المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترى من المسؤول عن أعمال الفوضى والقتل التي شهدتها مدينة أوش القرغيزية ؟ بقلم : رضا سالم



رضا سالم الصامت
12/06/2010, 10:49 PM
ترى من المسؤول عن أعمال الفوضى والقتل التي شهدتها مدينة أوش القرغيزية ؟
بقلم : رضا سالم الصامت
كانت قرغيزيا تراقب باهتمام عمل اجتماع وزراء خارجية دول شنغهاي الذي التقوا في العاصمة الأوزبيكية طشقند بعد ثلاثة أيام فقط على أعمال الشغب الأخيرة في جلال آباد القرغيزية. ولم يكن مصدر الاهتمام لمجرد أن السماح بمشاركة ممثلين عن الحكومة القرغيزية المؤقتة في الاجتماع يدل على موقف دول المنظمة، التي تدخل فيها روسيا والصين وكل جمهوريات آسيا الوسطى باستثناء تركمانستان، من هذه الحكومة، بل كانت قرغيزيا مهتمة أيضاً بوجود أو عدم وجود ردة فعل أوزبيكية على أعمال الشغب الأخيرة في جلال آباد جنوب قرغيزيا
يُذكر أن أعمال الشغب التي شهدتها جلال آباد يوم 19 أيارمايو2010 وتحطيم جامعة صداقة الشعوب، عندما طالب المتظاهرون بتسليم رئيس الجامعة، زعيم الأوزبيك في المنطقة، قادرجان باتيروف للقضاء، أدت إلى سقوط قتيلين وإصابة 70 بجراح. لذلك أعلنت حالة الطوارئ في المدينة وفي منطقة (سوزاكس) المجاورة لها.
ومنذ بداية أحداث نيسان، عندما خُلع الرئيس باكييف، أظهرت أوزبيكستان ردة فعل مناسبة لمثل هذه المواقف، أي قامت بتعزيز حماية حدودها مع قرغيزيا. لكن الآن يُلاحظ على الجانب الأوزبيكي من الحدود انتشار مدرعات وآليات. على خلفية هذا المشهد، تدور أحاديث في العاصمة القرغيزية بأن أوزبيكستان، في حال نشوب نزاع قومي جنوبي قرغيزيا، قادرة على إدخال قواتها في المناطق الخطرة. وعندها سيتحول النزاع الداخلي إلى مواجهة إقليمية.
ومصدر كل هذه المخاوف تعود إلى ذكرى أحداث جرت منذ 20 عام مضت، عندما مات مئات الأوزبيك والقرغيز في مواجهات قومية في مدينة أوش القرغيزية. حينها دخلت القوات التابعة لوزارة الداخلية السوفييتية إلى منطقة المواجهات، لكن لم يستتب الأمن إلا بفضل الجهود المشتركة لممثلين الجمهوريتين (أوزبيكستان وقرغيزيا) السوفيتيتين حينها. ويعرف الجميع أهمية الموقف الإيجابي للرئيس إسلام كاريموف من تلك الأحداث، وكذلك الكاتب القرغيزي عالمي الشهرة شنكيز أيتماتوف، اللذان قدما الكثير ليداوي الأوزبيك والقرغيز جراحهما بعد تلك الأحداث المؤلمة. ومنذ ذلك الحين ما زالوا في أوزبيكستان يحافظون على الذكرى الطيبة للكاتب القرغيزي- العالمي أيتماتوف، حتى إنهم أصدروا العام الماضي بمناسبة 80 عام على ميلاده كتاب عنه بعنوان أيتماتوف للأبد في قلوب الأوزبيكيين.
بعد سقوط الاتحاد السوفييتي شهدت العلاقات بين الجارتين أوزبيكستان وقرغيزيا أكثر من أزمة. وكان استياء كل طرف من الآخر لأسباب مختلفة ومتنوعة: يمر المقاتلون عبر الحدود القرغيزية إلى أوزبيكستان- السلطات الأوزبيكية تقيد الحركة على الحدود بين البلدين- أوزبيكستان مستاءة من بناء سد لتوليد الطاقة الكهربائية في الأراضي القرغيزية. وغيرها من المسائل.
إذن فالمواجهات العرقية بين الأوزبيك والقرغيز في قرغيزيا الكثيرون يرون أنها أحداث بدأت دون تخطيط مسبق بينما هناك من يرى أن ما جرى كان عملاً مدبراً تزامنا مع انعقاد قمة دول منظمة شنغهاي في العاصمة الأوزبيكية طشقند. وتتفق أغلبية التحليلات على أن مجموعات الجريمة المنظمة كانت المشارك الرئيسي في أعمال الفوضى والقتل التي شهدتها مدينة أوش القرغيزية
السلطات القرغيزية الحالية لم تكن مستعدة لمثل هذه الأحداث، إذ أن ممثل الحكومة القرغيزية المؤقتة الجنرال إسماعيل إسحاقوف أقر يوم الخامس من يونيو2010 بأن مجموعات الجريمة المنظمة تنشط بقوة في منطقة الجنوب. وهو أمر متوقع لو أخذنا بالحسبان تصريحات الرئيس السابق لجهاز أمن الدولة القرغيزي أرتور ميديتبكوف لصحيفة روسية أكد فيها أن أحمد باكييف أخ الرئيس المخلوع كورمان باكييف كان يتحكم بمساعدة زعماء مجموعات العصابات المحليين بطريق نقل المخدرات الآتية من طاجيكستان عبر قرغيزيا إلى كازاخستان ومن ثم روسيا ومن هناك إلى الأسواق الأوربية. وكانت علاقة قد قامت بين أحمد باكييف والعصابات المحلية منذ تسلم أخيه الرئاسة عام 2005، حسب بعض المصادر.
وإذا ثبت صحة الرواية بأن قوى تابعة لباكييف أو مؤيدة له تعمل على نشر الفوضى في المنطقة فإن الهدف في هذه الحال واضح هو دفع منظمة الأمن والتعاون للتدخل حفاظاً على الأمن, ومن ثم الاستفادة من وجود قوات هذه المنظمة لعودة الرئيس باكييف على رماح قوات منظمة الأمن والتعاون. إلا أن دول منظمة شنغهاي تظهر عدم وجود رغبة لدى أي منها بالانجرار إلى نزاعات داخلية في هذه الجمهورية الوسط آسيوية، وتؤكد هذه المنظمة أنها سترسل مراقبين خلال عملية الاستفتاء المزمعة في قرغيزيا يوم 27 يونيو 2010-، ما يعني إقرار دول المنظمة بشرعنة السلطات الحالية لحكمها في قرغيزيا.

مع ذلك لا يمكن لأحد اليوم، في قرغيزيا أو خارجها، تقديم ضمانات بأن عملية الاستفتاء وشرعنة السلطة الحالية ستجري في موعدها المحدد، كما لا يمكن لأي كان تقديم ضمانات بعدم تكرار المواجهات قبل وبعد الاستفتاء. بهذا يبقى مصير العملية السياسية في قرغيزيا مجهولاً، ولا أحد يدري ما الذي ستؤول إليه الأوضاع فيها إن نشبت مواجهات عرقية من جديد، لاسيما وأن المواجهات هذه تجري بالقرب من الحدود الأوزبيكية حيث التعزيزات العسكرية على الطرف الآخر من الحدود تخلق حالة قلق من تدخل أوزبيكي فيما يجري.
وهذا كله في المنطقة التي تشكل ممراً رئيسياً للمخدرات الأفغانية وبالقرب من قواعد طالبان والقاعدة في أفغانستان.