المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 180 ... الإفراط والتفريط سمتان للقيادة الفلسطينية!!.



سماك العبوشي
25/08/2010, 06:13 PM
مسامير وأزاهير 180 ...

الإفراط والتفريط سمتان للقيادة الفلسطينية!!.

كيف السبيل لتفسير ذاك الإصرار والعناد الذي تبديه قيادة السلطة الفلسطينية إزاء تسوية مهلهلة ومفاوضات أثبتت الأيام والوقائع والشواهد فشلها فشلاً ذريعاً، تسوية ما كانت قد استحدثت أساساً إلا خدمة لأهداف العدو الصهيوني وتسهيلاً لتنفيذ مخططاته التوسعية!؟، ثم ... أما ذاب الثلج وبان مرج مشهدنا الفلسطيني المزري بعد عقد ونيف من سنوات لهاث تلك القيادة العتيدة خلف وهم السلام المزعوم، ثم ... كيف السبيل لإقناع تلك القيادة الفلسطينية الموقرة بأنه لأمر كبير بحقها أن تـُلدَغَ من ذات الجُحر ولأكثر من مرة دون أن تحتاط للأمر فتعي حقيقته فتنكص على عقبيها وتعيد حساباتها لتجد نهجاً آخر أكثر جدوى ونفعاً من ذاك الذي سارت عليه فعادت إلينا في كل مرة بخـُفيَّ حـُنين!!؟.
لنعد إلى مخزوننا الإرثي والحضاري من الأمثال والحكم التي ما قيلت باطلاً وما جاءت من فراغ، ولنأخذ منها ما يعيننا على فهم واقعنا المُرّ والمخزي وبما يناسب مقامنا هذا ليعزز ما نكتب ونطرح، والأمثال لعمري كثيرة، غير أن أكثر ما يحاكي واقعنا هذا المتمثل بتذبذب حالنا وتشبث تلك القيادة الفلسطينية بنهج عقيم هو ما قاله الإمام علي بن أبي طالب ( كرّم الله وجهه) في اجتناب تذبذب الرأي والتردد في الانقلاب على ما تلبسنا من واقع مزر من خلال اتخاذ ما هو مناسب إذا ما تيقن وبالشواهد والمعطيات بُطلان نهج تم السير عليه، حيث قال "لا تجعلوا علمكم جهلا ويقينكم شكا، إذا علمتم فاعملوا، وإذا تيقنتم فأقدموا"!!.
ونتساءل بدورنا، وقد مضى على عمر تسوية الخذلان مع العدو قرابة عقد ونيف، ازداد فيها العدو خلالها غطرسة وعناداً وكـِبـرا، كما واتسع العدو بجغرافية ما استحوذ من أرض مدن الضفة الغربية، وازدادت وتيرة تهويده لمقدساتنا في القدس والخليل:
1. ما الذي تحقق من أحلام شعب فلسطين!؟، وهل بربكم قد تلمستم أي تقدم نحو تحقيق ما كنا قد وُعـِدنا به حتى تستمر قيادة السلطة بذات النهج والأسلوب!؟.
2. هل ترتضي قيادة السلطة الفلسطينية لنفسها أن تـُلدغ أكثر من مرة من ذات الجُحر!؟.
3. وإذا ارتضت قيادة السلطة لنفسها هذا الوصف، فما موقف أبناء شعبنا والحالة هذه!؟.
4. مَنْ بالله عليكم أصدق قولاً مِن عدو لنا كان قد اعترف بعظمة لسانه بفشل ما تشبثت به قيادة السلطة الفلسطينية، وما ذاك الاعتراف إلا وجهة نظر رئيس حزب ميرتس السابق وأحد الموقعين على وثيقة جنيف "يوسي بيلين" الذي أشار صراحة بأن قرار الإدارة الأمريكية بتجديد المفاوضات المباشرة بين كيانه الغاصب والسلطة الفلسطينية يُعتبر خطأ فادحا لاحتمالات النجاح الضئيلة لها وفق المعطيات الحالية!!, وأن فشلها من شأنه أن يؤدي إلى تجدد أعمال العنف في المنطقة, وترهل في التعاون الأمني بين الكيان الغاصب والأجهزة الأمنية الفلسطينية، وأن نتنياهو لم ينتخب على الإطلاق من أجل تقسيم شرقي القدس أو حل مشكلة اللاجئين وأن الفجوات عميقة جدا بينه وبين الفلسطينيين ولا يمكن التقليل من شأنها!؟.
