د . يحيى مير علم
12/03/2007, 12:03 AM
ندوة تاج العروس( * )
د . يحيى مير علم
عضو مراسل في مجمع اللغة العربية بدمشق
قسم اللغة العربية - كلية التربية الأساسية
دولة الكويت
احتفل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت بإنجاز تحقيقه وطباعته لمعجم (( تاج العروس )) الذي صدر في أربعين مجلداً ، فعقد لذلك ندوة خاصة أسماها ( ندوة تاج العروس) يومي التاسع والعاشر من شباط / فبراير عام 2002 ، شارك فيها وحضرها ثلّة من العلماء والمجمعيين والمعجميين والمختصين باللغة والمعاجم والتراث العربي ، توافدوا من أقطار الوطن العربي ، يقدمهم رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق أستاذنا الدكتور شاكر الفحام ، والدكتور أحمد مختار عمر، والدكتور عبد الصبور شاهين ، والدكتور أحمد طالب الإبراهيمي ، والدكتور محمود علي مكي ، والقاضي إسماعيل الأكوع ، إضافةً إلى بعض مَنْ أسهم في تحقيق المعجم أو مراجعته .
قصّة هذه الطبعة :
من المعلوم لذوي الاختصاص والمهتمين بالتراث العربي عامة واللغوي خاصة أن وزارة الإرشاد والأنباء بدولة الكويت أخذت على عاتقها مهمة جليلة هي إحياء التراث العربي ، فنشرت عدداً من الكتب العربية المخطوطة ، وتوّجت ذلك بتحقيق معجم ( تاج العروس ) وطباعته ، فأضافت بذلك يداً بيضاء إلى أيادٍ بيض أسدتها للثقافة العربية والتراث العربي والناطقين بالضاد ، تبدّت في إصدار مجلات ودوريات وسلاسل ثقافية عامّة ومتخصّصة ، مثل ( عالم المعرفة ، وعالم الفكر ، والثقافة العالمية ، والمسرح العالمي ، ومجلة العربي ، ومجلة الكويت ، وغيرها . . .) .
ومما تجدر الإشارة إليه أن الفضل في التنبيه إلى أهمية تحقيق هذا السفر العظيم ، وفي دعوة وزارة الإرشاد والأنباء آنذاك إلى النهوض بتحقيقه ونشره ضمن سعيها الحميد إلى إحياء التراث العربي = يعود إلى المرحوم الأستاذ عبد الستار أحمد فرّاج رئيس التحرير في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، فلقي ذلك استحساناً وتشجيعاً من صديقه الأديب الكبير الأستاذ أحمد السقاف وكيل الوزارة آنـئذٍ ، فأخذ على عاتقه إقرار المشروع ، وكان البدء بإصداره عام 1385هـ/ 1965م ، فقد عهدت الوزارة إلى الأستاذ فرّاج الإشراف على تحقيقه ونشره ، فاختار له محققين أكفاء ، التقاهم وكيل الوزارة في القاهرة ، وهم الأساتذة : إبراهيم الترزي ، وحسين نصار ، وعبد الستار أحمد فرّاج ، وعبد السلام هارون ، وعبد العليم الطحاوي ، وعلي هلالي ، ومصطفى حجازي ، وعبد الكريم العزباوي .
فاجتمعوا وناقشوا المشروع ، ووضعوا منهج تحقيقه ، وهو - على الجملة - لا يختلف عن المنهج العلمي المتّبع في تحقيق النصوص التراثية واللغوية ، من مثل : ضبط اللغة والآيات والأحاديث والأشعار والأمثال ، ونسبة ما لم يُنسب من الأشعار ، وتخريج الشعر من الدواوين مع بيان اختلاف الرواية إن وجدت ، واستدراك ما نقص ولم يتمّ من الشواهد ، وتوثيق النصوص بالإحالة على المراجع والمصادر والمعاجم وغيرها ، وترقيم النص وتفصيله وتوزيعه إلى فقرات ، وتمييز الآيات بإثباتها بين قوسين مزهرين ، وتمييز الأحاديث والأمثال بوضعـها بين علامتي تنصيـص ( قوسين صغيرين ) ووضع الزيادة بين قوسين معقوفين ، إضافة إلى اعتماد بعض الرموز والإشارات من مثل : وضع قوسين معقوفين أمام الاسـتدراك ، ووضع علامة النجمـة أمام رأس المادة تنبيـهاً على وجودها في ( لسان لعرب ) ، فإن ذكر اللسان والصحاح والتكملة والعُباب في الهامش دون تقييد بمادة فمعناه أن النصّ الموثَّق في المادة نفسها التي يشرحها الزّبيدي .
ولـمّا لم تجر الأمور على ما قُدّر بدءاً ، إذ لم تمهل المنيةُ بعض مَنْ وقع عليهم الاختيار من المحققين ، ولم تسمح ظروفُ بعضهم بالاستمرار فاعتذروا = انضمّ إلى سلكهم محققـون آخرون ، نهضوا بتحقيق بعض الأجزاء قبل أن يلحقـوا بجوار ربّهم ، منهم المرحومون : د . عبد العزيز مطر ، و د . عبد الفتـاح الحلو ، و د . محمـود الطناحي ، و د . عبد المجيد قطامش ، و د . إبراهيم السامرائي ، ومن الأحياء كلّ من : د . عبد الصبور شاهين ، و د . ضاحي عبد الباقي .
وقد أمضى الأستاذ فرّاج في عمله سبعة عشر عاماً ( 1964-1981 ) متابعاً للمحققين والمراجعين ، ومحرّراً للأصول قبل تقديمها للطباعة ، ومراجعاً لتجارب الطباعة ، وعاملاً على تحقيق التنسيق في الإخراج ، والتوحيد في المنهج ، واستمرّ على ذلك حتى تمّ له تحقيق تسعة وثلاثين جزءاً ، وشرع في تحقيق الجزء الأربعين غير أن القـدر لم يمهله ، فاختاره الله إلى جواره ، وهو يصحّح تجارب طباعة الجزء العشرين ، ثم خلفه في ذلك الأستاذ مصطفى حجازي فتابع عمله حتى الجزء الخامس والعشرين ( 1982-1988 ) ، ثم انتقلت العهدة من بعده إلى الدكتور ضاحي عبد الباقي ، فاستمرّ بذلك حتى الجزء الثامن والعشرين .
وقد استمر إشراف الوزارة على إصدار معجم ( التاج ) حتى الجزء الثامن والعشرين ، ثم توالى إصدار الأجزاء حتى بلغت جملة ما صدر منه حتى منتصف التسعينات ثلاثين جزءاً ، وعندما ضُمّ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إلى وزارة الإعلام انتقلت العهدة في إصدار بقيـة أجزاء ( تاج العروس ) ( 29 – 40 ) إلى المجلس الوطني المذكور ، فاهتمّ به ونشط له ، وأعانه على طبعه دعمٌ ماليّ قدّمته مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ، وسعيٌ حثيث محمود من أمينه العام الدكتور محمد الرميحي ، وكذلك من القائمين على قسم التراث العربي في المجلس ، فصحّ العزم على إصدار بقية أجزائه العشرة في مدة لا تزيد على سنتين ( 2000 و 2001 ) ، فاختاروا مجموعة من الأساتذة الأفاضل ، وأسـندوا إليهم مهمّة القيام بمراجعـة جديدة لتلك الأجـزاء ، فتمّ بذلك إنجاز التحقيق والمراجعة والطباعة لهذا المعجم الموسوعي ( تاج العروس ) .
