د. عيدة مصطفى مطلق
10/04/2010, 02:12 PM
القتل الأمريكي .. خطأ بشري أم خلق أصيل / د. عيدة مصطفى المطلق قناة
الشريط الرهيب أو الفضيحة التي نشرها موقع "ويكي ليكس" الإلكتروني والذي يسجل وقائع غارة شنتها القوات الأمريكية في تموز عام 2007 والتي حصدت - بدم بارد – اثني عشر عراقياً؛ لم يكن ليختلف كثيراً عما تم كشفه من صور وتسجيلات لفضائح أخرى .. فرغم أن الحادثة مفزعة وبشعة بكل المقاييس ، إلا أنها لا تعدو أن تكون سطراً في سفر متورم بالقتل العشوائي المجنون الذي استهدف كل العراق جغرافيا وتاريخ .. حضارة ومستقبلاً .. كما استهدف كل العراقيين أفراداً وتجمعات مدنيين وعسكريين نساء ورجالاً .. أطفالاً وشباناً وشيبا.. إلا أن هذه الحادثة تكتسب أهميتها بمقدار ما نكأت من جراحات .. وبمقدار ما عززته من صورة الأمريكي القبيح، وتجليات هذه الصورة المفزعة في العراق الجديد..!!
منذ احتلال العراق – الذي تصادف هذا الأسبوع ذكراه الثامنة- والفظائع تترى .. يكفي هذا العهد الأمريكي الجديد أنه افتتح احتلاله باحتفالية رهيبة من النهب والسلب واجتياح كافة مؤسسات العراق الحضارية كان في مقدمتها المتحف العراقي ونهب مقتنياته وتحطيم مبانيه.
واستتبع احتفاليته تلك بفظائع "بلاك ووتر" وأخواتها والتي باتت تشكل عنواناً بارزاً للاحتلال بكل ما حمله من مفردات القبح من قتل عمد وعشوائي .. وإفراط في استخدام القوة المهلكة دون مبرر.. واستخدام الأسلحة الأتوماتيكية الفتاكة الممنوعة ..ومن استهداف المدنيين في الشوارع والبيوت في الليل والنهار.. وامتناع قصدي عن إسعاف الجرحى .. فكم من جريح أطلقوا عليه الرصاص بعد إصابته .. وكم من جريح ترك ينزف حتى الموت .. ناهيك عن جرائم تهريب الأسلحة والتزوير وغسل الأموال والتهرب من الضرائب.. فهؤلاء المرتزقة كثيراً ما يتباهون بسلوكياتهم الانحرافية ..وتبجحهم بأنهم قتلوا عراقيين بدءاً من الأيام الأولى لوصولهم إلى العراق ..
ولعل من اللافت هو صراحتهم الوقحة في الإعلان عن أن كافة ممارساتهم بما فيها من وحشية وشذوذ إنما ترتكب تحت لواء "حرب صليبية مهمتها استئصال شأفة المسلمين واجتثاث الإسلام من العالم".. [بحسب ما صرح به إريك برنس ( صاحب شركات برنس ورئيس شركة "بلاك ووتر") ] .. فضلاً عن الطمع والجشع.. الذي تمثل بانتهاز أي فرصة لإرسال رجال للعراق لجني المال من حكومة الولايات المتحدة !!
وأما فظائع السجون الأمريكية فقد بدأت منذ البدايات .. إذ ما كادت تمر أياماً معدودات على ( حرب تحرير العراق ودمقرطته ) حتى صدم العالم بصور ناطقة.. وما "أبو غريب" إلا رأس الجبل الجليدي الديمقراطي التحرري !!!.. كشفت جانباً منه صحيفة" الجارديان البريطانية" من أنه "يجري في المعتقلات الأمريكية في العراق انتهاك كبير لحقوق الإنسان من تعذيب بالجلد والماء الحار والبارد والتعليق بالمراوح السقفية وقطع الأصابع وقلع الأظافر وكي بالسجائر والصعقات الكهربائية واغتصاب بالجملة.. وتشويه وتعذيب وتغييب واختفاء .. وعمليات إعدام ليلية ودفن ليلي للجثث" .. كما نقلت مجلة " فانيتي فير " الأمريكية عن سجناء عراقيين وصفهم للانتهاكات الجنسية التي تعرضوا لها.. !!
