المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 174 ... "إن ْأُرِيدُ إلاّ الإِصْلاحَ" يا أبا مازن!!!.



سماك العبوشي
13/07/2010, 08:36 PM
مسامير وأزاهير 174 ...

"إن ْأُرِيدُ إلاّ الإِصْلاحَ" يا أبا مازن!!!.


" التاريخ سيلعننا ما لم نَعُدْ للوحدة ولن أسمح بإبعاد نواب القدس" ... ذاك لعمري اقتباس لإحدى العبارات الطنانة الرنانة التي نطق بها السيد الرئيس محمود عباس في كلمة له كان قد ألقاها يوم السبت المنصرم الموافق 10 / 7 / 2010 أثناء الاحتفال المقام برام الله بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، وما حوته تلك الكلمة من عبارات تالله ليستحق الوقوف عندها ومناقشتها بإسهاب وتسليط الضوء عليه، فلست ممن ينطبق عليه المثل العربي القائل " أساء سمعا فأساء إجابة"، فما سمعته في تلك الكلمة كنت قد أدركت مغزاه ومعناه فاستحق لعمري عليه الجواب!!.

أولاً ... قد أكد السيد الرئيس محمود عباس بكلمته تلك بأن السلطة الوطنية لن تسمح بأن تبعد إسرائيل النواب المقدسيين الخمسة وتسحب هوياتهم المقدسية "مهما كلفها ذلك من ثمن!!", مشيراً إلى أن ذلك محرم دولي, باعتبار أن هناك اتفاقيات موقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل, كانت قد خرقتها تل أبيب!!، وإني لأتساءل:
1. ما "الثمن" الذي ستدفعه السلطة الوطنية من أجل الإبقاء على أولئك النواب المقدسيين !؟، وما الذي بيد السلطة الفلسطينية من إمكانيات "متاحة" لتعمل على منع إبعاد هؤلاء النواب المقدسيين عن القدس!!؟.
2. وإذا كانت السلطة حقاً تمتلك زمام أمورها في الضفة الغربية، فكيف إذن جرى اعتقال رئيس كتلة فتح البرلمانية السيد عزام الأحمد قبل أيام حين كان يزور خيمة أولئك المبعدين المعتصمين أمام الصليب الأحمر الدولية في القدس!؟.
3. ومادامت "إسرائيل" قد خرقت اتفاقيات موقعة مع "م ت ف" حسبما جاء بكلمة السيد أبي مازن، وتلك لعمري لم تكن السابقة الأولى ولن تكون الأخيرة، فكيف إذن يؤتمن جانبها بعد ذاك!؟.

ثانياً ... "ستبقى فلسطين صامدة والقدس ستبقى مرقد لجميع المؤمنين, الذي تتعرض هذه الأيام لأخطر الإنتهاكات من مصادرة أراضي وهدم منازل وسحب هويات, الأمر الذي نرفضه وسوف نواجهه ولن نقبل به أبدا "... انتهى الاقتباس، وتلك لعمري كانت عبارة وردت بكلمة السيد أبي مازن، وما دام السيد أبو مازن "بحمدالله" قد اعترف بانتهاكات العدو واصفاً إياها "بالأخطر!!" على مستقبل القضية، فإنني والحالة هذه أتساءل والعجب مجبول بالغيض يسيطران على جـُلّ تفكيري:
1. إلام َ ستبقى فلسطين صامدة بنظره في ظل ما يجري على أرض الواقع من تغيير للديمغرافية السكانية ومن قضم للأرض وإقامة للمستوطنات الصهيونية!؟.
2. وهل ستبقى القدس محافظة على طابعها وتراثها وتاريخها في ظل ما يجري تحت أسس أقصاها الشريف وما حولها من أحياء عربية!؟.
3. ما الذي فعلته السلطة الفلسطينية لمواجهة هذه الانتهاكات "الأخطر" حتى الآن، أم أن الاكتفاء بالتصريح بالرفض هي ردة الفعل الممكنة لديها!؟.
4. إنني تالله لأقف محتاراً أشد الحيرة إزاء عبارة "تتعرض هذه الأيام" التي وردت بخطاب السيد أبي مازن، فلا أجد لها إلا تفسيراً واحداً يتمثل باحتمال أن السيد أبا مازن ما كان قد رأى من قبل ولا سمع ولا قرأ قبل إلقائه كلمته تلك عن كل تلك الممارسات التي قامت بها ومنذ سنوات طويلة خلت حكومات صهيون وقوات جيشها الخاصة بالتهويد وقضم الأراضي والتهجير!؟.
5. وإزاء الفقرة السابقة وما اعترف به السيد أبو مازن، ألا يوجه السيد أبو مازن لنفسه والحالة هذه سؤالاً منطقياً عما دفع الكيان الصهيوني كي ينتهج هذه الممارسات بهذه العنجهية والاستخفاف بمشاعر السلطة الفلسطينية "الشريك الفعلي بالمفاوضات والمباحثات"!؟، أليس مثل هذه المواقف الصهيونية تعد إحراجاً لقيادة السلطة أمام أبناء شعبها واستخفافاً بها!؟، أليس تحجيم المقاومة والزج برجالها في معتقلات السلطة الفلسطينية ومصادرة أسلحتهم هي إحدى أهم الأسباب التي دفعت الكيان الصهيوني كي يتمادى بفعلته هذه!؟.
6. وبعد كل هذا وذاك، أعود للسؤال الذي طال طرحه من قبل الأغلبية المعارضة لنهج التسوية والمفاوضات العبثية، أما زال السيد أبو مازن مؤمناً بخيار التسوية السلمية والانخراط بالمفاوضات بشكليها المباشر وغير المباشر!؟.، ألا يجدر به أن يحافظ على ما تبقى من كرامة للمواطن الفلسطيني فيطلق يد المقاومة لتأخذ دورها الطبيعي والشرعي بالتصدي للمحتل وتأديبه!؟.

ثالثاً ... لا أدري حقيقة لمن كان يوجه السيد أبو مازن تحذيره من "مغبة ضياع" فرصة عملية السلام في المنطقة إذا ما استمر الاستيطان والاحتلال الذي تمارسه إسرائيل!!، أكان يقصد "معاتبة" الفلسطينيين أم أنه كان يعني بتحذيره ذاك "إلقاء الحجة" على حكومة النتن ياهو وكشف مواقفها كي ترعوي!!؟:
1. فإن كان تحذيره ذاك موجهاً للفلسطينيين من باب عتابه المحبب وتذكيراً لهم!!، فإنه بذلك إنما يكون قد أدان نفسه أولاً، كما وظلم شعب فلسطين بتحذيره ذاك لهم ثانياً، وكأنه قد تناسى أو نسي بأن الشعب الفلسطيني قد سار خلف قيادته على أمل تحقيق أحلام وردية بقرب انتهاء معاناته الطويلة وإقامة دولة فلسطين، أم أنه قد تناسى أو نسي أيضاً حقيقة مفادها بأن قيادة السلطة كانت قد لهثت طويلاً وسعت خلف وهم التسوية والسلام وإقامة الدولة الفلسطينية وفق المنظور والنهج الذي تراه وتؤمن به، فما حصدت بعد ذلك مما زرعته غير الشوك والندامة، فكانت بذلك أشبه بالقابض على الماء.!!.
2. أما إن كان تحذيره ذاك موجهاً لحكومة النتن ياهو وقطعان شعبه من باب إلقاء الحجة عليهم وكشف ألاعيبهم ومكرهم، فذاك أمر لن يغير من الحقيقة شيئاً في ظل إصرار حكومة العدو وعزمها على المماطلة وتفننها بالتسويف والمكر والمراهنة على عاملي الزمن المهدور وتعطيل طاقات شعب فلسطين الممثلة بالجهاد واستثمارهما من أجل تحقيق أجندتها وأهدافها المرسومة، كما وأن ذاك التحذير بحد ذاته يلقي الملامة ويحمل كامل المسؤولية على من أطلقه على اعتبار أنه ما غاص في أعماق نفسية الصهيوني ولا درس مخططاته برغم طول فترة التعامل معه!!، وكما يظهر لنا بأن من أطلق ذاك التحذير غير معترف بحقيقة مفادها بأن العدو لا ولن يحقق آمال شعب فلسطين، مادام شعب فلسطين قد ألقى بالسلاح وراح يسير خلف أوهام قيادته وخيارها الأوحد!!.

رابعاً... "لا يجوز أي استفزاز من شأنه أن يعطل القضايا النهائية, كما ورد في خطة خارطة الطريق أن على إسرائيل أن توقف كل النشاطات الاستيطانية"... انتهى الاقتباس، تلك عبارة قد وردت بكلمة السيد أبي مازن فدفعتني دفعاً وأرغمتني للتساؤل بعجب واستغراب:
1. أي خطة خارطة طريق تلك التي مازالت قيادة السلطة الموقرة توهم نفسها وشعبها بها فتتحدث عنها وتتشبث بها!؟، أتناست قيادة السلطة أن تلك الخارطة قد عفا عنها الزمن بعد أن وئدت منذ فترة طويلة على يدي حكومات الكيان الصهيوني!!.
2. أما الحديث عن إيقاف الكيان الصهيوني للأنشطة الاستيطانية، فليعلم السيد أبو مازن جيداً حقيقة لا يريد الاعتراف بها من باب "أخذته العزة بالإثم" والتي بات يعلمها القاصي والداني بأن الكيان الصهيوني يدرك تماماً أن مقتله ومقتل مخططه إنما يتمثل بإيقاف الاستيطان وتجميد التوسع والحد من نهمه بالانتشار في أراضي الضفة الغربية التي تعرف بمصطلحه "يهودا والسامره"!!، فكيف والحالة هذه تراهن قيادة السلطة الفلسطينية على إمكانية اتخاذ حكومة النتن ياهو لقرار مقتلها وتجميد مستقبلها بإيقاف الاستيطان ذاك!!؟، هذا علماً بأن حكومة النتن ياهو لا تستطيع أن تجبر قطعان المستوطنين على إخلاء مستوطناتهم التي اغتصبوا أراضي فلسطين وأقاموا فيها مغتصباتهم!!.
خامساً ... ويأبى السيد أبو مازن إلا أن يتطرق بخطابه عن السلام العادل، وحل الدولتين، والاستيطان غير الشرعي، وعن الفرص الكثيرة التي منحتها السلطة الفلسطينية للجهود الدولية الواحدة تلو الأخرى، منوهاً بأن قيادة السلطة مازالت تنتظر رد حكومة النتن ياهو وموقفه الأخير حيال استمرار المفاوضات أو توقفها، ويملأني العجب والدهشة والاستغراب لشدة تمسك قيادة السلطة بوهم نجاح تلك المساعي، مذكراً بأننا:
1- ندرك تماماً مدى جدية قيادة السلطة الفلسطينية بتحقيق السلام العادل والشامل والقاضي لحل الدولتين، وبتنا أكثر يقيناً من أن تعثر جهود السلام التي تسعى لها قيادة السلطة لا تكمن بها، فهي قد قدمت كل المتاح والممكن من أجل إنجاح عملية السلام الموهوم.
2- كنا ومازلنا نزداد يقيناً على يقين، بأن مشكلة تعثر "وهم السلام" إنما يكمن في الطرف الآخر المتمثل بحكومات صهيون التي حاولت مراراً من قبل وستحاول جاهدة مستقبلاً على تطويع المفاوض الفلسطيني والضغط عليه للنزول عند رغبته وتنفيذ اشتراطاته وإملاءاته بمعاونة من الحليف الشيطاني المدلس الأكبر "الولايات المتحدة الأمريكية"!!.
وبعد هذه الحقائق الموضوعية آنفاً، فإنني أعود للتساؤل مجدداً:
أمازالت قيادة السلطة الفلسطينية ترى بإمكانية قيام الطرف الصهيوني بتغيير مواقفه ونهجه!؟، فإن كان الجواب نفياً، فلـِمَ والحالة هذه قيام السلطة بالتمسك بهذا الخيار فيما هناك أكثر من خيار آخر متاح أمامها تجبر به عدونا ومغتصب أرضنا على الاعتراف بثوابتنا الوطنية!؟، ألا يجدر بقيادة السلطة أن تقتدي بعدما جرى بما قاله المثل العربي: "اجلس حيث يُؤخـَذُ بيدك وتَُـبَرّ ولا تجلس حيث يُؤخـَذ برجلك فـَتـُجـَرُ".

