المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة الصلب والترائب



أبو مسلم العرابلي
18/08/2010, 04:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: (فلينظر الإنس مم خلق (5) خلق من ماء دافق (6) يخرج من بين الصلب والترائب(7) الطارق
أصبح معلومًا أن الإنسان يخلق من الحوين المنوي للذكر، وبويضة الأنثى،
وكلاهما فيهما نسبة عالية جدًا من الماء،
والجزء الفاعل الذي يعوَّل عليه في الخلق جزء صغير جدًا منهما (الحوين والبويضة)؛
فالإنسان يخلق من بعض الماء الدافق؛ من حوين واحد وبويضة واحدة،
وليس كل الماء، فمن هي للتبعيض، والواقع يدل هذا في عملية الخلق.

ووصف الماء بأنه دافق، وهو اسم فاعل،
وقيل اسم مفعول بمعنى مدفوق لأن الأقدمين لا يعرفون عن هذا الماء إلا أنه مدفوق؛
لذلك قالوا هو اسم فاعل بمعنى اسم مفعول؛

وقد احتجوا بأقوال مثل قول الحطيئة في هجاء الزبرقان:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها / واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
ولم ير عمر رضي الله عنه في هذا القول هجاء للزبرقان؛
فقال الزبرقان: وهل يا أمير المؤمنين تقف مروأتي عند الطعام والكساء؛
أي أنَّ نيل الطعام والكساء غاية ما يتطلع إليه،
وعليه أن يقعد ولا يتطلع للمكارم بعد أن نال الطعام والكساء ؛
فدل هذا على أنه اسم فاعل، وليس اسم مفعول كما يفهمه العامة
وهذا ما بينه حسان بن ثابت رضي الله عنهما عندما سئل عن قول الحطيئة:
لقد سلح عليه (لما حط من همته في الحياة وصغرها) .

وضربوا مثالاً آخر على ذلك أيضًا من القرآن؛ في قوله تعالى : (في عيشة راضية) بمعنى مرضية،
وهذا الفهم أيضًا مردود؛
فإنه لو أريد بها بمعنى اسم المفعول لكان الرضا من أهل الجنة أنفسهم.
ومن يسلم من النار؛ فإنه سيرضى بأي شيء كان في الجنة،
فسعادته بالنجاة من النار يرضيه بأي شيء كان فيها،
ولو كانت نفسه تتطلع إلى ما فوق ذلك وأبعد منه.
لكن لما جاءت بصيغة اسم الفاعل (راضية)؛
أي أن الفعل للجنة؛ فهي تقدم على ما يرضيهم، وفوق ما يتطلعون إليه.
ولا شك أن هذا أبلغ وأوسع على أصحاب الجنة في بيان مدى تمتعهم فيها، فلا تذمر ولا سخط.

فالماء من الرجل يتدفق بفعل نفسه بعد قذفه إلى أن يصل البويضة،
ولم يعرف ذلك إلا بعد صناعة المجاهر.
ولولا ذلك لبقي الماء في مكانه، ولما وصل إلى البويضة.

وكذلك فإن الماء الدافق ليس من الرجل فقط، بل هو من المرأة أيضًَا؛
فالماء الذي يخلق منه الإنسان هو من ماء الذكر، وماء الأنثى،
فالبويضة التي تُهيأ للإخصاب تتكون حولها أكياس مائية ملتصقة بها،
فانفجار بعض هذه الأكياس يقذف بها إلى أهداب قناة فالوب،
وأهداب هذا القناة تسمح بالتحرك جهة الرحم وليس عكسه،
وتتواصل انفجارات هذه الأكياس حتى تصل البويضة إلى رحم الأم.

وإذا لم تصل وكان التلقيح جرى في القناة نفسها، ولم تكمل مشاورها؛
فإن هذا الجنين يتكون له رحم كاذب داخل قناة فالوب،
ثم يموت بعد ذلك ويتعفن ويصبح مشكلة للمرأة الحامل.
فالبويضة أيضًا تتدفق من ذاتها بانفجارات هذه الأكياس المائية.

