المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغرفة رقم 14



مالكة عسال
06/03/2007, 02:59 AM
الغرفة رقم 14
وصلت العيادة في الوقت المحدد ،ناولت المسؤولة أوراقي،فأومأت برأسها ، مشيرة بإصبعها للصعود إلى الطابق الأول ..فعلت .. إذا بحمامتين خلفي ...صراحة غلبني وصفهما ...
الأولى ممشوقة كالسنبلة ،شقراء ،عيناها كمحبرتين .زادها اللباس الأبيض لحافا من الضوء ببهاء آخر ،والثانية مكتنزة ،سوداء الشعر ،بيضاء البشرة ،تتمطى على وجنتيها وردتان تشتعلان حمرة أضفت سحرا مبينا ...هما معا مغموستان في لجة الهدوء ،ينط من أعينهما وحي ذكاء ،وجدية ..أميرتان دون مبالغة ...فاهت الشقراء :
- هذه غرفتك رقم 14 تفضلي
..فضاء جاهز على أعلى مستوى ..ستائر .. أفرشة ملونة .مدفأة محكمة .. نوافذ مفتوحة ..رائحة معطر الجو تتضوع في الجنبات ... تقدمت المكتنزة بخطوات ملائكية ،يضرب ملامحَها شعاع ماسّي مِن بين شفتين منفرجتين عن أسنان رخامية ،نطت كلماتها الرقيقة تنديها ابتسامة حريرية:
- انزعي ملابسك وارتدي هذه .
وأشارت إلى منامة بيضاء تلُف ساعدها الدمقْسي وأضافت:
- ارتاحي ،أريدك أن ترتاحي .
بدَدت أعضائي على ظهر السرير ،أغمضت عيني ،مستسلمة لنواقيس الشرود تعبث بالذاكرة ،أغرف من جذوعها شرائط سينمائية :المرموز منها والواضح ...غابت الشقراء هنيهة ،ثم عادت تحمل صندوقا على نمط علبة زينة النساء ،أو حقيبة مُقاول ... بحركة خفيفة فتحتْه ،وأخرجتْ من بطنه ملصقات شبه دوائر ، منها المشدودة بخيوط ومنها المتحررة ..طفقتا معا في ضمْد الملصقات على مواطن جسدي ..راودني سؤال وأنا داخل الشبكة العنكبوتية من الخيوط " ماذا سيفعل بي هذان الملاكان ؟هل سيحولاني إلى إنسان آلي ؟"
..........أمرر عيني بدهشة في حركاتهما المتلاحقة ..الصمت يطبق على الغرفة اللهم خشخشة الملصقات ،وفحيح الصندوق إثر قيامه بوظيفته الكهربائية ...غادرت الممرضتان الغرفة بعد إغلاق الباب وراءهما ...لم أحسّ ساعتها بشيء ،غير أسئلة استنباطية مُلِحّة تعتريني من حين لآخر مقتحمة عزلتي في فضول ...عادتا تختالان برهيف الخطو ..فتحتا الباب بدفء ،وبصوت مهموس نقرت الشقراء باب الدردشة :
- هل ارتحت؟
وقبل أن أجيب أضافت المكتنزة :
- نحن استضفناك ،وسنُكرِمك الليلة ..أليس كذلك ؟
رَدّي كان ابتسامة خاثرة لا غير ...
نزعتا الملصقات بتوأدة ،وكأنهما أمام رضيع يغنج على سبل الوقت ...جمعتا الصندوق . لحظات... وسرير متحرك في اتجاهي من طرف ممرضة ثالثة ..
- هيا أختي تعالي هنا قالت الشقراء ..
لملمت أشلائي ،وفعلت ..السرير يتدحرج ،وأنا أحملق في أركان المستشفى : الأسقف ،الجدران والأسوار تزحف حذائي نحو الخلف..يُفتح باب المصعد ..يُغلق ..انعطاف ..نزول ..أنا الآن في غرفة العمليات أو المجزرة هكذا سميتها . أين هي من الغرفة رقم 14 بلونها الأبيض ،وأفرشتها الزاهية ،ونوافذها العريضة ،وستائرها المسدلة في رخاء؟ ..مقبرة ،أو كهف لا أدري ..لون عبوس مكلل بالقنوط ..وزعت ناظري في تضاريسها :مناديل ،مَقاصّ،مشابك ،صناديق معلقة على الحائط تجهر بعملها . خيوط : المعقوفة منها والمسربلة ،وأشياء أخرى أجهل أسماءها ...أشخاص بلباس أخضر يهرولون ،يدخلون من هنا يخرجون من هناك ...شيء غريب بدأ يدب في جسدي تحت هالة حيرة منتابة ...قوائم بعناوين بارزة اخترقت شاشتي :
