المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعركة ليست عربية



سميح خلف
27/08/2010, 01:06 AM
المعركة ليست عربية

بلا شك أن هناك أوضاع مطلوب تسويتها في المنطقة وترتيبات اقليمية جديدة حيث أصبحت تقسيمات سايكس بيكو عديمة الجدوى في ظل المنطور الإقليمي المتنامي وتحديات العصر وأهمها في منطقة الشرق الأوسط وجود ما يسمى إسرائيل النووية .
قال السادات عند توقيعه كامب ديفيد أن تلك آخر الحروب بين العرب وإسرائيل ، هل كان يقصد السادات أنها آخر الحروب بين مصر وهي أضخم دولة عربية عتادا وعدة ، أم كان يقصد أنها آخر الحروب بين العرب وإسرائيل ، وهل صدق الشاعر أحمد شوقي عندما قال عن مصر : " أنا إن قدر الإله مماتي .. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي " ، وهل فعلا مصر ماتت في المعادلة العربية ، أي معادلة الأمن القومي العربي ، وهل هناك جدوى تغيرية لأي نظام قادم في إخراجها من التحالف مع العدو الصهيوني ؟
بالتأكيد أن هناك معركة قادمة بين إسرائيل وإيران وقوى المقاومة العربية ، ولكن أين العرب سيكونون منها ، هل سيكون موقف العرب الداعم للعدو الصهيوني الأمريكي كما فعل في حرب الخليج ووقوفه إلى جانب الغزو الأمريكي ، وهل كان الغزو الأمريكي بداية لخريطة جغرافية وسياسية جديدة في الوطن العربي بوابتها حل القضية الفلسطينية من خلال حفنة جواسيس ليس لهم تمثيل ولا شعبية في الساحة الفلسطينية ، أي تسوية سياسية على لوح من زجاج .
دور العرب في المعركة القادمة قد حدده النظام الإيراني وموقفه المتشددة ضد إسرائيل في حين أن العرب يسعون إلى التطبيع ويستخدمون القيادة الفلسطينية الهشة كغطاء لعملية تطبيع وإنشاء حلف عربي إسرائيلي ضد إيران ، والسعي لإيجاد توازن قوى نووي على الأقل يحفظ المصالح الأمريكية ومصالح رأس المال العربي في المنطقة وكذلك يحفظ أنظمتها .
ولكن أيضا هل فعلا إذا نشبت الحرب سيكون للأنظمة العربية مكان وكلمة ووجه وإذا رأوا الصواريخ تتساقط على تل أبيب وعلى شمال فلسطين وجنوبها ،أما سيكونون متشائمين قبل بدايتها وكما صرح العميل " محمود عباس " بأنه حزين على الشعب الفلسطيني وعلى تعداد مليون ونصف سيذهبون ضحايا في أي معركة بين إسرائيل وإيران .
صرح لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي بأن القيادة الإيرانية قد اتخذت قرارا لا رجعة فيه بالدفاع عن فلسطين ، تصريح له مفاهيمه العسكرية والسياسية والإقليمية .
إيران لها رأس الحربة في الساحة الفلسطينية وقوى لا يستهان بها مثل قوة حزب الله ذات الخبرة والعتاد والصلابة وله سوريا وما تقتنيه من أسلحة ، وله حماس والمقاومة الفلسطينية التي ستكون لضرباتهم تأثير مؤثر وتأثير اقتحامي وليس مواجهة عبر الصواريخ والطائرات ، وهذا ما صرح به حسن نصر الله بأنه في أي معركة قادمة سيحتل شمال فلسطين .
إذا على ماذا يراهن العرب ، وماذا بقي لهم من أوراق القوة ، إنها بالتأكيد ستكون معركة غير عربية سيدفع النظام العربي رسومها وجماركها ، أما في الحسابات فلن يكون هناك ربح عربي إذا ابتعد عن فلسطين ومصالح الشعب الفلسطيني وجغرافية فلسطين وتاريخها .
النظام العربي يحاول أن يرسم أنظمته المنهارة في ظل أطماع أمريكية لتقسيم المجزء كما في السودان واليمن وبشاؤره في مصر والعراق ودول أخرى.
إذا سؤال آخر ماذا سيكسب العرب من اصطفافهم مع أمريكا وإسرائيل ، لن يكسبوا إلا الهزيمة والخيبة لأنها أطماع في مكاسب تتنافى مع موقف شعوبهم .
قال الزعيم الليبي معمر القذافي منذ عقدين إن قطار الموت قادم وقال أيضا أن العالم يتجه إلى فضاءات متوازنة ومن أجل تلك الفضاءات يجب أن تحدث حروب ليحدث التوازن في المصالح بين تلك الفضاءات ، وقال أيضا عن أزمة المياه ومعارك المياه التي بوادرها قد بدأت تظهر في مياه النيل ومحاولة ابتزاز للعدو الصهيوني في مصر لفك الأزمة مقابل مليارات من الليترات تورد له من خلال سيناء ، فضلا عن أن ورقة المياه هي ورقة وأزمة سياسية تحتل المرتبة الأولى في أي مفاوضات حول نهر الليطاني وطبرية ومصادر المياه في الضفة الغربية .
لا أعتقد أن هناك حلول سياسية يمكن أن تدوم مادامت الورقة السياسية الأمريكية المطروحة في قمة واشنطن تعتمد على قيادة لا تمثيل لها أمام شعبها ولا تحقق رغبات الشعب الفلسطيني والعربي ، وهي مناورات على لوح من زجاج ومبرر لاصطفاف عربي مقابل إيران .
إذا أين العرب في المعادلة القادمة ، إنهم العرب العرب الذين ينظرون إلى خزائنهم قبل أن ينظروا إلى فلسطين ...



بقلم : م. سميح خلف .