المهندس وليد المسافر
09/04/2010, 05:51 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أمريكا تعترف.. متى يعترف العراقيون؟
د. فارس الخطاب
يصادف اليوم الذكرى السوداء السابعة للحرب الأمريكية على العراق وأحتلال العاصمة العباسية العريقة والحبيبة على قلب كل عربي ومسلم، بغداد، ومع هذه الذكرى المؤلمة والمقيتة تتزايد أعداد القتلى والجرحى والمتضررين جراء هذا الأحتلال حتى باتت بيوت بغداد وبناياتها ورموزها التراثية تتلاشى بتفجيرات متلاحقة ومنتخبة في حين يتصارع من أتى خلف أو مع دبابات الأحتلال على كراسي السلطة، وأي سلطة، إنها سلطة (المنطقة الخضراء) وليس العراق بكامله، وعلى ذكر المنطقة الخضراء فقد لفت أنتباهي فيلم أمريكي عرض مؤخرا في شاشات السينما حول العالم إسمه "المنطقة الخضراء" للنجم الأمريكي مات ديمون، الفلم يتطرق لقضية أسلحة الدمار الشامل التي استخدمت كمبرر لجر العالم بأسره نحو حرب دمرت العراق وأربكت التوازنات الأقليمية وأضعفت من هيبة الغزاة والتي لا زال العراقيون يعانون تبعاتها حتى يومنا هذا.
الفيلم يحكي قصة الرقيب روري ميلر المكلف بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل في مناطق متعددة في العراق وكيف يخرج كل مرة خالي الوفاض دون العثور على أي من هذه الأسلحة، كما يظهر الفيلم تأكيد أحد المسؤولين الكبار في وكالة الاستخبارات الأمريكية من أن المعلومات بشأن هذه الأسلحة خاطئة مما يدفع الرقيب بطل الفلم إلى محاولة الكشف عن أصل الكذبة التي أطلقت في بلاده لزجهم في هذه الحرب الطويلة، وبحسب الحبكات الهوليودية يستطيع الوصول إلى أحد القادة السابقين في حزب البعث والمسؤول عن برنامج أسلحة الدمار الشامل العراقي ليكتشف ميلر أن الكذبة هي فعلا كذبة وأن هذا البرنامج تم وقفه في حرب الخليج الثانية أي في عام 1990.
الفلم وأنا هنا لا أريد الخوض في مجالاته الفنية بيّن عدة قضايا مهمة منها شدة الأنقسامات داخل المجتمع الأمريكي بشأن الحرب على العراق وتشكيك هذا المجتمع بمبررات الغزو، هذا أولا، ثم قيام الإدارة الأمريكية بغباء بجلب عراقيين منقسمون على أنفسهم من الخارج ليقودوا البلاد بعد أحتلالها، أما القضية الأهم التي ختم بها الفلم قصته فهي ما أظهره في اللقطة الأخيرة والتي يظهر فيها ميلر راكبا سيارة عسكرية مع مجموعته متجهين نحو أحد آبار النفط العراقية ليترك المشاهد مع السبب الحقيقي لغزو أمريكا للعراق.
هذا جزء يسير جدا من سيل الأعترافات التي يراها ويسمعها ويقرأها الشعب الأمريكي كل يوم عبر قنواته الإعلامية والأتصالية من سياسيين وإعلاميين وعسكريين تفضي كلها إلى نتيجة واحدة ألا وهي ان احتلال العراق لم يكن نتيجة أي سبب من الأسباب المعلنة من قبل الإدارة الأمريكية السابقة، نعم، واعتقد أن العراقيين اليوم ورغم كل ما سعى ويسعى إليه الأحتلال وتأثيرات الأحتلال على التدخلات الأقليمية في الشأن العراقي، أقول أنهم جميعا اليوم باتوا يعلمون أسباب غزو وأحتلال بلادهم فقد كان فيها حكما وطنيا، ونفطا وطنيا، وخدمات وطنية، توظيف وقوات مسلحة وأمن وعلاقات دولية وصناعات وزراعة، كلها ذات منبع وطني في بلد مكنته الطبيعة من أن يكون غنيا بكل شيء.
