المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فقط.. لمن لا يبالي... "راهن"



محمد ابوعراق راهن
19/04/2010, 02:13 AM
فَقط.. لِمن لا يُبالِي

عِندّما تَتصدّر السّطحِيّة قائِمة أولَويات أمّة ما، فإنّنا نَستَطيعُ القَول أنَّ عَلى هذهِ الأمّة الإنحطاط، بِكُلّ أشكالهِ وفي شَتّى الحُقول...
وعِندَما يُصبِحُ الهَدف الأول والوَحيد، هَدفٌ مادِي لَدى أفراد الأمّة في أداءِ دَور ما، أو مُمارَسة عَملٍ ما،
أو إقامَة عَلاقةٍ ما كالصّداقَة أو الحُب أو الإقتران... الخ.
فَهُنا يُمكِننا القَول بأنّنا دَخلّنا وبِمحضِ الإرادة في عالمٍَ تَتوفَّر بهِ كُل أسباب الرّاحة الآنِيّة، والسّهولَة الوصولِيّة؛ مِمّا سَيُغنِينا بالتّالِي
عَنْ إقحامِ أنفُسنا في ماضِي ولّى، مِنْ خِلالِ فراءةِ كِتاب، والإطّلاع عَلى حَضارَة تُعتَبر الأسَاس التَكوِيني لِلتَطور في كُل مَيادِينِ الحَياة
مِنْ سِياسِيّة إلى فِكرِيّة إلى ثَقافِيّة.
ثَمّة مَسؤولِية، ومَسؤولِية كَبيرَة تَقع عَلى عاتِقِ كُتّاب ومُفَكّري الأمّة في التّحكُّم بِمَصيرِ الشّعوب؛
لكِنّ المَسؤولِيةّ الكُبرى تَقع عَلى عاتقِ صُنّاع القَرار فيِها؛ عَلينا أنْ لا نَتجاهَل مَدى مُساهَمة الرّقابَة في قَمعِ الأفكارِ الجّوهَرِية،
الّتي تُسهِمُ في بِناءِ مُجتَمعٍ واعٍ قادِر عَلى فَهم كُلّ ما يَدورُ حَولهُ مِنْ تَناقُضات، وتَصدّيها –أي الرّقابة- لِكُلّ ما قَد يَشي بِضعفِ وَتقصِير
ودكتّاتُوريّة السّلطات تِجاه الأفراد؛ مِمّا أدى إلى خَلقِ رَقيبٍ ذاتِي داخِل كُلّ كاتِب أو مُفكِّر، لأنّ كِلاهُما يَعرِفُ تَماماً أنّهُ إذا أرادَ أنْ يُكتَب
لإبداعهِ الخرُوجَ إلى النّورِ فإن عَليهِ أولاً أنْ يَتماشَى مَعْ رَغبةِ السّلطة ومَصلَحتُها العُليا؛
وهذا بِرأيِي السّبَب الرّئِيس في ابتعادِ الأدب والإعلام عَنْ قَضايا المُجتَمع وهُمومِ أفرادِه، وظُهور الأدآب والفُنون المُنحَطّة الّتي تَتغلغَل
في جَسدِ الأمّة وتَنتشِرُ بِسُرعَةٍ يَصعُب السّيطَرة عَليها، كَما المرَض الخَبيث، الّذي يَمرُّ بِضَحيّتهِ إلى البلادَة قَبلَ أنْ يُردِيهِ جِثّة هامِدة.
أنا لا أُخلِي مَسؤولِية أحَد عَنْ هذهِ الكارِثة الحَضارِيّة، فالقَضيّة أكبَر مِنْ أنْ تَتحمّل مَسؤولِيتَها جِهةٍ دونَ الأخرَى،
إنها مَسؤولِيّة مُشتَركَة، لِذا يَجبُ أن يَكونَ الإتفاقُ مُشتَركاً عَلى قَرارِ النّهوضِ بالأمّة؛
فَنحنُ لَم نَهبِط إلى القاعِ بَعد،
بَل مازِلّنا سابِحينَ في فَضاءِ الإنحِطاط؛
والقَادِمُ أعظَم.

نشر في صحيفة العرب اليوم
http://www.alarabalyawm.net/pages.php?news_id=219203

محمد ابوعراق"راهن"
RAHENABUIRAQ@YAHOO.COM