المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في حضرة «الزعيم».. عادل إمام!



نصرالله مطاوع
24/06/2010, 08:48 PM
في حضرة «الزعيم».. عادل إمام!
الكاتب: محمد خروب
2010/06/24
ثمة خيط رفيع, يكاد أن لا يُرى, بين الكوميديا والتهريج, ما بالك لو انزلق المرء على النحو الذي يواصله «الزعيم» عادل امام, عندما يلج باب السياسة ويبدأ باصدار الفتاوى التي تطال الحال الراهنة في مصر, كما في فلسطين, وخصوصاً في توصيف القومية واعادة تعريفها..

يقول الممثل الشهير عادل امام في مقابلة مطولة مع صحيفة «المصري اليوم» (22/6).. سيبك من القومية والانظمة العربية.. القومية - يضيف- الزعيم: هي السينما والفن المصري والعربي, ثم يطرح سؤالاً اقرب الى السطحية والتهريج الذي يمارسه على الشاسة الفضية وخشبة المسرح: ... أريد معرفة ماذا يعني مصطلح قومية عربية؟

يبادره صحافيو المصري اليوم بالجواب البسيط والبدهي.. تعني وحدة عربية ومصيراً واحداً وارادة؟

هنا, ينكشف عمق الثقافة التي يتوفر عليها هذا الفنان الذي حصد من الشهرة الكثير, ومن الثروة ما يفوق حلم خريج كلية الزراعة: «.. مصير واحد (يتساءل «الزعيم» في تفجع واستنكار).. قبل أن يستطرد: بمناسبة اِيه.. هناك جزائري ومصري وسعودي ومغربي.. لا يوجد شيء إسمه العربية أو القومية (انها الانعزالية تطل برأسها كما تلاحظون).. وفي اوروبا (يواصل عادل امام) عندما ارادوا تقديم عمل مشترك قدموا الاتحاد الاوروبي ولم يقولوا قومية أوروبية.. ونحن لا نستطيع فعل ذلك (والقول للزعيم) لأن الفوارق كبيرة بين دول لا توفر المعيشة ودول لا تجد من يقطن في الابراج التي شيدتها. يختم إمام «مطالعته العميقة» عن مفهوم القومية, فتتكشف على نحو صارخ الضحالة والتناقض وخصوصاً ادعاء المعرفة ومحاولة التسربل برداء الحكمة..

نعم.. لأن هناك دولاً لا توفر المعيشة واخرى لا تجد من يقطن في الابراج التي تشيدها.. يجب وبالضرورة ان تتواصل الضغوط الجماهيرية العربية, «مدججة» بالنضال الديمقراطي السلمي لدفع الانظمة العربية الى مربع العمل المشترك ولو على الطريقة الاوروبية, التي لا يختلف اثنان على الاعجاب بمسيرتها البطيئة, ولكن الواثقة التي افرزت في النهاية صيغاً مرنة وواقعية قادرة على استخلاص الدروس والعبر وتصحيح الاختلالات وتذليل العقبات التي تعترض التكامل أو ما هو قريب منه, رغم الفوارق الافقية والعامودية التي طبعت حياة «الشعوب» الاوروبية ومسيرتها التاريخية والحضارية..

واذ لا تفوّت صحيفة (أي صحيفة) فرصة اللقاء مع ممثل موهوب وصاحب جماهيرية لا تنكر - ما بالك صحيفة كالمصري اليوم, التي أخذت لنفسها مكاناً ومكانة في المشهد الاعلامي المصري على الاقل, فإن الهموم المصرية كانت حاضرة بل هي وحدها, وهنا يُظهر الزعيم حجم ثقافته الديمقراطية واتساع أفقه وايمانه - وهو سفير الامم المتحدة للنوايا الحسنة - بالرأي والرأي الآخر, ليس فقط في الترويج لسياسات الحزب الوطني الحاكم وخياراته الاقتصادية والاجتماعية وتبرير قراراته (وهذا حقه), وانما ايضاً في تسفيه المعارضة المصرية والتقليل من شأنها, حد استخدام المصطلحات والمفردات و»القفشات» المتهافتة التي يواصل اعادة انتاجها في كثير من افلامه ومسرحياته, وبخاصة تلك الاخيرة التي فقدت اهتمام الجماهير والنقاد بها..

يقول عادل امام: ان الوصول الى كرسي الرئاسة لا بد أن يكون عن طريق الدستور, «لا» عن طريق زيارة المساجد ودور العبادة (في غمز من قناة محمد البرادعي)..

وعندما يقال له: ان البرادعي وعدداً من رموز المعارضة يرون أن الدستور ليس قرآناً ومن الممكن تعديله, فإنه يبادر الى الرد التقليدي المعروف: .. لا مانع.. والرئيس مبارك قدّم خطوة أَعتبرها من «أعظم» الخطوات منذ عهد محمد نجيب حتى الان (في انكار مقصود لعبدالناصر) وبالتحديد في انتخابات 2005 بعد التعديلات الدستورية التي اجراها (...).. قبل أن يعيد الاسطوانة المشروخة اياها: «... خاصة اننا غير متمرسين على الديمقراطية مثل اوروبا واميركا»..

مقابلة «المصري اليوم» مع الفنان عادل إمام طويلة ومثيرة وطريفة لأن هيئة التحرير التي حاورته, استطاعت في شكل تشكر عليه, اخراج كل ما في داخل «الزعيم» الذي يُبدي اعجاباً بكوادر الحزب الحاكم «فقط لأنهم من رؤساء الجامعات والمثقفين خاصة انهم استطاعوا استقطاب الكثيرين».. ثم يقول في مكان آخر «... انا شخص تصادمي بطبعي.. ولديّ ثوابت قليلة منها الدين.. ومن الممكن أن أغيّر رأيي في اشياء اخرى.. فمثلاً كنت شيوعياً(...) ثم اصبحت مع الاخوان المسلمين(...) بسبب وجودي في الحلمية التي تشعر فيها بمصر, ومن الطبيعي - يواصل الزعيم - أن الانسان يغير رأيه عندما يتقدم في السن ويقرأ كثيراً..

لأن صاحبنا قارئ نهم ومنظّر كبير, فإن من المهم قراءة كامل المقابلة ففيها الكثير الذي يَكْشِف والذي يصدم وذلك الذي يدفع الى القول... حسبنا الله ونعم الوكيل.