سادساً ..."علمتنا تجاربنا وتجارب غيرنا وديننا الحنيف, أن الوحدة الوطنية هي الأساس, وأن الفرقة والخلاف لا يؤديان إلى نتائج ".... انتهى الاقتباس، تلك عبارة حكيمة كانت قد وردت بكلمة السيد أبي مازن ولا أجد بُداً من الوقوف عندها للتساؤل مجدداً وبمحورين اثنين:
عن حقيقة تلك الأنباء التي تناقلتها بعض وكالات الأنباء والمواقع الألكترونية وما نشرتها من وثائق تؤكد نسف جهود المصالحة والتقارب، حيث ذكرت موقفين متناقضين لقيادة السلطة إزاء جهود المصالحة، أولهما بتاريخ 5/6/2010، عندما صدر قرار من السيد أبي مازن بتشكيل وفد برئاسة رجل الأعمال المعروف السيد منيب المصري وعضوية عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية وممثلي بعض الفصائل وشخصيات وطنية، تكون مهمتها بحسب نص القرار "العمل على تذليل العقبات والعوائق التي تحول دون توقيع وتطبيق الوثيقة المصرية المتعلقة بالمصالحة الوطنية"، ولقد حقق ذاك الوفد عدداً من اللقاءات الناجحة في رام الله دون أن يتم إشراك حماس بها، كما بينت تلك الأنباء سرعة تلاشي أجواء التفاؤل تلك بعد عودة السيد أبي مازن من جولة شملت كلاً من القاهرة وواشنطن، مما فت في عضد رئيس الوفد وأغضبه!!، فكيف انقلب التفاؤل بنجاح مهمة الوفد الفلسطيني ذاك في أعقاب زيارة واشنطن والقاهرة إلى تشاؤم وانسداد الطريق!؟.
ولنترك جانباً تلك الأنباء وكأنها ما كانت قد نشرت، ولنفترض جدلاً بأن السيد أبا مازن كان صادقاً بدعوته تلك ومتشبثاً بجهود تحقيق المصالحة الوطنية أولاً، كما ولنفترض جدلاً أيضاً بأن الطرف الآخر كان يراوغ بإتمامها ثانياً:
1- ألا يستدعي ذاك "التوجه الصادق" أن يكون موقف رئيس كل فلسطين يتوافق وحجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه فيتصف بالمرونة السياسية والقلب الكبير الرؤوم تجاه شقيق الدار والمصير الأصغر " كما اتصف بها مع العدو طيلة ثمانية عشر عاماً!!" فيطالب الوسيط المصري بأن يراعي أصول الوساطة وشفافية الأداء ويعمل بدأب على تقريب وجهات النظر، بدلاً من التدخل والتعنت بأمر فرض اشتراطاته التي طالما رددها وزير خارجية الشقيقة الكبرى مصر والتي أوحى خلالها بما معناه أن "المصالحة دي مش لازم تتم" إلا وفق الشروط والنظرة المصرية المستندة جملة وتفصيلاً على الإملاءات الأمريكية وبما يضمن للكيان الصهيوني استمرار حالة الفرقة وعدم لم الشمل من أجل تهيئة جو الأمان والطمأنينة له ليحقق أهدافه المعلنة وغير المعلنة!!.
2- ألا يستدعي ذاك "التوجه الصادق" بالسيد رئيس السلطة الفلسطينية كي يبذل المستحيل من أجل إتمام اللقاء والتحاور الفلسطيني فيعطي توجيهاته لسماع وجهة نظر الطرف الفلسطيني الآخر وأخذ مقترحاته والموافقة على إدراجها بورقة مستقلة ترفق مع الورقة المصرية للمصالحة لينتهي الإشكال وترتسم البسمة على شفاه أبناء فلسطين وتعود الفرحة للجميع!!.

سابعاً ... " نحن شعب نؤمن بالديمقراطية, ولنا تجارب كثيرة ولدينا من الشفافية ما شهد إليه كل العالم, ونقر بأن حماس نجحت بالإنتخابات في العام 2006 ".... انتهى الاقتباس، ولا أجد بداً من الإشادة بعظمة ما جاء على لسان أبي مازن، وما دام سيادته يعترف بشفافية الانتخابات ويقر بفوز حماس بالانتخابات عام 2006، فهلا بيّن لنا :
1- ما الذي جرى آنذاك ودفع بحماس لأن تسيطر على قطاع غزة فتكون بذلك أشبه بمن "ينقلب على نفسه!!"، لاسيما أنها الفائزة بالانتخابات والممسكة بالمجلس التشريعي والحكومة الفلسطينية!!.
2- ما الذي كان يُبَيّتـُهُ السيد محمد دحلان لحماس قبل تنفيذها "الانقلاب!!" والإمساك بقطاع غزة والذي فضحته آنذاك مجلة فانيتي فير الأمريكية!؟.
3- ألا يعني أن ما أقدمت عليه حماس آنذاك كان ضربة استباقية وذلك من أجل إجهاض مخططات محمد دحلان، فسارعت للغداء بوليمة مخططاتهم قبل أن يتعشوا هم بها!!.

يقول الله في محكم آياته: "قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وما أريدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إن ْ أُرِيدُ إلاّ الإِصْلاحَ ما أسْتـَطَعْتُ وما توفيقي إلاّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تـَوَكَلْتُ و إليْهِ أُنيْب" ... (هود 88 ).

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
13 تموز 2010