المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حق العودة في المزاد العربي



غالب ياسين
12/03/2007, 10:49 AM
حق العودة في المزاد العربي
زهير اندراوس

12/03/2007

في الوقت الذي اجتمع فيه وزراء الخارجية العرب في القاهرة الاحد الماضي لبحث عدد من المسائل بما فيها قضية فلسطين، تحضيراً لقمة الرياض، التي نعتقد بانها ستكون اخطر قمة عربية، تصاعدت وتيرة المحادثات لتنسيق المواقف بين تل ابيب وواشنطن، حيث تنصب الجهود الدبلوماسية الاسرائيلية علي ثلاثة محاور: المحور الاول، زيادة الضغوطات علي الدول العربية لتعديل المبادرة العربية واسقاط حق العودة منها، المحور الثاني، تأليب الادارة الامريكية علي الفلسطينيين بعد تلقي حكومة ايهود اولمرت معلومات عن تصدع في الموقف الامريكي حيال الحكومة الفلسطينية الجديدة وامكانية الاعتراف الامريكي بها، علي الرغم من انها تضم ممثلين عن حركة حماس، المصنفة امريكياً بانها حـــركة ارهابية، اما المحور الثالث فهو التنسيق بين الدولتين لتضييق الخناق علي ايران لمنعها من مواصلة تطوير برنامجها النووي.
لا يوجد لدينا ادني شك بانّ اسقاط حق العودة من المبادرة العربية هو مخطط امريكي-اسرائيلي، تقوم بنسج خيوطه المملكة العربية السعودية، التي ما زالت تُعاني من تفجيرات الـ11 من ايلول (سبتمبر) 2001، خصوصاً وانّ 15 سعودياً شاركوا في العمليات التي غيّرت بشكل او بآخر مجري التاريخ، وفتحت الباب علي مصراعيه امام ادارة الرئيس جورج بوش، للانقضاض علي العالم تحت مُسمي الحرب علي الارهاب الاسلامي العالمي، وبالتالي فانّ حكام الرياض علي استعداد لان يكونوا محافظين جددا اكثر من الزمرة الحاكمة في البيت الابيض للحصول علي صك البراءة من واشنطن. السعودية، تحولت الي اهم دولة عربية في المنطقة، وتعمل علي اقناع السوريين بقبول الشرط الاسرائيلي بالاجهاز علي عودة اللاجئين الفلسطينيين الي ديارهم التي شُردوا منها في نكبة العام 1948، والعاهل السعودي تحول بدعم من الادارة الامريكية الي اللاعب رقم واحد في المنطقة علي حساب مصر، وللتدليل علي ذلك، يكفي في هذه العجالة ان نُذكر بانّ وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس، في الزيارتين الاخيرتين اللتين قامت بهما الي المنطقة زارت الرياض، متجاهلة عمداً القاهرة.
وهذا الاسبوع كُشف النقاب عن انّ المبادرة السعودية الاصلية اسقطت حق العودة، ولكن اصرار سورية في قمة بيروت عام 2002 اجبر الحكام والامراء والسلاطين العرب في المحميات الامريكية غير الطبيعية علي ادخال حق العودة الي المبادرة التي تحوّلت لاحقاً الي المبادرة العربية. ولكن السعودية لا تالو جهداً في محاولاتها لاقناع العرب بان حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين يجب ان يكون اما عن طريق توطينهم في الشتات ومنحهم التعويضات المالية، او نقلهم من مخيمات لبنان وسورية والاردن الي الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. بكلمات اخري، فان الدول العربية التي تدور في فلك السياسة الامريكية تعمل كمقاول ثانوي لدي بوش واولمرت لشطب قرار مجلس الامن الدولي رقم 194 والذي ينص علي حق اللاجئين في العودة الي فلسطين، وهذا التصرف هدفه مساعدة الدولة العبرية المارقة، التي لم تُنفذ منذ قيامها اكثر من ستين قراراً صادراً من مجلس الامن الدولي، في الالتفاف علي القرار وشطبه عربياً. واقل ما يمكن قوله عن هذا السلوك الشاذ هو انّه تواطؤ عربي مهين ومخز ضد آخر ورقة يتمسك بها الفلسطينيون.
الدول العربية المتآمرة والمتخاذلة غير مُخولة باسقاط حق العودة من الاجندة السياسية، ولا تملك اي حق في التنازل عن اهم الثوابت الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية برمتها ليست معروضة في مزاد علني تديره بالريموت كونترول امريكا واسرائيل، بمساعدة ما يُسمي بمحور الدول المعتدلة. وبالتالي فاننا نامل ان تتخذ القيادة الفلسطينية الحالية، الممثلة بالرئيس محمود عباس قراراً بعدم التفريط بهذا الحق، واذا توصلت الي نتيجة بان العرب عاقدون العزم علي شطب حق العودة، في قمة الرياض، فانها ملزمة بمقاطعة القمة العربية احتجاجاً علي هذا النهج الخطير، لان حق العودة اهم بكثير من اقامة الدولة الفلسطينية، وفي حال مشاركة القيادة الفلسطينية في حياكة المؤامرة، فان ذلك سيكشف آخر ورقة توت تُغطي عورات هذه القيادة التي تزعم البراغماتية والعقلانية.
عزاؤنا الوحيد ان يتمكن الرئيس الفلسطيني من اقناع رئيس الوزراء الاسرائيلي في اجتماعهما بالتنازل بعض الشيء عن الاملاءات الاسرائيلية، خصوصاً وانّ اولمرت اكدّ انّه لن يُوبخ السيد ابو مازن ولن يمنح الفلسطينيين التسهيلات.
ہ رئيس تحرير صحيفة كل العرب الصادرة في الناصرة
8