وأما ما يتعرض له المعتقلون من جرائم بشعة في السجون السرية فقد وثقتها جملة من التقارير الصحفية والحقوقية..لعل آخرها ما جاء في القرار الصادر عن ["مفوضية حقوق الإنسان" (التابعة إلى الأمم المتحدة) بتاريخ (18/2/2010 )] .. فقد كشف هذا القرار عن انتهاكات جسدية فضلاً عن انتهاكات نفسية ومعنوية رهيبة .. أقساها ما يمارس مع علماء الدين وأئمة المساجد.. كتمزيق القرآن الكريم .. وإجبارهم على شرب الخمر.. وأكل لحم الخنزير ..وإلى ما هنالك من فظائع يترفع المرء حتى عن مجرد كتابتها !!
وهذا "طارق الهاشمي " (نائب الرئيس العراقي الحالي) يؤكد وجود عدد من السجون السرية في العراق.. وأن هناك آلاف العراقيين مازالوا يُقتادون إلى أماكن غير معروفة، استنادا إلى الشبهات وبغية الابتزاز من دون تهم أو أوامر إلقاء قبض...
ومن الفظائع المضافة لهذا السفر الأسود أنه بينما تزعم القوات الأمريكية التزامها بتطبيق بنود معاهدة چنيڤ .. فأنها لم تسمح حتى للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة مراكز الاعتقال !!
هذا غيض من فيض الانتهاكات الأمريكية الوحشية.. وبالتالي فإن حادثة الغارة الأمريكية التي قتلت اثني عشر عراقياً إنما هي أحد مفردات هذا السفر الفضائحي الأمريكي في العراق الذي يؤكد يوماً بعد يوم بأن هذه الأمريكا غير معينة بالقيم والمنظومات الأخلاقية والإنسانية والقانونية ...حتى تلك لتي نص عليها الدستور الأمريكي ذاته
أما ما يثير الحنق فيكمن بمسارعة بضعة من ذوي الوجوه البلاستيكية من فاقدي الحساسية من المتصهينين والمحافظين الجدد– من الذين يطيب لفضائياتنا أن تخلع عليهم صفات المحللين والخبراء في مراكز الأبحاث ومطابخ القرار الأمريكي - بالتنظير والتسويغ والتبليع لكل تلك الأفعال الشنيعة .. مما يؤكد أنه حتى الحساسية الإنسانية أو مجرد الخجل تبقى خارج قاموس التداول الأمريكي !!!!
لقد استمع العالم للحديث الذي دار بين قائدي الطائرة بعد إطلاق نيرانها على اثني عشر عراقياً مدنياً إذ قال أحدهما.. [هناك "جثث مكدسة" على الأرض...أنظر إلى هؤلاء "الأوغاد جثثا هامدة".. فرد الأخر "إنه أمر جميل"..] .. مثل هذا الحديث لم يكن ليخجل أحد هؤلاء "المحللين" حين راح يبرر بالقول : [" يبدو أن قائدي المروحية اعتبرا كاميرا أحد موظفي "رويترز" قاذفة صواريخ "ار بي جي"... فقد رصدا "خمسة إلى ستة أشخاص مع قاذفات إي كي-47" وطلبا الإذن بـ "إطلاق النار" وهذا ما حصلا عليه على الفور تقريبا. ].. كما لم يخجل "خبير آخر" من هؤلاء من القول بأنها "حادثة صغيرة ينبغي أن لا تشغل الناس عن المنجزات الكبيرة التي تحققت في العراق الجديد" ..
إن قتل دزينة من البشر – جريمتهم أنهم ينتمون لجغرافيا وإثنية معينة – لا تستحق حتى مجرد المجاملة بابداء التعاطف !!
فهل بعد كل ما شهدناه وسمعناه نقبل بأن الجرائم المرتكبة تحت الشمس العراقية الحارقة هي مجرد أخطاء بشرية ؟؟
ألا تنم تلك السلوكيات عن خلق أمريكي أصيل ومتجذر في الشخصية الأمريكية .. وإلا ما هو التفسير لهذا الكم من المجازر المفتوحة بضحاياها المليونية ..؟؟
د. عيدة مصطفى المطلق قناة
الشريط الرهيب أو الفضيحة التي نشرها موقع "ويكي ليكس" الإلكتروني والذي يسجل وقائع غارة شنتها القوات الأمريكية في تموز عام 2007 والتي حصدت - بدم بارد – اثني عشر عراقياً؛ لم يكن ليختلف كثيراً عما تم كشفه من صور وتسجيلات لفضائح أخرى .. فرغم أن الحادثة مفزعة وبشعة بكل المقاييس ، إلا أنها لا تعدو أن تكون سطراً في سفر متورم بالقتل العشوائي المجنون الذي استهدف كل العراق جغرافيا وتاريخ .. حضارة ومستقبلاً .. كما استهدف كل العراقيين أفراداً وتجمعات مدنيين وعسكريين نساء ورجالاً .. أطفالاً وشباناً وشيبا.. إلا أن هذه الحادثة تكتسب أهميتها بمقدار ما نكأت من جراحات .. وبمقدار ما عززته من صورة الأمريكي القبيح، وتجليات هذه الصورة المفزعة في العراق الجديد..!!
منذ احتلال العراق – الذي تصادف هذا الأسبوع ذكراه الثامنة- والفظائع تترى .. يكفي هذا العهد الأمريكي الجديد أنه افتتح احتلاله باحتفالية رهيبة من النهب والسلب واجتياح كافة مؤسسات العراق الحضارية كان في مقدمتها المتحف العراقي ونهب مقتنياته وتحطيم مبانيه.
واستتبع احتفاليته تلك بفظائع "بلاك ووتر" وأخواتها والتي باتت تشكل عنواناً بارزاً للاحتلال بكل ما حمله من مفردات القبح من قتل عمد وعشوائي .. وإفراط في استخدام القوة المهلكة دون مبرر.. واستخدام الأسلحة الأتوماتيكية الفتاكة الممنوعة ..ومن استهداف المدنيين في الشوارع والبيوت في الليل والنهار.. وامتناع قصدي عن إسعاف الجرحى .. فكم من جريح أطلقوا عليه الرصاص بعد إصابته .. وكم من جريح ترك ينزف حتى الموت .. ناهيك عن جرائم تهريب الأسلحة والتزوير وغسل الأموال والتهرب من الضرائب.. فهؤلاء المرتزقة كثيراً ما يتباهون بسلوكياتهم الانحرافية ..وتبجحهم بأنهم قتلوا عراقيين بدءاً من الأيام الأولى لوصولهم إلى العراق ..
ولعل من اللافت هو صراحتهم الوقحة في الإعلان عن أن كافة ممارساتهم بما فيها من وحشية وشذوذ إنما ترتكب تحت لواء "حرب صليبية مهمتها استئصال شأفة المسلمين واجتثاث الإسلام من العالم".. [بحسب ما صرح به إريك برنس ( صاحب شركات برنس ورئيس شركة "بلاك ووتر") ] .. فضلاً عن الطمع والجشع.. الذي تمثل بانتهاز أي فرصة لإرسال رجال للعراق لجني المال من حكومة الولايات المتحدة !!
وأما فظائع السجون الأمريكية فقد بدأت منذ البدايات .. إذ ما كادت تمر أياماً معدودات على ( حرب تحرير العراق ودمقرطته ) حتى صدم العالم بصور ناطقة.. وما "أبو غريب" إلا رأس الجبل الجليدي الديمقراطي التحرري !!!.. كشفت جانباً منه صحيفة" الجارديان البريطانية" من أنه "يجري في المعتقلات الأمريكية في العراق انتهاك كبير لحقوق الإنسان من تعذيب بالجلد والماء الحار والبارد والتعليق بالمراوح السقفية وقطع الأصابع وقلع الأظافر وكي بالسجائر والصعقات الكهربائية واغتصاب بالجملة.. وتشويه وتعذيب وتغييب واختفاء .. وعمليات إعدام ليلية ودفن ليلي للجثث" .. كما نقلت مجلة " فانيتي فير " الأمريكية عن سجناء عراقيين وصفهم للانتهاكات الجنسية التي تعرضوا لها.. !!
