المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر / محمود أبو الوفا ( حياته )



د/سمير رجب سليم
01/07/2010, 10:33 AM
الشاعر : محمود أبو الوفا ( حياته )




د/سمير رجب سليم


ولد الشاعر محمود أبو الوفا ( و أسمه بالكامل : محمود مصطفى أبو الوفا الشريف ) فى إحدى قرى محافظة الدقهلية ( الديرس- أجا ) بجمهورية مصر العربية ، حوالى عام 1900 م ، و أصيب فى ساقه اليسرى إصابة إضطرت الإطباء إلى بترها ، وهو فى سن العاشرة ، و لقد كانت تلك الإصابة سببا مباشرا فى تأخر شهرته ، بالرغم من جودة أعماله الشعرية .

ففى عام 1927 ، يشارك الشاعر فى مسابقة أقيمت لتكريم أمير الشعراء أحمد شوقى ، و تختار قصيدته للإلقاء فى حفلة التكريم الرسمية ، إلا أن شوقى يرفضه بسببب جلبابه البلدى و عكازته ...

و تضطرب حياة الشاعر المعيشية ، فهو ليس من طبقة إجتماعية ميسورة الحال ، و لا ينتمى للأحزاب السياسة و لا للشلل الفنية ، و لم يحصل من التعليم إلا على ثلاث سنوات فى معهد دمياط الدينى ، و يرفض كل أشكال التسول و يسير هكذا فى حياته بجلباب بلدى و عكاز ، و يصف الشاعر أبو الوفا تلك الفترة من حياته فى قصائده : لم يبق فى الحى ...رثاء نفسى ... البيئة .و قصيدة " يا صاحب البؤساء " .. التى وجهها إلى الشاعر المصرى حافظ إبراهيم ( مترجم قصة البؤساء للكاتب الفرنس فيكتور هوجو ) ، و فيها يقول :



يا صـاحب البؤِساء ، جاءك شاعر=يشكو من الزمن اللئيم العــــاتى
لم يــــكفه أنى على عـــــــكازة=أمشى فحط الصــخر فى طرقاتى
ثم أنثنى يُزجــى على مصائبا=سحــبا كقطعــان الدجــى جهمات
فى ليلهن فقدت أمــالى اللأُلى =صاحبننى مــذ لاح فـــجر حياتى
فغدوتُ فى الدنيا و لم أترى أمن =أحيائها ، أنــا أم من الأمـــــوات ؟


و يمضى أبو الوفا فى حياته كأنه فكرة فى غير بيئتها بدت ، فلم تلق فيها أى إقبال ، إلا أن تتيح له مجلة المقتطف عام 1930 ، فرصة نشر قصيدته " الإيمان " ، و سرعان ما تتناقل خمس مجلات كبار قصيدة الإيمان ، مما ُيعد نصرا صحفيا للمقتطف ، دعا الدكتور فؤاد صروف – رئيس التحرير وقتئذ – إلى دعوة أبو الوفا للإنضمام لأسرة تحرير المجلة ، حيث عُهد إليه بتحرير باب " مكتبة المقتطف " . و تقيم له رابطة الأدب الجديد حفل تكريم ، يجده أمير الشعراء فرصة للتكفير عما أقترفه فى حق أبوالوفا ، يوم أن طرده من حفل تكريمه ، و يرسل أمير الشعراء لجريدة الأهرام قصيدة فى تكريم أبو الوفا ، يشيد ببراعته الشعرية و أنه رغم سيره على عكاز تقيد خطواته ، فإن صاحب خيال متحرر ، يطوى البلاد و ينتشر فى جميع الأفاق ، و يبدى إعجابه بجمال بيان الشاعر وهو بحالته هذه ( مقيد الخُطا )،فكيف إذا أسترد ساقه و تمكن من التنقل بحرية أكثر؟و يرى أن الأطباء لو يستسيغون لما فى أشعاره من حلاوة ، لصنعوا له بدلا من الساق المفقودة جناحا يطير به ، ونشرت القصيدة كاملة فى الأهرام فى 21 فبراير عام 1932 ، و كان منها الأبيات التالية :



البلبل الغرد الذى هز الربى =و شجى الغصون ...و حرك الأوراقا
خلف البهاء على القريض ...و كأسه=تسقى بعذب نسيبه العشاقا
فى القيد ممتنع الخطا .... وخياله=يطوى البلاد و ينشر الآفاقا
سباق غايات البيان جرى بلا =ساق ، فكيف إذا إسترد الساقا
لو يطعم الطب الصنــاع بيانه = أو لو يسيغ – لما يقول – مذاقا
غـالى بقيـمته فلم يصنــع له =إلا الجنــــاح محلقــا خفاقـــا


وتبدا صفحة جديدة من حياة أبو الوفا ، فيسافر إلى باريس فى يونيو 1932 ، ليعود منها فى بدلة إفرنجية و جهاز صناعى بدلا من جلبابه البلدى و عكازه الخشبى ، وفى نفس العام يُصدر مجموعته الشعرية " أنفاس محترقة ، و تفتح له المجلات و الصحف صدرها و تتسابق إلى نشر ما يقول ، و يغنى له الموسيقار محمد عبد الوهاب قصيدة عندما يأتى المساء ، و تطلب منه وزارة المعارف إستكمال ما كتبه أمير الشعراء أحمد شوقى من شعر للأطفال ( و كان أمير الشعراء قد إنتقل إلى رحمة الله ) ، فيستجيب أبو الوفا لهذا الطلب بمجموعة شعرية ، قررت الوزارة تدريسها ما يقرب من ربع قرن ، ضمن المجموعة التى عرفت بأسم " المحفوظات المختارة " . و بهدف تربية النشىء تربية روحية و مادية ، يصدر أبو الوفا ديوان أناشيد دينية عام 1937 ثم أناشيد عسكرية عام 1937 . و تتوالى أعمال الشاعر فى دواوين متعددة : أشواق و أعشاب ( 1933 ) و عنوان النشيد ( 1951 ) و شعرى ( 1962) ، و تصدر الدراسات النقدية عن أعماله بأقلام أساتذة كبار مثل : عباس محمود العقاد ، مصطفى صادق الرافعى ، و الدكتور / محمد حسين هيكل باشا ، و الدكتور / طه حسين ، و الكتور محمد مندور , و الدكتور / فؤاد صروف و الأستاذ / وديع فلسطين .و أستاذ الأدب العربى الدكتور/ أحمد الشايب و الدكتور / أحمد زكى أبو شادى ، و الأستاذ / سيد قطب و كامل الشناوى و مصطفى عبد اللطيف السحرتى و محمد زكى عبد القادر و إبرهيم المصرى عبد المنعم شميس و غيرهم كثير .

و يتذكر أولو الأريحية الشاعر أبو الوفا عام 1967 ، فيقلده الرئيس جمال عبد الناصر وسام العلوم و الفنون من الدرجة الأولى ، ثم يمنحه الرئيس محمد أنور السادات عام 1977 جائزة الجدارة فى الفنون ، و تلبى محاظة القاهرة أمله فى الحصول على شقة فى الإسكان المتوسط المتميز ، فينقل من حى العمرى ( باب الخلق ) إلى مدينة نصر عام 1978 ، إلا أنه ما ينتقل إليها حتى يناديه ربه فى 26 يناير 1979 ، فيدفن حيث تمنى فى بلدته الديرس ، فى مقام جده العارف بالله سيدى / ابو الوفا الشريف .


[COLOR="White"]*

د/سمير رجب سليم
05/07/2010, 12:23 PM
أشكر إدارة المنتدى على الإخراج الرائع للمقال ، و لقد شجعنى ذلك لكتابة المزيد من المقالات ، فشكرا على الإخراج و شكرا على التشجيع :pleased: