المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جارتي والحرب



صبيحة شبر
15/03/2007, 05:54 PM
جارتي والحرب
تأخذ المراة الجارة ، بالتنقل بين غرف المنزل ، مرتبة ، منظفة الأثاث من الأوساخ العالقة ، ماسحة الغبار المتراكم ، بقطعة قديمة من قماش ، استمع الى صوت فيروز الجميل المنعش ، بعد أن هدني التعب ، وأمضني الترقب ، وحاولت الاستسلام للنوم ، فجاء متقطعا على غير رغبة مني ، اشعر ان جسدي منهك وروحي متعبة ، بذلك الألم الشديد والمتواصل ، والقلق المستمر ، ولكني حين رأيت جارتي تتنقل في أرجاء المنزل ، لتبعث بالحيوية المفقودة ، من جراء الإجهاد الطويل شعرت بنوع من السعادة ،كنت افتقده
اسمع صوتا خافتا للمذيع ، وهو يقرأ نشره الأخبار الأخيرة ، القتلى بالآلاف ، والجرحى يتكدسون على ممررات المستشفيات ، يحلمون بالشفاء العاجل ، بعد ان أصابت أرواحهم القنابل الفتاكة ،قبل ان تصيب منهم الأجساد
المراة النشطة ، خفيفة الحركة ، تتنقل كالنحلة من مكان الى آخر ، تدخل الى المطبخ لتهيئ لي طعاما مقويا ، يساعدني على استرجاع عافيتي الناقصة ،ويعين في الإكثار من در الحليب ، فكري مشغول ، والأوجاع تستبد بي ، ماذا يمكن ان يحل بهم ، ليمنعهم من المجيء الي كما هو دأبهم ، ولم اسمع الهاتف يرن ليطمئنني ، على سبب غيابهم الطويل ، كنت آمل ان استمع الى صوتهم الحنون المميز ، والذي يحمل لي غصونا خضراء من الحب والجمال

- حساء الخصروات غذاء مجرب ، وهو سهل الهضم ، لذيذ المذاق ، يساعدك في عملية الإرضاع
استمع للمراة القادمة الينا ، بعد ان أعياني الحال ، وأدركت ان الوالدة لا تستطيع المجيء ، على اثر المنع الجديد للسفر ، الذي طال كل المواطنين الا من استطاع ان يحصل على توصية من بعض مناطق النفوذ
خفت ان أكون وحيدة ، وأنا أترقب هذا الحدث السعيد ، الذي أشهده لأول مرة ، وكدت أموت خشية ، من عدم التمكن من استقباله
يستمر المذيع في إلقاء نشرته الإخبارية ، والعدد الكبير من القتلى والجرحى ، والمفقودين في تلك الديار الغريبة ، يفجعني ، أتساءل بيني وبين نفسي
- لم يشعل الحكام الحروب ؟ وما الفائدة منها ؟ ولماذا يحشرون الناس عنوة في تلك الجيوش ؟
تواصل المراة الجارة تنقلها ، في أنحاء المنزل الواسع ، الذي أصبحت غريبة فيه ، ومهجورة بعد ان سافر لأداء واجبه العسكري كما قال ،تساءلنا ، ماهو الاسم الجميل الذي نطلقه على وليدنا المرتقب ، عددنا الكثير من الأسماء الرائعة وذات المعاني السامية ، ولم نكن نفضل جنسا محددا ، كل ما يرزقه الله جميل
اسمع صوت تنظيف الصحون من المطبخ ، كانت كثيرة ، ولم اقو على أداء ذلك الواجب الثقيل ، بعد ان ثقل حملي ، وأصبح السير شديد العبء ،كذلك الوقوف الطويل ، وحتى الأشغال المنزلية التي كنت مدمنة عليها ، أضحت صحتى عاجزة عن القيام بها
تأتيني المراة بقدح من الحليب الساخن ، استرد فيه بعضا من العافية التي احتاج إليها ، في هذه المهمات العسيرة ،التي علي ان أقوم بها
لم يتصل بي كما وعدني ، وكان تواقا الى رؤية ولده البكر ، ولكن ماذا بالامكان فعله والبلاد في حرب مستعرة ؟
اشرب جرعات من الحليب ، تقف المراة بجانب سريري ، لم استطع ان أبادلها الحديث ، انا لا افقه لغتها ، وهي لاتعلم من العربية شيئا ، اشعر كما لو ان الله قيض لي أختا حبيبة في ديار ، ابتعد عني الأحباب فيها ، وهاجر الزوج مرغما على أداء واجب ثقيل ، يصرخ الطفل راغبا بالحنين ، محتجا على استقبال الحياة بمفرده ، وكان يحلم ان يكون الأب فرحا متهللا ، بقدومه السعيد
تعينني الجارة باحتضان الطفل ، وحالما يهدأ ويرغب عن الصراخ المحتج ، حتى أعيده الى المهد ، وكأن هذه الحركة البسيطة قد استنزفت قوتي
يواصل المذيع قراءة نشرة الأخبار ، القتلى والجرحى بالآلاف ، هل تدرك تلك المراة ان جيشنا يعمل فيهم قتلا وتجريحا ، كما يفعل جيشهم فينا ؟
تضع المراة يدها على جبهتي ، رغبة في قياس درجة الحرارة ، تنطق ببعض الكلمات التي لا افهمها ، تأتيني بطفلي الصغير ، وتعينني في إرضاعه ، تنبعث من المطبخ رائحة لأكلة شهية ، انتهت تلك المراة من تجهيزها لي ، تساعدني أولا في تناول الدواء الذي وصفه الطبيب ، تؤشر لي بيدها إشارة افهم منها النصيحة لي ، بالنوم بعد سهر متواصل ، تساعدني في تغيير ملابسي التي تبللت من جراء ارتفاع الحرارة وانخفاضها
تطمئن الى راحتي ، وتغلق الباب بهدوء بعد ان انتهت من عملية التنظيف والطبخ وغسل الملابس ،




صبيحة شبر
11 اذار 2007

سعيد أبو نعسة
18/03/2007, 12:19 PM
أختي الكريمة
أجمل القصص ما يكتبه الكاتب كما يحكيه تماما بشرط ألا يحدث انقطاع في المعنى و أن يفهم القارئ القصة بأحداثها و شخوصها و مراميها البعيدة من قراءة واحدة ؛ فإذا قرأها مرتين و لم يفهمها فقد أضاع وقته سدى و كان هذا دليلا على تقطع المعاني .
إذا جاز أن يكون المعنى في قلب الشاعر فلا يجوز أن يكون المعنى في قلب القاص
أرجو ربط عرى القصة بدقة و إزالة الغموض الذي يلفها.
دمت في خير و عطاء

صبيحة شبر
19/03/2007, 06:38 PM
أختي الكريمة
أجمل القصص ما يكتبه الكاتب كما يحكيه تماما بشرط ألا يحدث انقطاع في المعنى و أن يفهم القارئ القصة بأحداثها و شخوصها و مراميها البعيدة من قراءة واحدة ؛ فإذا قرأها مرتين و لم يفهمها فقد أضاع وقته سدى و كان هذا دليلا على تقطع المعاني .
إذا جاز أن يكون المعنى في قلب الشاعر فلا يجوز أن يكون المعنى في قلب القاص
أرجو ربط عرى القصة بدقة و إزالة الغموض الذي يلفها.
دمت في خير و عطاء
المبدع العزيز سعيد ابو نعسة
الشكر الجزيل للاطلالة الجميلة
القصة تدور عن علاقة طيبة بين جارتين
رغم الحرب المشتعلة بين بلديهما

هري عبدالرحيم
19/03/2007, 08:37 PM
قصة الحرب قصة تنبع من معاناة الكاتب، فهذه الأيام نعيش ذكريات حرب مريرة على شعب عزيز -الشعب العراقي الأبي-،وقصة الأخت صبيحة شبر تذكرنا في الوقت المناسب.
من خلال النص يتضح أن الحرب هي من صنع الساسة ،أما الشعوب فعلاقتهم تبقى متميزة، تبقى إنسانية.
تحية للأخت صبيحة على هذا الإبداع.