إن كثرة أجزاء هذه الطبعة ، وما اقتضاه إنجازها من مديد الوقت ، ووفرة المحققين والمراجعين يجعل من المفيد إيراد قائمة تضمّ كُلّ جزء من أجزاء المعجم مقروناً باسم أو أسماء مَنْ حقّقه أو راجعه، ومتبوعاً بتاريخ طباعته . وفي ذلك جمعٌ لِما تفرّق في أجلاد كثيرة ، صدرت في خمسة وثلاثين عاماً ، فات كثيراً من المختصّين اقتناءُ نسخة كاملة من هذا المعجم الموسوعي :
الجزء المـحـقِّـق المـراجـع سـنة الطبـع
1 عبـد السـتار فرّاج لجـنـة فـنـيـة 1385هـ/1965م
2 علـي هلالـي عبد الله العلايلي ، عبد السـتار فرّاج 1386هـ/1966م
3 عبـد الكريـم العزباوي إبراهيم السامرائي ، عبد السـتار فرّاج 1386هـ/1967م
4 عبـد العليـم الطحاوي محمـد بهجـة الأثـري 1387هـ/1968 م
5 مصطفـى حجـازي عبـد السـتار فرّاج 1389هـ/1969م
6 حسـين نصـار جميـل سـعيد ، عبد السـتار فرّاج 1389هـ/1969م
7 عبـد السـلام هارون لجـنـة فـنـيـة 1389هـ/1970م
8 عبـد العزيـز مطـر عبد السـتار فرّاج 1390هـ/1970م
9 عبد السـتار فرّاج لجـنـة فـنـيـة 1391هـ/1971م
10 إبراهيـم التـرزي عبـد السـتار فرّاج 1392هـ/1972م
11 عبد الكريـم العزباوي عبـد السـتار فرّاج 1392هـ/1972م
12 مصطفـى حجـازي عبـد السـتار فرّاج 1393هـ/1973م
13 حسـين نصـار عبد العليم الطحاوي ، عبد الستار فرّاج 1394هـ/1974م
14 عبـد العليـم الطحاوي عبد الكريم العزباوي ، عبد الستار فرّاج 1394هـ/1974م
15 إبراهيـم التـرزي ، مصطفى حجازي ، عبد العليم الطحاوي ، عبد الكريم العزباوي عبـد الستـار فرّاج 1395هـ/1975م
16 محمـود الطنـاحي مصطفـى حجازي ، عبد السـتار فرّاج 1396هـ/1976م
17 مصطفـى حجـازي عبـد السـتار فرّاج 1397هـ/1977م
18 عبـد الكريـم العزباوي عبـد السـتار فرّاج 1399هـ/1979م
19 عبـد العليـم الطحاوي عبـد السـتار فرّاج 1400هـ/1980م
20 عبـد الكريـم العزباوي عبـد العليم الطحاوي ، عبد الستار فرّاج 1403هـ/1983م
21 عبـد العليـم الطحاوي مصطفـى حجـازي 1404هـ/1984م
22 مصطفـى حجـازي لجـنـة فـنـيـة 1405هـ/1985م
23 عبـد الفتـاح الحـلـو مصطفـى حجـازي 1406هـ/1986م
24 مصطفـى حجـازي لجـنـة فـنـيـة 1408هـ/1987م
25 مصطفـى حجـازي لجـنـة فـنـيـة 1409هـ/1989م
26 عبـد الكريـم العزباوي مصطفـى حجـازي 1410هـ/1990م
27 مصطفـى حجـازي لجـنـة فـنـيـة 1413هـ/1993م
28 محمـود الطنـاحي عبـد السـلام هارون 1413هـ/1993م
29 عبـد الفتـاح الحـلو أحمد مختار عمر ، خالد عبد الكريم جمعـة 1418هـ/1997م
30 مصطفـى حجـازي أحمد مختار عمر ، ضاحي عبد الباقي
خالد عبد الكريم جمعـة 1419هـ/1998م
31 عبـد العليـم الطحاوي حسين محمد شرف ، خالد عبد الكريم جمعة 1421هـ/2000م
32 عبـد الكريـم العزباوي أحمد مختار عمر، عبد اللطيف الخطيب 1421هـ/2000م
33 إبراهيـم التـرزي محمد سلامة رحمة ، مصطفىحجازي ،
عبد اللطيـف الخطيـب 1421هـ/2000م
34 علـي هـلالـي مصطفى حجازي ، عبد الحميد طلب ،
خالد عبد الكريم جمعـة 1421هـ/2001م
35 مصطفـى حجـازي أحمد مختار عمر ، ضاحي عبد الباقي ،
خالد عبد الكريم جمعـة 1421هـ/2001م
36 عبـد الكريـم العزباوي ضاحي عبد الباقي ، خالد عبد الكريم جمعة 1422هـ/2001م
37 مصطفـى حجـازي محمـد حماسـة عبد اللطيـف 1422هـ/2001م
38 عبـ الصبـور شـاهين محمـد حماسـة عبد اللطيـف 1422هـ/2001م
39 عبـد المجـيـد قطـامـش عبد العزيز سفر ، خالد عبد الكريم جمعـة 1422هـ/2001م
40 ضاحي عبـد البـاقي عبـد اللطيـف الخطيـب 1422هـ/2001م
على أنه لم تكن طبعة معجم ( تاج العروس ) هذه هي الأولى ، فقد سبقتها طبعتان ، صدرت أولاهما سنة ( 1286/1287هـ-1870/1871م ) عن المطبعة الوهبية بمصر ، ولكنها اقتصرت على خمسة أجزاء ، فلم تتمّ ، وصدرت ثانيهما سنة ( 1307هـ/1890م ) عن المطبعة الخيرية بالقاهرة ، في عشرة أجزاء . والطبعتان جاءتا خلواً من الضبط والتنسيق والتحقيق على ما فيهما من أخطاء الطباعة . ثم طُبع المعجم في دار الفكر ببيروت سنة 1414هـ / 1994م بتحقيق علي شيري في عشرين مجلّداً .
معجم ( تاج العروس ) :
وأما معجم ( تاج العروس من جواهر القاموس ) لمؤلّفه السيد محمد مرتضى الحسيني الزَّبيدي ( ت 1205هـ/1790م ) موضوع الندوة ، فلا يخفى على أحد من أهل العربية ما له من منزلة رفيعة بين معجمات العربية ، فهو – على تأخره – أوسع معاجم اللغة العربية ، وأغزرها مادة ، وأكثرها عنايةً وجمعاً واستقصاءً لأعلام الأشخاص والبلدان والمواضع والنبات والأعجمي والمولّد والمعرّب والدخيل ، حتى غدا أو كاد موسوعةً تضمّ مفردات العربية ، وأنواع الثقافة العربية ،فكان بذلك اسماً على مسمى تاجاً للمعاجم العربية على مختلف العصور .
ومعلوم أن الزَّبيدي أقام كتابه ( تاج العروس ) على شرح ( القاموس المحيط ) لمجد الدين الفيروز آبادي ( ت 816 أو 817هـ ) الذي ضمنه معجم ( الصّحاح ) لإسماعيل بن حماد الجوهري ( ت 400هـ ) وخلاصة ما في ( المُحكم ) لابن سيده علي بن إسماعيل ( ت 458 أو 448هـ ) وخلاصة ما في ( العُبـاب ) لرضي الدين الحسن بن محمد الصغّاني/ الصاغاني ( ت 650هـ ) إضافة إلى زياداته على تلك الأصول الثلاثة .
لقد استغرق الزَّبيدي في عمل معجمه ( تاج العروس ) أربعة عشر عاماً وشهرين ، إذ شرع في تصنيفه حوالي سنة ( 1174هـ/1761م ) وكانت سِـنُّه آنذاك تسعة وعشرين عاماً ، وانتهى من تأليفه سنة ( 1188هـ/1774م ) فخرج في عشر مجلدات كوامل ، جُملتها خَمسمئة كرّاس ، وكان الزَّبيدي قد احتفل بإنجازه تأليف الجزء الأول من معجمه ( التاج ) ، فأولم لذلك وليمة عظيمة سنة إحدى وثمانين ومئة وألف ، حضرها كثير من الشيوخ وطلاب العلم ، أي قبل نحو مئتين وأربعين سنة من هذه الندوة .
أمّا المصادر التي اعتمد عليها الزَّبيدي في تأليف معجمه فهي كثيرة جداً ، ذكر منها في مقدمته نحواً من مئة وعشرين كتاباً ، تضمّنت في مجموعها كثيراً من معاجم اللغة وكتب الأفعال والأمثال والنحو والصرف والتاريخ والطبقات والأنساب والأدب وعلوم القراءات والجغرافية والبلدان والحيوان والنبات والطب والسياسة والدواوين وغيرها .
وقد حرص الزبيدي في معجمه على التزام منهج الفيروز آبادي في ( القاموس المحيط ) من حيث ترتيب المداخل على الحرف الأخير من الجذر ثم الحرف الأول منه ثم ما يتوسط بينهما ، فحافظ على مداخله وعباراته ورموزه ، وأضاف إلى ذلك زيادات تجلّت في نسبة ما أورده صاحب القاموس ، ونقد بعض تفسيراته ، ونبّـه على ما أهمل من مداخل ، واستدرك بعض الصيغ والشروح في التفسير، وأخَّر أكثرها ، فجعلها في مداخل مفردة ، وصدَّره بمقدمة مسهبة استغرقت (124) صفحة من مطبوعة الكويت ، تحدّث فيها عن أسباب تأليفه معجمه ، وهدفه ، ومراجعه ، وخصائصه وخصائص أصله القاموس ، وما صُنّف حوله ، وضمَّنها كذلك عشرة مقاصد ، تابع في ثمانية منها السيوطي في ( المزهر ) ، وهي : وقفية اللغة أو اصطلاحيتها ، وسعة لغة العرب ، وعِدّة أبنية الكلام، والمتواتر من اللغة والآحاد ، وأفصح الناس ، والمطّرد والشاذّ ، والحقيقة والمجاز ، والمشترك والأضداد والمترادف والمعرّب والمولّد ، وآداب اللغوي ، واللغويون ومصنّفاتهم ،وترجمة مؤلِّف ( القاموس ) وأسـانيـد الزَّبيـدي إلى الفـيروزآبادي ، ووقـف الخاتمة على شرح مقدمة ( القاموس ) .