إذن الأحتلال وبكل جرائمه التي جعلت العراق شعبا وأرضا وأنهارا يأن من ثخن ما سببه له من جراح يتذكر اليوم كيف دنست الدبابات الأمريكية عاصمته الحبيبة، ومع هذه الذكرى المؤلمة لكل إنسان في العالم وليس للعراقيين فقط والتي عبرت عنه صحيفة "الجارديان" البريطانية بإنه أفظع عمل إجرامي للغرب في العصور الحديثة، يبقى مستقبل العراق غامضا، وبرغم أن البعض ينظر للانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 مارس الماضي على أنها خطوة إيجابية إلا أن المتابع لخريطة التحالفات السياسية في تلك الانتخابات يلمس بوضوح أن العراق مازال بعيدا كل البعد عن الاستقرار السياسي، هذه التحالفات السياسية ومشاكل التكتلات المذهبية والعرقية والتي هي أيضا نتاج عمل الولايات المتحدة التي حرصت على استغلال الدين والطائفة في العراق فقسمت الإدارات والمؤسسات الحكومية العراقية بشكل طائفي وبذلت الكثير من الجهود لإثارة النعرات الطائفية بين أطياف المجتمع العراقي.
إن وصول باراك أوباما للبيت الأبيض خلفا لمجرم الحرب جورج بوش لم يغير كثيرا من المعادلة، لكن أوباما ومنذ اليوم الأول لوصوله لسدة الحكم وهو يبحث عن حل يحفظ ماء وجه أمريكا في العراق الذي وبعد 7 سنوات من من أحتلاله لم تتمكن القوة العظمى الأولى في العالم من جلب الديمقراطية والحرية إليه بل كانت حصيلة ما قدمته لهذا البلد الكبير تاريخيا وإقليميا : الخراب والدمار فقط.
موقع الليبراليين الأمريكيين نشر تقريرا بمناسبة الذكرى السابعة لغزو العراق ذكر فيه الحقائق الآتية :
عدد القتلى المدنيين : 600 ألف عراقي،عدد الصحفيين القتلى : 140 صحفي، عدد القتلى من الشرطة والجيش العراقيين : 9368 عراقي،عدد النازحين داخل العراق : 2 مليون و200 ألف عراقي،عدد النازحين خارج العراق : 2 مليون و200 ألف عراقي، نسبة العاطلين عن العمل : 60 % من الشعب العراقي، عدد الأطباء الذين قتلوا : 2000 طبيب،عدد الأميين : 2 مليون عراقي. الخ. وقد أطيل على من يقرأ مقالي هذا لو سردت جميع المعلومات التي ذكرها التقرير مستندا إلى تقارير دولية ومنظمات حقوقية تتحدث عن حرمان الشعب العراقي من حقه في العيش بكرامة وسلام وأمن وصحة، ولكني أكتفي بما ذكرت لإني أعلم أن الأهل في العراق يعلمون ويتعايشون مع أكثر من ذلك بكثير ولكني أردت من هذا القول ؛ أن الولايات المتحدة التي أرتكبت ومن معها أكبر جريمة في التاريخ الحديث تمارس كافة أنواع الأعتراف بذنبها في أحتلال العراق وتدميره سواء من خلال حديث السياسيين أو وسائل الإعلام ثم مؤخرا من هوليوود حيث ماكنة صناعة وتأطير العقل الأمريكي في العالم، هي تعترف إذن وسيكون لإعترافها ثمن يجب أن يدفع لكل ضرر وقع هناك، أما ما يثير الأشمئزاز حقا فهو المشهد المسخ للعراقيين الذين أتوا مع هذا الأحتلال ووضعوا على مقاعد الحكم لينشروا الفساد ويعيدوا عالم (العولمة) إلى عقلية المذهب والطائفة والعرق، هؤلاء الذين مارسوا كل أنواع الرذيلة بحق وطنهم وشعبهم لم يتقدم أحد منهم طيلة هذه السنوات العجاف ليقول كلمة أعتذار لشعب العراق، لم يذكر أحدهم يوما أنه نادم على معاونة المحتلين في مشروع الظلام الذي أدخلوه للعراق، لم يستحي أحدهم وهم جميعا يزايدون في محاولات تشبثهم بالحكم الفاسد، أعتقد أنه لن يفعل أحد منهم ذلك فهم وإن أختلفوا في التكتلات والمرجعيات الأقليمية في مركب واحد وكما يقول القائل " ملة الكفر واحدة ".
