المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( الشّاعر الجوّال ) شعر : د. شاكر مطلق



الدكتور شاكر مطلق
29/04/2010, 12:49 PM
التْروبادور الشّرقيّ
( الشّاعر الجوّال )


د. شاكر مطلق

أنا شاعرٌ من دون تاجٍ (*)
دون سيّدةِ القصورِ
أُرتِّلُ الأشعارَ وحدي
للرّياح وللقـَصبْ ...

أينَ الأميرةُ يا رياحٌ ؟
أينَ شُرْفـتُها المُضاءَةُ ؟
فالفوارِسُ ينشدونَ
إلى الخريفِ بلا نديمٍ
أو حبيبٍ مُرتَقَبْ ...

زمنُ البراءَةِ يَقـتَفينا
يَسألُ الفِطْريَّ فينا
لو نعودُ إلى المراعي
مثلَ قطعانِ الوعولِ
نجولُ في ليلِ الخِصابِ
بدون خوفٍ أو تعبْ
وبدون قيثارِ الذّهبْ ...

جابَ المغنّي في الجهاتِ
ولمْ يجدْ إلاّ قصوراً
فارغاتٍ ، نائحاتٍ
مثلَ عيدانِ القَصبْ ...

راياتُـنا صارتْ غباراً
كالتّراتيلِ العتيقةِ
في الهزائمِ راكعاتٍ
تحتَ خيلٍ من خشَبْ ...

لِمنْ القصائدُ في يدينا
والأميرةُ في السّبايا
والمغنّي دونَ عودٍ
مثلَ ثورٍ في غضَبْ ؟...

سِرْبُ الإوزِّ يمرُّ ليلاً
صارخاً فوق المراعي
قاصداً أفْـقاً جديداً
بعْد أن مَلَّ البقاءَ
على مروجٍ مِن حَطبْ ...

فعلامَ تأسرُكَ الأميرةُ
في دهاليزِ الرِّغابِ
مع القوافي الذَّابلاتِ
بدونِ أوتارِ الغناءِ
على سريرٍ مِنْ ذهَبْ ؟
هلْ صرتَ عبداً كالقَطيعِ
وكنتَ عِجْلاً مُرْتَقَبْ ؟...

لوحُ الوصايا في يديكَ
فحطّمِ الألواحَ واكتبْ
ما تبقّى فوقَ روحِكَ
من أناشيدِ الصّحارى
في مزاميرِ التّعَبْ
فلَربَّما تأتيكَ ليلاً
ربّةُ الشعرِ العَصِيِّ
بلا رداءٍ كالخيولِ
تعيدُ أمجادَ القَصيدْ
وتعيدُ ذاكرةَ الطّربْ ...

أوّاهُ يا شِعرَ العربْ
كمْ مرّةٍ جئنا عِِطاشاً
دون أن تَروي العِطاشَ
الظّامئينَ إلى التّجلّي
في الكُشوفِ أو الحروفْ .
هلْ نحنُ نبعٌ َقد نَضَبْ
أمْ أنّنا صرنا قصَبْ ؟! ...
==============
(*)- فكرةُ ( البيت ) الأول مأخوذةٌ عن شاعر الـ " مينه " الجوال - ( تروبادور ) "هاينرش فون مورونغِن- H.v.Morongen " الذي ولد حوالي العام 1170 وتوفي ما بين ( 1228 -1230 ) :
(من ترجمتي للمقطع الأول لقصيدة طويلة له ، ذات مقاطع ثلاثة – مكتوبة بالألمانية نصف الفصيحة- يقول في مطلعها ) :
أنا قيصرٌ من دون تاجٍ وبلادٍ
===================
حمص - سورية 15/3/2008 د.شاكر مطلق
E.Mail:mutlak@scs-net.org