسير لاليات حدوث الابداع بالدليل التحليلي والاحصائي وغيرها من اساليب البحث العلمي...

شكرا جزيلا ....لان حضورك يغني النقاش هنا...

ايوب صابر
12/05/2010, 11:39 PM
اقتباس متن الاستاذ سعيد نويضي" سؤالي هو ما هي خصائص هذه الطاقة التي يتم تفجيرها في الدماغ...؟".

لقد تم التعرف على الطاقة حسب نظرية تفسير الطاقة الابداعية من خلال مشاهدة المخرجات وربط ذلك باليتم وهي علاقة ثبت انه لا يمكن ان تكون صدفة وطبعا هناك الكثير من الدراسات التي تشير الى طبيعة الطاقة الذهنية ولكنني ارى بأن نظرية تفسير الطاقة الابداعية تقدم فرصة جديدة لاعادة النظر في ما هو سائد حول طبيعة هذا الطاقة ولا بد من القيام بأبحاث علمية مختبرية لتحديد ما يحصل وكيف يحصل.... وما ورد في نظرية تفسير الطاقة الابداعية ما هو الا محاولة لتقديم تفسير نظري لا بد من تعريضه للدراسة المخبرية لنتعرف بشكل دقيق على الذي يحصل حينما تقع الفواجع على عقل الانسان ..

هذا وقد بث تلفزيون الـ BBC قبل ايام شريط عن تأثير بعض الحالات على عقل الطفل وهو جنين اذا ما تم تعرضت الام لحالات انفعال معينة ولكن هذه الابحاث غير مركزة وتسير على غير هدى وانا بصدد الاتصال مع بعض الزملاء في جامعات بريطانية لتوجيه ابحاث محددة حول الموضوع وسوف تأتي النتائج مدهشة حتما ...

ايوب صابر
12/05/2010, 11:57 PM
اقتباس من الدكتور غانم إخليل " الطاقة الابداعية هي ثورة خلاقة تعتري الانسان عند الانغماس في موضوع ما أو البحث في أمر ما فتأتي فجأة فكرة يتم متابعتها بصورة تحدي مع الذات قد توصل إلى انتاج شيء جديد يتصف بالأصالة الابداعية والتي قد تضيف للعلم شيء جديد ".

الابداع هو حتما ان نأتي بشيء جديد وهو حتما ثورة من نوع ما لكن الدافع هو وجود طاقة متفجرة في الدماغ هذه الطاقة تخرج على شكل مخرجات ابداعية اذا ما توفرت الفرصة للذي يمتلك مثل هذا العقل لتراكمات المعرفة والتعليم ولذلك نجد ان عقله وبدافع الطاقة الموجودة يقدم جديد فيه اضافة على ما هو سائد ومألوف ولذلك نجد دائما المبدعون في حالة تناقض مع ما هو سائد ومألوف وفي تضاد مع المجتمع....

اذا الموضوع ليس فيه تحدي مع الذات وانما هو مدفوع بوفرة من الطاقة التي تتولد كنتيجة للفجائع التي تصيب الطفل وقد اظهرت دراسة العلاقة بين اليتم والعبقرية وبما لا يدع مجال للشك ان عبقرية الفكرة الابداعية تتناسب طرديا مع كثافة اليتم ..بمعنى ان الذي صنع المتنبي هو كثافة يتمه فهو يتم الاب والام في الطفولة المبكرة وهذا ما يفسر عبقريته الاستثنائية ...دون وعي منه طبعا ولذلك اجد ان ذاته المتضخمة امر مبرر لانه يمتلك طاقة استئنائية تولد كنتيجة لما عاشه من ظروف يتم وفجائع....ويمكن الرجوع الى دراسة طه حسين عن المتنبي والتي تحلل شخصية المتنبي وتعزو عبقريته لحالة الطفولة الشاذه التي عاشها المتنبي...

ولمزيد من الايضاح لو اخذنا على سبيل المثال 100 شخصية فقدوا الاب قبل الولادة لوجدنا دون شك انهم يمتلكون سمات وصفات مشتركة بشكل مذهل ..وان ابداعهم من نفس الدرجة والمستوى تقريبا... رغم احتمال اختلاف المجال وهو ما يؤكد ان نسبة الطاقة المتولدة في الدماغ كنتيجة لطبيعة التيم والفجائع التي تصيب المبدع هي العامل الاساسي في مستوى الابداع وكل العوامل الاخرى( البيئة والتعليم والصدفة والقدوة الحسنة والاسرة والوراثة والترتيب بين افراد العائلة الخ ) هي عوامل ثانوية لا يكاد يكون لها قيمة في حالة وفرة الطاقة المتأتية من الم الفجيعية...


اشكرك د على مرورك الكريم ...واثراء النقاش هنا...

ايوب صابر
13/05/2010, 12:00 AM
الدراسة التي توضح العلاقة بين اليتم والعبقرية:

http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=71355