المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عودة الوفاق بين أبى الوفا و أمير الشعراء



د/سمير رجب سليم
21/07/2010, 03:36 PM
عودة الوفاق بين أبى الوفا و أمير الشعراء

عودة الوفاق بين أبى الوفا و أحمد شوقى
بعد مقابلة أبو الوفا للدكتور / أحمد زكى أبو شادى ، و نشر قصيدة الإيمان فى مجلة المقتطف ، و تناقلها فى خمس مجلات كبار ، مما يعد نصرا صحفيا للمقتطف ، عرض الدكتور / يعقوب صروف ( رئيس تحرير المقتطف ) على أبو الوفا الإنضمام لأسرة تحرير المجلة , و عهد إليه تحرير باب المكتبة .
و كان الدكتور / صروف يعرف قصة الشاعر الذى ذهب يُحى أمير الشعراء عام 1926 ، فطرده أمير الشعراء من الحفل ، قائلا : يا أنا يا هو ..... فما ظهر الجزء الثانى من شوقيات أمير الشعراء ، حتى رأى الدكتور / صروف ، إعطاء ذلك الشاعر الفرصة كاملة للقصاص ، فطلب منه نقد الديوان ، و تقديمه مباشرة للمطبعة ، أى بدون الرجوع إلى رئيس التحرير لمراجعة المقال .
و فى صباح اليوم الثانى من نشر المقال ، رن جرس التليفون فى مكتب رئيس تحرير المقتطف ، و كان المتحدث أمير الشعراء / أحمد شوقى ، يسأل عن كاتب مقال الشوقيات ، فلقد كان المقال بدون توقيع ، وأرتبك الدكتور / صروف، فهو لم يقرأ المقال بعد ،و أخذ الدكتور صروف، بسرعة يقلب صغحات المقال ،و يجرى نظره بين سطوره و يراوغ أمير الشعراء فى الحديث ، حتى أكمل قرأءة المقال و أطمئن على مافيه ، و إزداد إطمئنانه عندما أبلغه أمير الشعراء أنه يسأل عن كاتب المقال ليشكره على بلاغته و فهمه الدقيق العميق لما جاء فى ديوان الشوقيات من قصائد . فيخبره رئيس التحرير أن المقال لمحمود أبو الوفا ، فيطلب أمير الشعراء مخاطبته ، فيرفض أبو الوفا ، و يلح شوقى فى الطلب ، و يصر أبو الوفا على رفضه ، قائلا : الذى بينى و بين شوقى شىء ، أما الذى بينى و بين شعره شىء آخر ، و أنا عند موقفى بالنسبة لشوقى كشخص ، لا كشاعر .
إعلان رابطة الأدب الجديد :
تستمر المقاطعة بين الشاعرين : أحمد شوقى و محمود أبو الوفا . حتى تقيم المقتطف حفل تكريم لشاعرها النابغة / محمود أبو الوفا ، و كان دينامو الحفل و مفكرها الأول هو الدكتور / أحمد زكى أبو شادى ، العالم ، الأديب ، مِؤسس رابطة الأدب الجديد . فلقد إنتقل إبو شادى من جامعة الأسكندرية إلى جامعة القاهرة ( جامعة فؤاد )، و رغبة فى نقل الرابطة معه إلى القاهرة ، هداه تفكيره بإقامة حفل تكريم لإبى الوفا ، و ينقل فى ظلاله الرابطة ، و يعرف أبو شادى تاريخ ميلاد أبو الوفا ، و ُينشر مقالا فى الإهرام ( فى 28 نوفمبر عام 1931 ) يدعو إلى تكريم أبو الوفا ، و يرد عليه فى اليوم التالى الأستاذ/ كامل كيلانى ، يخبره أن لجنة تألفت من أعضاء رابطة الأدب الجديد و أنصارهم من أعلام الأدب و قادة الفكر العربى ، لتجعل من عيد ميلاد أبو الوفا ، يوم بهجة و إغتباط تتجلى فيه المحبة و الإخاء ، حتى يستطيع أن يتغلب على العوائق القاسية التى تعيق نهوضه .
و قد رأت الرابطة أن خير ما تقدمه فى ذلك العيد هو أن تعمل له رجلا ثانية يمشى عليها بدلا من عكازته التى برم بها ، ثم تطبع ديوان شعره الرائع ، و ستعلن الرابطة – بعد أيام قلائل – عن الطرق التى تسلكها لتحقيق هذه الغاية .

شوقى يشارك فى الحفل
ما أن يقرأ أمير الشعراء / أحمد شوقى ،و كان حينئذ فى الأسكندرية مقال أبو شادى ، حتى يتصل تليفونيا بالأستاذ داود بركات ( رئيس تحرير الأهرام ) / معاتبا بقوله : كيف أكون أميرا للشعراء ، و تقام حفل تكريم لشاعر ، و لا أدعو لها ؟
فيرد داود بركات : و ماذا تريد يا شوقى بك ؟ ، هل تريدنى أدعوك لتطرده مرة أخرى ؟
فيقول شوقى : لقد عمل فى جميلا ، دل على حُسن خُلقه ، لقد قرظ الشوقيات ، رغم ما بينه و بينى ، و حاولت مقابلته أو مخاطبته لشكره ، فرفض قائلا " ما بينى و بين شوقى شىء ، و ما بينى و بين شعره شىء آخر "
فيرد بركات : لو كنت أعرف هذا لأقمت له حفلتين ... و الفرصة مازالت أمامك يا شوقى بك .. أنت تملك المال و الجاه .
و يدخل أبو الوفا على كامل الكيلانى ، قبل الحفل بيومين ، فيجده يردد أبياتا يقول فيها :
البلبل الغرد الذى هز الُربا و شجا الغصون و حرك الأوراقا
سباق غايات البيان جرى بلا ساق ، فكيف إذا أسترد الساقا
لو يعرف الطب الصناع بيانه أو لو يسيغ لما يقول مذاقا
غالى بقيمته فلم يصنع له إلا الجناح محلقا خفاقا
و يستحسن أبو الوفا هذه الأبيات و يطلب من الكيلانى إعادتها . ثم يسأل : أمن شعراء العباسيين ، من كان بساق واحدة ، فكُتب فيه هذا الشعر ؟
فيرد الكيلانى : نعم
و يسأل أبو الوفا : من ؟
و يرد الكيلانى مداعبا : كان فى التاريخ شخص غيرك أسمه محمود أبو الوفا .
و يسأل ابو الوفا عن أسم الشخص الذى مدحه . فيعرف أنه أحمد شوقى ، فيذهل ، و يستدير على الفور ليتجه إلى مسكن أمير الشعراء بالجيزة . و ما أن يراه أمير الشعراء حتى يبتسم و يقول : ها أنت أتيت . فيرد أبو الوفا : أتيت مقيدا .. فإنى إنسان أعرف قيمة الكلمة . :mh78: