المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تشكيل الحكومه بين ازمة ايران وامريكا



صالح المياح
16/08/2010, 01:42 PM
2
مرة اخرى حول تشكيل الحكومة
بين ازمة الجمهورية الاسلامية وازمة المشروع المريكي
سمير عادل*
ان التصور الحالي والسائد في الشارع العراقي، بأن تفاقم الاوضاع الامنية في العراق نتاج لازمة تشكيل الحكومة. الا ان الصحيح في المرحلة القادمة ستكون الحكومة بعد تشكيلها هو سبب في تصاعد تفاقم الانفلات الامني وتعميق من الازمة السياسية في العراق.

لم يتاسس التحالف الوطني (الشيعي) الا لتفويت الفرصة على القائمة العراقية (العروبية) بالحيلولة لتشكيل الحكومة من خلال تشكيل الاغلبية البرلمانية. ويقودنا هذا بكل بساطة الى المحتوى الطائفي لدولة القانون والائتلاف الوطني والذي يكشف عن الاسس الطائفية والاثنية التي تستند عليها العملية السياسية . وهذا هو السر الاول لازمة عدم تشكيل الحكومة كما تحدثنا بالتفصيل في مقال سابق (تشكيل الحكومة بين ازمتين). الا ان هذه الازمة لها بعدها الاقليمي الذي انعكس على الاطراف المحلية في العملية السياسية.
في انتخابات 2005، كانت أيران الجمهورية الاسلامية ليس كما كانت في انتخابات 2010. فقبل خمس سنوات كان الذي يفرض شروطه وينتزع النتازلات من قبل الادارة الامريكية في العراق هو الجمهورية الاسلامية. وفي ذلك الوقت كان ساسة وملالي طهران قد عينوا المالكي ونحوا بالجعفري جانبا.وفي ذلك الوقت ايضا دشن مرحلة الهزيمة السياسية للاستراتيجية الامريكية في العراق والمنطقة. وبدء صعود نجم الجمهورية الاسلامية في العراق والمنطقة يلوح بالافق.
اليوم وبعد فرض العقوبات الاقتصادية على الجمهورية الاسلامية بسبب ملفها النووي والتشديد من عزلتها الدولية، والتهديد بمخاطر شن حملة عسكرية عليها من قبل اسرائيل على الاقل، ادت بتراجع الجمهورية الاسلامية الى مواقع دفاعية والانشغال بالحفاظ على وجودها. وبدات تداعيات تلك العقوبات تظهر على الهيئة الحاكمة في ايران التي ادت الى انقسامها حول التعامل مع تلك العقوبات والتحولات السياسية الكبرى التي تطرء على المنطقة والعالم، والتي انعسكت في تعاملها في ادارة الازمة التي تمر بها داخليا وخارجيا. والمتتبع للاوضاع السياسية في ايران يجد بكل سهولة الانقسام الواضح في صفوف اجنحة الجمهورية الاسلامية حول العقوبات وملفها النووي.
ان هذه الاوضاع تتحسسها وتتلمسها قوى الاسلام السياسي الشيعي في العراق. وتدرك بخطورة الاوضاع التي تحدق بالجمهورية الاسلامية. ولذلك ان هذه القوى مثل المجلس الاعلى والتيار الصدري لم تاخذ بمطالب الخط الرسمي للجمهورية الاسلامية في ابقاء المالكي على دفة السلطة مجددا والذي هو مطلب الادارة الامريكية ايضا.
في هذه الاثناء عَبّرَ اوباما بكل وضوح وصراحة قبل ايام في خطابه بمناسبة اعلان الانسحاب من العراق (انه لا يرى نهاية للتضحيات الامريكيين في العراق) وهو بمثابة اعلان عن هزيمة عسكرية وسياسية في العراق، والذي يعني لشخص مثل اياد علاوي الذي ينظر له كأحد شخصيات خط "الاعتدال العربي" المؤيد لامريكا، لا ينظر الى مصالحه من خلال مصالح السياسة الامريكية كما كان في السابق، وهذا ما دفعه الدخول في مجادلة كلامية في اجتماع اربيل مع الوفد الامريكي ورفض مقترحهم في تخليه عن رئاسة الورزاء لصالح المالكي وتوليه رئاسة المجلس الامن السياسي الوطني بعد توسيع صلاحياته حسب التسريبات الصحفية. وعلى نفس السياق فأن بايدن الذي زار العراق مؤخرا فشل في ازالة العقبات في تشكيل الحكومة. فالاطراف التي استندت على الادارة الامريكية هي الاخرى تبحث عن مصالحها بعيدة عن تداعيات الفشل الامريكي في العراق. وباتت الاطراف في العملية السياسية جميعها، والتي استندت على الدعائم المادية والمعنوية للجمهورية الاسلامية والادارة الامريكية، غير مكترثين اليوم، مثلما كانت اذانهم صاغية لهما منذ اليوم الاول للاحتلال وتدمير الدولة في العراق.
لو تشكلت الحكومة قبل ثلاث اشهر على فرض، لكان من الممكن ان يحلم المرء مجرد حلم في العراق بالامان، لكن وصلت الان، المسالة الى حد كسر العظم بين جميع الاطراف، وكما عبر (علي الاديب) العضو القيادي في حزب المالكي في مقابلة تلفزيونية: ان تفاقم الاوضاع الامنية هي مصطنع سياسيا ويراد بها انتزاع تنازلات من اطراف معينة. وقد رد المالكي على الانفلات الامني الذي يتصاعد وتيرته، بأنه قلق من الطائفية في الموؤسسات الامنية، في حين اعلن مرار وتكرارا عندما انتصر على عصابات الجيش المهدي والقاعدة بمساندة القوات الامريكية وعناصر الصحوات بأنه انتصر على الطائفية، ولا عودة للطائفية في البلاد. وهذا تهديد اخر للمالكي بأنه سيرد الصاع الصاعين الى الذين يحاولون زعزعة الثقة به وانتزع النتازلات منه كما قال علي الاديب.
واضافة الى ذلك فأن العَرّابيين الاصْلَيين لها بوضع لا يحسد عليه، اي الجمهورية الاسلامية والادارة الامريكية، فأن تشكيل الحكومة برئاسة اي كان، ستكون اي الحكومة الجديدة هي مصدر الازمة السياسية والانفلات الامني الذي يتصاعد وتيرته في البلاد.
وخلال السنوات الماضية لم تستطع الادارة الامريكية في العراق منذ اليوم الاول بفضل ماكنتها العسكرية الا بادارة ازمة العملية السياسية التي هي مصدر جميع الازمات،. وبغيابها سوف لن يوجد احد بأمكانه أدارة تلك الازمة. والمطلوب ليس من يديرها بل من يخرج العراق من تلك الازمة التي خلقها الاحتلال.

رئيس مؤتمر حرية العراق
www.ifcongress.com
sammradil@yahoo.com
ifcongress@gmail.com