منذر أبو هواش
11/03/2007, 09:01 AM
الترجمة الحقيقية ... (لا فض فوك) مثالا ...
الإخوة الأعزاء،
- الترجمة الحقيقية الصحيحة هي نقل المعاني بعد فهمها من قبل المترجم من خلال السياق، وتحديده للمعنى المقصود في حالة تعدد المعاني للكلمة أو للعبارة الواحدة.
- أحيانا تكون هناك جوانب تشابه لغوي بين اللغات المختلفة، وهذا التشابه يكون مشتركا إنسانيا أو هو ما يصطلح على تسميته بـ (اللغة الإنسانية)، إذ تتخذ بعض العبارات صفة إنسانية مشتركة تستدعي فيها الكلمات والعبارات المتشابهة معاني متشابهة، بحيث أن الترجمة الحرفية لهذه العبارات لا تغير كثيرا من معانيها لدى المتلقي في اللغة الأخرى.
- لا تنفع الترجمة الحرفية في حالة الاختلاف اللغوي، واللجوء إلى الترجمة الحرفية مع الشرح في هذه الحالة يعتبر نوعا من العجز أو الفقر أو العوز الترجمي، مع أنه قد يكون بديلا اضطراريا مؤقتا، لكنه لا يعتبر بديلا مثاليا نهائيا، إذ لا يلجأ إلى هذا الأسلوب في هذه الحالة إلا المترجم المبتدئ قليل الخبرة، أو قد يتم اللجوء إليه من قبل المترجم المحترف في حالات محدودة وقليلة جدا، حينما يصادفه شيء جديد عليه ولا يكون لديه وقت كاف للبحث، لكن ذلك إن حدث فإنه يعتبر نقطة عجز سلبية تحسب على المترجم، والمترجم الأصيل الصادق لا يرضى ذلك، بل يفضل استقطاع وقت إضافي يقضيه في الدراسة والبحث والاستقصاء إلى أن يجد ضالته من خلال الترجمة التواصلية (communicative translation) للعثور على المقابل الأقرب، أو من خلال المقابلة الذهنية للمعاني المختلفة التي غابت عنه لهذا السبب أو ذاك من أجل العثور على المقابل الحقيقي الفعلي في اللغة الأخرى.
أما في حالات العبارات التقليدية التاريخية الفصحى القليلة أو النادرة الاستخدام في الحياة اليومية، والتي قد تستعصي ترجمتها على المترجمين العمليين المتسرعين مثل عبارة (لا فض فوك) التي تكرر التمثيل والاستدلال بها في هذا المنتدى، فتقتضي من المترجم الذي لا يتمتع بملكة لغوية عربية أن يجري بحثا لغويا فقهيا وتاريخيا في المعاني المختلفة للعبارة من خلال المعاجم العربية المعروفة.
أي أنه ينبغي على المترجم أن يستوعب هذه العبارة ويفهمها ويعرف القصد الأصلي من استخدامها، وعليه أن يحذر من القيام بالترجمة الحرفية لأحد معانيها اللغوية الواردة في المعاجم.
مثالا على ذلك، دعونا إذن نبحث عن المعنى الحقيقي المقصود من استخدام عبارة (لا فض فوك) في التاريخ العربي. نبحث عن المعاني المختلفة ونعمل الفكر من أجل استنباط القصد لكي نتوصل إلى المعنى، فما هو القصد من هذه العبارة؟
يقدم أحدهم إليك خدمة، ويبذل مجهودا معينا قد يستخدم فيه يديه بشكل خاص فتقول له شاكرا مادحا: (تسلم يدك) أو (سلمت يداك) أو (سلمت أناملك) أو (سلمت هذه الأنامل)! أما إذا قال قولا جميلا مستحسنا كان له وقع جميل في نفسك فإنك تنفعل وتقول له شاكرا مثنيا ومادحا: (سلم هذا الفم) الذي أخرج هذه الجواهر، أو (يسلم فمك)، أي أنك تدعو له بسلامة الفم، ولما كانت سلامة الفم مرتبطة بسلامة الأسنان، ولما كان تكسر الأسنان معناه (فض الفم)، فأنت تستعيض عن معنى سلامة الفم بسلامة الأسنان، بحكم أن سلامة الأسنان من سلامة الفم، وتقول له (سلمت أسنانك) أو (لا كسرت أسنانك) أو (لا كسرت هذه الأسنان)، والأفصح أن تستخدم المصطلح التقليدي الفصيح (لا فض فوك) الذي كان دعاءا رائجا في قديم الزمان لسلامة الأسنان، إذ كان للأسنان أهمية استثنائية في ذلك الزمن، وكان فقدها أو تخلعها وتكسرها يعتبر مشكلة وورطة كبيرة في غياب البديل المتوفر هذه الأيام مثل أطقم الأسنان وزراعة الأسنان وما إلى ذلك!
لهذا فإن معنى (لا فض فوك) المرتبط بالدعاء بسلامة الأسنان لم يعد له استخدام في يومنا هذا بسبب وجود البديل والتطور الهائل الحادث في طب وصناعة الأسنان، وبالتالي فإن الترجمة الحرفية بمعنى (سلمت أسنانك) لا تجوز بسبب انقراض المعنى في الاستخدام الحديث على الأقل دون النصوص التاريخية. ويبقى لدينا المعنى الثاني وهو الدعاء بسلامة الفم حين يكون مصدرا للجميل من الكلام أي (سلم فمك)، وينبغي على المترجم أن يختار بين هذين المعنيين بحسب السياق، وأن لا يخلط بينهما، لأن كلا منهما منفصل تماما عن الآخر، وإن اشتركا في العبارة.
منذر أبو هواش
الإخوة الأعزاء،
- الترجمة الحقيقية الصحيحة هي نقل المعاني بعد فهمها من قبل المترجم من خلال السياق، وتحديده للمعنى المقصود في حالة تعدد المعاني للكلمة أو للعبارة الواحدة.
- أحيانا تكون هناك جوانب تشابه لغوي بين اللغات المختلفة، وهذا التشابه يكون مشتركا إنسانيا أو هو ما يصطلح على تسميته بـ (اللغة الإنسانية)، إذ تتخذ بعض العبارات صفة إنسانية مشتركة تستدعي فيها الكلمات والعبارات المتشابهة معاني متشابهة، بحيث أن الترجمة الحرفية لهذه العبارات لا تغير كثيرا من معانيها لدى المتلقي في اللغة الأخرى.
- لا تنفع الترجمة الحرفية في حالة الاختلاف اللغوي، واللجوء إلى الترجمة الحرفية مع الشرح في هذه الحالة يعتبر نوعا من العجز أو الفقر أو العوز الترجمي، مع أنه قد يكون بديلا اضطراريا مؤقتا، لكنه لا يعتبر بديلا مثاليا نهائيا، إذ لا يلجأ إلى هذا الأسلوب في هذه الحالة إلا المترجم المبتدئ قليل الخبرة، أو قد يتم اللجوء إليه من قبل المترجم المحترف في حالات محدودة وقليلة جدا، حينما يصادفه شيء جديد عليه ولا يكون لديه وقت كاف للبحث، لكن ذلك إن حدث فإنه يعتبر نقطة عجز سلبية تحسب على المترجم، والمترجم الأصيل الصادق لا يرضى ذلك، بل يفضل استقطاع وقت إضافي يقضيه في الدراسة والبحث والاستقصاء إلى أن يجد ضالته من خلال الترجمة التواصلية (communicative translation) للعثور على المقابل الأقرب، أو من خلال المقابلة الذهنية للمعاني المختلفة التي غابت عنه لهذا السبب أو ذاك من أجل العثور على المقابل الحقيقي الفعلي في اللغة الأخرى.
أما في حالات العبارات التقليدية التاريخية الفصحى القليلة أو النادرة الاستخدام في الحياة اليومية، والتي قد تستعصي ترجمتها على المترجمين العمليين المتسرعين مثل عبارة (لا فض فوك) التي تكرر التمثيل والاستدلال بها في هذا المنتدى، فتقتضي من المترجم الذي لا يتمتع بملكة لغوية عربية أن يجري بحثا لغويا فقهيا وتاريخيا في المعاني المختلفة للعبارة من خلال المعاجم العربية المعروفة.
أي أنه ينبغي على المترجم أن يستوعب هذه العبارة ويفهمها ويعرف القصد الأصلي من استخدامها، وعليه أن يحذر من القيام بالترجمة الحرفية لأحد معانيها اللغوية الواردة في المعاجم.
مثالا على ذلك، دعونا إذن نبحث عن المعنى الحقيقي المقصود من استخدام عبارة (لا فض فوك) في التاريخ العربي. نبحث عن المعاني المختلفة ونعمل الفكر من أجل استنباط القصد لكي نتوصل إلى المعنى، فما هو القصد من هذه العبارة؟
يقدم أحدهم إليك خدمة، ويبذل مجهودا معينا قد يستخدم فيه يديه بشكل خاص فتقول له شاكرا مادحا: (تسلم يدك) أو (سلمت يداك) أو (سلمت أناملك) أو (سلمت هذه الأنامل)! أما إذا قال قولا جميلا مستحسنا كان له وقع جميل في نفسك فإنك تنفعل وتقول له شاكرا مثنيا ومادحا: (سلم هذا الفم) الذي أخرج هذه الجواهر، أو (يسلم فمك)، أي أنك تدعو له بسلامة الفم، ولما كانت سلامة الفم مرتبطة بسلامة الأسنان، ولما كان تكسر الأسنان معناه (فض الفم)، فأنت تستعيض عن معنى سلامة الفم بسلامة الأسنان، بحكم أن سلامة الأسنان من سلامة الفم، وتقول له (سلمت أسنانك) أو (لا كسرت أسنانك) أو (لا كسرت هذه الأسنان)، والأفصح أن تستخدم المصطلح التقليدي الفصيح (لا فض فوك) الذي كان دعاءا رائجا في قديم الزمان لسلامة الأسنان، إذ كان للأسنان أهمية استثنائية في ذلك الزمن، وكان فقدها أو تخلعها وتكسرها يعتبر مشكلة وورطة كبيرة في غياب البديل المتوفر هذه الأيام مثل أطقم الأسنان وزراعة الأسنان وما إلى ذلك!
لهذا فإن معنى (لا فض فوك) المرتبط بالدعاء بسلامة الأسنان لم يعد له استخدام في يومنا هذا بسبب وجود البديل والتطور الهائل الحادث في طب وصناعة الأسنان، وبالتالي فإن الترجمة الحرفية بمعنى (سلمت أسنانك) لا تجوز بسبب انقراض المعنى في الاستخدام الحديث على الأقل دون النصوص التاريخية. ويبقى لدينا المعنى الثاني وهو الدعاء بسلامة الفم حين يكون مصدرا للجميل من الكلام أي (سلم فمك)، وينبغي على المترجم أن يختار بين هذين المعنيين بحسب السياق، وأن لا يخلط بينهما، لأن كلا منهما منفصل تماما عن الآخر، وإن اشتركا في العبارة.
منذر أبو هواش