برنامـج الـندوة :
عقدت ندوة ( تاج العروس ) في فندق راديسون ساس بالكويت ، وقد مضى أنها استمرت يومين كاملين ( 9-10 فبراير/ شباط 2002 ) ، تضمنت أربع جلسات عمل ، توزّعتها ستّة محاور أو بحوث ، سأوردها موزّعة على الأيام والجلسات :
يوم السـبت : 9 / 2 / 2002
الجلسـة الصباحيـة (10.00-12.30 ) :
- افتتاح ندوة تاج العروس .
- كلمة معالي وزير الإعلام الشيخ أحمد الفهد الجابر الصباح
رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب .
- كلمة السيد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
د . محمـد الرميـحي .
- كلمة الضيوف ألقاها أ . د . حسين العمري .
السـاعـة : ( 11.00-12.30 )
البحث الأول : الزّبيدي ، حياته وكتابه التاج .
الباحـث : أ . د . حسين نصار .
المعقّـب : أ . مصطفى حجازي .( قرأه نيابةً عنه د.محمد حماسة عبد اللطيف).
مديـر الجلسـة : أ . د . عبد الله المهنـا .
الجلسـة المسـائيـة : ( 6.00 -7.30 )
البحث الثاني : مصادر التاج ، دراسة نقدية .
الباحـث : د . عزّ الدين البدوي النجار .
المعقّـب : د . عبد الرحمن بن العثيـمين .
مديـر الجلسـة : أ . د . منصـور بوخمسـين .
البحث الثالث : شـواهد التـاج .
الباحـث : د . عبد العزيز سفر .
المعقّـب : د . فيصل الحفيـان .
مديـر الجلسـة : د . فاطمة الخليفـة .
يوم الأحــد : 10 / 2 / 2002
الجلسـة الصباحيـة : ( 10.00-1.00 )
البحث الرابع : البحث النحوي والصرفي في تاج العروس .
الباحـث : د . عبد اللطيف الخطيب .
المعقّـب : د . محمـد طاهـر الحمصي .
مديـر الجلسـة : د . نجمـة إدريـس .
البحث الخامس : المعرّب والمولّد والدخيل .
الباحـث : أ . د . خليل حلمي خليل .
المعقّـب : د . طيـبـة الشـذر
مديـر الجلسـة : أ . د . عبد الله الغزالي .
الجلسـة المسـائيـة : ( 6.00-7.30 )
البحث السادس : المعجمات العربية وموقعها بين المعجمات العالمية .
الباحـث : أ . د .محمـود فهمي حجـازي.( قـرأه نيابـةً عنه د . عبد العزيز سفر ).
المعقّـب : د . سـعد مصـلوح .
مديـر الجلسـة : أ . د . عبـد الله الغنـيـم .
وانتقل المشاركون في الندوة بعد ذلك إلى دار الآثار الإسلامية ، حيث قام الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور محمد الرميحي بتكريم مَنْ حضر من المحققين والمراجعين ، وأثنى بالجميل على كُلّ مَنْ أسهم في إنجاز هذا المعجم ، مِمَّن لَـبُّـوا نداء ربّهم ، فلم يشهدوا هذه الندوة التي توّجت ثمرات جهودهم ، فشكر لهم حسن صنيعهم ، واستمطر لهم شآبيب الرحمة والمغفرة ، وهم المرحومون الأساتذة : عبد الستار فرّاج ، وعبد السلام هارون ، وعبد العليم الطحّاوي ، وعبد الكريم العزباوي ، وعلي هلالي ، وإبراهيم الترزي ، ومحمد بهجة الأثري ، والدكاترة : عبد العزيز مطر ، وعبد المجيد قطامش ، ومحمود الطناحي ، وعبد الفتّاح الحلو ، وإبراهيم السامرّائي ، رحمهم الله وأجزل مثوبتهم كِفاء ما بذلوه من خدمة للعربية لغة التنزيل العزيز . ثم تحوّل الحضور إلى مسرح دار الآثار الإسلامية ، وشاهدوا عرضاً سمعياً بصريّـاً متميزاً لرحلة ابن بطوطـة المشهورة في التاريخ العربي والإسلامي .
مـلحـوظـات عـامّـة على الـنـدوة :
لقد بدا واضحاً أن القائمين على تنظيم الندوة لم يألوا جهداً في توفير كلّ ما تحتاج إليه من خبرات علمية متخصّصة ، وتنظيم دقيق ، وبذل سخيّ ، وسهر على راحة المشاركين في الندوة حتى وصلوا بها إلى قدر كبير من النجاح ، ولولا ملحوظات يسيرة ، لكانت أدنى إلى الكمال، يمكن إيجازها فيما يأتـي :
1- عنوان الندوة كان ( تاج العروس ) وهذا يعني أنها وَقْف على هذا المعجم دون غيره من المعاجم أو كتب التراث ، وقد كان المأمول والمتوقع أن يكون المشاركون باحثين ومعقبين وضيوفاً من المجمعيين أو المعجميين أو اللغويين أو أعلام المحققين للتراث العربي ، على أن الواقع لم يكن كذلك ، فقد غاب عن الندوة – لأسباب لا نعلمها – أعلام متخصصون بالمعاجم على اختلاف أنواعها وصناعتها ومناهجها ، وهم من الشهرة بمكان ، لا يحتاجون إلى التصريح بأسمائهم ، تتوزعهم عِدّةُ بلدان مثل : تونس ولبنان وسورية والمغرب ، يقدمهم القائمون على جمعية المعجمية بتونس وعلى مكتب تنسيق التعريب وغيرهما . ولا شك أن حضور مثل هؤلاء كان سيثري الندوة ويجعلها أدنى إلى الكمال .
2- جرت العادة في جميع الندوات والمؤتمرات العلمية المشابهة مثل : اللسانيات والمصطلحات والتعريب والترجمة ، وغيرها أن تخرج الندوة بتوصيات ، تنهض بصياغتها لجنة تؤلّف من المشاركين فيها من ذوي الخبرة والكفاءة ، تسجّل جميع ما يقترحه الباحثون والمعقبون وذوو المداخلات ، وقد تنـبّه القائمون على الندوة إلى أهمية ذلك ، فأدرجوها في ختام دليل الندوة مشروطةً بلفظ ( قراءة التوصيات إن وجدت ) ومع ذلك فلم تكن ثمّة توصيات ، ولا لجنة لصياغتها على مسيس الحاجة في مثل هذه الندوة إلى توصيات ، يمكن أن تكون نواتها ما اقترحه بعض مَنْ أشرنا إليهم ، تجعل في مجموعها الانتفاع من ( التاج ) على الوجه الأكمل .
3- اشتملت الندوة على ستة محاور أو بحوث ، أربعة منها تناولت جوانب أو قضايا من مادة ( التاج ) ، هي : مصادره ، وشواهده ، والبحث النحوي والصرفي فيه ، والمعرّب والمولّد والدخيل فيه . وكان ثمّة محوران أو بحثان لا علاقة لهما بمادة المعجم ، إذ اقتصر أحدهما على حياة الزّبيدي مؤلِّفه ، وجاء ثانيهما عاماً تناول المعجمات العربية مقارنة بنظيراتها الأجنبية . وظاهر أن البحوث الأربعة التي جعلت من مادة ( التاج ) موضوعاً لها – على أهميتها – لا تستغرق المحاور التي تقتضيها هذه الندوة ، فقد كان هناك موضوعات ومحاور أخرى لا تقلّ أهميّة عنها ، مثل منهج الزّبيدي في معجمه ، والدلالة السياقية للمفردات اللغوية ، وتقويم التحقيق والمراجعة وتفاوتهما في معجم ضخم كهذا ، استغرق إنجازه خمسة وثلاثين عاماً .
4- معلوم أن طبعة التاج موضوع الندوة جاءت في أربعين مجلداً من المقاس الكبير ، ومرجع ذلك إلى المقاس الكبير لحرف الطباعة المعتمد في إصداره ، ولا شكّ أن ضخامة حجمه ، وثقل وزنه ، وكبر الحيّـز المكاني الذي يحتاج إليه لحفظه ، يجعل ذلك وغيره الانتفاع به دون المأمول والمطلوب، ولو أنه طبع بحرف ذي مقاس أصغر من المعتمد لخرج في ثلثي هذا الحجم أو في نصفه ، مما يجعله أقرب تناولاً ، وأكثر نفعاً .