5. فإن كان الجواب على الفقرة الأولى أعلاه مع الأخذ بنظر الاعتبار وجهة نظر يوسي بيلين آنفاً، فما سر التصاق قيادة السلطة وبهذا الشكل العجيب والغريب بنهج كانت قد اختطته لنفسها ووضعته كخيار استراتيجي أوحد وأثبت بالتالي فشله بعد أن أنكرت أي نهج آخر كانت شرائع الله وقرارات الأمم المتحدة قد كفلتها؟!.
لا شيء أجمل من قول الحقيقة حتى وإن كانت مُرّة الطعم والمذاق، والحق يُقال بأن حكومات يهود كانت قد التزمت على الدوام بمبادئها التي وضعتها لنفسها وما تزحزحت عنها قيد أنملة، فما سمحت لنفسها أن تفرط بما استلبته واستحوذت عليه، كما وما غيّرت من أجندتها طيلة الفترة التي أعقبت قيام كيانهم المسخ، ولا نغالي لو قلنا بأن تلك الأجندة قد وجدت الفرصة الذهبية لترسيخ أهدافها في أعقاب انطلاق قطار التسوية الاستسلامية تحديداً، كما ولم نلحظ يوماً تراجعاً من حكومات يهود تلك إلا لدواع تكتيكية ماكرة بقصد جَـرِّ المفاوض الفلسطيني لخانة التفاوض العقيم من أجل كسب عامل الوقت وإضاعة الطاقة والجهد وذر الرماد في العيون، لتعود تلك الحكومات مجدداً إلى سابق عهدها من التسويف والمماطلة بإشراف ومباركة أمريكية لتستمر بتنفيذ أهدافها، فيما كان تذبذب مواقف قيادة السلطة وضعف أدائها وترددها المستمر باتخاذ قرار مصيري يهم شعبنا ومستقبل أجياله القادمة سمة ملازمة لمشهدنا السياسي، فجُلّ ما فعلته تلك القيادة تمثل بالعودة لذات الجُحر الذي تلدغ منه في كل مرة دون أن تتعظ أو تفيق لرشدها وخطل ما تسير به!؟.
وعودة إلى بدء، وانطلاقاً من المثل العربي الرائع القائل "اجلس حيث يؤخذ بيدك وتَُـبَرّ ولا تجلس حيث يُؤخذ برجلك فتـُجـَرُّ"، فإنني أتساءل مجدداً، هل بـُرّ بقيادتنا الفلسطينية وانتزعت حقوق أبناء شعبها حين طاب لها أن تجلس!؟، أم أنها - ولسوء تقديرات حساباتها وعنادها وتشبثها بما اختارت لها نهجاً - قد أدخلت نفسها في عنق الزجاجة كما وجرّت على شعبها ويلات ونكبات وأضاعت من فرص استرداد الحقوق وكرامة الحياة الشيء الكثير!؟.
لنلتزم جانب التحليل والتشخيص ونسمي الأشياء بمسمياتها، فنقول للأعور يا أعور، فلا أكثر وضوحاً وواقعية من أن نستعيد شريط الأحداث والمواقف التي تمسكت بها حكومات يهود، فنقارنها بتلك المواقف والأحداث التي صدرت من قيادة سلطتنا، لنحدد يقيناً من منهما قد تمسك بمواقفه وحقق مبتغاه وأحلامه ومن منهما نكص على عقبيه، وليكن خط شروع رحلة بحثنا هذه الفترة التي تلت اجتياح قوات الاحتلال لمدينة غزة أواخر عام 2008 وما تسببه ذاك الاجتياح من جمود وتوقف للمفاوضات بيننا وبين العدو :
أولاً... مواقف حكومة النتن ياهو وحسب تسلسلها التاريخي:
1. في مؤتمر صحفي مشترك ضم النتن ياهو مع غوردن براون رئيس وزراء بريطانيا السابق خلال شهر آب 2009، فإن النتن ياهو قد جدد أقواله بأن القدس ليست مستوطنة وأنها عاصمة أبدية لـ"إسرائيل"، كما وأعاد إلى الأذهان تمسكه بشروطهم لإقامة دولة فلسطين الموعودة المتمثلة بلا لحق عودة اللاجئين ، وأن تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح، وأن عليها أن تعترف بيهودية "إسرائيل"!!.
2. في مقابلة أجراها النتن ياهو مع صحيفة اللوفيغارو الفرنسية في أعقاب جولة أوربية له ابتدأت بتاريخ 27 مايس / مايو 2010، أعلن أن شروط "إسرائيل" لتحقيق السلام المزعوم تتمثل باعتراف الفلسطينيين بـ"إسرائيل" كدولة يهودية، بما يعني إنهاء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وحلها خارج حدود كيانهم الدخيل!!، ذاك أولاً، وأن تكون دولة فلسطين الموعودة منزوعة السلاح تماماً ثانياً!!.
3. كانت مصادر سياسية إسرائيلية قد استبعدت بتاريخ 20-8-2010، قيام حكومة النتن ياهو بتمديد فترة تجميد البناء في المستوطنات والتي تنتهي في أوائل أيلول القادم، هذا كما ونقلت الإذاعة العبرية العامة عن تلك المصادر قولها بأن القرار الذي اتخذه المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية الصهيوني والذي يقضي بتجميد البناء لمدة عشرة أشهر قد نـَصّ صراحة على استئناف أعمال البناء بعد انقضاء هذه الفترة!!.
4. في أعقاب الإعلان عن تاريخ بدء المفاوضات المباشرة والتي من المؤمل أن تنطلق مطلع شعر أيلول / سبتمر 2010، فقد أعلن النتن ياهو في الجلسة الأسبوعية لمجلس وزراء العدو الصهيوني أن الاعتراف الفلسطيني بما وصفها بيهودية "إسرائيل" يعد أحد شروط التوصل إلى اتفاق سلام، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق صعب جدا لكنه ممكن، كما وبيّن النتن ياهو بأن ثمة ثلاثة أسس تتمسك بها "إسرائيل" من أجل إبرام الاتفاق تتمثل بتحقيق الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية، واعتراف فلسطيني بـ "إسرائيل" دولة لليهود، وأن يشكل هذا الاتفاق نهاية للنزاع!!.
5. نقلت الإذاعة الصهيونية عن مصادر "إسرائيلية" لم تسمها بأن تل أبيب ستطالب ببقاء غور الأردن وقمم الجبال المطلة عليه تحت سيطرتها لضمان مراقبة المجال الجوي "الإسرائيلي"، وللتأكد من عدم تهريب وسائل قتالية وتسلل مخربين إلى أراضي الدولة الفلسطينية الموعودة!!.
ثانياً ... مواقف السلطة الفلسطينية:
1. بعد توقف لمفاوضات فلسطينية صهيونية امتد لسنتين، كانت الولايات المتحدة الأمريكية خلالها قد بذلت جهودا حثيثة لإقناع الطرفين باستئناف المفاوضات المباشرة التي توقفت أواخر عام 2008 في أعقاب الاجتياح الصهيوني لقطاع غزة، فتم الاتفاق بمباركة جامعة الدول العربية على أن تنطلق مفاوضات غير مباشرة كان قد حُدّدَ لها سقف زمني لا يتعدى فترة أربعة أشهر لتنتقل بعدها المفاوضات إلى الصيغة المباشرة لو تم تحقيق تقدم فيها، في وقت استمر الاستيطان والتهويد وقضم الأراضي العربية وبنفس الوتيرة السابقة رغم قرار تجميد الاستيطان!!.
2. في أعقاب فشل "كان متوقعاً!!" لتلك المفاوضات، فإن السيد أبا مازن راح يعلن بتصريحاته الصحفية مراراً بألا عودة لأي شكل من أشكال المفاوضات إلا من خلال تحديد مرجعية واضحة للمفاوضات والحصول على ضمانات أمريكية، هذا في الوقت الذي كانت قيادة السلطة الفلسطينية على دراية وإلمام تامين بأبعاد ما تنفذه "إسرائيل" من مخطط تهويد وقضم للأراضي وإقامة مغتصبات، وذاك ما كان قد أكد عليه السيد أحمد قريع في بيان صحفي له بتاريخ 18 /8 /2010 حيث أوضح فيه بأن عمليات التهويد وتغيير طابع المدينة المقدسة ومعالمها الثقافية والجغرافية في تصاعد مستمر، معتبراً بأن ما يجري هناك يعد استباقاً للزمن من قبل دولة العدو للإجهاز على الوجود العربي الفلسطيني هناك قبل الوصول بالمفاوضات إلى ملف القدس!!.
3. كانت اللجنة التنفيذية قد حذرت في بيانها من أن استمرار المفاوضات سيكون مهددا إذا امتنعت حكومة نتنياهو عن الوقف التام لجميع النشاطات الاستيطانية!!.
4. قال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية السيد صائب عريقات بأن السلطة الفلسطينية ستترك المفاوضات المباشرة إذا استأنفت إسرائيل الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ورفض تعليقات لرئيس الوزراء الصهيوني معتبراً فيها بأن الاعتراف بيهودية الدولة يعد أحد أسس أي حل مستقبلي للصراع!!.

ثم ماذا بعد!؟؟.
فالعدو الصهيوني مازال ممسكاً بالأرض الفلسطينية التي استحوذ عليها والتي كان قد "وعد !!" بإقامة دولة فلسطينية عليها!؟, وها هو العدو الصهيوني واضح في اشتراطاته وسياسته ووصفه للدولة الفلسطينية الموعودة!؟، وها هي قيادة السلطة الفلسطينية تعلن عن رفضها المسبق لتلك المفاوضات إن استمر العدو على سياسته تلك، فما الخطوة القادمة للسلطة الفلسطينية!؟، وهل ستكتفي قيادة السلطة الفلسطينية بالرفض والجلوس كالعادة انتظاراً لحراك سياسي جديد وانفراج بالأزمة!؟، أم أن لديها خياراً آخر أكثر فاعلية وجدوى مما كانت قد اختارته سابقاً وفشلت به طيلة عقد من السنين العجاف!؟، أليس الأجدر بقيادة السلطة أن تحترم ذاتها وشعبها وذكرى شهدائها وأسراها فتوقف تلك المسرحية الهزيلة التي تجري!؟، ما الذي تنتظره قيادة السلطة الفلسطينية حتى تدرك بألا خيراً يُرتجى من عدو متزمت طامع مغتصب، كما وألا مأمناً بالتالي من شره وخبثه وطمعه وممارساته الميدانية!؟، متى "سـ" تدرك قيادة السلطة الفلسطينية أن إضاعة الفرصة غصّة ما بعدها غصّة!؟، ومتى "سـ" يحين الوقت لتعرف قيادة سلطتنا الفلسطينية ألا استقامة لظل أساس عوده كان مِعـْوَجـّاً!؟.
سبحان الله في حقيقة وصف الجاهل حيث قيل أنه:
1. إما أن يكون "مُفـْرطاً" بالانسياق خلف أوهام وأضغاث أحلام كان قد حسبها يوماً أنها وردية!!.
2. أو أنه كان "مُفـَرّطا" بهيبته وكلمته وحقوق رعيته!!.
ومن كان "مُـفـْرطاً" في انسياقه خلف أوهامه، فإنه بالضرورة لابد وأن يكون "مُـفـَرّطاً" بحقوق رعيته!!.
قال الله تعالى في محكم آياته:
"قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وما أريدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إن ْ أُرِيدُ إلاّ الإِصْلاحَ ما اسْتـَطَعْتُ وما توفيقي إلاّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تـَوَكَلْتُ و إليْهِ أُنيْب" ... (سورة هود: 88).
ولحديث الأسى والنكبات بقية، مادام الوضع المزري على ما عليه، إن كان بالعمر من بقية!!.
سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
25 / 8 / 2010