شبكة البصرة
الخميس 23 ربيع الثاني 1431 / 8 نيسان 2010
أمريكا تعترف.. متى يعترف العراقيون؟
د. فارس الخطاب
يصادف اليوم الذكرى السوداء السابعة للحرب الأمريكية على العراق وأحتلال العاصمة العباسية العريقة والحبيبة على قلب كل عربي ومسلم، بغداد، ومع هذه الذكرى المؤلمة والمقيتة تتزايد أعداد القتلى والجرحى والمتضررين جراء هذا الأحتلال حتى باتت بيوت بغداد وبناياتها ورموزها التراثية تتلاشى بتفجيرات متلاحقة ومنتخبة في حين يتصارع من أتى خلف أو مع دبابات الأحتلال على كراسي السلطة، وأي سلطة، إنها سلطة (المنطقة الخضراء) وليس العراق بكامله، وعلى ذكر المنطقة الخضراء فقد لفت أنتباهي فيلم أمريكي عرض مؤخرا في شاشات السينما حول العالم إسمه "المنطقة الخضراء" للنجم الأمريكي مات ديمون، الفلم يتطرق لقضية أسلحة الدمار الشامل التي استخدمت كمبرر لجر العالم بأسره نحو حرب دمرت العراق وأربكت التوازنات الأقليمية وأضعفت من هيبة الغزاة والتي لا زال العراقيون يعانون تبعاتها حتى يومنا هذا.
الفيلم يحكي قصة الرقيب روري ميلر المكلف بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل في مناطق متعددة في العراق وكيف يخرج كل مرة خالي الوفاض دون العثور على أي من هذه الأسلحة، كما يظهر الفيلم تأكيد أحد المسؤولين الكبار في وكالة الاستخبارات الأمريكية من أن المعلومات بشأن هذه الأسلحة خاطئة مما يدفع الرقيب بطل الفلم إلى محاولة الكشف عن أصل الكذبة التي أطلقت في بلاده لزجهم في هذه الحرب الطويلة، وبحسب الحبكات الهوليودية يستطيع الوصول إلى أحد القادة السابقين في حزب البعث والمسؤول عن برنامج أسلحة الدمار الشامل العراقي ليكتشف ميلر أن الكذبة هي فعلا كذبة وأن هذا البرنامج تم وقفه في حرب الخليج الثانية أي في عام 1990.
الفلم وأنا هنا لا أريد الخوض في مجالاته الفنية بيّن عدة قضايا مهمة منها شدة الأنقسامات داخل المجتمع الأمريكي بشأن الحرب على العراق وتشكيك هذا المجتمع بمبررات الغزو، هذا أولا، ثم قيام الإدارة الأمريكية بغباء بجلب عراقيين منقسمون على أنفسهم من الخارج ليقودوا البلاد بعد أحتلالها، أما القضية الأهم التي ختم بها الفلم قصته فهي ما أظهره في اللقطة الأخيرة والتي يظهر فيها ميلر راكبا سيارة عسكرية مع مجموعته متجهين نحو أحد آبار النفط العراقية ليترك المشاهد مع السبب الحقيقي لغزو أمريكا للعراق.
هذا جزء يسير جدا من سيل الأعترافات التي يراها ويسمعها ويقرأها الشعب الأمريكي كل يوم عبر قنواته الإعلامية والأتصالية من سياسيين وإعلاميين وعسكريين تفضي كلها إلى نتيجة واحدة ألا وهي ان احتلال العراق لم يكن نتيجة أي سبب من الأسباب المعلنة من قبل الإدارة الأمريكية السابقة، نعم، واعتقد أن العراقيين اليوم ورغم كل ما سعى ويسعى إليه الأحتلال وتأثيرات الأحتلال على التدخلات الأقليمية في الشأن العراقي، أقول أنهم جميعا اليوم باتوا يعلمون أسباب غزو وأحتلال بلادهم فقد كان فيها حكما وطنيا، ونفطا وطنيا، وخدمات وطنية، توظيف وقوات مسلحة وأمن وعلاقات دولية وصناعات وزراعة، كلها ذات منبع وطني في بلد مكنته الطبيعة من أن يكون غنيا بكل شيء.
إذن الأحتلال وبكل جرائمه التي جعلت العراق شعبا وأرضا وأنهارا يأن من ثخن ما سببه له من جراح يتذكر اليوم كيف دنست الدبابات الأمريكية عاصمته الحبيبة، ومع هذه الذكرى المؤلمة لكل إنسان في العالم وليس للعراقيين فقط والتي عبرت عنه صحيفة "الجارديان" البريطانية بإنه أفظع عمل إجرامي للغرب في العصور الحديثة، يبقى مستقبل العراق غامضا، وبرغم أن البعض ينظر للانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 مارس الماضي على أنها خطوة إيجابية إلا أن المتابع لخريطة التحالفات السياسية في تلك الانتخابات يلمس بوضوح أن العراق مازال بعيدا كل البعد عن الاستقرار السياسي، هذه التحالفات السياسية ومشاكل التكتلات المذهبية والعرقية والتي هي أيضا نتاج عمل الولايات المتحدة التي حرصت على استغلال الدين والطائفة في العراق فقسمت الإدارات والمؤسسات الحكومية العراقية بشكل طائفي وبذلت الكثير من الجهود لإثارة النعرات الطائفية بين أطياف المجتمع العراقي.
إن وصول باراك أوباما للبيت الأبيض خلفا لمجرم الحرب جورج بوش لم يغير كثيرا من المعادلة، لكن أوباما ومنذ اليوم الأول لوصوله لسدة الحكم وهو يبحث عن حل يحفظ ماء وجه أمريكا في العراق الذي وبعد 7 سنوات من من أحتلاله لم تتمكن القوة العظمى الأولى في العالم من جلب الديمقراطية والحرية إليه بل كانت حصيلة ما قدمته لهذا البلد الكبير تاريخيا وإقليميا : الخراب والدمار فقط.
موقع الليبراليين الأمريكيين نشر تقريرا بمناسبة الذكرى السابعة لغزو العراق ذكر فيه الحقائق الآتية :
عدد القتلى المدنيين : 600 ألف عراقي،عدد الصحفيين القتلى : 140 صحفي، عدد القتلى من الشرطة والجيش العراقيين : 9368 عراقي،عدد النازحين داخل العراق : 2 مليون و200 ألف عراقي،عدد النازحين خارج العراق : 2 مليون و200 ألف عراقي، نسبة العاطلين عن العمل : 60 % من الشعب العراقي، عدد الأطباء الذين قتلوا : 2000 طبيب،عدد الأميين : 2 مليون عراقي. الخ. وقد أطيل على من يقرأ مقالي هذا لو سردت جميع المعلومات التي ذكرها التقرير مستندا إلى تقارير دولية ومنظمات حقوقية تتحدث عن حرمان الشعب العراقي من حقه في العيش بكرامة وسلام وأمن وصحة، ولكني أكتفي بما ذكرت لإني أعلم أن الأهل في العراق يعلمون ويتعايشون مع أكثر من ذلك بكثير ولكني أردت من هذا القول ؛ أن الولايات المتحدة التي أرتكبت ومن معها أكبر جريمة في التاريخ الحديث تمارس كافة أنواع الأعتراف بذنبها في أحتلال العراق وتدميره سواء من خلال حديث السياسيين أو وسائل الإعلام ثم مؤخرا من هوليوود حيث ماكنة صناعة وتأطير العقل الأمريكي في العالم، هي تعترف إذن وسيكون لإعترافها ثمن يجب أن يدفع لكل ضرر وقع هناك، أما ما يثير الأشمئزاز حقا فهو المشهد المسخ للعراقيين الذين أتوا مع هذا الأحتلال ووضعوا على مقاعد الحكم لينشروا الفساد ويعيدوا عالم (العولمة) إلى عقلية المذهب والطائفة والعرق، هؤلاء الذين مارسوا كل أنواع الرذيلة بحق وطنهم وشعبهم لم يتقدم أحد منهم طيلة هذه السنوات العجاف ليقول كلمة أعتذار لشعب العراق، لم يذكر أحدهم يوما أنه نادم على معاونة المحتلين في مشروع الظلام الذي أدخلوه للعراق، لم يستحي أحدهم وهم جميعا يزايدون في محاولات تشبثهم بالحكم الفاسد، أعتقد أنه لن يفعل أحد منهم ذلك فهم وإن أختلفوا في التكتلات والمرجعيات الأقليمية في مركب واحد وكما يقول القائل " ملة الكفر واحدة ".
شبكة البصرة
الخميس 23 ربيع الثاني 1431 / 8 نيسان 2010