المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السِّفاح



محمود قحطان
14/05/2010, 08:23 AM
http://img132.imageshack.us/img132/6582/5290046ef2625x625.jpg (http://img132.imageshack.us/i/5290046ef2625x625.jpg/)
ماذا جرى..؟!
لِمَ لمْ تقلْ شيئًا يمزِّقُ صمتَنا؟
أوليسَ عندكَ ما تقولْ؟
أجهشتُ بالنبأِ الخفيِّ على وسادةِ حبِّنا
سرَّجتَهُ فوقَ الخيولْ!
عبأتَ كُلَّ مشاعري..
في قفلِ بابِ ضياعِنا
ما عُدتَ تأذنُ بالدخولْ..!
* * *
- فقط اخرجي..
ولتكسري..
كُلَّ المرَايا الكاذباتِ على جدارٍ ضاقَ ذرعًا
حينَ دارَ بِخدعَةٍ مثَّلتِها
وجرارَ خمرٍ دافئٍ في مَنجمٍ غافٍ على حُمَّى..
تلطِّخُ بزَّةَ الوهمِ الكبيرْ
في سلَّةِ الأقْداح في حُضنِ الصِّحافِ وفي صحاري..
سيَّجتْ صَدَأَ المسيرْ
- ها أنتَ جئتَ لترتدي وجهًا خبيثًا مستعارْ
وجعلتَ سهمَكَ مائِرًا
فرحلتُ خلفكَ أقتفي آثارَ غدرٍ غائرٍ
أطعمتَني.. وجَعًا ونارْ
ها أنتَ جئتَ لتمتشقْ عُنقي، فتغدو ظالمًا
تَنسلُّ خيطًا نافرًا من ذيلِ ثوبي هاربًا
فكسيتَني عُريًا..
وعارْ!!
* * *
سدَّدتَ سوطك صوبَ بؤسي صابئًا
وتُعضُّ أعناقَ الضميرْ!!
أوَ كنتَ تحسبُ أنَّني..
سيجارةٌ عبَرتْ شفاهكَ أو سريرْ؟
كوليمةٍ تقتاتها في لحظةِ الجنسِ المُثيرْ؟
أو جيفةٍ، شيئًا كريهًا أو حقيرْ؟
نفَّضَّتني.. منْ مقلتيكَ رميتَني
وشرَعتَ تصعدُ مثلَ وحشٍ شاردٍ شُرُفاتِ عرشي
كي تدورَ بشوكتِكْ
نكَّستني.. وسكبتَ أيَّامي التي كدَّستُها
وفرشتُها تختًا إليكَ لتعتلي
كُلَّ السَّحابَ لشهوتكْ
عرَّيتني.. ونسجتَ من جَسدي غِطاءً واسعًا كي يستُركْ
والليلُ يشهدُ سطوتكْ
طفلُ الخطيئةِ يختبئ ما بينَ فخذيَّ الطليقةَ كالضَّرير
فلما تكن ذئبًا كبيرْ؟
* * *
أنا كاذبةْ
لن أشرخَ الجسدَ الذي قبَّلتهُ
حتى وإنْ كَـثُرتْ حقائبُ خيبتي
ما عادَ ليْ غيرُ الهزيمةِ
غيرَ أنْ أعلو براياتِ انكسَاري
ما عادَ ليْ غيرُ انهياري
قد مسَّني شرَكُ الحنينْ،
لكنَّني..
لمْ يبقَ ليْ.. غيرُ المنافي في فحيحِ الفُحشِ أفواهُ انفرَادي
لم يبقَ ليْ.. غيرُ التَّمادي في مِدادِ الدَّارِ أوديةٍ تُعادي
لم يبقَ ليْ.. غيرُ المصائبِ والمذابحِ والبروجِ الهاوياتْ
لمْ يبقَ ليْ.. إلاَّ غليلَ الأمنياتْ
* * *
وتقولُ: "امضِ الآنَ عنِّي خارجًا"!
الآنَ تختلجُ الشِّفاهُ إلى خريفِ الليلِ والنَّبضِ الحزينْ
الآنَ تنهشُ ما تبقَّى.. منْ رغيفِ الحبِّ منْ عُشبِ الحنينْ
الآنَ تمشي فوقَ شاطئ ذكرياتي..
تقذفُ الدِّفلى وزهرَ الياسمينْ
فيموتُ في كفي اليقينْ..!!
ثديِّ الذي يرتجُّ حينَ تُحاورُهْ
قدْ طوَّقتكَ دوائرُهْ،
فنزعتَها..!
صدري الذي يمَّمتَ وجهكَ شطرهُ ..كي تَسكُنَهْ
عرَّشت بين جنائنِه،
فحرقتَها..!
خَصري الرهيفُ لهثتَ في فردوسِهِ
ونبشتَ كُلَّ مضائِقِهْ
ونحتَّهُ.. مثلَ النُّبوةِ هيكلاً،
كذَّبتَها..!
شَعري الذي ضفَّرتَهُ
وصَهلتَ في أحشائِهِ
وجعلتهُ تاجًا إليكَ وخيمةً .. وجلستَ تحتَ مُروجها،
هدَّمتها...!!
ويدي التي أرهقتَها بعبادتكْ ..
صلَّيتَ فوقَ رُخامِها
مثلَ الحجيجِ تبعتَها،
قطَّعتها..!
وعلى بياضِ العينِ تكتبُ دمعةً
كانتْ طلاءُ أظافري،
فقصَصتَها..!
* * *
يا سيِّدي.. آهٍ وكلَّا
لا تظنَّ بأنَّني .. قدْ بتُّ أُحصي كُلَّ أطلالِ الحطامِ
أو أنْ تُفكِّر كيفَ أغدو ..
دونَ ضخِّ الصَّبرِ في جَسدِ الأماني
أو أن تظنَّ بأنَّني في الأرضِ قبر ٌ شاحبٌ ..
أو جُثةٌ تُعلي مآذن فوقَ أضرحةٍ تُعاني
يا سيِّدي... ما رفَّ ليْ دَمعٌ ولا أذرفتهُ
في سُرَّةِ الليلِ الكئيبِ على شواطئ تستقي غدرَ الزمانْ
ما عُدتَ تُلهمُني الأمانْ
* * *
الآنَ جئتُ لأشكركْ
شكرًا على عذريتي حينَ انحنتْ
شكرًا على ذاكَ الجفافَ فإنَّني
أطوي على خطوِ الرِّياحِ المطفآتِ
الطافحاتِ..
الطائفاتِ..
الطافياتِ فجيعتي..
حينَ ابتدتْ
شكراً إليكَ وإنَّني..
لنْ أطلبَ النَّصرَ المزيفَ منْ حواري شاطئيكْ
يا وارثًا إبليسَ يا مُتكبِّرًا
يا منْ بِحبِّكَ قد كفرتْ
أيقنتُ أنَّكَ لستَ إلا مارقًا
يا منْ شممتُ النبضَ تحتَ عروقِهِ،
حتَّى ندمتْ..!!


][م ـح ـم ـو د][

أحمد نمر الخطيب
14/05/2010, 11:24 PM
نص مُسيّج
بأبنية تتقاطع معها
الرؤى
لتشكل في هذا النفس الطويل
دوائر متشابكة
كلّ دائرة تتقاطع مع أختها معنويّاً وماديّاً
أخي الشاعر الجميل محمود قحطان
ودي
وتقديري
سعدتُ أنني كنتُ هنا

عبدالحكم مندور
15/05/2010, 12:22 AM
الشعر ينقل الحياة
وقد أجدت هنا تصوبر حالة
ورسمت ملامحها بريشة دقيقة
وقدمت مشاهدها بألوان معبرة
خالص تحياتي وتقديري

سعيد عبيد
17/05/2010, 02:42 AM
سلام الله عليك أخي الشاعر محمود قحطان، نص محكم محموم العاطفة، زاخر بالصور المناسبة... شكرا لك.
أرجو فقط الانتباه إلى ما أظنه أخطاء مطبعية تكسر لديها بحر الكامل الجميل، كـ "فلما تكن ذئبا كبير" و "في سرة الليل على شواطئ تستقي"، وغيرها.
تحياتي وودي.

محمود قحطان
18/05/2010, 04:50 PM
- أحمد نمر الخطيب،

أستاذي القدير
سعيدٌ بمروركَ،