المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العراق بين الرياض وطهران \د. محمد صالح المسفر



كاظم عبد الحسين عباس
20/04/2010, 06:10 AM
العراق بين الرياض وطهران
د. محمد صالح المسفر

4/20/2010




انشغل العالم العربي في الأسبوعين الماضيين وما انفك منشغلا بانتخابات العراق ونتائجها، وبانتخابات السودان وما يحاك ضد نتائجها، وانشغلنا بقرار إسرائيل بطرد ما تزيد عن 70 ألفا من الفلسطينيين من أرضهم تحت ذرائع مرفوضة عربيا ودوليا، ولم يجد احتجاجنا واداناتنا شيئا لأهلنا في فلسطين، وانشغلنا وما زلنا منشغلين بما يجري في اليمن من اتهامات متبادلة بين الحوثيين والنظام السياسي القائم في صنعاء يتهم كل منهم الآخر بأنهم نقضوا الاتفاق الموقع بينهم، من جهة أخرى انشغلنا بما يجري بين أطراف المعارضة اليمنية ــ اللقاء المشترك، والحراك الجنوبي ــ لممارسة النظام السياسي بقيادة الرئيس علي عبد الله صالح على كل الصعد وإصرار النظام بأنهم على خطأ وانه على طريق الحق. فأي الأولويات يركز عليها المواطن من هذه الأزمات التي تعتصر عالمنا العربي في ظل أنظمة حكم متهالكة بفعل الزمن أو تحت نشوة السلطة والبقاء بها وحتى بعد الموت عن طريق الأبناء أو الأسباط.
لا يمكن الحديث عن كل تلك الأزمات المشار إليها في مقالة محددة عدد كلماتها مسبقا حرصا على المساحة المخصصة لي في هذه الصحيفة المحترمة، ولكني أتناول في هذه الزاوية الشأن العراقي وما آل إليه أو سيؤول نتيجة للانتخابات التي جرت أخيرا ولست بالقائل بشرعية تلك الانتخابات وما نتج عنها لكني أتساءل كيف سيتأتى لهؤلاء الأفراد الذين يدعون بأنهم حازوا على أغلبية أصوات الناخبين تشكيل حكومة تدير الوطن العراقي بعد ما أنهكته الحروب الطائفية وتسابق اللصوص الذين تمكنوا من إدارة العراق تحت حراب الاحتلال على نهب مخزونه النقدي وتراثه الحضاري وتسابقوا لإرضاء المحتل احدهم ارتكب مجازر الفلوجة وما جاورها، والآخر كاد يحرق النجف وكربلاء والثالث أقام المتاريس في كل شوارع المدن ونصب المشانق لرجالات العراق الشرفاء الذين رفضوا طأطأة الرؤوس لأي قوة أجنبية.
اليوم تتسابق هذه العصبة على استرضاء الرياض بالتوافد إليها لكنها تتقاطر على أبواب 'الصرح العالي' في طهران لتقديم فروض الولاء والطاعة، وتقديم العراق على طبق من ذهب للنفوذ الإيراني دون تحفظ.
الرياض تبذل جهودا بحسن النوايا ولكن حسن النوايا في عالم السياسة الدولية لا مكان له، ولكي تلعب الرياض دورا فاعلا في الشأن العراقي فلا بد أن تسلك سلوك النظام السياسي في طهران، وهو التواجد الفعلي على الساحة العراقية عن طريق التمويل والتسليح والتدريب والتنظيم، عن طريق التدخل حتى في إدارة الشارع كما تفعل إيران. الرياض عليها أن تفتح حدودها مع العراق كما هي حدودها مفتوحة على امتداد الحدود بين إيران والعراق، وفتح الحدود هنا بمعناه السياسي، ولكي أكون واضحا لا بد من دعم موقف المقاومة العراقية في مواجهة قوى الاحتلال والهيمنة بكل أشكالها ولعلها مناسبة تذكير النظام السياسي في الرياض بأنهم خسروا مكانتهم ودورهم في قوى المقاومة اللبنانية فانسحبت المقاومة أو اختطفت من قبل إيران، لان العرب وخاصة السعوديين لم يكونوا معها على تواصل، كما أنهم اليوم يخسرون المقاومة الفلسطينية واعني حركة حماس والجهاد الإسلامي وهذا كله يجير لصالح إيران.
من الضرورة الوطنية والقومية أن تعيد القيادة السعودية النظر بشكل موضوعي وحاسم في كل ما يتعلق بالمقاومة العراقية. لقد ارتكبنا نحن العرب أخطاء جسيمة في حق العراق عندما أعنا كل قوى الشر على حصاره لأكثر من ثلاثة عشر عاما، وأعناها على احتلال العراق وتنصيب حكومة من المرتزقة وطوابير الغدارين بوطنهم، وأعناهم على الاعتراف بكل ما نتج عن الاحتلال، فلا ينبغي لنا اليوم أن نغض الطرف عن أهلنا في العراق بل يجب دعم مقاومتهم ونصرتها في المحافل الدولية..رغم رفضي المطلق للعملية السياسية الجارية في العراق اليوم، لكنني لا أدعو القيادة السياسية في الرياض إلى رفضها لكني من القائلين أن هذه العملية تجري لصالح قوى لا تقبل بها القيادة السعودية ومن هنا تأتي الدعوة للقيادة السعودية أن تسير على نهج ترويض العملية السياسية لصالح العرب على أن لا تهمل دعم المقاومة بكل الوسائل.
إيران لها مشروع قومي ايراني في منطقة الشرق الأوسط وهذا حقها بل واجبها تجاه شعبها، لكن في المقابل يجب أن يكون للمملكة العربية السعودية مشروعها القومي في الشرق الأوسط وهي مسؤولة أمام الشعب العربي من المحيط إلى الخليج عن تحقيقه ذلك المشروع الذي انشده يرتكز على نصرة المقاومة الوطنية ضد الاحتلال أو الهيمنة الأجنبية في كل قطر عربي، وبناء قوة ردع عربية بالتعاون مع كل من يهمه شأن امتنا العربية من القادة العرب لمواجهة كل الطامعين في الهيمنة على إرادتنا ومواردنا وسيادتنا الوطنية.
آخر القول : الوفود العراقية المتوافدة نحو الرياض هذه الأيام خدعة سياسية فاحذروا ولتكن أعينكم على المقاومة كسلاح سياسي في مواجهة دبلوماسية ' التقية'.