ومعرفة الصلب والترائب وكل الأسماء يحتاج إلى فقه استعمال الجذور
وكما عرَّفته من قبل؛ فإنه العلم الذي يعرف به سبب تسمية المسميات بأسمائها،
ويحدد الأفعال بما يميزها عن المترادفات لها.
وتفسير مفردات القرآن أحوج ما تكون إلى فقه استعمال الجذور عند تفسيرها؛

والصلب من مادة؛ صَلَبَ؛ وهي مادة مستعملة في الشيء المكون من قطع ثابتة في شدتها، أو في أماكنها، وبينها فواصل؛
فالأرض الصلبة : أرض ذات حجارة قاسية بينها فواصل، يضع فيها المار رجله ليتمكن من السير فيها،
وصلب الإنسان : ظهره المتكون من قطع ثابتة من العظام، بينها فواصل تمكنها من حرية الحركة المحصورة فيها.

ويجب كذلك معرفة ماذا يعني لفظ "بين"
لا تستعمل "بين" مع شيئين على أنها الفاصل لهما عن بعضهما؛
بل تستعمل للشيء الثالث الذي يربطه علاقة بالاثنين الآخرين معًا
فمن يصلح "بين" اثنين مثلاً؛ يجب أن يكون ذا علاقة طيبة مع الاثنين معًا؛
حتى يتمكن من الإصلاح بينهما، ولا يكون معدودًا مع أحدهما ضد الآخر.

فالحوينات المنوية يجب أن تخرج من بين أجزاء ثابتة،
وهذا الوصف لا يصلح على صلب الإنسان الذي هو ظهره،
لأنه لا يوجد بين فقرات الظهر شيء تخرج الحوينات المنوية منه؛
إذن لا بد أن يخرج من مكان آخر يطابق وصف القرآن ؛
وبهمي لسبب تسمية الصلب بالصلب قلت؛ لا بد أن تكون هناك خلايا ثابتة لا تنقسم،
وبينها خلايا تنقسم مكونة الحوينات المنوية في جهاز الذكر،
وهذه الخلايا في تسلسل طويل من الخلايا في الحبال المنوية
فلو رمزنا للخلايا الثابتة غير المنتجة بالحرف "أ" والمنتجة بالحرف "ب" للتوضيح؛
نجد الحبل المنوي بهذا الوضع :
أ / ب/ أ / ب/ أ / ب/ أ / ب/ أ / ب/ أ / ب/ أ / ..............
بنفس وضعية فقرات صلب (ظهر) الإنسان:
فقرة / مفصل/ فقرة / مفصل/ فقرة / مفصل/ فقرة / ......
والخلايا "ب" مرتبطة بالخلايا " أ" الواقعة بينها.
وبنفس الطريقة؛ فإن الأرض الصلبة؛ وإن كانت وضعية الحجارة فيها بغير نظام؛
إنما السائر فيها كأنه يسير على خط فيها؛ والسائر يتحرى أن يسير بطريق قريب من الاستقامة.
حجر / مفصل/ حجر / مفصل/ حجر / مفصل/ حجر / مفصل/ حجر / ..............

