المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 3. الفيلسوفة التائهة



قحطان فؤاد الخطيب
16/10/2006, 06:55 PM
الفيلسوفة التائهة
" بات من المستحيل أن اصمت وفي فمي الدم ... وبات من المستحيل أن اعيش في النار ما دامت هناك الجنة . " هكذا راحت الآنسة الشابة جوليت تبعث بعباراتها المنسابة التي عجزت عن تدوينها بما احتوته من عمق في الفكرة ، وجمال في
الأسلوب ، وخصوبة في الخيال . ثم وجدتني مندهشاً أمام هذا النوع من الحواء .
قالت بلهجة تمثيلية رائعة ..... " أنا اكره أبي وأمي ... أكرههما ، لأنهما تسببا في وجودي " . ثم استدركت قائلة: "أتدري لماذا اكرههما ؟ " عجبت من أمرها وأنا لم يمض على تعرفي عليها سوى أيام تعد بالأصابع ثم قالت : " ان وجودي يعني ، بالنسبة لي الخطأ الكبير . " ثم راحت تبعث بتفسيراتها وتعليلاتها قائلة : " فأبي لم يقرر الحصول على اطفال ، لا بنين ولا بنات . ولكن جئت صدفة . " ثم رفعت عينيها وهي تتأملني كأنني أريد أن انتزع منها الأعتراف . وأردفت تقول : " إن أبي كان تحت الأمر الواقع ، بل قل كان يندب حظه حين عرف بأن أمي ستضع مولوداً . " ثم تساءلت بعصبية : " ولماذا تزوجها أذن ؟ ! " وتوقعت أن اعلل لها سؤالها ، ولكنها راحت تقول : " أتدري كم أثق فيك .... ؟ " ثم ابتسمت وقالت : " أجل انني اثق فيك ، ويتراءى لي بأنك خبير بالحياة . "
كانت فتاة خضراء العينين ، معتدلة القامة ، شعرها مفحم بالسواد ، رشيقة الحركة ، رقيقة الحديث . كانت تضحك ثم تسكت، تسأل ثم تجيب نفسها . لقد سبق وعرفت بأنها في سنتها الجامعية الأخيرة . كانت ذكية ..... تتحدث في كل شيء بلباقة . وكانت تريدني أن افهم بأنها أحسن حواء .
وقلت لها : " هل أنت فيلسوفة ؟ ! أجابتني كمن احبت هذا السؤال كثيراً . ثم راحت بغرور تعدد بأصابعها ذات الأظافر الطويلة الملونة بلون زهور الربيع ، أسماء الكتب والكتاب الذين قرأت لهم وتأثرت بهم . فذكرت المذاهب والشخصيات بلا حساب ثم قالت : " احب الرمزية ... احب اللامعقول ... احب سارتر ... احب الفن ... الأدب ... التمثيل ... آه ، أعبد التمثيل . وهنا لفظت عبارتها التالية التي ابعدتنا عن الطريق الذي كنا نسير فيه ، وقالت :
" لاشيء يعيد للخضرة نظرتها . غاب القمر الذي كان يتلألأ . "
كنت الاقي صعوبات شتى وانا ادون افكارها الغامضة ، ثم واصلت تقول : " لتحرسك الشمس ، ولترعك النجوم ."
ولست أدري من كانت تعني ، وماذا كانت تريد أن تعني . قلت لها : " هل انت تحت وطأة الحب؟" أجابت ببرود : "سؤال
مألوف ... ابداً . " "وهل فشلت في الحب ؟ " قالت " بكل تأكيد ... أبداً . " فقلت لها" وماذا تريدين بكلماتك هذه ؟!" قالت : " أما عن الحب فلا أؤمن به ... أعني أنه زيف ... وكذلك لا أؤمن بالانسان . " ودفعني الفضول لأن استطلع رأيها في لغتها هذه فإذا بها تقول : " احب استعمال اللغة التي لايفهمها الآخرون ، لأن وقعها طيب في نفسي . " قلت لها : وهل كل البنات هكذا ؟! أجابت " كل ما اعرفه أن هناك فتيات سخيفات وعظيمات ، وضيعات ومخلصات ، عالميات ومحليات . " قلت لها متهكماً : " وهل لك أن تحدثيني عن العالميات والمحليات ؟ " قالت برباطة جأش : " انني لا احب التدخل في شؤون الآخرين الا اذا جلبت لهم السعادة . انني غير سعيدة لأنني لا اعرف ماذا اريد . " وهنا افترضت في نفسي طبيباً سايكولوجياً ، وتمنيت فرويد بقربي ليحل رموز هذا النوع من الفتيات . وهنا امتلكت عواطفي محاولاً وضعها في جو تستطيع خلاله أن تفضي بأفكارها لعلها تفسر هذه الطلاسم . ثم تحدثت بلهجة حزينة : " أنا أؤمن بأن السعادة ليست في ادخال السرور الى نفسي بل الى القلوب التي تحتاجها . " ثم سألتها وماذا تعنين بالذين يحتاجونها ؟ قالت " الرجال بالأخص ... وأنى ارثي لهم . انهم يتغزلون بالفتاة ولكنها ألاعيب . " أحست بأن وقع الكلمات كان ثقيلاً علي ، فاستدركت تقول : " ليس كل الرجال ... فانا اعجب بالرجل المفكر ، والأديب ، والحزين ، والعميق ! اعجب بالرجل الذي يقيم أفكاري ، ويعجبني أن ادلله وفي الوقت نفسه يعجبني أن اتسلى به وهو يتلوع . انه طفل كبير . "
لم تكن الفتاة مسلمة ، ولم تكن متدينة بل كانت تتباهى بأنها عصرية ... متحررة ، كانت ضائعة ... عابثة ... كانت لاتعرف ماذا تريد ... كانت تضحك ثم تحزن . كانت تشكو الفراغ ، وربما ساعد حبها للتمثيل وحياة النجوم على تغذية هذا الفراغ . لقد جمعتني بها ظروف شاذة لم اكن اتوقعها ... ولست ادري ماذا كانت تهدف وهي تبعث باعترافاتها بسخاء . ولم يكن يدر بخلدي أن تنطلق حواء فتحدثني عن قلبها ونفسها وعقلها . لقد عرفت بأن افكارها سترى النور وستترجم الى حروف وكلمات فاذا بها تقول :
" احب أن ارى جوليت في المرآة ... ترى هل ستقبل المرآة ؟ " ثم اجابت نفسها وهي تهز رأسها ويديها الناعمتين :
" لابد وأنها ستقبل في يوم من الأيام . "

الشربيني المهندس
16/10/2006, 07:09 PM
الاستاذ فؤاد لقد ابحرت مع النص طويلا فهو من النوع الذي يطرح الاسئلة امام القارئ كلما لاحت الفرصـة
ذكرني العنوان المدهش ـ والذي يدل علي براعة الجذب الي الموضوع ـ باشكالية كلمة المنتمي الي مجال الفلسفة هل هو فيلسوف أم فليسوف ...؟
والا تري انه مع الفلسفة فان الحيرة اقرب من التوهان ..؟
رغم استخدام اسلوب الديالوج الا ان غلبة احد الاطراف وهو البطلة هنا حرمتنا من اجابات الراوي في كثير من الأحيان ..
ربما لأنها (( كانت فتاة خضراء العينين ، معتدلة القامة ، شعرها مفحم بالسواد ، رشيقة الحركة ، رقيقة الحديث . كانت تضحك ثم تسكت، تسأل ثم تجيب نفسها . لقد سبق وعرفت بأنها في سنتها الجامعية الأخيرة . كانت ذكية ..... تتحدث في كل شيء بلباقة . وكانت تريدني أن افهم بأنها أحسن حواء ))
طبعا والأمر هكذا يحيا التوهان وشكرا لاستاذنا علي هذا الامتاع

قحطان فؤاد الخطيب
16/10/2006, 11:50 PM
أستاذي الفاضل الشربيني المحترم
سلم ذوقك على نفائس الألفاظ التي زينت بها بوابة الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب . انك ، والحق يقال ، ناقد من الطراز المرموق ، حين عرجت على ما جاء بين السطور ، لتخرج بفكرة فلسفية تميط اللثام عن ذلك الطراز من فتيات ستينات القرن الماضي في العراق المنكوب .
اشكرك من اعماق قلبي على كل مشاعرك الودية واهلا بك اخا وفيا في رسالة الفكر والقلم .
مع اسمى اعتباري .
قحطان الخطيب / العراق

عقاب اسماعيل بحمد المغربي
13/10/2007, 03:21 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاستاذ الكبير
قحطان فؤاد الخطيب
لكل من اسمه نصيب,, في ابداعيتك
الفيلسوفة التائهة
نصا فيه فلسفه عميقه وشعرا جميلا
اغراني بأن اصوغه قصيده
عمق في الفكره وخصوبه بالخيال* تغزل خيوط النار جنه للجمال
اما عيون الخضر والقامه اعندال* ما جاوبو عا لهفتي وعطيو مجال

شكرا للمعلم مع تحيا تي
***
الشاعر اللبناني:fl:
ابو شوقي

قحطان فؤاد الخطيب
13/10/2007, 09:29 PM
شــــــاعر ((واتـــــــــــا)) الملهــــــــــــم ،
عقـــاب إسماعيــــــل المغربي المحتـــــرم

كــــل عــــــام وأنــــت بخيـــــــــــــــــــــــر

حين يتعانق الشـــعر مع القصة القصيرة ،
ينتعش الخيال ، وتدب الحياة في الكلمات ،
كي ترقص على أنغام ضبط إيقاعهـا صدق
التعبير ، وشفافيـــة النقل الواقعي الأمين ،
لشابة جامعية حسناء ، اجتمعت فيها كــــل
صفـــــات الأنوثــــة الـ superlatives .

في الستينيات كان الذهـــن العراقي صافيا ،
إذ انغمس جـــــــل اهتمام الشابات والشبان
آنذاك بالأدب والثقافة ‘ فيما تمحور معظم
نتاج كتاب القصة حول الأســلوب الواقعي
انعكاسا للجو السائد .

شكرا جزيـــــــــــلا ، شاعرنا المبدع ، على
انطباعاتك نحوي ونحو مشاركاتي القديمة .
وطوبي للجمعيـــــة التي يتزاوج فيها الشعر
والقص في هذا العيد السعيد .

مع أسمى اعتباري .
قحطـــــان الخطيب / العراق

زاهية بنت البحر
15/10/2007, 07:54 PM
كم في هذه الحياة من فتيات جميلات مثلها، وهناك الأجمل من ذوات العيون الخضر والزرقاء والسوداء والبنية منهنَّ الضائعات ومنهنَّ من يعرفن جيدًا ماذايردن من هذه الحياة ،ودائمًا الضحية هو الرجل الذي أشفقت عليه إحداهنَّ في هذا النص وأدانتهم " الرجال بالأخص ... وأنى ارثي لهم . انهم يتغزلون بالفتاة ولكنها ألاعيب . " أحست بأن وقع الكلمات كان ثقيلاً علي ، فاستدركت تقول : " ليس كل الرجال ... فانا اعجب بالرجل المفكر ، والأديب ، والحزين ، والعميق ! اعجب بالرجل الذي يقيم أفكاري ، ويعجبني أن ادلله وفي الوقت نفسه يعجبني أن اتسلى به وهو يتلوع . انه طفل كبير . " أ..رسم واقعي لخط نفسي يقبع متخبطًا في ذات فتاة التقيتها أخي المكرم أستاذنا الكبير د.قحطان الخطيب فذكرتني بمثيلات لها أدعوالله أن يدلهن على مايريح بالهنَّ.
دمت بخير وللخير تسعى
أختك
بنت البحر

قحطان فؤاد الخطيب
15/10/2007, 09:36 PM
حين تمسك أديبــــــــــة متجددة ،
وشاعــــرة مرهفـــــــــة الحس ،
بوزن الزاهيــــــة ، بنت البحر ،
القلــــــم ، تستنفر الحـــــــواس
الخمس جـــــــــــــــــل طاقاتها ،
باسمة كي تستمتـــــــــــــع بما
تكتنز سطورهـــــا ومـــــــا بين
سطورهــــــــــا من عذب الكلام
وحلـــــــــــــوه ، ورشيق اللفظ
وحسنه .

جمعت بلباقة أنثوية مميزة بين
النقد الأدبي وتحليل الشخصية ،
لبطلة القصة الواقعية (جولييـت).


لا أكتمك ســــــــرا إذا قلت بأنني
مدمن على تصفح آثارك البديعة ،
التي تزين شاشة جامعــة القلوب
العربيـة ، الجمعية الدوليــــــــــة
للمترجمين واللغوييـــن العرب ،
إذ تستقر بين ظهرانيهــــــــــا كل
بساطتك وعفويتك ودماثة خلقـك .

تكتبين ببراءة متناهية ، وبشاعرية
فريدة تشد القلوب قبل الأبصـــار ،
غير آبهة بأن هناك من يسبر غور
حـــــواء العـــرب مــن خلالـــــــك .

سيدتي ، الحديث إليك ومعك شجي
لا يمــــــــل إطلاقــــــــــــــــــــــــــا .
لك كل احترامي وتقديري وإعجابي ،
أختا تزهو بها المنتديات . وكل عام
والزاهيـــــــــــــة بألـــــــف خيـــر .

مع أسمى اعتباري .
قحطـــــان الخطيب / العراق