المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ينبوع التفاؤل



ابراهيم المغلاوى
23/07/2010, 07:28 AM
أسْدَل الليل لباسه الكالح، ورصّعت النجوم وجه السماء، ولطّمت الرياح أغصان الشجر.. خَفَقان.. وَجَل.. ظلمات ثلاث، بعضها فوق بعض.. محاط بعظام قاسية كأنها أسوار سجن، وهذه واحدة.. وظلمة الليل البهيم في جو ماطر وريح شديدة، وهذه أخرى.. وفوق هذا كله ظلمة.. ما أعظمها من ظلمة قد انطبعت على جبينه.. وتلوَّث بها خداه.. قد فاحت رائحته التي تزكم الأنوف.. اجتمعت عليه الذئاب الضاريات من كل حدب.. كاد أن يرتمي في أحضانها، ويتمرغ بين أنيابها.. يعلم أنها ذئاب لكن قول من قال: لا تَلُم المشتاق في أشواقه: حتى يكون حشاك في أحشائه. فَتَنَه احمرار شفاهها؛ حسب ذلك طيف من غزل.. همَّ بأن يقترب.. علَّه يظفر بقُبلة، أو معانقة؛ عسى أن تُطـوى صفحة الضنك والشقاء التي شـاهت ببقع مـن حبر الخطيئة والغفلة.

فجأة.. وكأنها أول مرة – وليست كذلك -.. يسمـع بصَدَحٍ أحلى من أحلى نشيد، وأروع من أي قصيد.. "الله أكبر، الله أكبر..." جَلْجَلَت في كهوف نفسه المظلمة؛ فخرجت خفافيش السوء.. وتحركت مياه راكدة طالما تلوَّثت بوَحَـل الرذيلة.. عندها، وعندها فقط.. هطل من عينيه وابل صيب على أرض جرداء فأنبتت بذورُ الأمل أغصانَ الإيمان، وأوراق الحياة الطيبة، وأثمرت وأينعت خوف الله، ومحبة الناس.. وأشرق فجر جديد.. هبت نسائمه اللطيفة، تدغدغ الأفق.. ليبسم ثغره.. ويضحك فاه.. ويتفاءل بإطلالة غـدٍ ثوبه قشيب.

هذه حكاية قلب عاش في الظلمات، صارع – ذات مرة – ذئاب الشهوات؛ فانتصر.. ربما هو قلبي، أو قلبك.. مـن يدري؟!!.. هي دعـوة للتفاؤل، والسعي نحو الإنجاز المثمـر والعمل الرشيـد في شؤون الحياة كلهـا. ارفـع شعـار ( أنا متفائـل ): فالميم " مؤمن بربي، ومبتسم "، والتاء " تغيير للذات.. وتطوير أيضاً "، والفاء " فأل حسن وكلمة طيبة "، والألف " إرادة قوية "، والهمـزة " أنا عاقد العزم "، واللام " للقِـمَّة همَّتي ".

فالنفس فيها كنوز مبعثرة، وجواهر مكنونة، فقط ثق بنفسك وقدراتك.. خذ قلماً وورقة.. سطِّر إيجابياتك وسلبياتك.. وارسم لوحة التفاؤل إن وجدت الأولى أكثر نصيباً من أختها.. ضع لك برنامجاً في قراءة كتاب، وتصفح موقع..احضر دورة تطويرية.. أسعد الآخرين.. مارس الرياضة.. توضأ واسجد لربك، واشكره أن حباك نعمه.. وادعه أن يرزقك قلباً متفائلاً، وأن يبصرك بقدراتك وإمكانياتك، واعلم يقيناً أن المنح في أرحام المحن، وبعدها انطلق ولا تلتفت، فالطريق مليئة بالكسالى والقاعدين.. والصبح قد بزغ نوره.. صدِّقني.. وإن النجاح لناظره قريب.

وممـا تجدر الإشارة إليه أن ما نتوقع أن يحدث يصبح سبباً للاتجاه نحو ما توقعناه، وهذا ما يسميه بعضهم(1): قانون التوقع، أي إذا توقعت مثلاً أن أكون ناجحاً – توقعاً قوياً- فإن هذا يصنع النجاح؛ لأن فكرة النجاح تتمكن أكثر وتوجه سلوكي نحو تحقيقها، والذين يتوقعون الشيء السيئ يتصرفون بما يناسب توقعهم.

قال المدير- في إحدى المدارس- لثلاثة من المدرسين: بما أنكم أفضل ثلاثة مدرسين فقد اقترحنا لكل منكم ثلاثين طالباً هم أحسن طلاب المدرسة ذكاءً لتدرسوهم في صفوف خاصة؛ ولكـن لا تخبروهم بذلك، ونحن نتوقع لهم نتائج جيدة، وفعلاً كانت النتائج رائعة، وقال المدرسون: إنهم وجدوا الطلاب يتجاوبون ويفهمون بشكل لم يعتادوا عليه، ثم جرى إخبار المدرسين أن الموضوع لم يكن إلا تجربة، وأن الطلاب هم طلاب عاديون أيضاً اختيرت أسماؤهم بالقرعة!!

ومن هذا نقول: إن ما يتوقعه منا الآخرون يتحكم فيما نعمله؛ فإذا توقعوا العمل الجيد المتفوق فسوف يكون كذلك، وإذا توقعوا الفشل والإخفاق فسوف يكون كذلك – على شـرط أن يكون التوقع قوياً وواضحاً-.
وأهم إنسان في تحقيق توقعاتي هو أنا. إن ما أتوقعه من نفسي يتحقق الكثير منه.

فإذا توقع أحدهم من نفسه أن يكون مجتهداً لهذا الفصل الدراسي فسوف يحقق نتائج إيجابية والسبب أنه سيوجه طاقته للتركيز في المحاضرات ومضاعفة الجهد في المذاكرة؛ لأن الأمل يتدفق من داخله، وينبوع التفاؤل يجري أمام ناظريه، فكلما تكاسل أو عجز ناداه منادٍ من أعماقه.. فذكّره العهد ورسـم في مخيلته صورة النجاح، وأذاقه حلاوة التفوق.

آهٍ ثم آهٍ.. ما أروعها لحظات التفاؤل، وما أجملها ساعات الأمل. واقرأ ختاماً هذا النداء القدسي:"أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء". وما عسانا نظن بربنا إلا أن يغفر لنا ويرحمنا ويعتقنا من النار، وهذا والله من أعظم ما يدفع العبد لفعل الخيرات وترك المنكرات، ويا أخي إذا جربت حياة التفاؤل فزد وإن لم تجرب فجرب، فالحياة مغامرة جريئـة أو لاشيء.!!.
_____________
(1) براين ترييسي:علم نفس النجاح.

31035
23/07/2010, 02:36 PM
أشكرك أخي ابراهيم

ينبوع التفاؤل عذب متألق
أسأل الله أن يكتب لك الأجر و المثوبة بكل كلمة سطرتها

لك تحياتي

ابراهيم المغلاوى
24/07/2010, 12:31 AM
آمين ولك أجر التشجيع بكل حرف أدخلتى به السعادة على نفسى