المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "السُلـْطـَة و ضُرَّتـُــهَا" ثـُنـَائِي يُريدُ الإمْسَاكَ بالظـِلِّ في ظـِلِّ "العَوْلـَم



علجية عيش
03/05/2010, 01:02 PM
"الصُّحُفـِي" بين جُرْأةِ الكتابَة وقيود "النـِّظـَامِ"

"السُلـْطـَة و ضُرَّتـُــهَا" ثـُنـَائِي يُريدُ الإمْسَاكَ بالظـِلِّ في ظـِلِّ "العَوْلـَمَة"

إن الصحفي الموهوب لا يمكن أن يفارق قلمه مهما كانت تبعاته و هو في رحلته عن الحقيقة، يرحل معه إلى حيث "المغامرة" يتحول فيها إلى "دونكيشوت " زمانه، يتخطى عبر ألأحرف و الكلمات و ألسطر الصفحات مستنقع التفاهة، فمن خلال اللغة الشفافة يكون الإنفجار ألإعلامي الذي يوقظ التاريخ، و في عصر التحول يشكل العالم الجديد، يزول فيه الإنسان "المأزوم"، لأن الصحافة حركة ثورية تحاول أن تخرج المجتمع من "الهامشية" من " الإنكماش" و من "الفردية"

