المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجوع الضمير لأقرب مذكور (تعزروه وتوقروه)



منذر أبو هواش
14/03/2007, 02:26 AM
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا معلوم ان الضمير يرجع لاقرب مذكور
فاذا كان يعود على الرسول فكيف يقال وتسبحوه فاذا كان يعود على الله فارجوا افادتى بالقاعدة التى تقول ذلك مع الشواهد
والله من وراء القصد
اثابكم الله:fl:

الاخوة الأعزاء،

قاعدة أن الضمير يرجع لأقرب مذكور ليست قاعدة مضطردة
ولا مطلقة، والأحوط والأصوب أن نقول أن الضمير يعود إلى
أقرب مذكور ما لم يمنع منه مانع، وما لم تقم قرينة على غير ذلك،
وما لم يرد دليل بخلاف ذلك.

وقد ذكر الألوسي مسألة الخلاف الوارد في عودة الضمير في لفظي
(تعزروه وتوقروه) من قوله تعالى: لتؤمنوا بالله ورسوله
وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً

حيث أجمع العلماء كافة على أن الضمير في (تسبحوه)
يعود إلى الله سبحانه وتعالى من دون شك ولا خلاف،
لأنه لا يجوز تسبيح لغير الله، وأن تَسْبِيح الله سبحانه
فيه وجهان: بِالتَّنْزِيهِ لَهُ مِنْ كُلّ قَبِيح، وبفِعْل الصَّلَاة الَّتِي
فِيهَا التَّسْبِيح. " بُكْرَة وَأَصِيلًا " أَيْ غُدْوَة وَعَشِيًّا

بينما قال بعضهم أن الضميرين َُتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ يعودان إِلَى رَسُول الله
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لتوهمهم أن التعزير لا يكون له سبحانه وتعالى
ومنهم الضَّحَّاك الذي قال َأن تأويل َ(تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ)
يعني تَدْعُوهُ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّة، لَا بِالِاسْمِ وَالْكُنْيَة.

لكن القول الأرجح للعلماء أن الأَولى أن يكون الضميران
(تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) لله تعالى أيضًا؛ لئلا يلزم فك الضمائر من غير ضرورة

وهذه المسألة تدخل في باب تنازع قواعد الترجيح في المثال الواحد الذي نصه:
إذا كانت عودة الضمير إلى أقرب مذكور تؤدي إلى تفكيك النظم من غير ضرورة
فلا تلزم هذه العودة، ويكون الأولى أن يعود الضمير إلى أول مذكور

وقد أيد القشيري ذلك وقال فيه: أن الضمائر الأخرى تعود كلها إلى الله تعالى،
وأن تأويل (تعزروه وتوقروه) يعني أن تثبتوا له صحة الربوبية،
وأن تنفوا عنه أن يكون له ولد أو شريك.

والله أعلم، تحيتي واحترامي

منذر أبو هواش

غالب ياسين
14/03/2007, 09:01 AM
اثابكم الله سيدي:fl:

راضي عبد المنعم
13/10/2007, 07:20 PM
جزاك الله خيرًا أستاذنا منذر أبو هواش على هذه اللفتة القيمة .

لكني أرى أن القاعدة مطردة هنا في هذا الموضوع .. لاحظ الضمائر :
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

فما رأيك يا أستاذنا ؟

منذر أبو هواش
13/10/2007, 08:53 PM
أخي راضي،

قاعدة رجوع الضمير لأقرب مذكور تكون صحيحة ومضطرده إذا كان أقرب مذكور صالحا لذلك كما ذكر في المشاركة الأولى. لكن عودة الضمير في هذه الحالة إلى أقرب مذكور كما تبين تؤدي إلى تفكيك النظم من غير ضرورة فلا تلزم هذه العودة، ويكون الأولى أن يعود الضمير إلى أول مذكور.

ولو أننا حاولنا من ناحية أخرى وفي مثال آخر أن نستدل بهذه القاعدة وأن نطبقها على الحديث الشريف: "إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته"، لوجب أن يعود الضمير في "صورته إلى أقرب مذكور وهو آدم عليه السلام. لكن هذا القول يبقى ضعيفا وغير منطقي، لأنه لم يكن لآدم صورة قبل أن يخلق، لكي يخلق آدم عليها، ولأنه لو لم يكن المراد وجه المضروب لما كان لقوله صلى الله عليه وسلم "فإن الله خلق آدم على صورته" ارتباط بما قبله.

لذلك فقد اتفق جمهور العلماء على أن الأولى بالضمير هنا أن يعود على أول مذكور "أخاه" وأن المقصود بالوجه هنا هو وجه المضروب المشار إليه في الحديث الشريف.

أرجو أن يكون في هذا ما يفيد، والله أعلم،

منذر أبو هواش

:fl:

راضي عبد المنعم
14/10/2007, 12:57 AM
بارك الله فيك يا أستاذنا وحفظك ورعاك وأدام فضلك .

إنما قصدتُ بكون القاعدة مطردة هو عود الضمائر كلها إلى الله ، منها ضمير الهاء في (رسوله) فهو يعود إلى الله ، كذلك بقية "الهاءات" في الأفعال ، فبالنسبة إلى الضمائر كلها فأقرب مذكور هو الله لا الرسول لأن (رسوله) نفسها فيها ضمير يعود إلى الله .

وهكذا تعود الضمائر كلها لأقرب مذكور - أي: الله - ، وقد قال السيوطي رحمه الله في الإتقان :
الأصل توافق الضمائر في المرجع حذرًا من التشتيت ، ولهذا لما جوز بعضهم في { أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم } أن الضمير في الثاني للتابوت وفي الأول لموسى عابه الزمخشري وجعله تنافرًا مخرجًا للقرآن عن إعجازه فقال‏:‏ والضمائر كلها راجعة إلى موسى ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة لما يؤدي إليه من تنافر النظم الذي هوأم إعجاز القرآن‏.‏ ومراعاته أهم ما يجب على المفسر ‏.‏
وقال في { ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروه ويوقروه ويسبحوه } الضمائر لله تعالى والمراد بتعزيره‏:‏ تعزير دينه ورسوله‏ ، ومن فرق الضمائر فقد أبعد .

واغفر لي جرأتي وتطفلي على سيادتكم .

منذر أبو هواش
14/10/2007, 09:25 AM
أول مذكور ... أقرب مذكور ...

وهكذا تعود الضمائر كلها لأقرب مذكور - أي: الله -


أخي راضي،

نحن متفقان على عودة الضمائر كلها هنا إلى الله - أول مذكور-، وهو ما دعاني إلى القول بعدم اضطراد القاعدة المعروفة - عودة الضمائر إلى أقرب مذكور -، لكنك خلطك هنا بين أول مذكور وأقرب مذكور على خلاف ما هو متعارف عليه، وكما هو ظاهر في النص هو نقطة خلافنا الوحيدة.

للمفسرين -يا أخي- مذاهب في هذه المسألة وأمثالها، فمنهم من قال بتوحيد الضمائر وعدم جواز التفريق بينها إلا لضرورة، ومنهم من قال بجواز التفريق بينها. وأنت هنا تقول بمذهب من وحّدوا الضمائر، وقالوا أن الضمائر الواردة في الآية الكريمة تعود كلها إلى الله تعالى.

لكن هناك بالمقابل من قال بعودة الضمائر كلها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بحجة أنه عليه الصلاة والسلام أقرب مذكور في الآية بشرط تأويل التسبيح بالدعاء وبالتنزيه عن النقائص.

وهناك من فرق بين الضمائر.

لكن الشيء الذي لا خلاف عليه بين كافة المفسرين وعلماء اللغة هو أنه عليه الصلاة والسلام أقرب مذكور في الآية.

ودمتم،

منذر أبو هواش

:fl:

الدكتور التهامي الهاشمي
07/03/2008, 09:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

تحية طيبة

صحيح أن المفسرين اختلفواْ في " عــــودة الضمير " في قوله تعالى :

لِــتُــومِــنُــواْ بِــــاللهِ و رَسُـــولِـــهِ و تُـــعَـــزِّرُوهُ و تُــــوَقِّـــــرُوهُ و تُـــسَـــبِّـــحُــــوهُ بُــــكْــــرَةً وَ أصِــــيـــــلاً

كل هذه الأقوال التي استمعنا إليها في موضوع هذه الضمائر الثلاثة صحيحة ؛ هي صحيحة ما دامت تصدر عن تدبر و قناعة ؛ لأن كل من يتدبر القران يتلوه تقرباً إلى الله ؛ و كل مسلم يعتقد شــيْــئــاً بـعـد أن اجتهد في ذالك و تـدبـره يُــجَــازَى عليه من ربه؛ لأن كل مجتهد مجاز على كل حــالٍ و كيف ما كانت النتيجة . هذه واحــدة

أما الثانية فإن الآية القرآنية ــــــــ { مُـــتَـــعَــــدِّدَة الْـــــمَــــعَـــانِـــــي علــــى الــدَّوَامِ } ــــــ ( هذا أمر من الأهمية بمكان و سأعود إليه إن شاء لتوضيحه بأمثلة ) و هذه ثـــانــيــة

أما الثالثة فمسألة الضمير الذي يعود إلى :{ مذكور قريب } كما هو عندنا في مثالنا هنا أو يعود إلى مهم و يُــهْــمِــلُ ما دون ذالك كما سأمثل أسفله، بحول الله و باختصار شديد؛ لكن المسألة لا تقف عند هذا الحد لأن قارئ القرآن المتدبر له يريد دَوْمـــــاً أن يتقرَّبَ إلى ربــه بما يراه هو أهلٌ لــهُ.