وأما ما يتعرض له المعتقلون من جرائم بشعة في السجون السرية فقد وثقتها جملة من التقارير الصحفية والحقوقية..لعل آخرها ما جاء في القرار الصادر عن ["مفوضية حقوق الإنسان" (التابعة إلى الأمم المتحدة) بتاريخ (18/2/2010 )] .. فقد كشف هذا القرار عن انتهاكات جسدية فضلاً عن انتهاكات نفسية ومعنوية رهيبة .. أقساها ما يمارس مع علماء الدين وأئمة المساجد.. كتمزيق القرآن الكريم .. وإجبارهم على شرب الخمر.. وأكل لحم الخنزير ..وإلى ما هنالك من فظائع يترفع المرء حتى عن مجرد كتابتها !!
وهذا "طارق الهاشمي " (نائب الرئيس العراقي الحالي) يؤكد وجود عدد من السجون السرية في العراق.. وأن هناك آلاف العراقيين مازالوا يُقتادون إلى أماكن غير معروفة، استنادا إلى الشبهات وبغية الابتزاز من دون تهم أو أوامر إلقاء قبض...
ومن الفظائع المضافة لهذا السفر الأسود أنه بينما تزعم القوات الأمريكية التزامها بتطبيق بنود معاهدة چنيڤ .. فأنها لم تسمح حتى للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة مراكز الاعتقال !!
هذا غيض من فيض الانتهاكات الأمريكية الوحشية.. وبالتالي فإن حادثة الغارة الأمريكية التي قتلت اثني عشر عراقياً إنما هي أحد مفردات هذا السفر الفضائحي الأمريكي في العراق الذي يؤكد يوماً بعد يوم بأن هذه الأمريكا غير معينة بالقيم والمنظومات الأخلاقية والإنسانية والقانونية ...حتى تلك لتي نص عليها الدستور الأمريكي ذاته
أما ما يثير الحنق فيكمن بمسارعة بضعة من ذوي الوجوه البلاستيكية من فاقدي الحساسية من المتصهينين والمحافظين الجدد– من الذين يطيب لفضائياتنا أن تخلع عليهم صفات المحللين والخبراء في مراكز الأبحاث ومطابخ القرار الأمريكي - بالتنظير والتسويغ والتبليع لكل تلك الأفعال الشنيعة .. مما يؤكد أنه حتى الحساسية الإنسانية أو مجرد الخجل تبقى خارج قاموس التداول الأمريكي !!!!
لقد استمع العالم للحديث الذي دار بين قائدي الطائرة بعد إطلاق نيرانها على اثني عشر عراقياً مدنياً إذ قال أحدهما.. [هناك "جثث مكدسة" على الأرض...أنظر إلى هؤلاء "الأوغاد جثثا هامدة".. فرد الأخر "إنه أمر جميل"..] .. مثل هذا الحديث لم يكن ليخجل أحد هؤلاء "المحللين" حين راح يبرر بالقول : [" يبدو أن قائدي المروحية اعتبرا كاميرا أحد موظفي "رويترز" قاذفة صواريخ "ار بي جي"... فقد رصدا "خمسة إلى ستة أشخاص مع قاذفات إي كي-47" وطلبا الإذن بـ "إطلاق النار" وهذا ما حصلا عليه على الفور تقريبا. ].. كما لم يخجل "خبير آخر" من هؤلاء من القول بأنها "حادثة صغيرة ينبغي أن لا تشغل الناس عن المنجزات الكبيرة التي تحققت في العراق الجديد" ..
إن قتل دزينة من البشر – جريمتهم أنهم ينتمون لجغرافيا وإثنية معينة – لا تستحق حتى مجرد المجاملة بابداء التعاطف !!
فهل بعد كل ما شهدناه وسمعناه نقبل بأن الجرائم المرتكبة تحت الشمس العراقية الحارقة هي مجرد أخطاء بشرية ؟؟
ألا تنم تلك السلوكيات عن خلق أمريكي أصيل ومتجذر في الشخصية الأمريكية .. وإلا ما هو التفسير لهذا الكم من المجازر المفتوحة بضحاياها المليونية ..؟؟
د. عيدة مصطفى المطلق قناة