أما الترائب التي يتكون نصف الإنسان الآخر منها؛
هي من مادة " ترب" المستعملة لما تراجع حتى أصبح أدق ما يكون، ومكون من أجزاء كثيرة متساوية؛
فمن مادة "ترب": التراب؛ والتراب هو في الأصل قطع من الصخور بدأت في التراجع في حجمها،
حتى بلغت من الضآلة مبلغًا كبيرًا؛ فالتراب مكون من أجزاء صغيرة جدًا من فتات الصخور،
والأتراب من النساء: الصغيرات اللواتي يكن متساويات في الجمال، وصغر السن، وعددهن كثير.
وترائب المرأة صدرها لأنه عليه ثديان متماثلان.
ولكن العضو المنتج هو مبيض المرأة
وللمراة مبيضان كما لها ثديان.
ومبيضا المرأة فيهما نصف مليون بويضة تتكون في الأنثى قبل الولادة،
وفي كل شهر تتضخم بيضة واحدة من هذا العدد الكبير؛ لتنطلق من المبيض إلى قناة فالوب،
وباقي ما في المبايض يبقى كما هو على ثباته حتى يأتي الدور على ما تبقى منها.
فمبيض المرأة هو تراتبها الحقيقية؛ لأنه يتكون من عدد كبير من البويضات المتمائلة في أحجامها،
البالغة درجة كبيرة في الصغر والضآلة، كمثل التراب المسمى من نفس هذا الجذر.

فالماء الدافق الذي يأتي من الرجل هو من بين الصلب في حباله المنوية؛
أي من الخلايا التي تنقسم عنها الحوينات المنوية الواقعة بين خلايا ثابتة لا يحدث لها انقسام،
والماء الدافق من المرأة يأتي من ترائبها التي فيها مئات الآلاف من البويضات المتساوية في الحجم والصغر.
وهذا الوصف الدقيق الذي جاء في سورة الطارق؛
هو أدق وصف علمي لما يتكون منه الإنسان في أول درجات التقائه وتكونه من الأبوين،
ويوافق ما عليه الواقع الذي لا يجهله إلا من يعيش في الجهل بعيدًا عن العلم.
ولم يكن بالإمكان معرفته هذا لولا التقدم العلمي، ووجود المجاهر المعظمة للصور.

أما تفسير الصلب بظهر الإنسان وأنه تخرج منه الخلايا الموصلة للخصيتين،
وأن أول تكونهما يكونان عند الظهر ثم ينـزلان بالتدريج حلى يصلا مكانهما الطبيعي؛
هي محاولة للتوفيق في فهم الآية؛ لكنها لا تعتمد على دقة الوصف القرآني.
ولا التفسير القائل؛ بأن هناك بين الثديين في الصدر غدة لها تأثير على المبايض عند المرأة لتجهيز بويضة للتلقيح في كل شهر. ..

لما ترسخ هذا الفهم اللغوي عندي للصلب والترائب، قلت لا بد لي من طبيب يؤكد لي ذلك،
فذهبت إلى طبيب من الجماعة؛ هو الدكتور علي البعجاوي، وخريج من إسبانيا عام 1969م،
وشرحت له فهمي للصلب والترائب؛ فكان جوابه بأن فهمي دقيق جدًا؛
فأدهشني رده، وقام فأخرج لي مرجعًا إسبانيًا أظن أن اسمه " NERO" أو هكذا اسمه، وفيه صور عملية الإنقسام،
وقال لي : الذي اكتشف الخلايا الثابتة الدكتور فلان وسماه .. وسميت باسمه،
والذي اكتشف الخلايا المنقسمه الدكتور فلان وسماه .... وسميت باسمه ،
وأن الخلايا الثابتة متحكمة بالخلايا التي تنقسم، عند الحاجة تقول لها انقسمي، أو توقفي.
فحمدت الله تعالى على صحة ما توصلت إليه من نافذة اللغة بفقه استعمال الجذور.

فالإنتاج الحقيقي هو من الخصيتين والمبايض نفسها، وليس من الأماكن التي ذكرت ....
لا من الظهر، ولا من الصدر وإن كان فيها عوامل محفزة .
وما تكلمنا فيه إلا من القدر الذي بسط لنا في فقه اللغة، وما كشف عنه العلم، وما عليه الواقع .

ونقول بعد كل ذلك .... الله تعالى أعلم.

كرم زعرور
18/08/2010, 12:25 PM
..باركَ اللهُ فيكَ يا أستاذنا الجليلَ
أبو مسلم العرابلي
ونفعنا اللهُ بعِلمكَ ,وجزاكَ عنا
خيرَ الجزاءِ.
رمضان كريم .
كرم زعرور

أبو مسلم العرابلي
19/08/2010, 01:49 AM
..باركَ اللهُ فيكَ يا أستاذنا الجليلَ
أبو مسلم العرابلي
ونفعنا اللهُ بعِلمكَ ,وجزاكَ عنا
خيرَ الجزاءِ.
رمضان كريم .
كرم زعرور
وبارك الله فيكم ولكم أخي الكريم الفاضل في هذا المرور الكريم
وتقبل الله طاعتكم
وكل عام وانتم بخير

محمد سمير عياد
20/08/2010, 06:36 AM
بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله
سلام الله عليكم ورحمته وبركاتة
شيخنا الفاضل أبا مسلم
كل عام وأنت بخير وصحة وعافية
انتظرت كثيرا لأتفاعل مع مواضيعك
وأصبحت أسيرا لفقة استعمال الجذور
إشتقنا لجديد أبحاثك لتكشف لنا من أسرار كتاب الله ما فتح الله لك
كنت قد قرأت لك هذا الموضوع من قبل ولكن ليس بهذا التوسع والدقة
زادك الله علما ونورا وبصيرة في كتاب الله
وبما أن الموضوع عن خلق الإنسان فما تفسيركم لقوله تعالي
(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) الأنعام 133
وقوله تعالي ( وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ) نوح 17 وهل لكم أبحاث عن مراحل خلق الإنسان في القرآن ؟
عندي كثير من الإسئلة ولكن سأحاول أن أضع كل سؤال بمكانة أعلم بسعة صدرك نرجو ألا تملونا وتقبلونا طلبة علم بكتاب الله
بارك الله لك وأسمعك خيرا

أبو مسلم العرابلي
21/08/2010, 01:50 AM
بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله
سلام الله عليكم ورحمته وبركاتة
شيخنا الفاضل أبا مسلم
كل عام وأنت بخير وصحة وعافية
انتظرت كثيرا لأتفاعل مع مواضيعك
وأصبحت أسيرا لفقة استعمال الجذور
إشتقنا لجديد أبحاثك لتكشف لنا من أسرار كتاب الله ما فتح الله لك
كنت قد قرأت لك هذا الموضوع من قبل ولكن ليس بهذا التوسع والدقة
زادك الله علما ونورا وبصيرة في كتاب الله
وبما أن الموضوع عن خلق الإنسان فما تفسيركم لقوله تعالي
(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) الأنعام 133
وقوله تعالي ( وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ) نوح 17 وهل لكم أبحاث عن مراحل خلق الإنسان في القرآن ؟
عندي كثير من الإسئلة ولكن سأحاول أن أضع كل سؤال بمكانة أعلم بسعة صدرك نرجو ألا تملونا وتقبلونا طلبة علم بكتاب الله
بارك الله لك وأسمعك خيرا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم يا أخي الكريم محمد سمير عياد
وأشكر لكم اهتمامك الكريم
في آية الأنعام؛ يذكر الله تعالى إنشائنا من ذرية أقوام هلكوا ولم يعد لهم وجود، ونحن اليوم قد حللنا في الحياة مكانهم،
والله سبحان وتعالى قادر على أن يبدلنا بغيرنا بعد هلاكنا ويستخلف غيرنا بعد ذهابنا. .. هكذا ورد تفسيرها في ابن كثير وغيرها.
أما في آية نوح فقد أخبرنا الله تعالى أنه أنبتنا من الأرض نباتا، فإن أجساد الناس من النطفة إلى الشيخوخة تكونت؛ إما من تناول نبات الأرض مباشرة، وإما من اللحوم والألبان التي تكونت من تناول الحيوانات لها،
فنحن نبتنا من مكونات الأرض مباشرة وغير مباشرة، والله تعالى أعلم
لم أخصص أخي الكريم بحثًا في خلق الإنسان ولكنني درست بعض هذه المراحل في دراسة فقه استعمال الجذور لتسميات هذه المراحل