كما أن اقتصار نشره على صورة المطبوع الورقي لا يفي بحاجات العصر ، ولا يواكب التطور التقني في النشر الالكتروني الذي يخزِّن أو يختزل عشرات المجلدات في قرص مُدْمَج ، زهيد الثمن، قريب المتناول ، صغير الحجم ، خفيف الوزن ، واسع الانتشار ، يقتنـيه ويفيد منه كلّ مَنْ لديه حاسوب شخصي من عامة المثقفين والطلاب وأهل العربية والمختصين في المعاجم والتراث وغيرهم ، وهم كثير .
ولا يخفى أن نشر أيّ كتاب على أوسع مدى لا يتحقق بطريقة النشر الورقي التقليدية بالغةً ما بلغت أعداد النسخ المطبوعة ، وهذا متعذر في حالة ( التاج ) لما تقدم من ضخامة حجمه ، وكثرة أجلاده ، وتوزّع مادّته عليها ، بل يتحقق باستعمال تقنيات النشر الالكتروني في صورة أقراص مضغوطة / ممغنطة كما سلف .
5- لمّا كان معجم ( التاج ) أشبه ما يكون بمعجم موسوعي أو موسوعة ثقافية تحوي لغة الأمة وثقافتها وحضارتها وفنونها وآدابها وعلومها = كانت حاجة الباحثين ماسة إلى فهارس فنية كثيرة تيسّر الانتفاع بالكتاب ، فتدني بعيده ، وتجمع شوارده وشواهده ، وتفتح مغاليقه ، من مثل : فهارس الآيات ، والقراءات ، والأحاديث ، والأشعار ، والأرجاز ، والأمثال ، وأعلام الأشخاص ، والبلدان، والكتب ، والأقوام ، والنباتات ، والطبّيّات ، والمعرّب ، والمولّد ، والأعجميّ ، والعامّيّ ، والأبنية ، واللغات ، وغيرها . . . وفي ذلك إن تحقّق – وهو المرجوّ والمأمول من القائمين على هذه الطبعة - خدمةٌ كبيرة للغة العربية وتراثها والمختصّين بها ، فضلاً عن أنه إتمام لمشروع عظيم ، نهض به قسم التراث في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب التابع لوزارة الإعلام بدولة الكويت ضمن سعيه الحثيث إلى نشر التراث العربي محققاً ، وأحسب أن التأخير في صنع هذه الفهارس وفي نشرها سيغري جهات عِدّة ، يهمّها الكسب الماديّ السريع ، ولا تأبـه للحقوق العلمية والأدبية = بأن تصنع للمعجم فهارس غير دقيقة أو مشوّهة تفسده .
6 – ظهر جليّـاً ما تميّزت به بعض البحوث والتعقيبات المقدّمة في الندوة من الجِدّة ، والأصالة ، والدقّـة في البحث والتتـبّع والتعقّب ، وكبير الجهد ، وعلوّ البيـان ، وجودة الأداء ، ولا ريب أن هذا مطلوب في مثل هذه الندوة المتخصّصة ، على أن بعض البحوث والتعقيبات كانت دون ذلك فيما تقدّم أو بعضه ، كما لوحظ على بعضها شيء من المجافاة للموضوعية والخروج إلى قدر من الغلوّ في الإعجاب أو الانتقاص ، أو المجاملة .
7 – لم يتمكن أكثر الباحثين والمعقّبين من إتمام تقديم مادّتهم العلمية التي أعدّوها لأسباب عِدّة ، منها ضيق الوقت المخصّص للبحث ، وهو عشرون دقيقة ، أو للتعقيب ، وهو عشر دقائق ، وبدا واضحاً أن أكثرهم لم يكونوا على علم مسبق قبل الندوة بالوقت المحدّد لهم ، ولم يختصروا ما كتبوا وأعدّوا ، ولم يقصروها على أهمّ ما في البحث أو التعقيب وعلى النتائج ، بل شرعوا في قراءة ما أعدّوا على صورته قبل علمهم بالوقت المحدّد ، وكذلك لم يراعوا توزيع الوقت على مادّتهم العلمية، فكانت النتيجة أن استغرقت المقدّمة أو التوطئة جُلّ الوقت ، حتى إذا أزِفَ الوقت أو كاد بدؤوا بقراءة صلب المادّة أو التعقيب مسرعين ، ثم اضطرّوا إلى الاعتذار عن البقية ، ولو أن الجهة المنظمة زادت الوقت المخصّص للبحث ، فجعلته ثلاثين دقيقة ، وجعلت مدّة التعقيب خمس عشرة دقيقة = لكان أولى ، ومثل هذا التوقيت معمول به أيضاً في بعض الندوات والمؤتمرات العلمية .
8 – تقدّمت الإشارة غير مرّة إلى ضخامة حجم هذا المعجم ، وكثرة أجلاده ، وطول الفترة التي استغرقها تحقيقه وطبعه ، فقد أربت على خمسة وثلاثين عاماً ، نُشِرَ خلالها ما لا يُحصى من المصادر والمراجع في التراث العربي في بلدان كثيرة ، بل تعدّدت طبعات كثير منها ، ومن البدهي أن يكون هناك اختلاف غير قليل بين المحققين والمراجعين في الاعتماد على المصادر وطبعاتها ، وهو ما يقتضي أن تشتمل الطبعة على ثَبَـت بالمصادر والمراجع المعتمدة في التحقيق والمراجعة ، وهذا غير متعذّر في هذه الطبعة ، وإن تعدّد المحققون والمراجعون ، واختلفت بلدانهم ، وتنوّعت مصادرهم ومراجعهم ، وتباينت طبعاتها ، وطال أمد إنجازها ، حيث يكون أساس هذا الثّبـَت مجموع القوائم المعتمدة في التحقيق والمراجعة مع حذف المكرر منها ، والاقتصار على توصيف طبعاتها ، والمرجو أن يحتفظ قسم التراث المشرف على الطبعة بنسخة ممّا اعتمده الذين نهضوا بالتحقيق أو المراجعة لكلّ جزء منفردينَ أو مجتمعين .
9 – يتصل بما سبق من خصوصية هذا المعجم من حيث كِبَر حجمه ، وكثرة أجزائه ، وتعدّد المحققين والمراجعين، وتفاوت أقدارهم ، وتنوّع مصادرهم ومراجعهم ، وطول فترة الإنجاز ، أنه صدر دونما لَحَـق يتضمّن تصويباً للأخطاء التي وقعت في جميع الكتاب على اختلاف أنواعها ، طباعية وغير طباعية ، وهذا جِدّ ضروري ، لأن ضخامة حجم المعجم تجعل من إعادة طبعه مصحّحاً أمراً متعذّراً ، ولا يغني عن ذلك إعادةُ مراجعة أجزائه التسعة والعشرين الأولى ، لأن جميع أجزاء المعجم لا تخلو من قَدْر من هذه الأخطاء ، على تفاوت فيما بينها في ذلك .
10 – لا ريب أن جميع مَنْ تعاقب على رئاسة قسم التراث في وزارة الإعلام سابقاً ثم في المجلس الوطني لاحقاً ، مِمَّن أشرف على تحقيق هذا المعجم أو مراجعته = كان حريصاً على التزام جميع المحققين والمراجعين منهجاً واحداً ، غير أن ذلك لم يتحقق على الوجه الأكمل ، لِما تقدّم وغيره مِمّا لا يتسع المقام لبسط القول فيه ، فقد تباينت درجاتُ التزامهم ذلك المنهج ، وتفاوت مقدارُ اهتمامهم بقضايا التحقيق أو المراجعة ، فما صرف بعضُهم عنايته إليه أهمله الآخرون ، والعكس صحيح ، وأمثلة ذلك فاشية ، تظهر لدى المقارنة فيما بين أجزاء الكتاب ، بل أحياناً في مواضع من الجزء الواحد ، لسبب أو لآخر ، مِمّا يدلّ على تباين في منهج التحقيق والمراجعة .
************************************************** **
*************************************
************************
المراجع :
( * ) أفدت في كتابة المقال من سجلّ بحوث الندوة وتعقيباتها ، ومن حضوري لأعمالها ، ومن مقدمة طبعة التاج ، ومن لقائي بعض المختصّين والمشاركين فيها ، وكذلك من خبرتي في المعاجم وحضور الندوات المشابهة السابقة في اللسانيات والمعاجم والمصطلح والتعريب والذخيرة اللغوية ، ومن الكتابة عنها في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق .
د . يحيى مير علم
عضو مراسل في مجمع اللغة العربية بدمشق
قسم اللغة العربية - كلية التربية الأساسية
دولة الكويت
احتفل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت بإنجاز تحقيقه وطباعته لمعجم (( تاج العروس )) الذي صدر في أربعين مجلداً ، فعقد لذلك ندوة خاصة أسماها ( ندوة تاج العروس) يومي التاسع والعاشر من شباط / فبراير عام 2002 ، شارك فيها وحضرها ثلّة من العلماء والمجمعيين والمعجميين والمختصين باللغة والمعاجم والتراث العربي ، توافدوا من أقطار الوطن العربي ، يقدمهم رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق أستاذنا الدكتور شاكر الفحام ، والدكتور أحمد مختار عمر، والدكتور عبد الصبور شاهين ، والدكتور أحمد طالب الإبراهيمي ، والدكتور محمود علي مكي ، والقاضي إسماعيل الأكوع ، إضافةً إلى بعض مَنْ أسهم في تحقيق المعجم أو مراجعته .
قصّة هذه الطبعة :
من المعلوم لذوي الاختصاص والمهتمين بالتراث العربي عامة واللغوي خاصة أن وزارة الإرشاد والأنباء بدولة الكويت أخذت على عاتقها مهمة جليلة هي إحياء التراث العربي ، فنشرت عدداً من الكتب العربية المخطوطة ، وتوّجت ذلك بتحقيق معجم ( تاج العروس ) وطباعته ، فأضافت بذلك يداً بيضاء إلى أيادٍ بيض أسدتها للثقافة العربية والتراث العربي والناطقين بالضاد ، تبدّت في إصدار مجلات ودوريات وسلاسل ثقافية عامّة ومتخصّصة ، مثل ( عالم المعرفة ، وعالم الفكر ، والثقافة العالمية ، والمسرح العالمي ، ومجلة العربي ، ومجلة الكويت ، وغيرها . . .) .
ومما تجدر الإشارة إليه أن الفضل في التنبيه إلى أهمية تحقيق هذا السفر العظيم ، وفي دعوة وزارة الإرشاد والأنباء آنذاك إلى النهوض بتحقيقه ونشره ضمن سعيها الحميد إلى إحياء التراث العربي = يعود إلى المرحوم الأستاذ عبد الستار أحمد فرّاج رئيس التحرير في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، فلقي ذلك استحساناً وتشجيعاً من صديقه الأديب الكبير الأستاذ أحمد السقاف وكيل الوزارة آنـئذٍ ، فأخذ على عاتقه إقرار المشروع ، وكان البدء بإصداره عام 1385هـ/ 1965م ، فقد عهدت الوزارة إلى الأستاذ فرّاج الإشراف على تحقيقه ونشره ، فاختار له محققين أكفاء ، التقاهم وكيل الوزارة في القاهرة ، وهم الأساتذة : إبراهيم الترزي ، وحسين نصار ، وعبد الستار أحمد فرّاج ، وعبد السلام هارون ، وعبد العليم الطحاوي ، وعلي هلالي ، ومصطفى حجازي ، وعبد الكريم العزباوي .
فاجتمعوا وناقشوا المشروع ، ووضعوا منهج تحقيقه ، وهو - على الجملة - لا يختلف عن المنهج العلمي المتّبع في تحقيق النصوص التراثية واللغوية ، من مثل : ضبط اللغة والآيات والأحاديث والأشعار والأمثال ، ونسبة ما لم يُنسب من الأشعار ، وتخريج الشعر من الدواوين مع بيان اختلاف الرواية إن وجدت ، واستدراك ما نقص ولم يتمّ من الشواهد ، وتوثيق النصوص بالإحالة على المراجع والمصادر والمعاجم وغيرها ، وترقيم النص وتفصيله وتوزيعه إلى فقرات ، وتمييز الآيات بإثباتها بين قوسين مزهرين ، وتمييز الأحاديث والأمثال بوضعـها بين علامتي تنصيـص ( قوسين صغيرين ) ووضع الزيادة بين قوسين معقوفين ، إضافة إلى اعتماد بعض الرموز والإشارات من مثل : وضع قوسين معقوفين أمام الاسـتدراك ، ووضع علامة النجمـة أمام رأس المادة تنبيـهاً على وجودها في ( لسان لعرب ) ، فإن ذكر اللسان والصحاح والتكملة والعُباب في الهامش دون تقييد بمادة فمعناه أن النصّ الموثَّق في المادة نفسها التي يشرحها الزّبيدي .
ولـمّا لم تجر الأمور على ما قُدّر بدءاً ، إذ لم تمهل المنيةُ بعض مَنْ وقع عليهم الاختيار من المحققين ، ولم تسمح ظروفُ بعضهم بالاستمرار فاعتذروا = انضمّ إلى سلكهم محققـون آخرون ، نهضوا بتحقيق بعض الأجزاء قبل أن يلحقـوا بجوار ربّهم ، منهم المرحومون : د . عبد العزيز مطر ، و د . عبد الفتـاح الحلو ، و د . محمـود الطناحي ، و د . عبد المجيد قطامش ، و د . إبراهيم السامرائي ، ومن الأحياء كلّ من : د . عبد الصبور شاهين ، و د . ضاحي عبد الباقي .
وقد أمضى الأستاذ فرّاج في عمله سبعة عشر عاماً ( 1964-1981 ) متابعاً للمحققين والمراجعين ، ومحرّراً للأصول قبل تقديمها للطباعة ، ومراجعاً لتجارب الطباعة ، وعاملاً على تحقيق التنسيق في الإخراج ، والتوحيد في المنهج ، واستمرّ على ذلك حتى تمّ له تحقيق تسعة وثلاثين جزءاً ، وشرع في تحقيق الجزء الأربعين غير أن القـدر لم يمهله ، فاختاره الله إلى جواره ، وهو يصحّح تجارب طباعة الجزء العشرين ، ثم خلفه في ذلك الأستاذ مصطفى حجازي فتابع عمله حتى الجزء الخامس والعشرين ( 1982-1988 ) ، ثم انتقلت العهدة من بعده إلى الدكتور ضاحي عبد الباقي ، فاستمرّ بذلك حتى الجزء الثامن والعشرين .
وقد استمر إشراف الوزارة على إصدار معجم ( التاج ) حتى الجزء الثامن والعشرين ، ثم توالى إصدار الأجزاء حتى بلغت جملة ما صدر منه حتى منتصف التسعينات ثلاثين جزءاً ، وعندما ضُمّ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إلى وزارة الإعلام انتقلت العهدة في إصدار بقيـة أجزاء ( تاج العروس ) ( 29 – 40 ) إلى المجلس الوطني المذكور ، فاهتمّ به ونشط له ، وأعانه على طبعه دعمٌ ماليّ قدّمته مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ، وسعيٌ حثيث محمود من أمينه العام الدكتور محمد الرميحي ، وكذلك من القائمين على قسم التراث العربي في المجلس ، فصحّ العزم على إصدار بقية أجزائه العشرة في مدة لا تزيد على سنتين ( 2000 و 2001 ) ، فاختاروا مجموعة من الأساتذة الأفاضل ، وأسـندوا إليهم مهمّة القيام بمراجعـة جديدة لتلك الأجـزاء ، فتمّ بذلك إنجاز التحقيق والمراجعة والطباعة لهذا المعجم الموسوعي ( تاج العروس ) .
إن كثرة أجزاء هذه الطبعة ، وما اقتضاه إنجازها من مديد الوقت ، ووفرة المحققين والمراجعين يجعل من المفيد إيراد قائمة تضمّ كُلّ جزء من أجزاء المعجم مقروناً باسم أو أسماء مَنْ حقّقه أو راجعه، ومتبوعاً بتاريخ طباعته . وفي ذلك جمعٌ لِما تفرّق في أجلاد كثيرة ، صدرت في خمسة وثلاثين عاماً ، فات كثيراً من المختصّين اقتناءُ نسخة كاملة من هذا المعجم الموسوعي :
الجزء المـحـقِّـق المـراجـع سـنة الطبـع
1 عبـد السـتار فرّاج لجـنـة فـنـيـة 1385هـ/1965م
2 علـي هلالـي عبد الله العلايلي ، عبد السـتار فرّاج 1386هـ/1966م
3 عبـد الكريـم العزباوي إبراهيم السامرائي ، عبد السـتار فرّاج 1386هـ/1967م
4 عبـد العليـم الطحاوي محمـد بهجـة الأثـري 1387هـ/1968 م
5 مصطفـى حجـازي عبـد السـتار فرّاج 1389هـ/1969م
6 حسـين نصـار جميـل سـعيد ، عبد السـتار فرّاج 1389هـ/1969م
7 عبـد السـلام هارون لجـنـة فـنـيـة 1389هـ/1970م
8 عبـد العزيـز مطـر عبد السـتار فرّاج 1390هـ/1970م
9 عبد السـتار فرّاج لجـنـة فـنـيـة 1391هـ/1971م
10 إبراهيـم التـرزي عبـد السـتار فرّاج 1392هـ/1972م
11 عبد الكريـم العزباوي عبـد السـتار فرّاج 1392هـ/1972م
12 مصطفـى حجـازي عبـد السـتار فرّاج 1393هـ/1973م
13 حسـين نصـار عبد العليم الطحاوي ، عبد الستار فرّاج 1394هـ/1974م
14 عبـد العليـم الطحاوي عبد الكريم العزباوي ، عبد الستار فرّاج 1394هـ/1974م
15 إبراهيـم التـرزي ، مصطفى حجازي ، عبد العليم الطحاوي ، عبد الكريم العزباوي عبـد الستـار فرّاج 1395هـ/1975م
16 محمـود الطنـاحي مصطفـى حجازي ، عبد السـتار فرّاج 1396هـ/1976م
17 مصطفـى حجـازي عبـد السـتار فرّاج 1397هـ/1977م
18 عبـد الكريـم العزباوي عبـد السـتار فرّاج 1399هـ/1979م
19 عبـد العليـم الطحاوي عبـد السـتار فرّاج 1400هـ/1980م
20 عبـد الكريـم العزباوي عبـد العليم الطحاوي ، عبد الستار فرّاج 1403هـ/1983م
21 عبـد العليـم الطحاوي مصطفـى حجـازي 1404هـ/1984م
22 مصطفـى حجـازي لجـنـة فـنـيـة 1405هـ/1985م
23 عبـد الفتـاح الحـلـو مصطفـى حجـازي 1406هـ/1986م
24 مصطفـى حجـازي لجـنـة فـنـيـة 1408هـ/1987م
25 مصطفـى حجـازي لجـنـة فـنـيـة 1409هـ/1989م
26 عبـد الكريـم العزباوي مصطفـى حجـازي 1410هـ/1990م
27 مصطفـى حجـازي لجـنـة فـنـيـة 1413هـ/1993م
28 محمـود الطنـاحي عبـد السـلام هارون 1413هـ/1993م
29 عبـد الفتـاح الحـلو أحمد مختار عمر ، خالد عبد الكريم جمعـة 1418هـ/1997م
30 مصطفـى حجـازي أحمد مختار عمر ، ضاحي عبد الباقي
خالد عبد الكريم جمعـة 1419هـ/1998م
31 عبـد العليـم الطحاوي حسين محمد شرف ، خالد عبد الكريم جمعة 1421هـ/2000م
32 عبـد الكريـم العزباوي أحمد مختار عمر، عبد اللطيف الخطيب 1421هـ/2000م
33 إبراهيـم التـرزي محمد سلامة رحمة ، مصطفىحجازي ،
عبد اللطيـف الخطيـب 1421هـ/2000م
34 علـي هـلالـي مصطفى حجازي ، عبد الحميد طلب ،
خالد عبد الكريم جمعـة 1421هـ/2001م
35 مصطفـى حجـازي أحمد مختار عمر ، ضاحي عبد الباقي ،
خالد عبد الكريم جمعـة 1421هـ/2001م
36 عبـد الكريـم العزباوي ضاحي عبد الباقي ، خالد عبد الكريم جمعة 1422هـ/2001م
37 مصطفـى حجـازي محمـد حماسـة عبد اللطيـف 1422هـ/2001م
38 عبـ الصبـور شـاهين محمـد حماسـة عبد اللطيـف 1422هـ/2001م
39 عبـد المجـيـد قطـامـش عبد العزيز سفر ، خالد عبد الكريم جمعـة 1422هـ/2001م
40 ضاحي عبـد البـاقي عبـد اللطيـف الخطيـب 1422هـ/2001م
على أنه لم تكن طبعة معجم ( تاج العروس ) هذه هي الأولى ، فقد سبقتها طبعتان ، صدرت أولاهما سنة ( 1286/1287هـ-1870/1871م ) عن المطبعة الوهبية بمصر ، ولكنها اقتصرت على خمسة أجزاء ، فلم تتمّ ، وصدرت ثانيهما سنة ( 1307هـ/1890م ) عن المطبعة الخيرية بالقاهرة ، في عشرة أجزاء . والطبعتان جاءتا خلواً من الضبط والتنسيق والتحقيق على ما فيهما من أخطاء الطباعة . ثم طُبع المعجم في دار الفكر ببيروت سنة 1414هـ / 1994م بتحقيق علي شيري في عشرين مجلّداً .
معجم ( تاج العروس ) :
وأما معجم ( تاج العروس من جواهر القاموس ) لمؤلّفه السيد محمد مرتضى الحسيني الزَّبيدي ( ت 1205هـ/1790م ) موضوع الندوة ، فلا يخفى على أحد من أهل العربية ما له من منزلة رفيعة بين معجمات العربية ، فهو – على تأخره – أوسع معاجم اللغة العربية ، وأغزرها مادة ، وأكثرها عنايةً وجمعاً واستقصاءً لأعلام الأشخاص والبلدان والمواضع والنبات والأعجمي والمولّد والمعرّب والدخيل ، حتى غدا أو كاد موسوعةً تضمّ مفردات العربية ، وأنواع الثقافة العربية ،فكان بذلك اسماً على مسمى تاجاً للمعاجم العربية على مختلف العصور .
ومعلوم أن الزَّبيدي أقام كتابه ( تاج العروس ) على شرح ( القاموس المحيط ) لمجد الدين الفيروز آبادي ( ت 816 أو 817هـ ) الذي ضمنه معجم ( الصّحاح ) لإسماعيل بن حماد الجوهري ( ت 400هـ ) وخلاصة ما في ( المُحكم ) لابن سيده علي بن إسماعيل ( ت 458 أو 448هـ ) وخلاصة ما في ( العُبـاب ) لرضي الدين الحسن بن محمد الصغّاني/ الصاغاني ( ت 650هـ ) إضافة إلى زياداته على تلك الأصول الثلاثة .
لقد استغرق الزَّبيدي في عمل معجمه ( تاج العروس ) أربعة عشر عاماً وشهرين ، إذ شرع في تصنيفه حوالي سنة ( 1174هـ/1761م ) وكانت سِـنُّه آنذاك تسعة وعشرين عاماً ، وانتهى من تأليفه سنة ( 1188هـ/1774م ) فخرج في عشر مجلدات كوامل ، جُملتها خَمسمئة كرّاس ، وكان الزَّبيدي قد احتفل بإنجازه تأليف الجزء الأول من معجمه ( التاج ) ، فأولم لذلك وليمة عظيمة سنة إحدى وثمانين ومئة وألف ، حضرها كثير من الشيوخ وطلاب العلم ، أي قبل نحو مئتين وأربعين سنة من هذه الندوة .
أمّا المصادر التي اعتمد عليها الزَّبيدي في تأليف معجمه فهي كثيرة جداً ، ذكر منها في مقدمته نحواً من مئة وعشرين كتاباً ، تضمّنت في مجموعها كثيراً من معاجم اللغة وكتب الأفعال والأمثال والنحو والصرف والتاريخ والطبقات والأنساب والأدب وعلوم القراءات والجغرافية والبلدان والحيوان والنبات والطب والسياسة والدواوين وغيرها .
وقد حرص الزبيدي في معجمه على التزام منهج الفيروز آبادي في ( القاموس المحيط ) من حيث ترتيب المداخل على الحرف الأخير من الجذر ثم الحرف الأول منه ثم ما يتوسط بينهما ، فحافظ على مداخله وعباراته ورموزه ، وأضاف إلى ذلك زيادات تجلّت في نسبة ما أورده صاحب القاموس ، ونقد بعض تفسيراته ، ونبّـه على ما أهمل من مداخل ، واستدرك بعض الصيغ والشروح في التفسير، وأخَّر أكثرها ، فجعلها في مداخل مفردة ، وصدَّره بمقدمة مسهبة استغرقت (124) صفحة من مطبوعة الكويت ، تحدّث فيها عن أسباب تأليفه معجمه ، وهدفه ، ومراجعه ، وخصائصه وخصائص أصله القاموس ، وما صُنّف حوله ، وضمَّنها كذلك عشرة مقاصد ، تابع في ثمانية منها السيوطي في ( المزهر ) ، وهي : وقفية اللغة أو اصطلاحيتها ، وسعة لغة العرب ، وعِدّة أبنية الكلام، والمتواتر من اللغة والآحاد ، وأفصح الناس ، والمطّرد والشاذّ ، والحقيقة والمجاز ، والمشترك والأضداد والمترادف والمعرّب والمولّد ، وآداب اللغوي ، واللغويون ومصنّفاتهم ،وترجمة مؤلِّف ( القاموس ) وأسـانيـد الزَّبيـدي إلى الفـيروزآبادي ، ووقـف الخاتمة على شرح مقدمة ( القاموس ) .
برنامـج الـندوة :
عقدت ندوة ( تاج العروس ) في فندق راديسون ساس بالكويت ، وقد مضى أنها استمرت يومين كاملين ( 9-10 فبراير/ شباط 2002 ) ، تضمنت أربع جلسات عمل ، توزّعتها ستّة محاور أو بحوث ، سأوردها موزّعة على الأيام والجلسات :
يوم السـبت : 9 / 2 / 2002
الجلسـة الصباحيـة (10.00-12.30 ) :
- افتتاح ندوة تاج العروس .
- كلمة معالي وزير الإعلام الشيخ أحمد الفهد الجابر الصباح
رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب .
- كلمة السيد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
د . محمـد الرميـحي .
- كلمة الضيوف ألقاها أ . د . حسين العمري .
السـاعـة : ( 11.00-12.30 )
البحث الأول : الزّبيدي ، حياته وكتابه التاج .
الباحـث : أ . د . حسين نصار .
المعقّـب : أ . مصطفى حجازي .( قرأه نيابةً عنه د.محمد حماسة عبد اللطيف).
مديـر الجلسـة : أ . د . عبد الله المهنـا .
الجلسـة المسـائيـة : ( 6.00 -7.30 )
البحث الثاني : مصادر التاج ، دراسة نقدية .
الباحـث : د . عزّ الدين البدوي النجار .
المعقّـب : د . عبد الرحمن بن العثيـمين .
مديـر الجلسـة : أ . د . منصـور بوخمسـين .
البحث الثالث : شـواهد التـاج .
الباحـث : د . عبد العزيز سفر .
المعقّـب : د . فيصل الحفيـان .
مديـر الجلسـة : د . فاطمة الخليفـة .
يوم الأحــد : 10 / 2 / 2002
الجلسـة الصباحيـة : ( 10.00-1.00 )
البحث الرابع : البحث النحوي والصرفي في تاج العروس .
الباحـث : د . عبد اللطيف الخطيب .
المعقّـب : د . محمـد طاهـر الحمصي .
مديـر الجلسـة : د . نجمـة إدريـس .
البحث الخامس : المعرّب والمولّد والدخيل .
الباحـث : أ . د . خليل حلمي خليل .
المعقّـب : د . طيـبـة الشـذر
مديـر الجلسـة : أ . د . عبد الله الغزالي .
الجلسـة المسـائيـة : ( 6.00-7.30 )
البحث السادس : المعجمات العربية وموقعها بين المعجمات العالمية .
الباحـث : أ . د .محمـود فهمي حجـازي.( قـرأه نيابـةً عنه د . عبد العزيز سفر ).
المعقّـب : د . سـعد مصـلوح .
مديـر الجلسـة : أ . د . عبـد الله الغنـيـم .
وانتقل المشاركون في الندوة بعد ذلك إلى دار الآثار الإسلامية ، حيث قام الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور محمد الرميحي بتكريم مَنْ حضر من المحققين والمراجعين ، وأثنى بالجميل على كُلّ مَنْ أسهم في إنجاز هذا المعجم ، مِمَّن لَـبُّـوا نداء ربّهم ، فلم يشهدوا هذه الندوة التي توّجت ثمرات جهودهم ، فشكر لهم حسن صنيعهم ، واستمطر لهم شآبيب الرحمة والمغفرة ، وهم المرحومون الأساتذة : عبد الستار فرّاج ، وعبد السلام هارون ، وعبد العليم الطحّاوي ، وعبد الكريم العزباوي ، وعلي هلالي ، وإبراهيم الترزي ، ومحمد بهجة الأثري ، والدكاترة : عبد العزيز مطر ، وعبد المجيد قطامش ، ومحمود الطناحي ، وعبد الفتّاح الحلو ، وإبراهيم السامرّائي ، رحمهم الله وأجزل مثوبتهم كِفاء ما بذلوه من خدمة للعربية لغة التنزيل العزيز . ثم تحوّل الحضور إلى مسرح دار الآثار الإسلامية ، وشاهدوا عرضاً سمعياً بصريّـاً متميزاً لرحلة ابن بطوطـة المشهورة في التاريخ العربي والإسلامي .
مـلحـوظـات عـامّـة على الـنـدوة :
لقد بدا واضحاً أن القائمين على تنظيم الندوة لم يألوا جهداً في توفير كلّ ما تحتاج إليه من خبرات علمية متخصّصة ، وتنظيم دقيق ، وبذل سخيّ ، وسهر على راحة المشاركين في الندوة حتى وصلوا بها إلى قدر كبير من النجاح ، ولولا ملحوظات يسيرة ، لكانت أدنى إلى الكمال، يمكن إيجازها فيما يأتـي :
1- عنوان الندوة كان ( تاج العروس ) وهذا يعني أنها وَقْف على هذا المعجم دون غيره من المعاجم أو كتب التراث ، وقد كان المأمول والمتوقع أن يكون المشاركون باحثين ومعقبين وضيوفاً من المجمعيين أو المعجميين أو اللغويين أو أعلام المحققين للتراث العربي ، على أن الواقع لم يكن كذلك ، فقد غاب عن الندوة – لأسباب لا نعلمها – أعلام متخصصون بالمعاجم على اختلاف أنواعها وصناعتها ومناهجها ، وهم من الشهرة بمكان ، لا يحتاجون إلى التصريح بأسمائهم ، تتوزعهم عِدّةُ بلدان مثل : تونس ولبنان وسورية والمغرب ، يقدمهم القائمون على جمعية المعجمية بتونس وعلى مكتب تنسيق التعريب وغيرهما . ولا شك أن حضور مثل هؤلاء كان سيثري الندوة ويجعلها أدنى إلى الكمال .
2- جرت العادة في جميع الندوات والمؤتمرات العلمية المشابهة مثل : اللسانيات والمصطلحات والتعريب والترجمة ، وغيرها أن تخرج الندوة بتوصيات ، تنهض بصياغتها لجنة تؤلّف من المشاركين فيها من ذوي الخبرة والكفاءة ، تسجّل جميع ما يقترحه الباحثون والمعقبون وذوو المداخلات ، وقد تنـبّه القائمون على الندوة إلى أهمية ذلك ، فأدرجوها في ختام دليل الندوة مشروطةً بلفظ ( قراءة التوصيات إن وجدت ) ومع ذلك فلم تكن ثمّة توصيات ، ولا لجنة لصياغتها على مسيس الحاجة في مثل هذه الندوة إلى توصيات ، يمكن أن تكون نواتها ما اقترحه بعض مَنْ أشرنا إليهم ، تجعل في مجموعها الانتفاع من ( التاج ) على الوجه الأكمل .
3- اشتملت الندوة على ستة محاور أو بحوث ، أربعة منها تناولت جوانب أو قضايا من مادة ( التاج ) ، هي : مصادره ، وشواهده ، والبحث النحوي والصرفي فيه ، والمعرّب والمولّد والدخيل فيه . وكان ثمّة محوران أو بحثان لا علاقة لهما بمادة المعجم ، إذ اقتصر أحدهما على حياة الزّبيدي مؤلِّفه ، وجاء ثانيهما عاماً تناول المعجمات العربية مقارنة بنظيراتها الأجنبية . وظاهر أن البحوث الأربعة التي جعلت من مادة ( التاج ) موضوعاً لها – على أهميتها – لا تستغرق المحاور التي تقتضيها هذه الندوة ، فقد كان هناك موضوعات ومحاور أخرى لا تقلّ أهميّة عنها ، مثل منهج الزّبيدي في معجمه ، والدلالة السياقية للمفردات اللغوية ، وتقويم التحقيق والمراجعة وتفاوتهما في معجم ضخم كهذا ، استغرق إنجازه خمسة وثلاثين عاماً .
4- معلوم أن طبعة التاج موضوع الندوة جاءت في أربعين مجلداً من المقاس الكبير ، ومرجع ذلك إلى المقاس الكبير لحرف الطباعة المعتمد في إصداره ، ولا شكّ أن ضخامة حجمه ، وثقل وزنه ، وكبر الحيّـز المكاني الذي يحتاج إليه لحفظه ، يجعل ذلك وغيره الانتفاع به دون المأمول والمطلوب، ولو أنه طبع بحرف ذي مقاس أصغر من المعتمد لخرج في ثلثي هذا الحجم أو في نصفه ، مما يجعله أقرب تناولاً ، وأكثر نفعاً .
كما أن اقتصار نشره على صورة المطبوع الورقي لا يفي بحاجات العصر ، ولا يواكب التطور التقني في النشر الالكتروني الذي يخزِّن أو يختزل عشرات المجلدات في قرص مُدْمَج ، زهيد الثمن، قريب المتناول ، صغير الحجم ، خفيف الوزن ، واسع الانتشار ، يقتنـيه ويفيد منه كلّ مَنْ لديه حاسوب شخصي من عامة المثقفين والطلاب وأهل العربية والمختصين في المعاجم والتراث وغيرهم ، وهم كثير .
ولا يخفى أن نشر أيّ كتاب على أوسع مدى لا يتحقق بطريقة النشر الورقي التقليدية بالغةً ما بلغت أعداد النسخ المطبوعة ، وهذا متعذر في حالة ( التاج ) لما تقدم من ضخامة حجمه ، وكثرة أجلاده ، وتوزّع مادّته عليها ، بل يتحقق باستعمال تقنيات النشر الالكتروني في صورة أقراص مضغوطة / ممغنطة كما سلف .
5- لمّا كان معجم ( التاج ) أشبه ما يكون بمعجم موسوعي أو موسوعة ثقافية تحوي لغة الأمة وثقافتها وحضارتها وفنونها وآدابها وعلومها = كانت حاجة الباحثين ماسة إلى فهارس فنية كثيرة تيسّر الانتفاع بالكتاب ، فتدني بعيده ، وتجمع شوارده وشواهده ، وتفتح مغاليقه ، من مثل : فهارس الآيات ، والقراءات ، والأحاديث ، والأشعار ، والأرجاز ، والأمثال ، وأعلام الأشخاص ، والبلدان، والكتب ، والأقوام ، والنباتات ، والطبّيّات ، والمعرّب ، والمولّد ، والأعجميّ ، والعامّيّ ، والأبنية ، واللغات ، وغيرها . . . وفي ذلك إن تحقّق – وهو المرجوّ والمأمول من القائمين على هذه الطبعة - خدمةٌ كبيرة للغة العربية وتراثها والمختصّين بها ، فضلاً عن أنه إتمام لمشروع عظيم ، نهض به قسم التراث في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب التابع لوزارة الإعلام بدولة الكويت ضمن سعيه الحثيث إلى نشر التراث العربي محققاً ، وأحسب أن التأخير في صنع هذه الفهارس وفي نشرها سيغري جهات عِدّة ، يهمّها الكسب الماديّ السريع ، ولا تأبـه للحقوق العلمية والأدبية = بأن تصنع للمعجم فهارس غير دقيقة أو مشوّهة تفسده .
6 – ظهر جليّـاً ما تميّزت به بعض البحوث والتعقيبات المقدّمة في الندوة من الجِدّة ، والأصالة ، والدقّـة في البحث والتتـبّع والتعقّب ، وكبير الجهد ، وعلوّ البيـان ، وجودة الأداء ، ولا ريب أن هذا مطلوب في مثل هذه الندوة المتخصّصة ، على أن بعض البحوث والتعقيبات كانت دون ذلك فيما تقدّم أو بعضه ، كما لوحظ على بعضها شيء من المجافاة للموضوعية والخروج إلى قدر من الغلوّ في الإعجاب أو الانتقاص ، أو المجاملة .
7 – لم يتمكن أكثر الباحثين والمعقّبين من إتمام تقديم مادّتهم العلمية التي أعدّوها لأسباب عِدّة ، منها ضيق الوقت المخصّص للبحث ، وهو عشرون دقيقة ، أو للتعقيب ، وهو عشر دقائق ، وبدا واضحاً أن أكثرهم لم يكونوا على علم مسبق قبل الندوة بالوقت المحدّد لهم ، ولم يختصروا ما كتبوا وأعدّوا ، ولم يقصروها على أهمّ ما في البحث أو التعقيب وعلى النتائج ، بل شرعوا في قراءة ما أعدّوا على صورته قبل علمهم بالوقت المحدّد ، وكذلك لم يراعوا توزيع الوقت على مادّتهم العلمية، فكانت النتيجة أن استغرقت المقدّمة أو التوطئة جُلّ الوقت ، حتى إذا أزِفَ الوقت أو كاد بدؤوا بقراءة صلب المادّة أو التعقيب مسرعين ، ثم اضطرّوا إلى الاعتذار عن البقية ، ولو أن الجهة المنظمة زادت الوقت المخصّص للبحث ، فجعلته ثلاثين دقيقة ، وجعلت مدّة التعقيب خمس عشرة دقيقة = لكان أولى ، ومثل هذا التوقيت معمول به أيضاً في بعض الندوات والمؤتمرات العلمية .
8 – تقدّمت الإشارة غير مرّة إلى ضخامة حجم هذا المعجم ، وكثرة أجلاده ، وطول الفترة التي استغرقها تحقيقه وطبعه ، فقد أربت على خمسة وثلاثين عاماً ، نُشِرَ خلالها ما لا يُحصى من المصادر والمراجع في التراث العربي في بلدان كثيرة ، بل تعدّدت طبعات كثير منها ، ومن البدهي أن يكون هناك اختلاف غير قليل بين المحققين والمراجعين في الاعتماد على المصادر وطبعاتها ، وهو ما يقتضي أن تشتمل الطبعة على ثَبَـت بالمصادر والمراجع المعتمدة في التحقيق والمراجعة ، وهذا غير متعذّر في هذه الطبعة ، وإن تعدّد المحققون والمراجعون ، واختلفت بلدانهم ، وتنوّعت مصادرهم ومراجعهم ، وتباينت طبعاتها ، وطال أمد إنجازها ، حيث يكون أساس هذا الثّبـَت مجموع القوائم المعتمدة في التحقيق والمراجعة مع حذف المكرر منها ، والاقتصار على توصيف طبعاتها ، والمرجو أن يحتفظ قسم التراث المشرف على الطبعة بنسخة ممّا اعتمده الذين نهضوا بالتحقيق أو المراجعة لكلّ جزء منفردينَ أو مجتمعين .
9 – يتصل بما سبق من خصوصية هذا المعجم من حيث كِبَر حجمه ، وكثرة أجزائه ، وتعدّد المحققين والمراجعين، وتفاوت أقدارهم ، وتنوّع مصادرهم ومراجعهم ، وطول فترة الإنجاز ، أنه صدر دونما لَحَـق يتضمّن تصويباً للأخطاء التي وقعت في جميع الكتاب على اختلاف أنواعها ، طباعية وغير طباعية ، وهذا جِدّ ضروري ، لأن ضخامة حجم المعجم تجعل من إعادة طبعه مصحّحاً أمراً متعذّراً ، ولا يغني عن ذلك إعادةُ مراجعة أجزائه التسعة والعشرين الأولى ، لأن جميع أجزاء المعجم لا تخلو من قَدْر من هذه الأخطاء ، على تفاوت فيما بينها في ذلك .
10 – لا ريب أن جميع مَنْ تعاقب على رئاسة قسم التراث في وزارة الإعلام سابقاً ثم في المجلس الوطني لاحقاً ، مِمَّن أشرف على تحقيق هذا المعجم أو مراجعته = كان حريصاً على التزام جميع المحققين والمراجعين منهجاً واحداً ، غير أن ذلك لم يتحقق على الوجه الأكمل ، لِما تقدّم وغيره مِمّا لا يتسع المقام لبسط القول فيه ، فقد تباينت درجاتُ التزامهم ذلك المنهج ، وتفاوت مقدارُ اهتمامهم بقضايا التحقيق أو المراجعة ، فما صرف بعضُهم عنايته إليه أهمله الآخرون ، والعكس صحيح ، وأمثلة ذلك فاشية ، تظهر لدى المقارنة فيما بين أجزاء الكتاب ، بل أحياناً في مواضع من الجزء الواحد ، لسبب أو لآخر ، مِمّا يدلّ على تباين في منهج التحقيق والمراجعة .
************************************************** **
*************************************
************************
المراجع :
( * ) أفدت في كتابة المقال من سجلّ بحوث الندوة وتعقيباتها ، ومن حضوري لأعمالها ، ومن مقدمة طبعة التاج ، ومن لقائي بعض المختصّين والمشاركين فيها ، وكذلك من خبرتي في المعاجم وحضور الندوات المشابهة السابقة في اللسانيات والمعاجم والمصطلح والتعريب والذخيرة اللغوية ، ومن الكتابة عنها في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق .