ماجد سليمان دودين
14/03/2007, 12:04 PM
التقدم إلى الوراء
رأيته يتحرك متثاقلاً... اقترب بعد رحلةٍ أجهدني في ثناياها الانتظار ... حدّقت في عينيه وبوضوح قرأت فيهما حزن العالم... وجهه أطلال بائـدة... قسماته آثار... حركاته وسكناته تنطق عن ذاته وتفضح خبايا نفسه وما يدور في أعماقه من صراعات... قصتُهُ هي قصة بيت العنكبوت... بيت هو من أوهن البيوت بل أوهنها...
لقد ظنّ أن بمقدوره أن يشرب السراب.. والسراب لا يُشْرَب... وحتى الشمس التي كان انعكاس خيوطها يصنع السراب أفلت وغابت...
لقد حاول إيجاد اللاموجود...وهو الآن يقف على مفترق طرق الحياة...تهدّه الحيرة فأين يتجّه؟ أين يكون القرار والمصير؟ لقد أضاع كل شيء...
نسيَ ما قلته له منذ زمن بعيد... كفاك نهماً وكفاك وهماً... أما سمعت قول الشاعر أنّ بيض النمل لا يلد النسور وأن بيضة الأفعى لا يخبئ قشرها أكثر من ثعبان!" ويومها أشاح بوجهه عنّي بعيداً... وانتظرت...
أسمَعُهُ اليوم يقول: "أنا أفكر في القتل... قتلوا أحلامي...وأدوا بصيص النور... أعطوني الضوء الأخضر إلى عالم الكراهية رغم أني أكرهها...أكره الكراهية... وأحقد على الأنانية... قدّموا لي جواز سفر إلى دنيا أشباح الرعب..حاولوا إغراق مركب حياتي...حاولوا تجريدي من قلبي وعقلي وضميري...تمرّد على الحق والخير والجمال...إنْ لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب...أحرق صور المثالية وأفكارها ونظرتك التي تجعل منك غريباً عن عالمنا...".
وفي خضمّ المتعة الزائفة والمجد الوهم وانتصار الهزيمة عرفت أنني الإنسان الذي يتقدم إلى الوراء وينسف في كل يوم جزءاً من بنيان كان شامخاً شموخ الجبال... واتخذت القرار... يجب أن أرجع إلى الأمام...وإعادة بناء البيت أصعب بكثير من هدمه...تنسفه في لحظات ولكي تعيد بناء خيوطه تحتاج إلى سنين...لقد كنت أسكن غُرف العتمة...تحركت..ضغطت على أزرةٍ صغيرةٍ...رحل الظلام...
بدأ النور ينشر جناحيه...نظرت إلى المرآة...فإذا أنا الإنسان...الإنسان الذي كان...
(وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ (22) إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24) سورة فاطر
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ (44) سورة العنكبوت
********************************************
رأيته يتحرك متثاقلاً... اقترب بعد رحلةٍ أجهدني في ثناياها الانتظار ... حدّقت في عينيه وبوضوح قرأت فيهما حزن العالم... وجهه أطلال بائـدة... قسماته آثار... حركاته وسكناته تنطق عن ذاته وتفضح خبايا نفسه وما يدور في أعماقه من صراعات... قصتُهُ هي قصة بيت العنكبوت... بيت هو من أوهن البيوت بل أوهنها...
لقد ظنّ أن بمقدوره أن يشرب السراب.. والسراب لا يُشْرَب... وحتى الشمس التي كان انعكاس خيوطها يصنع السراب أفلت وغابت...
لقد حاول إيجاد اللاموجود...وهو الآن يقف على مفترق طرق الحياة...تهدّه الحيرة فأين يتجّه؟ أين يكون القرار والمصير؟ لقد أضاع كل شيء...
نسيَ ما قلته له منذ زمن بعيد... كفاك نهماً وكفاك وهماً... أما سمعت قول الشاعر أنّ بيض النمل لا يلد النسور وأن بيضة الأفعى لا يخبئ قشرها أكثر من ثعبان!" ويومها أشاح بوجهه عنّي بعيداً... وانتظرت...
أسمَعُهُ اليوم يقول: "أنا أفكر في القتل... قتلوا أحلامي...وأدوا بصيص النور... أعطوني الضوء الأخضر إلى عالم الكراهية رغم أني أكرهها...أكره الكراهية... وأحقد على الأنانية... قدّموا لي جواز سفر إلى دنيا أشباح الرعب..حاولوا إغراق مركب حياتي...حاولوا تجريدي من قلبي وعقلي وضميري...تمرّد على الحق والخير والجمال...إنْ لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب...أحرق صور المثالية وأفكارها ونظرتك التي تجعل منك غريباً عن عالمنا...".
وفي خضمّ المتعة الزائفة والمجد الوهم وانتصار الهزيمة عرفت أنني الإنسان الذي يتقدم إلى الوراء وينسف في كل يوم جزءاً من بنيان كان شامخاً شموخ الجبال... واتخذت القرار... يجب أن أرجع إلى الأمام...وإعادة بناء البيت أصعب بكثير من هدمه...تنسفه في لحظات ولكي تعيد بناء خيوطه تحتاج إلى سنين...لقد كنت أسكن غُرف العتمة...تحركت..ضغطت على أزرةٍ صغيرةٍ...رحل الظلام...
بدأ النور ينشر جناحيه...نظرت إلى المرآة...فإذا أنا الإنسان...الإنسان الذي كان...
(وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ (22) إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24) سورة فاطر
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ (44) سورة العنكبوت
********************************************