بديعة بنمراح
19/03/2007, 09:28 PM
:fl:
الصديقة العزيزة صبيحة
الحرب شيء بشع ، يصنعها الحكام ، و يعاني ويلاتها الشعوب .
جميل أن يجد الإنسان السند من صديقة أو جارة ، خاصة في الأوقات العضيبة.
تحياتي و مودتي

صبيحة شبر
19/03/2007, 09:50 PM
قصة الحرب قصة تنبع من معاناة الكاتب، فهذه الأيام نعيش ذكريات حرب مريرة على شعب عزيز -الشعب العراقي الأبي-،وقصة الأخت صبيحة شبر تذكرنا في الوقت المناسب.
من خلال النص يتضح أن الحرب هي من صنع الساسة ،أما الشعوب فعلاقتهم تبقى متميزة، تبقى إنسانية.
تحية للأخت صبيحة على هذا الإبداع.
الاخ العزيز هري عبد الرحيم
الشكر الجزيل للقراءة الجميلة
وللموقف النبيل نحو شعب العراق الاصيل

صبيحة شبر
19/03/2007, 09:52 PM
:fl:
الصديقة العزيزة صبيحة
الحرب شيء بشع ، يصنعها الحكام ، و يعاني ويلاتها الشعوب .
جميل أن يجد الإنسان السند من صديقة أو جارة ، خاصة في الأوقات العضيبة.
تحياتي و مودتي
الصديقة العزيزة بديعة بنمراح
الشكر الجزيل لاطلالتك الجميلة التي اسعدتني
دمت بخير وانشراح

نزار ب. الزين
20/03/2007, 01:54 AM
أختي المبدعة صبيحة
و كانت المفاجأة أن الجارة التي جاءت لتخدمها في الوقت الذي ابتعد عنها الأهل و ذهب فيه الزوج إلى الحرب ، من نفس بلد الأعداء الذين رحل زوجها ليحاربهم ، الناس العاديين لا يشعرون بالعداء ، و المسؤول عن تحريك الحروب هو الثالوث الهمجي :سياسيون ، جنرالات ، رجال دين مسيسون .
عندما زرت فرنسا ، تعجبت لإنسانية و لطف و رقة الفرنسيين ، و أنا من عاصرهم أيام الإستعمار ، فعندما كانوا في سورية كانوا في غاية الفظاظة و البطش .
و في فلسطين ، كان اليهود يعيشون جنبا إلى جنب مع العرب و يقيمون علاقات اجتماعية تكاد تكون أخوية فيما بينهم ، إلى جاء الصهاية الأشكناز فأفسدوا كل شيء .
نص رائع أثار الكثير من القضايا الإنسانية .
دمت و دام إبداعك
نزار

صبيحة شبر
20/03/2007, 05:58 PM
أختي المبدعة صبيحة
و كانت المفاجأة أن الجارة التي جاءت لتخدمها في الوقت الذي ابتعد عنها الأهل و ذهب فيه الزوج إلى الحرب ، من نفس بلد الأعداء الذين رحل زوجها ليحاربهم ، الناس العاديين لا يشعرون بالعداء ، و المسؤول عن تحريك الحروب هو الثالوث الهمجي :سياسيون ، جنرالات ، رجال دين مسيسون .
عندما زرت فرنسا ، تعجبت لإنسانية و لطف و رقة الفرنسيين ، و أنا من عاصرهم أيام الإستعمار ، فعندما كانوا في سورية كانوا في غاية الفظاظة و البطش .
و في فلسطين ، كان اليهود يعيشون جنبا إلى جنب مع العرب و يقيمون علاقات اجتماعية تكاد تكون أخوية فيما بينهم ، إلى جاء الصهاية الأشكناز فأفسدوا كل شيء .
نص رائع أثار الكثير من القضايا الإنسانية .
دمت و دام إبداعك
نزار
المبدع القدير نزار ب.الزين
تعيش الشعوب بحب ومودة حتى يأتي الطامعون فيخربوا
العلاقات الجميلة ، نحارب من اجلهم وليس من اجلنا
اليهود في العراق كانوا اخوة لنا نضالاتنا مشتركة
حتى قامت اسرائيل و اجبر اليهود العرب الى مغادرة الاوطان
الحكومات خدمت اسرائيل
في العراق الان حرب اهلية والاهل حين اتصل بهم هاتفيا
يقولون ان المواطنين ما زالوا على علاقاتهم الحميمية
وان المليشيات السياسية من يقوم بالقتل وترويع الامنين

مها النجار
21/03/2007, 12:37 AM
الشعوب لا تعرف لغة الحكام
ولا دهاليز السياسة
أن الأخلاق سبقت الأديان , هناك فلاسفة وكتاب وشعراء كبار كانوا دعاة أخلاق قبل أن تهبط العقائد على البشر
وهنا فى قصتك مزيج من الأخلاق والحب
نسج بحرفنة الكاتبة بصدق وبساطة

مهــــــــــــا

صبيحة شبر
21/03/2007, 01:02 AM
الشعوب لا تعرف لغة الحكام
ولا دهاليز السياسة
أن الأخلاق سبقت الأديان , هناك فلاسفة وكتاب وشعراء كبار كانوا دعاة أخلاق قبل أن تهبط العقائد على البشر
وهنا فى قصتك مزيج من الأخلاق والحب
نسج بحرفنة الكاتبة بصدق وبساطة

مهــــــــــــا
العزيزة مها
قراءة للقصة بقلم مبدعة
عرفت بروعة الخلق وجلال الالفة
اشكرك على الثناء الجميل
دمت مبدعة للجمال

أبويزيدأحمدالعزام
23/09/2007, 09:00 PM
اجمل القصص,ان يكون من كتبها عاشها وعاش لحظاتها,واجزم ان الاديبة صبيحة شبر عاشت هذه القصة وهذا سر الابداع وصدق المشاعر,,لمست في هذه القصة معاناة وسؤال موجه للحكام والانطمة.....لماذا تشعلون الحروب؟انهم الطامعون وزارعوا الفتن والخونة, قتلة الاطفال لارضاء مصالحهم واهدافهم الشخصية والمادية وارضاء حلفائهم,,فلا علاقة للشعوب بأنظمتها والدليل((الجارتين)) وانا وانتِ وانتم.....فنحن لم نختر الحروب!!! تحية لك ولقلمك المبدع
تحياتي...سيدتي

صبيحة شبر
24/09/2007, 10:52 PM
اجمل القصص,ان يكون من كتبها عاشها وعاش لحظاتها,واجزم ان الاديبة صبيحة شبر عاشت هذه القصة وهذا سر الابداع وصدق المشاعر,,لمست في هذه القصة معاناة وسؤال موجه للحكام والانطمة.....لماذا تشعلون الحروب؟انهم الطامعون وزارعوا الفتن والخونة, قتلة الاطفال لارضاء مصالحهم واهدافهم الشخصية والمادية وارضاء حلفائهم,,فلا علاقة للشعوب بأنظمتها والدليل((الجارتين)) وانا وانتِ وانتم.....فنحن لم نختر الحروب!!! تحية لك ولقلمك المبدع
تحياتي...سيدتي
الأخ العزيز أبو هاجر أحمد العزام
أشكرك الشكر الجزيل أولا على القراءة الواعية والتقييم الجميل
وأشكرك ثانيا لآنك تزيل عن قصصي تراب ما علق بها من نسيان وبعض الاهمال
فتعيد اليها الرونق المفقود
وفقك الله وحقق لك الأمنيات