- قائمة أمراض متفاوتة الخطورة علاجها دواء واحد هو الأسبرين .
- قائمة مرضى فقراء أمام باب مستشفى، يُخلى سبيلهم إلى موعد لاحق متخن بأسماء أخرى ،فينتظر المريض دوره إلى أن يلقى حتفه ..
- قائمة أصحاب الحوادث ،يُرمَون في زاوية كالزبالة ،يلعقون جراحهم ..
- قائمة الأخطاء الطبية :زيادة جرعة مخدر ..نسيان أشياء في جسد المريض ، كسر مشرط
أو إبرة في عضو من أعضائه ...
رعشة ..زفرات ..ثم العزيمة على الاستسلام كيفما كانت النتائج .."لم الخوف يا آدمية ،الأسباب متعددة والنهاية دائما واحدة ؟ فقبلك من استسلم للذبح كحتف معلن عنه ولم يرتبك ..وآخرون قدموا أعناقهم على طبق من الشهامة ،لتنفصل رؤوسهم على أجسادهم ولم ينتبهوا ،وبين ذا وذاك مَن ديست عيالهم بالنعال أمام الأعين ،و انهدت بيوتهم على جماجمهم ، ودار لقمان مازالت على حالها ،وأنت تعيرين لأمرك البسيط كل هذا الاهتمام ؟" كفي كفي ..
اقترب مني شخص فارط الطول عريض المنكبين ،انحنى قليلا هاتفا :
- ماسمك؟
- فلانة
- هل أنت متزوجة
- نعم
هل لك أبناء ؟
- اثنان
ثم توارى ..برهة من الزمن ..أقبلت ممرضة وطرحت أسئلة من نوع آخر ، "يانهار الأسئلة الذي لن تغيب شمسه ..خلصوني مما أنا فيه" .. فتحوا بابا حديديا ..أدخلوني بسريري المتحرك ،
جمعوا شعري بمنديل أخضر ..طبيب ومرافقان ينتظرون الوليمة ،قال الطبيب :
- هل أنت بخير؟
- نعم
- هات يدك
"يظهر أن الأمر دخل الجدية الآن "، مددت يدي ،شكّها بإبرة ذات رأسين :وردي وأزرق فاتح اللون ...صمت مطلق يعقبه طقطقة بعض الأجهزة الحديدية ،جُلتُ بناظري في الأرجاء ، في السقف ... إذا بي أنهض :أرمي الأغطية أسفل السرير، أنزع المنامة ،ألبس لباسا أخضر ،أضع لثاما ،وبقوة خارقة جذبت الطبيب مستسلما خاضعا ..انهلت عليه بلكمة عنيفة أغمِي على إثرها ..وضعته على السرير ،أخرجت من الدرج مقصا كبيرا وسكينا ..بقرت بطنه بسرعة شديدة ،نزعت قلبه ،فتحول بين يدي حدأة كبيرة ،رفرفت مخترقة الجدران إلى الخارج .استأصلت الرئتين ،فطارتا لقلاقين بنفس الطريقة ..أخرجت أمعاءه ،فإذا هي ثعابين تتحرك مفزوعة هاربة ..شلال دم يتدفق دون توقف ..اِلتفتّ إليَ : جسمي ضخم ،شعري أشعت ،عيناي جاحظتان ،لعابي يسيل ،...الدم يملأ صحن الغرفة ،أكفكفه بيدي فلا ينحبس ،..يتملكني الرعب ...وصل الدم نصفي ..أحاول فتح الباب يعاندني ..أروم الحائط لأخترقه يعاسرني ...الدم في صعود مطلق ..يصل عنقي ، أصيح ملء حنجرتي طالبة الإغاثة ،لاطمة بكلتي يدي الجدران ..لا أحد يرد ..صوت غريب .. المريض ينهض ..تتجمع أجزاؤه..يبرح السرير على صورة شبح ،يغادر الغرفة مخترقا الحائط ...يغطي الدم سائر جسمي ،وأنا اصرخ وأنط ...لامَسَ رأسي السقف،دفعت بقوة ، أحدثت ثقبا ...رأيت الشمس ..تنسمت الهواء ...إذا بي وسط الزملاء في الغرفة رقم 14 أترنح على أنيني أوجاعي .
بتاريخ 31/1/2007

مها النجار
21/03/2007, 01:18 AM
أكان حلم
أم حقيقة

يااااااااااااااااا ه رحلة طويلة في البداية اعتقدت أن البطلة دخلت مركز تجميل وليس مستشفى

وبعدها اختلط الحلم بالحقيقة المرة من فقراء البشر في عالمنا الثالث في رحلة المعاناة والبحث عن الشفاء
فى عالم البعض يأ خد في كل شئ والبعض محروم من كل شئ حتى من قرص الأسبرين

وبعدها رأيت الحقيقة والحلم يترنح فى الغرفة رقم 14

قصة في غاية الإثارة

سلمت يدك
مهــــا

عبدالرحمن الجميعان
21/03/2007, 11:46 AM
القصة طويلة فيها التفصيلات التي لا تحتاجها القصة ولا يستفيد منها القاريء، هي سرد يتوحد فيه الكاتب والسارد، كأنها سيرة ذاتية، ولكن مع هذا ومع وجود الأدوات الجيدة في يد الكاتبة وقدرتها على القص إلا أنها لم تضع امكانياتها الابداعية في الصياغة القصصية في هذا النص.. تحياتي وتقديري

مالكة عسال
27/08/2007, 12:22 AM
القصة طويلة فيها التفصيلات التي لا تحتاجها القصة ولا يستفيد منها القاريء، هي سرد يتوحد فيه الكاتب والسارد، كأنها سيرة ذاتية، ولكن مع هذا ومع وجود الأدوات الجيدة في يد الكاتبة وقدرتها على القص إلا أنها لم تضع امكانياتها الابداعية في الصياغة القصصية في هذا النص.. تحياتي وتقديري
اخي عبد الرحمان تحياتي لك
أنا لاأدري حين يتدخل شخص ما للتعليق يرمي كلمات على رؤوس الأصابع
ويغادر،دون برهنة أو إعطاء حجج مقنعة تخدم النص الأدبي ويترشد بها القارئ في نفس الوقت
ولو أن تدخلك أخي من باب القراءة الانطباعية التي تستجيب لها ،فيجب التعمق في ردك وإعطاء
عينات من الأدلة من النص نفسه ليقتاد القراء بها .هذا من باب ومن باب آخر هل في نظرك للقصة معايير فنية
موحدة يمكن اتخاذها نموذجا؟ وماهي المقاييس التي استندت عليها في رأيك لتجرد النص من إمكانياته الإبداعية ؟
وماهي على وجه التحديد ؟ فالقصة كما حددتها مختلف الاتجاهات النقدية لاتوجد القصة النموذج إطلاقا ..ولاتعريف
لها لامن حيث الهيكلة .،ولاالشكل ولا الموضوع ولا حتى الفكرة،فكل كاتب له طقوسه ومعجمه وطريقته وتصميمه
تختلف من كاتب إلى آخر بطبيعة الحال ..وعليه فأرجو التركيز في إعطاء الملاحظات مع التوضيح بالبرهان
وأدوات علمية منطقية تحتكم إلى الموضوعية ،وبعد النظر من زاويتك الخاصة بالطبع ..
تحيتي

مالكة عسال
27/08/2007, 12:24 AM
أكان حلم
أم حقيقة

يااااااااااااااااا ه رحلة طويلة في البداية اعتقدت أن البطلة دخلت مركز تجميل وليس مستشفى

وبعدها اختلط الحلم بالحقيقة المرة من فقراء البشر في عالمنا الثالث في رحلة المعاناة والبحث عن الشفاء
فى عالم البعض يأ خد في كل شئ والبعض محروم من كل شئ حتى من قرص الأسبرين

وبعدها رأيت الحقيقة والحلم يترنح فى الغرفة رقم 14

قصة في غاية الإثارة

سلمت يدك
مهــــا
رد يدل على أن الأخت ماها عاشقة للقصة بامتياز