المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من ذاكرة الشعر: "قصيدة اليتيم"



محمود بن كابر الشنقيطي
06/04/2010, 12:55 PM
هذه أنَّــةُ يتيمٍ في ليلةِ العيد دعاني إلى كتابتها قول الله وهو يحضُّ على استشعار آلامهم بقوله (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ) لعل الله أن يحرك بها ساكناً ويؤزَّ بها جامداً , وقد وضعتها وهي في لفافة ولادتها دون حذفٍ أو إضافة لتكونَ على طبيعتها , خصوصاً والناسُ في خضم احتياجات البنين والبنات قد يغفلُ بعضهم عن ذوي رحمٍ من اليتامى يتطلعُ أحدهم ليد تمسحُ رأسهُ وتجدد سروره:


حتَّـامَ يعزفُ أنغَـامَ الأسَـى قلَمي = وسرُّ عمري يُعيي كُلَّ مُـكتَـتَـمِ

نامَ الخليُّـونَ والأعيــادُ مقبلةٌ = على هنـاءٍ , وعيني لا ولــمْ تَـنمِ

وكيفَ لي بمنامٍ دونَ مَـسِّ يدٍ = تهمي حناناً عـلى رأسـي إلى قَدمــي

أوَّاهُ أوَّاهُ يا أمَّـاهُ لو بصُرتْ = عيــنـاكِ بي , وعـذابي غيرُ منصـرمِ

كُـلٌّ لهُ صبيةٌ يزهو بهم فرحاً = وما حَـظيتُ بذي قُــربى ولا رحـمِ

علامَ أسلمتِـني أماهُ بعدك لـلــدْ = دُنْيا وما ليَ فيها أيُّ معتَــصَـمِ

أراقبُ العيدَ علَّ العيدَ يحـملُ لي = أُنساً به تتجـافَى جــثوةُ الألــمِ

فلا أرى غير عيدٍ عادَ لي بِـأَسىً = تبقى حياتي بهِ خِـلواً من النِّـعَـمِ

لا أمَّ تُـلبِـسني حيناً , وتمشطُ لي = حيناً , وتفرحُ بي كالقـحطِ بالدِّيَـمِ

تستعذبُ المُـرَّ فيما أشتهيهِ وما = أصبوا إليه من الألعـابِ والنَّـغَـمِ

أمِّي فديتكِ عودي لي فقد فتكتْ = بي المآسـي وأدمتْ مقلتي , وفمـي

ما عاد ينطقُ إلا بالعويلِ عــلى= عهدٍ مضى كنتِ فيه شافيَ السقَـمِ

أتذكرين إذا ما جئتُ من لعبي = وشوكةٌ قد أصابت أوسطَ القــدمِ

أقمتِ دنياكِ خوفاً من تغلغُـلِـها = وهي أظهـرُ من نارٍ عــلى عَـلمِ

من ذا يُـدانيك في عطفٍ على ولدٍ = ومن يضاهيك يا أماهُ في الشيمِ

أمَّـاهُ لو أنَّ عمري تُـفتَدين بهِ = لكنتُ أفديك صدقاً غيرَ مُـتَّـهمِ

بالأمسِ كنتِ لي الدنيا وزينتها = تحمينني مثل ما يُـحمى حِـمى الحـرمِ

واليومَ تطعنُـني أسيافُ مجتمَـعٍ = فيه تجرعتُ كأسَ الظُّـلمِ والظُّـلَـمِ

أمي فديتُك عودي لي فقد شرقت = عيناي بعد جفاف دمعها بدمـي

أو فافْسحي ليَ تحتَ التُّـربِ إنَّ به = مندوحةً عن شراءِ اللؤمِ بالكـرمِ

هناكَ في القبرِ لا طفلٌ يُعيرني = باليتمِ أو لوعةٌ تطغـى على كلِـمي

هناك في القبر لا عَـمٌّ سيوجعني = ضرباً ولستُ أخافُ جَـور منتقِـمِ

هناك في القبر يا أماهُ حَضنُك لي = أبَـرُّ عطفاً من الخالاتِ كُـلهمِ

هذي خواطرُ عيدي صغتُـها نغماً = وحالةُ الدهر لم تثبتْ ولم تدُمِ

فهل سمعتِ كلامي أم قد انقطعت = منك العُـرى وغدوتِ اليومَ في الرِّممِ

أنا يتيمٌ ولكني عـلى ثقــةٍ = بما قضـاهُ إلهي بارئُ النَّـسَــمِ

فكم يتيمٍ حباهُ الله أنعُــمهُ = فصـار في الناس سبَّـاقاً إلى القِـممِ

لو لم يكن ليَ في الدنيا سوى مثلٍ = أعلى , وذاق الذي قد ذقتُ من ألمِ

ذاك الأمينُ الذي ذاعت فضائلهُ = ولا نظير لهُ في البأسِ والكرمِ

صَـلى عليه الذي زكى شمائلهُ = ما أنفذَ اللهُ ما قد خُـطَّ بالقــلمِ

محمود بن كابر الشنقيطي
الرياض- 29/9/1430هـ

مجذوب العيد المشراوي
06/04/2010, 06:18 PM
نص شعري جميل ومباشر وهادف له روعته هو أيضا ..

أحييك أيها الجميل

د.محمد فتحي الحريري
06/04/2010, 11:36 PM
اخي محمود
انت شاعر بهي نبيل
شكرا على هذه المشاعر الطيبة والتي تؤكد ان الشعر رسالة
ودي وتقديري والله معكم .

عبدالمنعم جاسم
07/04/2010, 01:08 AM
نص جميل ، بارك الله مشاعرك السامية النبيلة ..

منى حسن محمد الحاج
07/04/2010, 08:50 AM
حمها الله وأحسن إليها
نصٌ موجعٌ يا أخي محمود
أحييك على هذا الإبداع..
مع فائض مودتي وتقديري

مادي مدني
26/02/2011, 08:04 PM
هو الشعر الرسالة
الشعر المحمل بآلام الامة
بارك الله بهذا الشعر وبالشاعر الكريم
شكري وتقديري.