يعتبر القرن الثامن عشر قرن الثورات من أجل التحرّر ، فيه اتسع صدور الصحافة، و لعب فيه الإعلام دورا كبيرا ، و بالأخص في البلاد العربية ، كانت اسماء الصحف العربية تحمل اسماء طريفة مثل: حديث الأخبار، مرآة الأحوال، نزهة الأفكار، أما الجرائد التي تسمى بـ: (الفجر، الزمان، الوقت، الصباح، الأيام، المنار، الحضارة ، الترقي و غيرها) فهي اسماء مترجمة عن اسماء الصحف الأجنبة، و قد ساهمت الحروب في ان يحتل الصحافيون في جميع أنحاء العالم مكانا مميزا لهم ، نظرا للحرية التي كانوا يتمتعون بها، مما دفع البعض الى فرض قيود على الصحفي و النظر الى حريته على أنها تعدي على حرية الآخر، و من ثم طرحت مشكلة الرقابة على الصحف، و بدا مسلسل الإعتقالات و المتابعات القضائية للصحافيين، فالقوانين كلها تكاد تكون متشابهة من حيث تقيييد حرية الصحفي في كشف اسرار "النظام"، و فضح ممارسات "الحكام"، لاسيما في الأمور التي ترتبط بمصلحة الدولة و الشعب مثلما هو الشان بالنسبة لقضايا "الفساد"..
فلا احد ينكر أن التطورات التي شهدها العالم مست الإعلام بشكل جوهري جعلته يعيش تحولات جذرية وفق العقائد الإعلامية الموجودة لاسيما الغربية منها التي تؤمن كما يقول الخبراء الإعلاميون بـ: "التدفق الحرّ للمعلومات" على جميع المستويات ، باستثناء دول العالم الثالث التي كانت ترى أن هذا التدفق لا يخدم مجتمعاتها، الأمر الذي دعا بحركة عدم الإنحياز الى إقامة نظام معلوماتي جديد ، على شاكلة النظام الإقتصادي الجديد، و رسم استراتيجية إعلامية "إنمائية" و جعلها من المسائل البالغة الدقة و الخطورة.
و مع بداية القرن العشرين عرف الإعلام "ثورة إعلامية" كانت اكثر تاثيرا من الثورة الصناعية بسبب الإنتشار الواسع للمعلوماتية التي منحت للعالم مجتمعا يختلف عن المجتمع الإقطاعي و المجتمع الصناعي الرأسمالي، بفضل ذلك الجهاز الصغير الذي يسمى بـ: ( الكمبيوتر) فقد جعل هذا الأخير الثورة الإعلامية تحتل المرتبة الثالثة بعد الكتابة الطباعة، بدليل ان العالم اليوم على عتبة تحول لا سابق له في التاريخ..
الإعلام في وقتنا الحاضر اصبح كلاعب كرة ، وُجِّهَتْ له البطاقة "الحمراء" لأنه استطاع ان يمحو عقائد و يُسْقِطَ نظريات برمتها ، ومهد لظهور "الكوخ الإلكتروني" و من خلاله لا يُسْمَحُ للمعاملات الورقية في اي مكتب..، يرى الخبراء الإعلاميون أن المشكلة لا تكمن في أن عصر الصحيفة الورقية بدأت تشق طريقها نحو الإنقضاء فهي آيلة الى الزوال عاجلا أم آجلا، لأن عصر الفرد قد انتهى، و أصبح العصر عصر المجموع ، لأن الصحف الورقية اصبحت قائمة على أساس الربح المادي لا غير..
و بالعودة الى تاريخ نشاة الصحف نجد أن ورود كلمة "صحف" في القرآن الكريم لدلالة على قدسية المهنة و قلم صاحبها، ( إن هذا لفي "الصحف" الأولى "صحف" إبراهيم و موسى) من سورة الأعلى و كانت هذه الأداة موضع قسم، ( ن ، و القلم و ما يسطرون) صدق الله العظيم، و الصحف القرآنية هي الصحف التي انزلها الله تعالى على انبيائه و رسله عن طريق روحه الأمين (جبريل)، ولمتتبع لقـَصَص ِ الأنبياء ِ عيهم السلام يقف على مظاهر عديدة في حاربة الشرك الظلم و الفساد و رفع المظالم، التي تشكل ثابتا في عملية "التغيير"، سواء تغيير للنظام أو التعاون مع الحكم و استخدام اسلوب النصح أو بناء قواعد و مرتكزات ( دينية، سياسية، اجتماعية، اقتصادية أو اجتمعاية)..
كانت الزبور و التوراة و الإنجيل و القرآن كلها كتب أو "صُحـُفٌ" أرسلت الى البشرية من أجل "التبليغ" و "التغيير" ، فكان لكل نبي او رسول اسلوبه في ذلك، بدءًا من ابونا ابراهيم، و لوط، سيدنا نوح عليه السلام، كما نقف مع قصة ياجوج و نماجوج، ثم نقف عل قصة سيدنا أيوب و يوسف و كيف كانت خطة اوود في ملاقاة جالوت و جنوده، و نقرا قصص سيدنا سليمان و يسى ابن مريم العذراء و"كلمته" الإنجيل الذي صدق ما بين ييه من التوراة، الى حين مجيئ العملية التغييرية التي قام بها سيدنا محمد صلى الله و على آله و صحبه و سلم، المتحرك بالقرآن في إدارة الصراعات، أليس من واجب حامل "القلم" سواء كان كاتبا أو صحفيا أن يسير على هذا النهج في محاربة الفساد و تنوير الراي العام، ويواجه به "عضلات" الدولة الطاغية و نظامها الفاسد خاصة في بلاد الإسلام..
إنه من دون شك أن استحداث التغيير يكون من خلال "الجماهير" و إخراجها من حالة الركود و الجمود اللامبالاة التي تطبع الغالبية من الناس، و ذلك حتى يتآكل الظلم و يتضاءل، و لهذا ربما آن الأوان الى القول أن الصحافة في ألألفية الثالثة في حاجة ماسة الى مناخ ديمقراطي نظيف و صافٍ..
الخبراء الإعلاميون يرون أن هذا الجو يترتب عنه عدة اعتبارات ، أهمها وجوب الإعتراف بحرية التعبير في مداها الأوسع، اي حرية انتقاد الحكومة و سياستها و خوضص مناقشة حادة بشان جميع ألأمور التي تهم المصلحة العامة، و عرض الوقائه ذات الأهمية للشعب ، و عدم إخضاعها للرقابة كونها توقم بدور المُرَاقِبِ، و السؤال الذي ينبغي أن نطرحه في هذا المقام هو : كيف يُخْضَعُ المُرَاقِبُ الى الرقابة؟ فلا يعقل أن يكون المُرَاقِبُ مُرَاقَبًا..
إن الصحافة كسلطة تقف اليوم أمام "ضرتها" السلطة ندًّا للندّ و كل واحد منهما يحوال أن يمسك الظل بيديه في ظل "العولمة" التي يسيرها رجال المال، يستغلون الأقلام و يؤجرونها، حتى لا يمون ألإعلام منبرًا حرًّا، وربما نقف مع موقف الإعلامي الخبير اسماعيل معراف عندما قال : "كم من سياسي عَقـَّدَتْهُ الصحافة و جعلت حياته جحيما لا يطاق، و كم من زعيم حزب استطاعت الصحافة ان تُقَزِّم من دورهِ و تجعله يعيش على هامش الأحداث ؟"
فالصحفي الموهوب لا يمكن أن يفارق قلمه مهما كانت تبعاته و هو في رحلته عن الحقيقة، إلى حيث "المغامرة" يتحول فيها إلى "دونكيشوت " زمانه، يتخطى عبر ألأحرف و الكلمات و ألسطر الصفحات مستنقع التفاهة، فمن خلال اللغة الشفافة يكون الإنفجار ألإعلامي الذي يوقظ التاريخ و يعيد عجلته الى الوراء، و في عصر التحول يشكل العالم الجديد، يزول فيه الإنسان "المأزوم"، لأن الصحافة حركة ثورية تحاول أن تخرج المجتمع من "الهامشية" من " الإنكماش" و من "الفردية" يبحث فيها الصحفي عن عقيدة مفقودة، حينئذ تتساقط كل المشكلات العالمية كقشور يابسة و تسمو ألإنسانية فوق الفروق مادام العالم مـُلْـكٌ للجميع..

أنظر في ذلك:
- رؤيتنا الإنمائية الإنسانية المستقبلية إشراف الدكتور حسن ثعب طبعة أولى 1985 منشورات نجوات الدراسات الإنمائية
- الصحافة تاريخا ، و تطورا و فنا و مسؤولية للدكتور بشير العوف طبعة أولى 1987 بيروت
- في نظريات التغيير للدكتور منير شفيق طبعة أولى 1994 و طبعة ثانية 2005 بيروت
- الإعلام حقائق و ابعاد للأستاذ اسماعيل معراف باحث جامعي جزائي استاذ مكلف بالدروس طبعة ثانية 2007



علجية عيش بتصرف