هو إذن عند ما يتدبر الآية يلاحظ أن الضمير { ه } ملحق بثلاثة أفعال :

1 ــ " تُــعَــزِّرُوهُ "
2 ــ " تُـــوَقِّروهُ "
3 ــ " تُــسَــبِّــحُــــوهُ "

و بما أنه يتدبر القرآن و يريد أن يتقرب به إلى الله زلفى لا يحب بحالٍ من الأحوال أن يسيء الأدب مع الله حين يقرأ بـــ { شَـــكْـــلٍ } لا يرضى عنه الله في نظره.

إذن يستنتج من تدبره ما يــلــي: = الــرســول { نعزروه } و الرســـول { نوقــروه }

فهل يجــوز أن نسبحه؟ ؛ أيْ : هل يــجــوز أن نسبح الرسول أم أننا في الحقيقة لا نسبح إلا الله ؟

يستنتج هذا القارئ المتدبر للقرآن أنـــــه : " لا يَــجُــوز الــتَّــسْـــبِـــيــــحُ إلاَّ للهِ "

السؤال الذي يجب أن نطرحه الآن : ( كيف يحقق ما استنتجه من تدبره و هو يقرأ هذه الآية ؟

هنا يدخل علم آخر من علوم القرآن في الموضوع ؛ هذا العلم هــو { عـــلــم الوقف }

إنني أقول دائماً لطلبتي الأعزاء : { الـوقف هي الآلة الأولى للمفسر }

قد يطول شرح هذا ؛ فلنعد إلى موضوعنا ؛ هذا القارئ سيقرأ:

لِــتُــومِــنُــواْ بِــــاللهِ و رَسُـــولِـــهِ و تُـــعَـــزِّرُوهُ و تُــــوَقِّـــــرُوهُ
ثم يقف و يواصل

و تُـــسَـــبِّـــحُــــوهُ بُــــكْــــرَةً وَ أصِــــيـــــلاً

حينئذ يكون عنده ( و ) و تسبحــوه واو استئناف لا واو عطف ؛ و بذالك يكون ، في قراءته " عَــزَّ و وَقـَّــرَ " الرســول عليه الصلاة و السلام و " سَــبَّـــح " الله سبحانه و تـعـالـى.

كنت أحبائي أشرت في النقطة الثالثة الى الضمير الذي كنا نتظر، بعقولنا القاصرة ، أن يعود إلى اثنين؛ لكنه خالف ظننا الفاسد و عاد إلى واحد فقط ؛ هذه جمالها، كما لا يخفى يأخذ بالألباب؛ قلت سأشير إلى هذا باختصار شديد على أن نعود إليه إن اقتضى الحال.

يقول ربنا في الآية 44 من سورة البقرة :

{ وَ اسْـتَـعِـيـنُـواْ بِــالصَّــبْــرِ وَ الــصَّــلاَةِ وَ إنَّــهَــا لَــكَــبِـــيــرَةٌ إلا عَلَى الْخَاشِعِينَ
قال ( إنَّـــهَـــا ) رغم أنه أمرنا أن نستعين بالصبر و بالصلاة ؛ كنا ننتظر أن يقول لنا " و إنهما لكبيران "

و قال لنا في الآية 11 من سورة الجمعة :

{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا ...}
قال إليها و لم يقل " اليهما " ما دام الحديث عن اللهو و عن التجارة
مثل هذا في القرآن كثير و الله سبحانه و تعالى بمنه و كرمه و جوده و إحسانه ألهمنا ، و الحمد لله ، إلى معرفته و سنوضحه مستقبلاً إن أذنَ اللهُ بذالك.

منذر أبو هواش
08/03/2008, 12:22 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

و قال لنا في الآية 11 من سورة الجمعة :

{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا ...}
قال إليها و لم يقل " اليهما " ما دام الحديث عن اللهو و عن التجارة.

أستاذنا الهاشمي التهامي حفظه الله،

أشكر لكم هذه المداخلة الجميلة، وأضيف:

قال تعالى
وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
(الجمعة 11)

هذه الآية نزلت عندما جاءت قافلة تجارية إلى المدينة وأعلن عن قدومها بالطبل والزمر، فانقض الناس إليها والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة.

ضمير «إليها» يمكن أن يكون راجعا إلى التجارة لوحدها لأن التجارة كانت مقصودة في نفسها، بينما اللهو (الطبل والزمر) كان مقصودا لأجل التجارة وإعلام الناس عنها.

ونظرا لأن اللهو في الأصل مصدر يجوز فيه التذكير والتأنيث فإن الضمير يصلح للرجوع إلى كل منهما أو لأحدهما لأن كلا منهما سبب لانفضاض الناس، ولأنه ردد بينهما وقال: «تجارة أو لهوا» ولم يقل: تجارة ولهوا.

قال تعالى في الآية 57 من سورة التوبة:
" لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ".
فلماذا قال "إليه" هنا ...؟
ولمن يعود الضمير في "إليه" ...؟

ودمتم بكل خير،

منذر أبو هواش

:fl: